المسألة الثانية : أخذ جزء من ربح ماله
اختلف العلماء رحمهم اللَّه في استحقاق الولي ، أو غيره ممن عمل في مال اليتيم جزءاً من ربحه على قولين :
القول الأول : أنه يجوز للولي أن يأخذ لنفسه ، وأن يعطي غيره.
وهو مذهب الحنفية ( )، وتخريج للحنابلة( ) ( ).
وحجة هذا القول :
1 – قوله تعالى : ومن كان غنياً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف ( ) .
وجه الدلالة : أنه إذا جاز لـه الأكل مع عدم العمل ، فجوازه مع العمل فيه وتنميته من باب أولى.
2 – قوله تعالى : إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً ( ).
وجه الدلالة : أن صريح الآية تحريم أكل مال اليتيم ظلماً ، مفهومها جواز مع عدم الظلم، ومن ذلك أخذ شيء من ربح ماله إذ هو أخذ بحق؛ لأنه مقابل العمل بماله.
3 – قول عمر رضي الله عنه : " ابتغوا في أموال اليتامى لا تستغرقها الصدقة" ( ).
وجه الدلالة : أن عمر رضي الله عنه أمر بالمضاربة في مال اليتيم ( )، والمضاربة دفع مال لمن يعمل فيه مقابل جزء مشاع من ربحه .
3 – أنه إذا جاز للولي أن يدفع جزءاً من ربح مال اليتيم إلى غيره، فكذا يجوز لـه أخذ ذلك ( ).
4 – ما تقدم من الأدلة على أن لولي اليتيم أن يشتري ويبيع من نفسه إذا زالت التهمة ( ).
القول الثاني : أن الولي ليس لـه أن يأخذ شيئاً من الربح ، وله أن يعطي غيره ممن دفع لـه المال مضاربة .
وبه قال جمهور أهل العلم من المالكية، والشافعية، والحنابلة( ).
وحجة هذا القول :
أن الربح نماء مال اليتيم ، فلا يستحقه غيره إلا بعقد ، ولا يجوز أن يعقد الولي المضاربة لنفسه ( ).
ولعله يناقش : بأن محصله أنه استدلال بمحل النزاع ، فلا يسلم .
الترجيح :
الراجح – والله أعلم – هو القول الأول ، إذ لا فرق بين الولي غيره مع زوال التهمة . ولأن الولي نائب عن اليتيم فيما فيه مصلحته، وهذا فيه مصلحته ، فأشبه تصرف المالك في ماله .