مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: كتاب التوحيد - الغلو في قبور الصالحين الإثنين مايو 10, 2010 2:26 pm | |
| باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانا تعبد من دون الله باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانا تعبد من دون الله -تبارك وتعالى- .
وروى مالك في الموطأ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ولابن جرير بسنده، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى قال: كان يلت لهم السويق، فمات فعكفوا على قبره، وكذا قال أبو الجوزاء عن ابن عباس قال: كان يلت السويق للحاج، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج رواه أهل السنن.
الغلو في قبور الصالحين وسيلة من وسائل الشرك، بل يصل الغلو إلى أن يكون شركا بالله -جل وعلا- وأن يصير ذلك القبر وثنا يعبد، فالغلو درجات مر علينا في الأبواب قبل بعض الغلو في القبور، وهنا بين أن الغلو يصل إلى أن يصير تلك القبور أوثانا تعبد من دون الله، قلنا: إن الغلو هو مجاوزة الحد، والقبور قبور الصالحين وغير الصالحين صفتها في الشرع واحدة، لم يميز الشرع، ولم يأت دليل في الشريعة بأن قبر الصالح يميز عن قبر غيره، بل القبور تتساوى، هذا وهذا لا يفرق بين قبر صالح وبين قبر طالح، بل الصفة واحدة، وهو إما أن يكون القبر في ظاهره مسنما، وإما أن يكون مربعا، وهذه الصورة من حيث الظاهر واحدة نهي النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الكتابة عليها وعن تسقيف القبر، وعن رفع القبر وفي أنواع من السنن التي جاءت في أحكام القبور، وهذا لأجل سد الطرق التي توصل إلى الغلو في قبور الصالحين.
فإذا مجاوزة الحد في قبور الصالحين هي مجاوزة ما أمر به أو نهي عنه في القبور؛ لأن قبور الصالحين لا تختلف عن قبور غير الصالحين، فالغلو فيها يكون بالكتابة عليها، يكون برفعها، يكون بالبناء عليها، يكون بأن تتخذ مساجد يكون الغلو فيها ذلك الذي سبق كل من جهة الوسائل، يكون الغلو في قبور الصالحين بأن يجعل القبر وسيلة من الوسائل التي تقرب إلى الله -جل وعلا- ويجعل القبر أو من في القبر شفيعا لهم عند الله -جل وعلا- يجعل القبر له حق أن ينذر له، أو أن يذبح له، أو أن يستشفع بترابه اعتقادا أنه وسيلة عند الله -جل وعلا- .
من أنواع الشرك الأكبر بالله -تبارك وتعالى- لهذا الغلو في قبور الصالحين، يكون بمجاوزة ما أذن فيها، من المجاوزة ما هو من الوسائل ومن المجاوزة ما هو من اتخاذها أوثانا من دون الله -جل وعلا-؛ ولهذا قال رحمه الله: باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانا، وقوله: يصيرها، يعني: يجعلها قد يكون جعل الوسائل للغايات، يعني: أن الغلو صار وسيلة لاتخاذها أوثانا، وقد يكون أن الغلو جعلها وثنا يعبد من دون الله -جل وعلا- .
وهذا هو الذي حصل، ويرى في البلاد من أن القبور صارت أوثانا تعبد من دون الله لما أقيمت عليها المساجد والقباب، ودعي الناس إليها وذبح لها، وقبلت النذور لها، وصار يطاف حولها، ويعكف عندها ونحو ذلك من أنواع الشرك الأكبر بالله.
قال: روى مالك في الموطأ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد قوله اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد هذه استعاذة ودعاء لخوف أن يقع ذلك، ولو كان ذلك لا يقع أصلا ولا يمكن أن يقع لما دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- بذلك الدعاء العظيم، بل دعا ألا يجعل القبر وثنا يعبد، كما جعلت قبور غيره من الأنبياء والمرسلين -عليهم الصلاة والسلام- فإن عددا من قبور الأنبياء والمرسلين -عليهم الصلاة والسلام- اتخذت أوثانا تعبد، قال: اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد .
معنى ذلك أن القبر يمكن أن يكون وثنا يعبد، قال -عليه الصلاة والسلام-: اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد فالغاية أن يكون القبر وثنا يعبد، ودعا النبي -صلى الله عليه وسلم- بألا يكون، والوسيلة إلى ذلك ما جاء بعد ذلك، قال: اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وهذا هو الغلو غلو الوسائل، فاتخاذ قبور الأنبياء مساجد غلو من غلو الوسائل يصير تلك القبور أوثانا، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- في هذا الحديث جمع بين ذكر الوسيلة والتنفير منها، واشتداد غضب الله على من فعلها وذكر نهاية ما تصل إليه بأصحابها تلك الوسيلة، وهي أن تكون القبور أوثانا تعبد من دون الله -جل وعلا-.
فإذا هذا الحديث فيه بيان أن القبر يمكن أن يكون وثنا، والخرافيون يقولون: القبور لا يمكن أن تكون أوثانا، والأوثان هي أوثان الجاهلية وأصنام الجاهلية، ونقول: إن الجاهليين إذا كانوا تعلقوا بأصنام وبأحجار وبأشجار وبغير ذلك من الأشياء، واعتقدوا فيها ووصلوا فيها إلى الشرك الأكبر مع أن المبرر العقلي والمبرر النفسي غير قوي فيها، فلأن تتخذ قبور الصالحين والأنبياء والمرسلين أوثانا، أو أن يتوجه إلى أصحابها بالعبادة ذلك من باب أولى ذلك؛ لأن تعلق القلوب بالصالحين أولى من تعلقها بالأحجار، تعلق القلوب بالأنبياء والمرسلين أولى من تعلقها بالجن أو تعلقها بالأشجار أو بالأحجار أو نحو ذلك.
فإذا سبب الشرك ووسيلة الشرك في القبور أولى وأظهر من النظر في الأصنام ونحو ذلك؛ لأنها جميعا من جهة اعتقاد القلب وتأثير تلك الأصنام والأوثان في الحالين جميعا في الشفاعة عند الله، فأولئك المشركون يقولون في آلهتهم: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى وقالوا أيضا: وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ وأهل العصر أو العصور التي فشا فيها الشرك، إذا سألتهم يقولون: هذا توسل وهذا استشفاع، والحال واحدة، والسبيل الذي جعل تلك القبور أوثانا هو اتخاذ تلك مساجد والبناء عليها، والحث على مجيئها، وذكر الكرامات التي تحصل عندها أو إجابة الدعوات عندها أو التبرك بها... إلى غير ذلك.
قال: ولابن جرير بسنده عن سفيان عن منصور عن مجاهد، قال: في قوله: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى قال: كان يلت لهم السويق فمات، فعكفوا على قبره، وكذا قال أبو الجوزاء عن ابن عباس: كان يلت السويق للحاج، الشاهد منه قول مجاهد: مات فعكفوا على قبره؛ لأجل أنه رجل كان ينفعهم بلت السويق لهم على قراءة: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ووجه المناسبة ظاهر من أن صلاح ذلك الرجل جعلهم يغلون في قبره، فعكفوا على قبره، والعكوف على القبور يصيرها أوثانا، العكوف معناه لزوم القبر بتعظيمه واعتقاد البركة في لزومه والثواب والنفع ودفع الضر .
هذا معنى العكوف، قال: وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج رواه أهل السنن .
وجه الدلالة من الحديث ظاهر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لعن المتخذين على القبور المساجد والسرج، المساجد: مر معنى الكلام عليها. والسرج؛ لأنها وسيلة لتعظيم تلك القبور ونوع من أنواع الغلو فيها، فتسرج القبور ويجعل عليها في الزمن الماضي القناديل، واليوم تجعل عليها الأنوار العظيمة التي تبين أن هذا المكان مقصود، وأنه مطلوب، ويجعل عليها من عقود اللمبات وعقود الأنوار والكشافات التي تسطع ما يدل الناس على تعظيم هذا القبر.
فهؤلاء ملعونون بلعنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا يجوز أن تتخذ السرج على القبور؛ لأن اتخاذ السرج على القبور من نوع الغلو فيها؛ ولأنه يوجه الناس إليها، وذلك قد يكون بعده أن تتخذ آلهة وأوثانا مع الله -جل وعلا- | |
|