مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: كتاب التوحيد - باب ما جاء في السحر الإثنين مايو 10, 2010 9:06 pm | |
| باب ما جاء في السحر قال -رحمه الله- تعالى: باب ما جاء في السحر وقول الله تعالى: وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وقوله: يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ قال عمر: الجبت السحر، والطاغوت الشيطان.
قال جابر: الطواغيت كهان كانوا ينزل عليهم الشيطان في كل حي واحد، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: اجتنبوا السبع الموبقات. قالوا: يا رسول الله، وما هن قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات وعن جندب مرفوعا: حد الساحر ضربه بالسيف رواه الترمذي، وقال: الصحيح أنه موقوف .
وفي صحيح البخاري عن بجالة بن عبدة قال: كتب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن اقتلوا كل ساحر وساحرة، قال: فقتلنا ثلاث سواحر، وصح عن حفصة -رضي الله عنها- أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها، فقتلت، وكذلك صح عن جندب، قال أحمد: عن ثلاثة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- .
هذا باب ما جاء في السحر ومناسبة ذكر السحر لكتاب التوحيد أن السحر نوع من الشرك، وقد قال -عليه والصلاة والسلام-: من سحر فقد أشرك فالسحر أحد أنواع الشرك الأكبر بالله -جل وعلا- فمناسبته ظاهرة أنه مضاد لأصل التوحيد.
والسحر في اللغة هو عبارة عن ما خفي ولطف، سببه خفي يعني: صار سبب ذلك الشيء خفيا، لا يقع في ظهور، وإنما يقع على وجه الخفاء؛ ولهذا سمي آخر الليل سحرا لذلك. وكذلك قيل في أكلة آخر الليل: سحور وذلك؛ لأنها تقع على وجه الخفاء وعدم الاشتهار والظهور من الناس. فهذه اللفظة: سحر وما اشتقت منه تدل على خفاء في الشيء؛ ولهذا فإنه في اللغة يطلق السحر على أشياء كثيرة: منها ما يكون من جهة المقال، ومنها ما يكون من جهة الفعل، ومنها ما يكون من جهة الاعتقاد، وسيأتي في هذا الباب وفي الباب الذي بعده باب بيان شيء من أنواع السحر ما يتصل بذلك، وأما السحر الذي هو كفر وشرك أكبر بالله -جل وعلا- فهو استخدام الشياطين والاستعانة بها لحصول أمر بواسطة التقرب لذلك الشيطان بشيء من أنواع العبادة.
والسحر عرفه الفقهاء بقولهم: رقى، قالوا: السحر هو رقى وعزائم وعقد ينفث فيها فيكون سحرا يضر حقيقة، ويمرض حقيقة، ويقتل حقيقة، فإذا حقيقة السحر أنه استخدام للشياطين في التأثير، ولا يمكن للساحر أن يصل إلى إنفاذ سحره حتى يكون متقربا إلى الشياطين، فإذا تقرب إليها خدمته الجن، يعني: شياطين الجن بأن أثرت في بدن المسحور، فلكل سحر خادم من الشياطين يخدمه، ولكل ساحر مستعان به من الشياطين، فلا يمكن للساحر أن يكون ساحرا على الحقيقة إلا وهو يتقرب إلى الشياطين؛ ولهذا نقول: السحر شرك بالله -جل وعلا-.
وهناك شيء قد يكون في الظاهر أنه سحر، ولكنه في الباطن ليس بسحر، وهذا ليس الكلام فيه، وإنما الكلام فيما كان من السحر بالاستعانة بالشياطين وباستخدام الرقى والتعويذات والعقد والنفث فيها، وقد قال -جل وعلا-: وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ والنفاثات هن السواحر اللاتي يعقدن العقد وينفثن فيها، خصت الإناث بذلك بالاستعاذة؛ لأن الغالب في السحر ممن يستخدمه في الجاهلية وعند أهل الكتاب أن الذي يستخدمه النساء، فجرى ذلك مجرى الغالب، قال -جل وعلا-: وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ النفاثات: جمع نفاثة صيغة مبالغة للنفث؛ لأنها تكثر النفث في العقدة، وتنفث برقى وتعازيم وتعويذات تستخدم فيها الجن؛ لتخدم هذه العقدة التي فيها شيء من بدن المسحور أو فيها شيء يتعلق بالمسحور، حتى يكون ذلك مؤثرا فيه، وقد سحر يهودي النبي -صلى الله عليه وسلم- في مشط ومشاطة يعني: في أشياء من شعره -عليه الصلاة والسلام- وحتى يخيل للنبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يفعل الشيء ولا يفعله من جهة نسائه -عليه الصلاة والسلام- يعني: كان سحر ذلك اليهودي مؤثرا في بدنه -عليه الصلاة والسلام- لكنه لم يكن مؤثرا في علمه ولا في عقله ولا في روحه -عليه الصلاة والسلام-، وإنما في بدنه يخيل إليه أنه قد واقع نساءه، وهو لم يواقع، ونحو ذلك هذا السحر الذي فيه استخدام الشياطين شرك وكفر بالله -جل وعلا-.
قد قال -سبحانه-: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ والذي تلته الشياطين على ملك سليمان هو ما قرءوا في كتب السحر، وما يتصل بذلك من عمل السحر، قال -جل وعلا-: وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ فعلل كفر الشياطين بقوله: يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ قال سبحانه: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فإذن تعلم السحر تعلمه من جهة، فهم كيف يكون السحر، وكيف يعمل السحر، هذا لا يمكن أن يكون إلا بالكفر والشرك، لكن هناك مرتبة أنه يتعلم ذلك نظريا ولا يعمله.
وهناك مرتبة أنه يتعلمه ويعمله. .. ولو. .. مرة، وهناك مرتبة الساحر الذي يتعلم، ويعمل به دائما قال -جل وعلا- وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فدل على أن تعلمه بمجرده كفر؛ ولهذا نقول: الصحيح أن تعلم السحر، ولو بدون عمل شرك وكفر بالله -جل وعلا- بنص الآية لم؟؛ لأنه لا يمكن أن يتعلم السحر إلا بتعلم الشرك بالله -جل وعلا-، وكيف يشرك. وإذا تعلم الشرك فهو مشرك بالله -جل وعلا- .
بعض العلماء يقول: السحر قسمان: كقول الشافعي وغيره منه ما يكون بالاستعانة بالشياطين، فهذا كفر وشرك أكبر، ومنه ما يكون بالأدوية والتدخينات، فهذا فسق ومحرم، ولا يكفر فاعله إلا إذا استحله، وهذا التقسيم من الشافعي، وممن تبعه هو من جهة الواقع، يعني: نظروا في الذين يمارسون ذلك، فمنهم من يقول: إنه ساحر، وليس كذلك من جهة السحر الشرعي الحقيقي، يعني: السحر الذي وصف في الشرع، فيقول هو ساحر، وهو يستعمل أدوية وتعويذات، وفي الحقيقة هو مشعوذ، ولا يصدق عليه اسم الساحر.
وهذا فيما يفعل يؤثر عن طريق الأدوية، وأما الصرف والعطف يعني: جلب محبة امرأة لزوجها، أو صرف محبة المرأة لزوجها، أو العكس فهذا من القسم الأول؛ لأنه من نواقض الإسلام، فالسحر من نوا قض الإسلام؛ لأنه شرك بالله، ومنه الصرف والعطف؛ لأنه لا يمكن لأحد أن يصل إلى روح وقلب من يراد صرفه أو العطف إليه إلا بالشرك؛ لأن الشيطان هو الذي يؤثر على النفس، ولن يخدم الشيطان الإنسي الساحر إلا بعد أن يشرك بالله -جل وعلا-.
إذا فتحصل أن السحر بجميع أنواعه فيه استخدام للشياطين واستعانة بها، والشياطين لا تخدم إلا من تقرب إليها، تتقرب إليها بأي شيء؟ بالذبح يتقرب إليها بأي شيء؟ بالاستغاثة يتقرب إليها بالاستعاذة ونحو ذلك، يعني: يصرف إليها شيئا من أنواع العبادة، بل قد نظرت في بعض كتب السحر، فوجدت أن ساحرا -بحسب ما وصف ذلك الكاتب- لا يصل إلى حقيقة السحر وتخدمه الجن كما ينبغي حتى يهين القرآن، ويهين المصحف، وحتى يكفر بالله، ويسب الله -جل وعلا- ونبيه -صلى الله عليه وسلم- .
وهذا قد ذكره بعض -أيضا- من اطلع على حقيقة الحال .
إذا فنقول: السحر شرك بالله تعالى، وكل ساحر مشرك، وقتل الساحر فيما سيأتي على الصحيح أنه قتل ردة، لا قتل تعزير كما سيأتي، فالشيخ -رحمه الله- عقد هذا الباب: باب ما جاء في السحر ببيان تلك المسألة .
قال: وقول الله تعالى: وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وجه الاستدلال بهذه الآية قوله: مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ يعني: ما له في الآخرة من نصيب. الخلاق: بمعني النصيب.
لَمَنِ اشْتَرَاهُ يعني: اشترى السحر، والاشتراء فيه دفع شيء يعني: أن يأخذ شيئا، ويدفع عوضه، حقيقة الشراء أن تشتري سلعة مثلا تدفع ثمنها تأخذ مثمنا، وتدفع ثمنا، والساحر اشترى من تعلم السحر اشترى، اشترى أي شيء؟ اشترى السحر بدل أي شيء؟ بدل توحيده، فالثمن التوحيد، الثمن هو الإيمان بالله وحده، والمثمن هو السحر؛ ولهذا قال -جل وعلا- هنا: وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ .
يعني: من دفع دينه عوضا عن ذلك الشيء الذي أخذه، وهو السحر "ما له في الآخرة من خلاق" يعني: من نصيب، وهكذا المشرك ليس له في الآخرة من نصيب، فوجه الاستدلال ظاهر من أن الساحر قد جعل دينه عوضا عن ذلك الذي اشتراه، وتعلمه، وعمل به .
قال: وقوله: يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ قال عمر: الجبت السحر، وهذا في ذم أهل الكتاب، فإن أهل الكتاب لما آمنوا بالسحر ذمهم الله -جل وعلا- ولعنهم، وغضب عليهم، وهذا يكثر في اليهود، يكثر السحر واستعمال السحر في اليهود؛ ولهذا ذمهم الله -جل وعلا- ولعنهم وغضب عليهم، قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: الجبت: السحر، وإذا كان الله ذمهم ولعنهم وغضب عليهم لأجل ذلك، فهذا يفيد أنه من المحرمات ومن الكبائر، وإذا كان فيه إشراك بالله -جل وعلا- فظاهر أنه شرك بالله -جل وعلا- وهكذا جميع أصنافه.
كذلك قال: والطاغوت الشيطان يعني: الجبت اسم عام يشمل أشياء كثيرة كما ذكرنا، ومن أبرزها وأظهرها عند اليهود السحر، فيؤمنون بالجبت يعني: السحر؛ لأنه هو أظهر الأشياء عندهم، ويؤمنون بالطاغوت يعني: بالشيطان وهو كل ما توجهوا إليه بالطاعة، وبعد عن الحق وعن الصواب قال جابر يعني: ابن عبد الله الطواغيت كهان كان ينزل عليهم الشيطان في كل حي واحد، وهذا يأتي بيانه في باب ما جاء في الكهان، قال عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: الشرك بالله والسحر وجه الاستدلال من ذلك أن السحر من الموبقات، والموبقات هي التي توبق صاحبها، وتجعله في هلاك وخسار في الدنيا وفي الآخرة، وهي أكبر الكبائر هذه السبع، وعطف السحر على الشرك بالله ليس عطفا بين متغايرين في الحقيقة، وإنما هو عطف بين خاص وعام، فالشرك بالله يكون بالسحر، ويكون بغيره، فعطف السحر على الشرك للتنصيص عليه، والسحر كما ذكرنا أحد أفراد الشرك بالله -جل وعلا- وعطف الخاص على العام.
أمثلته كثيرة: كقوله -جل وعلا-: مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ هنا عطف جبريل وميكال في الآية: مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ فعطف جبريل وميكال على الملائكة، وهذا من عطف الخاص على العام.
قال بعد ذلك: وعن جندب مرفوعا: حد الساحر ضربه بالسيف رواه الترمذي وقال: الصحيح أنه موقوف حد الساحر ضربه بالسيف رويت هكذا: "ضَرْبُه" وهو الأصح، وروي: "ضربة" حد الساحر ضربة بالسيف فعلى رواية "ضربة" لا يكون لها مفهوم، يعني: إن مات بضربة أو يضرب ضربتين أو ثلاث؛ لأن العدد لا مفهوم له، قوله: حد الساحر هنا لم يفصل بين ساحر وساحر، فقال: حد الساحر، ولم يأت في أدلة الكتاب والسنة التفصيل في اسم الساحر الذي يحد، أو الذي وصف بالكفر بين نوع ونوع من التأثير، فالأنواع التي يستخدمها السحرة مما يصدق عليه أنه سحر في التأثير وفي الإمراض وفي التفريق وفي التأثير على العقول وعلى القلوب ونحو ذلك، من أنواع التأثير الخفي الذي يكون باستخدام الشياطين، أو بأمور خفية -فهذا كله لا يفرق فيه بين فاعل وفاعل، والأدلة ما فرقت؛ ولهذا قال العلماء: الصحيح أن الساحر من أي نوع حده أن يقتل، وهل حده حد كفر وردة أو حد لأجل أنه قتل، فيكون حد لأجل القتل أو حد تعزير؟.
اختلف العلماء في ذلك، والصحيح من هذه أنه في الجميع حد ردة؛ لأن حقيقة السحر أنه لا بد أن يكون فيه إشراك بالله -جل وعلا- فمن أشرك بالله -جل وعلا- فقد ارتد وحل دمه وماله .
شيخ الإسلام ابن تيمية له تفصيل يقول فيه ما مقتضاه: إن الساحر قد لا تدرك حقيقة سحره فيترك أمره ـ في مصلحة ـ في قتله إلى الإمام إذا رأى المصلحة في قتله قتله، وإن لم ير المصلحة في قتله لم يقتله، ويعني: بالمصلحة المصلحة الشرعية، فتحصل في ذلك أنه ثم أقوال في حد الساحر: الأول أنه يقتل مطلقا ردة؛ لأنه لا يكون السحر إلا بشرك.
والقول الثاني أنه يقتل ردة إذا كان سحره بشرك، ويقتل حدا إذا كان سحره أدى إلى قتل غيره بغير ما فيه إشراك من مثل الأدوية والتعويذات ونحو ذلك التي ذكرنا .
والثالث القول الذي عزي لشيخ الإسلام من أنه كالزنديق يترك أمره إلى الإمام بحسب ما يراه، إن رأى المصلحة الشرعية في قتله قتله، وإلا أعقبه بما دون القتل قال: وفي صحيح البخاري عن بجالة قال: كتب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن اقتلوا كل ساحر وساحرة، قال: فقتلنا ثلاث سواحر، هذا ظاهر في الأمر في قتل الساحر والساحرة بدون تفصيل؛ ولأن حقيقة السحر لا تكون إلا بشرك بالله -جل وعلا- وذلك ردة.
قال وصح عن حفصة -رضي الله عنها- أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها، فقتلت وكذلك صح عن جندب قال أحمد: عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعني: أن الساحر يجب أن يقتل، وهذا حده سواء قلنا: يقتل لحد الردة أو يقتل لحد القتل، أو يقتل تعزيرا، فالصحابة -رضوان الله عليهم- أفتوا بقتله، وأمروا بقتله وذلك بدون تفريق، وهذا هو الواجب ألا يفرق بين نوع ونوع، والواجب على المسلمين أن يحذروا السحر بأنواعه، وأن يتعاونوا في الإبلاغ براءة للذمة، وإنكارا للمنكر عن كل من يعلمون عنده شعوذة أو استخداما لشيء من الخرافات أو السحر ونحو ذلك؛ لأنه كما قال الأئمة: ما يدخل السحرة إلى بلد إلا ويفشو فيها الفساد والظلم والاعتداء والطغيان ذلك؛ لأنهم يستخدمون الشياطين فتطيع الشياطين السحرة -أعاذنا الله منهم- ومن أقوالهم وأعمالهم وتأثيراتهم | |
|
مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: رد: كتاب التوحيد - باب ما جاء في السحر الإثنين مايو 10, 2010 9:08 pm | |
| باب بيان شيء من أنواع السحر باب بيان شيء من أنواع السحر .
قال أحمد: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا عوف بن مالك قال: حدثنا قطن بن قبيصة، عن أبيه أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن العيافة والطرق والطيرة من الجبت قال عوف: العيافة: زجر الطير، والطرق: الخط يخط بالأرض، والجبت، قال الحسن: رنة الشيطان، إسناده جيد، ولأبي داود والنسائي وابن حبان في صحيحه المسند منه، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من اقتبس شعبه من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد رواه أبو داود، وإسناده صحيح .
وللنسائي من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق شيئا وكل إليه وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ألا هل أنبئكم ما العضه؟ هي النميمة، القالة بين الناس رواه مسلم.
ولهما عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إن من البيان لسحرا .
هذا باب بيان شيء من أنواع السحر: لما ذكر الإمام -رحمه الله تعالى- ما جاء في السحر وما اتصل بذلك من حكمه وتفصيل الكلام عليه -ذكر أن السحر قد يأتي في النصوص، ولا يراد منه السحر الذي يكون بالشرك بالله -جل وعلا- فإن اسم السحر عام في اللغة، يدخل فيه ذلك الاسم الخاص الذي فيه استعانة بالشياطين وتقرب إلى الشياطين وعبادة الشياطين لتخدم الساحر، وقد يكون بأسماء أخر يطلق عليها الشارع أنها سحر، وليست كالسحر الأول في الحقيقة، ولا في الحكم.
وهو درجات فمما يسمى سحرا: البيان والبيان كما جاء في آخر الباب إن من البيان لسحرا البيان ليس سحرا، ليس فيه استعانة بالشياطين، ولكنه داخل في حقيقة السحر اللغوية؛ لأنه تأثير خفي على القلوب، فإن الرجل البليغ ذا البيان وذا الإيضاح وذا اللسان الجميل الفصيح يؤثر على القلوب حتى يسبيها، وربما قلب الحق باطلا والباطل حقا ببيانه، فسمي سحرا لخفاء وصوله إلى القلوب وقلب الرأي وفهم المخاطب من شيء إلى آخر كذلك ما ذكر من أن الطيرة من السحر، فالطيرة نوع اعتقاد، كذلك العيافة، وهي شبيهة بها أو بعض أنواعها، كذلك الخط في الرمل ونحو ذلك من الأشياء التي ربما أطلق عليها أنها سحر، وهي ليست كالسحر الأول في الحد والحقيقة ولا في الحكم.
إذا هذا الباب قال فيه الإمام -رحمه الله تعالى: باب بيان شيء من أنواع السحر وأنواع السحر، منها ما هو شرك أكبر بالله -جل وعلا- وهو المراد إذا قلنا: السحر، وهذه هي الحقيقة العرفية، وهناك في ألفاظ الشرع أشياء يكون المرجع فيها إلى الحقيقة اللغوية، وهناك أشياء يكون المرجع فيها إلى الحقيقة العرفية، ويكون هناك أشياء المرجع فيها إلى الحقيقة الشرعية، وهنا في هذا الباب فيما يشمل ما يطلق عليه لغة أنه سحر، ويطلق عليه عرفا أنه سحر، ويطلق عليه شرعا أنه سحر، فإذا التفريق بين هذه الأنواع مهم؛ ولهذا ذكر الإمام هذا الباب حتى تفرق بين نوع وآخر.
فالحد الذي فيه حد الساحر ضربة بالسيف لا ينطبق على كل هذه الأنواع التي ستذكر؛ لأنها سحر لغة، وليست بسحر شرعا، قال في الحديث الأول: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن العيافة والطرق والطيرة من الجبت العيافة مأخوذة من عياف الشيء، وهو تركه، عاف الشيء يعافه، إذا تركه، فلم تبغه نفسه، والعيافة كما فسرها عوف زجر الطير، هذا أحد تفسيرات العيافة، وزجر الطير أن يحرك طيرا حتى ينظر إلى أين تتحرك، ويزجر الطير في حركته، ثم يفهم من ذلك الزجر، هل هذا الأمر الذي سيقدم عليه أنه أمر محمود أو أمر مذموم؟ أو يطلع في حقيقة زجر الطير على مستقبل الحال.
وزجر الطير أن يحرك طيرا حتى ينظر إلى أين تتحرك، ويزجر الطير في حركته ثم يفهم من ذلك الزجر هل هذا الأمر الذي سيقدم عليه أنه أمر محمود أو أمر مذموم أو يطلع بحقيقة زجر الطير على مستقبل الحال، فهذا نوع من الجبت، وهو السحر لما ذكرت لكم أن معنى الجبت هو الشيء المرذول المطرح الذي يصرف الواحد عن الحق، والسحر شيء خفي يؤثر على النفوس.
والعيافة من التأثر بالطير وبزجرها وبانتقالها من هنا إلى هنا أو بحركتها شيء خفي دخل في النفس فأثر عليها من جهة الإقدام أو الكف فصار نوعا من السحر؛ لأجل ذلك وهو جبت؛ لأنه شيء مرذول أدى إلى الإقبال أو الامتناع.
والطيرة أعم من العيافة؛ لأن العيافة على حسب تفسير عوف وهو أحد تفسيراتها متعلق بالطير وحده، وأما الطيرة فهو اسم عام لما فيه تشاؤم أو تفاؤل لشيء من الأشياء، وسيأتي باب مستقل لذكر أحكام الطيرة وصورتها وما يقي منها يأتي -إن شاء الله تعالى-.
وحقيقة الطيرة أنه يرى شيئا كان في الأول من الطير تحرك يمينا أو يسارا فلما رآه تحرك يمينا قال: هذا معناه تفاؤل إنني سأنجح في هذا العمل أو في هذا السفر، وإذا رآه تحرك شمالا قال: هذا معناه أني سأنضر في هذا السفر أو سيصيبني مكروه فرجع.
وقد قال -عليه الصلاة والسلام- من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك .
قد يتشاءم بحركة شيء بكلمة يسمعها أو بشيء في الجو بتصادم سيارة أمامه بسواد في الجو حصل أمامه، أو في ذلك اليوم الذي سينتقل فيه، أو تشاءم في أول زواجه ونحو ذلك من أنواع التشاؤم، أو التشاؤم بالأشهر أو بالأيام.
هذا كله من أنواع الطيرة ومتى يكون طيرة؟ إذا رده عن حاجته أو جعله يقبل عن حاجته، فإذا تشاءم وذلك التشاؤم حينما سيطر على قلبه جعله يقدم أو يحجم فإنه يكون متطيرا، وكذلك في باب التفاؤل إذا رأى شيئا فجعله ذلك الشيء يقدم، ولولا ذلك الشيء أنه رآه لما جعله يقدم فإن ذلك أيضا من الطيرة، وهي نوع من أنواع التأثيرات الخفية على القلوب وذلك ضرب من السحر.
وأما الطرق: فهو مأخوذ من وضع طرق في الأرض وهي الخطوط فيأتي بخطوط متنوعة ويخطها في الأرض، خطوطا كثيرة ليس لها عدد، ثم يبدأ الكاهن الذي يستخدم الخطوط فيمسح خطا خطا أو يمسح خطين خطين بسرعة ثم ينظر ما بقي فيقول: هذا الذي بقي يدل على كذا وكذا هذا الذي بقي يدل على أنك ستغتني يدل على أنك سيصيبك كذا وكذا ونحو ذلك وهو نوع من أنواع الكهانة، والكهانة ضرب من السحر، قال هنا:
والطرق الخط يخط بالأرض، والجبت قال الحسن: رنة الشيطان وهو من أنواع السحر؛ لأن الشيطان يدعو إلى ذلك بصوته وبعويله نقف عند هذا ونكمل -إن شاء الله- يوم السبت ونرجو أن يكون من يوم السبت مع طول الزمن أن ننتهي من هذا الكتاب -إن شاء الله تعالى- في الأسبوع القادم قد نختصر بعض الاختصار في بعض الأبواب لأجل أن ينهى الكتاب مع عدم الإخلال -إن شاء الله- بمقاصد المؤلف -رحمه الله تعالى- وعجل له المثوبة هذا وأسأل الله لي ولكم العلم النافع والعمل الصالح والإقبال على الخيرات وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
باب: بيان شيء من أنواع السحر. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما وعملا ويقينا وصلاحا يا أرحم الراحمين.
أما بعد:
قد ذكرنا أن هذا الباب عقده الإمام -رحمه الله تعالى- لبيان أن هناك من الأعمال ما أطلق عليه أنه سحر، ولكن لا يشترك مع السحر في الذي في الباب قبله في جميع الأحكام، ثم إن بعض هذه الأنواع يجهل كثير من المسلمين أنها من السحر فتارة يدخلونها في غير باب السحر، وهي مع السحر مشتركة في حقيقته وفي بيان أصله أو في أصله ووضعه اللغوي.
وقفنا عند قوله: وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال:قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد رواه أبو داود بإسناد صحيح.
هذا فيه بيان أن تعلم النجوم تعلم للسحر ويأتي في باب خاص باب ما جاء في التنجيم أنواع تعلم النجوم وما جعل الله -جل وعلا- النجوم له. قوله هنا: من اقتبس شعبة يعني: من تعلم بعضا من علم النجوم؛ لأن الشعبة هي الطائفة من الشيء أو جزء من أجزائه، فكل جزء من أجزاء علم النجوم الذي هو علم التأثير نوع من أنواع السحر قال: فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد يعني: كلما زاد في تعلم علم النجوم زاد في تعلم السحر حتى يصل إلي آخر حقيقة علم التأثير كما يسمونه فيصبح سحرا وكهانة على الحقيقة.
ويأتي أن التنجيم منه: علم التأثير: وهو جعل الكواكب والنجوم في حركتها والتقائها وافتراقها وطلوعها وغروبها مؤثرةً في الحوادث الأرضية أو دالة على ما سيحدث في الأرض فيجعلونها دالة على علم الغيب دالة على المغيبات. وهذا القدر من السحر؛ لأنه يشترك معه في حقيقته وهو أنه جعل للتأثير لأمر خفي قال: وللنسائي من حديث أبي هريرة من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر ومن سحر فقد أشرك ومن تعلق شيئا وكل إليه .
قوله: من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر أن عقد العقد والنفث فيها من أنواع السحر، والنفث المقصود به هنا النفث الذي فيه استعاذة واستعانة بالشياطين فليس كل نفث في عقدة يعقد السحر، بل لا بد أن يكون النفث بأدعية معينه ورقى شركية وتعويذات وكلام تحضر الجن عند تلاوته وتخدم هذه العقدة السحرية من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر على ما كان يتعاطاه الناس المردة في ذلك الزمان زمان النبي -عليه الصلاة والسلام- من النفث في العقد كما قال -جل وعلا-: وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وهن السواحر. قال فقد سحر ؛ لأن الجني يخدم هذا السحر بالنفث في العقدة، وفائدة العقدة عند السحرة أنه لا ينحل السحر ما دامت معقودة فينعقد الأمر الذي أراده الساحر بشيئين بالعقدة وبالنفث العقدة: عقد حبل أو خيط أو نحو ذلك وبالنفث فيها بالأدعية الشركية والاستعانة بالشياطين.
ومن الأمور المهمة أن تعلم في هذا الباب أن العقد هذه تارة تكون مرئية واضحة، وتارة تكون صغيرة جدا، وما كان صغيرا جدا أو ما كان مرئيا فإنه ينبغي لمن اطلع عليه أو نظر فيه أن يحل العقدة فينتهي تأثير السحر بإذن الله أو يضعف تأثيره.
قال: ومن سحر فقد أشرك هذا عام؛ لأنه رتب جزاء على فعل بصيغة من فكأنه قال: كل من سحر فقد أشرك يعني: سحر بذلك النحو الذي ذكر وهو أن يعقد عقدة ثم ينفث فيها من سحر فقد أشرك هذا دليل لما ذكرنا لكم في الباب قبله.
أن كل سحر يعد من أنواع الشرك؛ لأنه لا يمكن أن يحدث السحر إلا بالنفث في العقد أو باستحضار الجن وبعبادة الجن ونحو ذلك وهذا شرك بالله. قوله: ومن سحر فقد أشرك ليس معناه أنه أشرك بعقد العقدة مثلا، وإنما فقد أشرك يعني: حين سحر.
ومن المعلوم أنه قبل أن يعقد العقدة وينفث فيها فلا بد من تعلمه؛ ولهذا يكون مشركا قبل أن يعقد وينفث ما دام أنه تعلم ذلك ليعمل به فإنه مشرك بالله؛ لأن تعلمه فيه الشرك بالله -جل وعلا-. قال: ومن تعلق شيئا وكل إليه هذا مر معنا مثاله، ومعنى هذا الحديث وأن القلب إذا تعلق شيئا بمعنى أحبه ورضيه وتعلق القلب به فإنه يوكل إليه ويجعل هو السبب الذي من أجله يجيء نفعه أو يجيء ضره، ومعلوم أن كل الأسباب الشركية تعود على فاعلها أو على الراضي بها بالضرر لا بالنفع، والعبد إذا تخلى عن الله -جل وعلا- فوكل إلي نفسه أو وكل إلي غير الله -جل وعلا- فقد خاب وخسر وضر أعظم الضرر.
فسعادة العبد وعظم صلاح قلبه وعظم صلاح روحه بأن يكون تعلقه بالله -جل وعلا- وحده وقوله هنا: ومن تعلق شيئا وكل إليه فإنه من تعلق بالله فإن الله كافيه، من تعلق قلبه بالله إنزالا لحوائجه بالله ورغبا فيما عند الله ورهبا مما يخافه ويؤذيه يعني: يؤذي العبد فإن الله -جل وعلا- كافيه وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ وإذا تعلق العبد بغير الله فإنه يوكل إلي ذلك العبد، والعباد فقراء إلى الله، والله -جل وعلا- هو ولي النعمة وولي الفضل. يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ .
فمن أنزل حاجته لله أفلح ومن تعلق قلبه بالله أفلح، وأما من تعلق بالخرافات أو تعلق بالأمور الشركية كالسحر وكالذهاب إلي الأولياء وطلب المدد منهم أو طلب الإغاثة منهم فإنه يوكل إلي المخلوق، ومن وكل إلى المخلوق فإنه يضره ذلك أعظم الضرر كما قال -جل وعلا-: يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ .
قال بعد ذلك: وعن ابن مسعود أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ألا هل أنبئكم ما العضه؟ هي النميمة القالة بين الناس رواه مسلم العضه هكذا تروى في كتب الحديث العضه وفي كتب غريب الحديث واللغة تنطق هكذا العِضه هل أنبئكم ما العضه؟ لأشباهها وزنها، وهي كما فسرها النبي -عليه الصلاة والسلام- النميمة، القالة بين الناس وأصل العضه في اللغة يطلق على أشياء ومنها السحر، والنميمة القالة بين الناس نوع من أنواع السحر، وهي كبيرة من الكبائر ومحرم من المحرمات، ووجه الشبه بين النميمة وبين السحر أن تأثير السحر في التفريق بين المتحابين أو في جمع المتفارقين تأثيره على القلوب خفي، وهذا عمل النمام فإنه يفرق بين الأحباب؛ لأجل كلام يسوقه لهذا وكلام يسوقه لذاك فيفرق بين القلوب، ويجعل العداوة والبغضاء بين قلب هذا وهذا.
فحقيقة النميمة كما قال -جل وعلا- عن السحر فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ والنميمة هي القالة بين الناس، وهذا كما هو ظاهر من أنواع السحر، وهذا النوع محرم؛ لأنه كبيرة من الكبائر؛ لأن النميمة نوع من أنواع الكبائر، والكبائر من أعظم الذنوب العملية. قال: " ولهما عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إن من البيان لسحرا قال: عن البيان إن منه ما هو سحر، والمقصود بالبيان هنا التبيين عما في النفس بالألفاظ الفصيحة البينة التي تأخذ المسامع والقلوب فتسحر القلوب فتقلب ربما الحق باطلا والباطل حقا حتى يغدو ذلك الذي يعد من أهل البيان والفصاحة يغدو في قلوب الناس أن ما قاله هو الحق وأن ما لم يقله هو الباطل وهذا ضرب من السحر؛ لأنه تأثير خفي على النفوس بالألفاظ هذا التأثير الخفي بقلب الحق باطلا وقلب الباطل حقا تأثيره خفي كتأثير السحر في الخفاء؛ ولهذا قال: إن من البيان لسحرا .
والصحيح من أقوال أهل العلم أن هذا فيه ذم للبيان وليس مدحا له قال: إن من البيان لسحرا على جهة الذم، وبعض أهل العلم يقول: إن ذاك على جهة المدح؛ لأنه يصل في التأثير إلى أن يؤثر تأثيرا بالغا كتأثير السحر في النفوس، والتأثير البالغ إذا كان من جهة البيان يقولون: فإنه جائز وهذا من جهة المدح له وبيان عظم تأثيره، ولكن هذا فيه نظر والظاهر أنه لما جعل البيان سحرا علمنا أنه. . ولهذا أورد الشيخ -رحمه الله- في هذا الباب الذي اشتمل على أنواع من المحرمات، فالذي يستغل ما آتاه الله -جل وعلا- من اللسان والبيان والفصاحة في قلب الباطل حقا وفي قلب الحق باطلا هذا لا شك أنه من أهل الوعيد ومذموم على فعله؛ لأن البيان إنما يقصد به نصرة الحق لا أن يجعل ما أبطله الله -جل وعلا- حقا في أنفس الناس وفي قلوبهم. نعم. | |
|