صحبة الخير
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13

{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء9

يسعدنا ان تشارك معنا
صحبة الخير
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13

{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء9

يسعدنا ان تشارك معنا
صحبة الخير
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

صحبة الخير

منتدي اسلامي ثقافي دعوي اجتماعي عام
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
 
بسم الله الرحمن الرحيم

رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ
صدق الله العضيم


 

 حق اليتيم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلم
Admin
مسلم


عدد المساهمات : 9693
نقاط : 17987
السٌّمعَة : 67
تاريخ التسجيل : 11/03/2010
العمر : 55

حق اليتيم Empty
مُساهمةموضوع: حق اليتيم   حق اليتيم Emptyالثلاثاء مارس 30, 2010 9:06 am

حقوق اليتيم
تعد قضايا الأطفال من أكثر القضايا اهتماماً على مستوى العالم، ولما للطفل من أهمية كنواة لأي مجتمع، فقد حشدت الجهود الكبيرة لإتاحة الفرصة له، لينال حقوقه الأساسية، وينشأ النشأة السليمة اللائقة في محيط أسري ومجتمعي متكامل، وتتباين المجتمعات في تقديم هذه الجهود بحسب اختلاف المنطلقات العقدية والفكرية التي يقوم عليها المجتمع.
ولئن كانت النظرية الاقتصادية البحتة تسيطر على بعض المجتمعات خلال تعاملها مع مثل هذه القضايا الإنسانية، فإن الإسلام لايقر هذه الأسس، لأنه ينظر إلى الإنسان نظرة تكريم خصه الله بها بما نفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته، قال تعالى: ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا(الإسراء-70) وقال تعالى: إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا^من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين^فسجد الملائكة كلهم أجمعون(ص-71 ـ 73) وهو سجود إكرام وإعظام واحترام كما ذكر المفسرون(1).

من المعروف أن اليتيم هو طفل اليوم، وهو رجل الغد، وستكون سلوكياته المستقبلية أسيرة التربية التي تلقاها في صغره، فإذا أخذ اليتيم حظه من التربية السليمة في صغره أينعت ثمارها وارفة في غده على مجتمعه، لذلك لاعجب أن نجد ذلك الاهتمام المبكر برعاية الأيتام في الإسلام، فمن هو اليتيم وما هي حقوقه؟ وما فضل رعايته؟ وما الأسس التي تقوم عليها رعايته في الإسلام؟ كل ذلك سنتعرف عليه من خلال هذا المقال.


تعريف اليتيم:


اليتم هو: الإنفراد، واليتيم: الفرد وكل شيء مفرد يعز نظيره فهو يتيم، وأصل اليتيم الغفلة، وبه سمي اليتيم يتيماً؛ لأنه يُتغافل عن بره، كما قيل: إن اليتم الإبطاء، ومنه أخذ اليتيم؛ لأن البر يبطيء عنه، ويقال أيضاً في سيره يتم: أي إبطاء أو ضعف أو فتور، فكلمة اليتيم في أصلها اللغوي تدور على الإنفراد والضعف والبطء والحاجة، وهي صفات في واقع الحال لليتيم في الغالب. وتقول العرب: اليتيم الذي يموت أبوه، والعجيُّ الذي تموت أمه، ومن مات أبواه فهو لطيم. إلا أن اسم اليتيم يطلق تجاوزاً لكل من فقد أحد والديه أو كلاهما، ويقال للصبي: يتيم إذا فقد أباه قبل البلوغ، فهو يتيم حتى يبلغ الحلم، ويقال للمرأة يتيمة ما لم تتزوج، فإذا تزوجت زال عنها اسم اليتم(2).
أما اليتيم في الشرع: فهو من فقد أباه وهو دون البلوغ، أخذاً من حديث الرسول : "لا يتم بعد احتلام، ولا صمات يوم إلى الليل"(3)، مع اختلاف بين الفقهاء ـ رحمهم الله ـ في وقت انقطاع حكم اليتيم عنه، لما ورد عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: "إن الرجل لتنبت لحيته، وأنه لضعيف الأخذ لنفسه، ضعيف العطاء منها، فإذا أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس فقد ذهب عنه اليتم"(4)، وهذا في أحكام التصرف المالي، أما اسم اليتم فهو ينقطع بالبلوغ لما ورد في السابق.
فضل رعاية اليتيم:
لقد اهتم الإسلام بشأن اليتيم اهتماماً بالغاً من حيث تربيته ورعايته ومعاملته وضمان سبل العيش الكريمة له، حتى ينشأ عضواً نافعاً في المجتمع المسلم قال تعالى: فأما اليتيم فلا تقهر(الضحى-9) وقال تعالى: أرأيت الذي يكذب بالدين^فذلك الذي يدع اليتيم(الماعون-1ـ 2) وهاتان الآيتان تؤكدان على العناية باليتيم والشفقة عليه، كي لا يشعر بالنقص عن غيره من أفراد المجتمع، فيتحطم ويصبح عضواً هادماً في المجتمع المسلم.
ومما يؤكد على عناية الإسلام باليتيم والتأكيد المستمر على الحرص عليه وحفظه، هو ورود كلمة اليتيم ومشتقاتها في ثلاث وعشرين آية من آيات القرآن العظيم، وبالنظر في نصوص القرآن العديدة في شأن اليتيم، فإنه يمكن تصنيفها إلى خمسة أقسام رئيسية كلها تدور حول: دفع المضار عنه، وجلب المصالح له في ماله، وفي نفسه، وفي الحالة الزواجية، والحث على الإحسان إليه، ومراعاة الجانب النفسي لديه.
يقول تعالى: وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لاتعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون(البقرة-83)، فالإحسان إلى اليتيم متعين كما هو للوالدين ولذي القربى، قال ابن كثير عن تفسير قوله تعالى: فأما اليتيم فلا تقهر: فلا تقهر اليتيم: أي لا تذله وتنهره وتهنه، ولكن أحسن إليه وتلطف به، وكن لليتيم كالأب الرحيم(5). لقد كان أرحم الناس باليتيم وأشفقهم عليه حتى قال حاثاً على ذلك : "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً"(6).
كما أمر ـ عز وجل ـ بحفظ أموال الأيتام، وعدم التعرض لها بسوء، وعد ذلك من كبائر الذنوب وعظائم الأمور، ورتب عليه أشد العقاب، قال تعالى: إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا(النساء-10)، كما قال تعالى: ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا(الإسراء-34) وعدّ الرسول أكل مال اليتيم من السبع الموبقات، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي قال: "اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يارسول الله، وما هن؟، قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات"(7).
واستمراراً لحرص الإسلام على أموال اليتامى، أمر باستثمارها وتنميتها حتى لا تستنفذها النفقة عليهم، فلقد ورد عن النبي أنه قال: "ألا من ربي يتيماً له مال فليتجر به، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة"(Cool. كما ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "اتجروا في مال اليتامى حتى لا تأكلها الزكاة"، ومن هنا يلزم الولي على مال اليتيم استثمارها لمصلحة اليتيم على رأي كثير من أهل العلم بشرط عدم تعريضها للأخطار.
وجماعاً لكل ماسبق، أمر الرسول بكفالة اليتيم، وضمه إلى بيوت المسلمين، وعدم تركه هملاً بلا راع في المجتمع المسلم، فلقد أخرج البخاري في صحيحه أن رسول الله قال: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً"(9)، كما عد رسول خير بيت من المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه. فلقد ورد أن النبي قال: "خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه"(10).
كما جعل الإحسان إلى الأيتام علاج لقسوة القلب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً شكا إلى رسول الله قسوة قلبه فقال: "امسح رأس اليتيم، وأطعم المسكين"(11)، ورتب على ذلك الأجر العظيم، حيث يكسب المرء الحسنات العظام بكل شعرة على رأس ذلك اليتيم، فعن أبي أمامة أن رسول الله قال: "من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات" ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين وفرق بين إصبعيه السبابة والوسطى"(12).
ولقد تمثل المجتمع المسلم تلك التوجيهات عملياً بدءاً من عصر الصحابة رضوان الله عليهم حتى يومنا الحاضر، فلقد ثبت في كتب الأحاديث والسير أن هناك العديد من الصحابة والصحابيات كفلوا أيتاماً ويتيمات وضموهم إلى بيوتهم، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: أبو بكر الصديق، ورافع بن خديج، ونعيم بن هزال، وقدامة بن مظعون، وأبو سعيد الخدري، وأبو محذوره، وأبو طلحة، وعروة بن الزبير، وسعد بن مالك الأنصاري، وأسعد بن زراره، وعائشة بنت الصديق، وأم سليم، وزينب بنت معاوية ـ رضي الله عنهم ـ وغيرهم كثير من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم.
كما عني المسلمون قديماً وحديثاً برعاية الأيتام فرادى وجماعات، كما قامت الدول الإسلامية المتعاقبة، أمراؤها وأغنياؤها وأفرادها بوقف الأوقاف الكثيرة عليهم، ومن ذلك ما ورد في إحدى وثائق الأوقاف التي ترجع إلى عصر سلاطين المماليك وفيها: (أن يكسى كل من الأيتام المذكورين في فصل الصيف قميصاً ولباساً وقبعاً ونعلا في رجليه، وفي الشتاء مثل ذلك، ويزاد عليه جبة محشوة بالقطن). كما ورد من مآثر صلاح الدين الأيوبي ـ رحمه الله ـ أنه أمر بعمارة كتاتيب ووضع فيها معلمين لكتاب الله ـ عز وجل ـ يعلمون فيها الأيتام، ويجرى عليهم الجراية الكافية لهم. كما ورد ذكر الرحالة ابن جبير في رحلته إلى دمشق، أنه شاهد محضرة كبيرة للأيتام لها وقف كبير يأخذ منه المعلم لهم ما يقوم به، وينفق منه على الأيتام لكسوتهم وما يحتاجون إليه. كما أن الظاهر بيبرس أنشأ مكتباً للسبيل بجوار مدرسته، وقرر لمن فيها من الأيتام خاصة الخبز في كل يوم، والكسوة في فصلي الشتاء والصيف، إضافة إلى توفير أدوات التعليم لهم من أقلام ومداد وألواح(13).
أسس رعاية الأيتام في الإسلام:
أن رعاية الأيتام في الإسلام لاتنطلق من فراغ أو عاطفة عابرة أو رحمة مؤقتة، بل تقوم على عدد من الأسس القوية تنطلق منها جميع أوجه رعاية الأيتام المتنوعة ومن ذلك:
1ـ الإنسان مخلوق مكرم، ومكانته محترمة في الإسلام:
لقد أسجد الله ملائكته للإنسان حين خلقه، قال تعالى: إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين^فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين^فسجد الملائكة كلهم أجمعون^إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين(ص-71ـ 74)، وهذا السجود سجود إكرام وإعظام واحترام كما ذكر المفسرون(14). وجنس الإنسان مكرم، وله منزلة خاصة بين مخلوقات الله عز وجل، قال تعالى: ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا(الإسراء-70)، ولقد كرم الله ـ عز وجل ـ هذا المخلوق البشري على كثير ممن خلق، كرمه بهيئته، وتسويته، وفطرته، وخلافته في الأرض، وبتسخير الكون له، وكرمه بإعلان ذلك التكريم وتخليده في كتابه العزيز. ومن هنا، فالإنسان مكرم له منزلته المحترمة، وله كرامته المصونة المحترمة، واليتيم له حق هذا التكريم، ومما يزيد في تكريم اليتيم الضعف الذي يعيشه.
2ـ المجتمع المسلم مجتمع متراحم متماسك متواد:
قال تعالى: محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم..الآية(الفتح-29)، وقال تعالى واصفاً المؤمنين: ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة(البلد-17)، ويصف الرسول المؤمنين بأنهم كالجسد الواحد، وذلك فيما رواه النعمان ابن بشير رضي الله عنهما أن رسول الله قال: "ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى"(15) وعن أنس رض الله عنه أن النبي قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"(16)، وذكر جرير بن عبدالله رضي الله عنه قول الرسول "لايرحم الله من لايرحم الناس"(17).
3ـ إن جزاء الإحسان في الإسلام الإحسان:
قال الله تعالى: هل جزاء الإحسان إلا الإحسان(الرحمن-60)، أي هل جزاء من أحسن في عبادة الخالق، ونفع عبيده، إلا أن يحسن خالقه إليه بالثواب الجزيل، والفوز الكبير والنعيم والعيش السليم. روى شداد بن أوس أن رسول الله قال: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء.."(18). وتنجلي حكمة من خلال تأمل هذه الآية الكريمة وربطها بالأساس الذي نحن بصدده، قال تعالى: وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليه فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا(النساء-9)، فجعل كافل اليتيم اليوم إنما يعمل لنفسه لو ترك ذرية ضعافاً، فإنه ستعامل ذريته الضعاف بما عامل ذرية غيره، فليعاملوا الأيتام الذين تحت أيديهم، كما يحبون أن يعامل غيرهم أيتامهم من بعدهم، فإن كان خيراً كان الخير بالخير والبادئ أكرم، وإن كان شراً كان الشر بالشر والبادئ أظلم.
4ـ المجتمع المسلم مجتمع متعاطف متكاتف متعاون:
لقد حض الإسلام وحرص على جعل المجتمع المسلم متآزراً متعاوناً يشد بعضه بعضاً، وذلك من خلال الحث المتواصل لأفراده على خدمة بعضهم بعضاً، وتفريج كرب إخوانهم المسلمين، وإدخال السرور على أنفسهم، وعده رسول الله من أفضل الأعمال، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله سئل: أي العمل أفضل؟ قال: "أفضل العمل أن تدخل على أخيك المؤمن سروراً أو تقضي عنه ديناً أو تطعمه خبزاً"(19). كما جعل عون الرجل لأخيه المسلم صدقة يتصدق بها عن نفسه في كل يوم، فعن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله قال: "في ابن آدم ستون وثلاثمائة سلامي أو عظم أو مفصل، على كل واحد في كل يوم صدقة، كل كلمة طيبة صدقة، وعون الرجل أخاه صدقة.."(20).
ولقد وصف رسول الله حال المؤمن مع أخيه المؤمن في المجتمع بأبلغ عبارة وأدق وصف، وذلك فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي أنه قال: "المؤمن مرآة أخيه، والمؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته، ويحوطه من ورائه"(21).
ويتواصل الحث من الرسول لأفراد المجتمع المسلم بأن يتعاونوا ويكونوا في خدمة بعضهم بعضا، والتساعد لقضاء حوائج بعضهم بعضا، روى جابر رضي الله عنه حديثا عن الرسول وفيه: "...من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته"(22)، ويا له من عون للإنسان عندما يكون الله في حاجته، ولكن ذلك لا يتحقق إلا حينما يكون المسلم في حاجة أخيه المحتاج لأي نوع من أنواع الحاجة.
ولقد وجه الرسول أمته إلى نفع الناس وإدخال السرور على أنفسهم وكشف كربهم، وعد من يفعل ذلك بأنه أحب الناس إلى الله، كما أخبر ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال: "أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم، أو يكشف عنه كربه.."(23)، ولا شك أن من أشد الكرب اليتيم وما يستتبعه من ضعف وضرر وضياع إذا لم يتعهد ذلك اليتيم بالحفظ والرعاية.
5ـ وجوب تقديم الرعاية الشاملة لليتيم من قبل الدولة:
ذلك أن اليتيم يدخل ضمن الرعية التي يعد إمام المسلمين راعياً لهم ومسئولا عنهم، كما في حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله يقول: "كلكم راع ومسئول عن رعيته، فالإما المجتمع راع وهو مسئول عن رعيته.."(24)، وهذه المسئولية التي تلزم إمام المسلمين تجاه رعيته ومن بينهم اليتيم، هي مسئولية شاملة لجوانب الرعاية كلها وما تحمله من وجوه ومعان فالرعاية اقتصادية واجتماعية وطبية، ونفسية.. إلخ.
وفي صحيح مسلم أن رسول الله قال: "ما من أمير يلي أمر المسلمين لا يجهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة"(25). كما أن ولي أمر المسلمين هو المسئول الأول والأخير عن الضعفاء في المجتمع، فقد روى جابر رضي الله عنه أن رسول الله قال: "أنا أولى بكل مؤمن من نفسه من ترك مالا فلأهله، ومن ترك دينا أو ضياعا فعلي وإلي"(26)، ومما لا شك فيه أن اليتيم من الضعفاء، إن لم يكن أضعفهم فعلا.
حقوق اليتيم في الإسلام:
لقد اهتم الإسلام بأمر اليتيم، وأحاطه بالرعاية، وأقر له من الحقوق ما يضمن له حياة كريمة واستقراراً نفسياً واجتماعياً، وسنورد بعض الحقوق التي كفلها الإسلام للأطفال بشكل عام، وللطفل اليتيم بشكل أخص، ذلك أنه قد تهمل هذه الحقوق وتهضم حقوقه عند فقد أبيه ولا يجد من يطالب له بها.
1ـ حق الحياة:
وهذا الحق من أبرز ما كفله الإسلام للطفل، حيث كان وأد النبات منتشراً في الجاهلية خشية العار، إضافة إلى قتل الأولاد خوفاً من العيلة والفقر، فحرم الإسلام ذلك وشدد عليه، قال تعالى: ولاتقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا(الإسراء-31)، وروى البخاري رحمه الله أن رسول الله سئل أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قلت: إن ذلك لعظيم. قلت: ثم أي؟ قال: ثم أن تقتل ولدك تخاف أن يطعم معك. قلت: ثم أي . قال: ثم أن تزاني بحليلة جارك"(27). كما أخرج البخاري أيضاً عن المغيرة بن شعبة أنه قال: قال النبي : "إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات، ومنع وهات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال"(28).
2ـ حق النسب:
بعد أن ضمن الإسلام للطفل الحق في الحياة، ضمن له الحق في النسب والانتساب لأبيه، حتى لا يكون عرضة للجهالة، ومن ثم ضياع حقوق أخرى مثل الإنفاق والإرث، فيقرر الله عز وجل ذلك في قوله: ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم(الأحزاب-5)، كما حرم الإسلام التلاعب بالأنساب، أو محاولة انتساب الابن لغير أبيه، ورتب على ذلك العقاب الشديد، فلقد ثبت أن الرسول قال: "من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام"(29). وبذلك ضمن الإسلام للطفل يتيماً كان أو غيره انتساباً لأب والتصاقاً بفئة ينتمي إليها، ولم يتركه هملاً مجهولاً في المجتمع. وكما قرر الإسلام للطفل حق الإنتساب، فإن الرسول وجه باختيار الاسم المناسب للطفل، فدلنا على الأسماء المحببة إلى الله مثل: عبدالله وعبدالرحمن وكذلك أسماء الأنبياء، كما أرشدنا إلى ترك بعض الأسماء غير المناسبة مثل: يسار، وحزن، وعاصية، وبره.
3ـ حق الرضاعة:
ويعد هذا هو الحق الثالث للطفل في تسلسله في الحياة، فلقد أوجب الإسلام على الأمهات إرضاع أولادهن، قال تعالى: والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة(البقرة-232) ، ولقد أجمع الفقهاء على وجوب إرضاع الطفل ما دام في حاجة إليه وهو في سن الرضاع، مع اختلاف في وجوبه على من ؟. حيث قال بعض الفقهاء: يجب على الأب الاسترضاع لولده، وقال بعضهم، إنه يجب على الأم بلا أجرة، وإن رغبت الأم في الإرضاع أجيبت وجوباً، سواء كانت مطلقة أم في عصمة الأب، لقوله تعالى: ...لا تضار والدة بولدها..الآية(البقرة-233). ولا شك أن منع الأم من إرضاع ولدها مضارة لها.
4ـ حق النفقة:
وهذا الحق من الحقوق المقرره للأبناء على الآباء في الإسلام، وأجمع الفقهاء على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم، لأن ولد الإنسان بعضه، وهو بعض والده، كما يجب عليه أن ينفق على نفسه وأهله، كذلك على بعضه وأصله(30) ، قال تعالى: لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آته الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا(الطلاق-7) كما عد الرسول النفقة على الأبناء والأهل خير نفقة ينفقها الرجل، فعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله : "أفضل دينار ينفقه الرجل على عياله، ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله"، قال أبو قلابة ـ أحد رواة الحديث ـ وبدأ بالعيال، وأي رجل أعظم من رجل ينفق على عيال صغار يعفهم أو ينفعهم الله به ويغنيهم(31).
والنفقة الواجبة كما يعرفها الفقهاء هي: كفاية من يمونه خبز وإداماً، وكسوة ومسكناً وتوابعها، كما تشتمل النفقة الرضاع والحضانة والعلاج والمصاريف المدرسية وغيرها من الأمور اللازمة. وذلك أخذاً من حديث الرسول الذي ترويه عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "جاءت هند إلى النبي فقالت: يارسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح لايعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت من ماله وهو لايعلم. فقال: خذي مايكفيك وولدك بالمعروف"(32). وإذا مات الأب أو كان في حكم المعدم غير القادر على الكسب، فتكون النفقة على كل الذي يرثونه على قدر إرثهم لو مات هو، فإن تعذر ذلك فعلى بيت مال المسلمين بما يقدمه من مساعدات نقدية، أو من خلال الدور والمؤسسات الاجتماعية.
5ـ حق الولاية:
وهذا الحق للأطفال وبخاصة الأيتام مقرر من ثلاثة أوجه، هي:
أـ ولاية الحضانة.
ب ـ ولاية النفس.
جـ ـ ولاية المال.
فولاية الحضانة يكون الدور فيها للنساء، وهي تربية الطفل ورعايته في الفترة التي لا يستغني فيها الطفل عن النساء، والنساء أحق بحضانة الطفل، وهذا ما يتفق عليه الفقهاء، مع تقديم الأم في حق الحضانة لطفلها دون ما سواها من النساء أحق بحضانة الطفل، وهذا ما يتفق عليه الفقهاء، مع تقديم الأم في حق الحضانة لطفلها دون ما سواها من النساء متى ماتوافرت فيها شروط أهلية الحضانة، وذلك أخذاً من الحديث الذي يرويه عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما "أن النبي قضى أن المرأة أحق بولدها ما لم تتزوج"(33). أما وقت الحضانة: فيكون من ولادة الطفل إلى بلوغه السن التي يستغني فيها عن النساء، ذلك بأن يستطيع أن يأكل ويشرب ويلبس بنفسه، إلا أن بعض الفقهاء قدرها بسبع سنين، وقدرها بعضهم بتسع سنين. وإن لم يكن للطفل أحد من الأقارب فالسلطان وليه وله الحق في إسناد رعايته إلى من يقوم بحفظه، وإلا انتقل الواجب على الدولة من خلال الدور والمؤسسات الاجتماعية.
أما ولاية النفس فالمقصود بها التأديب والتربية، والتوجيه، والإرشاد بعد انتهاء فترة الحضانة، وهذه الولاية خاصة بالرجال دون النساء، لما جبل الله الرجال عليه من القوة والقدرة والشدة أكثر من النساء، ولقد حث الله عز وجل الآباء على القيام بتربية أولادهم في قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة(التحريم-6)، كما ألزم الرسول كل راع بالعناية بمن تحت يده، ففي الحديث الذي يرويه البخاري رضي الله عنه أن رسول الله قال: "كلكلم راع ومسئول عن رعيته، والإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسئولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع ومسئول عن رعيته"(34)، وعلى ذلك فإنه يلزم الولي والقائم على أمر الطفل واليتيم أن يتعاهده بالحفظ والصيانة والتعليم والتربية والتأديب والتوجيه والإرشاد.
أما الولاية على المال فتقتضي المحافظة على أموال الطفل اليتيم لكونه عديم التجربة في الحياة، ولم يكتمل بعد بناؤه الجسمي والعقلي، فلو تركت له حرية التصرف في ماله لأضاعه في شهواته ونزواته وحماقته وجهله، وعندما يبلغ ويصبح رشيداً لايجده وهو في أمس الحاجة إليه. والولي الذي له حق القوامة على مال اليتيم، هو الوصي من قبل الأب، وإذا لم يكن ثمة وصي فعلى ولي الأمر أن يعين من يثق في أمانته ودينه، حيث يلزمه المحافظة على أموال اليتيم، واستثمارها وإخراج الزكاة عنها، وبعد ذلك إعادتها له عند الرشد.
6ـ الرحمة:
وهذا الحق يستحقه اليتيم على أساس أنه صغير لم يرشد بعد، ففي الإسلام توجيهات متواصلة برحمة الصغير والعطف عليه والأخذ بيده، فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله قال: "من لم يرحم صغيرنا، ويعرف حق كبيرنا فليس منا"(35). ولقد تعجب الرسول من الصحابي الأقرع بن حابس التميمي رضي الله عنه عندما قال للرسول : إن لي عشرة من الولد ماقبلت منهم أحداً، وذلك عندما رأى الرسول يقبل الحسن بن علي رضي الله عنه، فقال له رسول الله : "من لايَرحم لا يُرحم"(36). وكل هذه التوجيهات من الإسلام برحمة الصغير، يهدف من ورائها تعزيز هذا الشعور لديه، وملأه به ليفيض به عندما يكبر، فمن المعروف أن فاقد الشيء لا يعطيه، فلو حرم الطفل اليتيم من الرحمة فلن يجود بها إذا كبر، ولقد أثبت علماء التربية والنفس والاجتماع أن عادات الأهل وطباعهم ومسالكهم في الحياة تنتقل إلى الأبناء بحكم التنشئة والتربية والمحاكاة(37).
هذه أبرز حقوق الأيتام الأساسية في الإسلام، وأسأل الله أن يجعلنا ممن يعنون برعاية الأيتام والرحمة بهم وكفالتهم والله الموفق.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sohptelker.hooxs.com
 
حق اليتيم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اليتيم
» هل تعرف اليتيم؟
» أكل الولي من مال اليتيم
» الافادة من مال اليتيم ما لها وما عليها
» الإسلام وإكرام اليتيم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
صحبة الخير  :: الاقسام الدينية :: «۩۞۩ مقالات اسلامية ۩۞۩»-
انتقل الى: