صحبة الخير
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13

{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء9

يسعدنا ان تشارك معنا
صحبة الخير
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13

{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء9

يسعدنا ان تشارك معنا
صحبة الخير
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

صحبة الخير

منتدي اسلامي ثقافي دعوي اجتماعي عام
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
 
بسم الله الرحمن الرحيم

رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ
صدق الله العضيم


 

 التوبة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
soft
مشرف عام
مشرف عام
soft


عدد المساهمات : 2125
نقاط : 5953
السٌّمعَة : 5
تاريخ التسجيل : 20/05/2011

التوبة Empty
مُساهمةموضوع: التوبة   التوبة Emptyالأحد أغسطس 21, 2011 9:02 pm



التوبة
محاضرة (التوبة)
سامي بن خالد الحمود
الحمد لله العزيز الوهاب ، غافر الذنب، و قابل التوب، شديد العقاب، بفضله يفتح للمستغفرين الأبواب، وبرحمته ييسر للتائبين الأسباب، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آلهوصحبه أجمعين .
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً ، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً) .
أما بعد .. فتح الباب ، فإذا بصبي يخرج من البيت مسرعاً ، وهو يستغيث ويبكي، وإذا بأمه تجري خلفه ، فلما ابتعد أغلقت الباب في وجهه ودخلت البيت .
وقف الصبي وفكر ، إلى أين يذهب؟ .. لم يجد له مأوى غير البيت الذي أخرج منه ، ولا من يؤيه غير والدته .. فرجع مكسور القلب حزيناً ، لكنه وجد الباب مغلقاً .. فتوسد عتبة الباب ، ووضع خده على التراب ونام .. مضت اللحظات ، وتحرك قلب الأم .. فلما فتحت الباب ورأته على هذه الحال انتفض قلبها ، فرمت نفسها عليه ، والتزمته تقبله وتبكي وتقول : يا ولدي ، أين تذهب عني؟ ومن يؤويك سواي؟ ألم أقل لك : لا تخالفني ، ولا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة بك ، والشفقة عليك ، وإرادتي الخير لك ؟ ثم أخذته ودخلت البيت.
هل تظنون أيها الأحبة أن هذه الأم أرحم بولدها من رحمة الله بنا ، وحبه الخير لنا ، وقبوله لتوباتنا؟
(والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً) ، (وإن الله بكم لرؤوف رحيم) ، (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكراً عليماً) .
أيها الأحبة .. عنوان هذا اللقاء: (برامج عملية للتائبين) .
وسبب طرح هذا الموضوع ، ما يشكو منه كثير من الناس والشباب خصوصاً: أنا لا أصلي ، أنا مدمن ، أنا عندي بعض المنكرات: فواحش ، سماع محرم ، نظر محرم ..... الخ قد أحاطت بي الذنوب ، وأثقلتني عن السير إلى الله علام الغيوب ، فكيف أتوب؟ وإذا تبت ماذا أعمل حتى لا أعود؟
حال هؤلاء ، كالغريق ينتظر من يأخذ بيده، وكالتائه يبحث عن طريقه ، ويلتمس بصيصاً من أمل، وشعاعاً من نور.
ونحن نقول لهؤلاء الإخوة ، كلنا كذلك .
وإذا كنت يا أخي تظن أن الحديث عن التوبة إنما هو لأصحاب الكبائر والموبقات ، تاركي الصلوات ، متعاطي الجرائم والفواحش والمخدرات، وأن الشاب المهتدي والمستقيم خارج هذه الدائرة ، إذا كنت تظن ذلك ، فأنت أول المطالبين بالتوبة من هذه الحيلة الشيطانية .
التوبة فريضة كل مسلم ، ولهذا خاطب الله تعالى الصحابة في المدينة ، بعد تضحياتهم ، وهجرتهم في الله ، وجهادهم في سبيل الله ، فقال: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) .
وهاهو سيد التائبين وإمام المستغفرين r ، يقول كما في صحيح مسلم عن الأغر بن يسار t: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، تُوبُوا إِلَى اللَّهِ ، فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّة" .
وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الغفور . رواه أبوداود والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني .
إخوتي في الله .. كيف نتوب؟ وماذا نعمل بعد أن نتوب؟ هذا ما سنتحدث عنه بإذن الله هذه الليلة ، في هذه المحاضرة ((برامج عملية للتائبين)) .
وحديثنا عن هذه البرامج سيكون على قسمين :
القسم الأول: برامج عملية للتائبين ، (كيف نتوب؟) .
القسم الثاني: برامج عملية لمن تاب ، كيف يثبت على التوبة .
أولاً) برامج عملية للتائبين (كيف نتوب؟) :
هل التوبة تحتاج إلى فقه وتعليم وبرامج ووسائل؟
هل التوبة أن نأتي بالشاب ونقول له: أطلق لحيتك ، وقصر ثوبك والحمد لله .. أم أن الأمر كما قال ابن القيم: ((وأكثر الناس لا يعرفون قدر التوبة ولا حقيقتها، فضلا عن القيام بها علما وعملا وحالا)) .
إذن التوبة تحتاج إلى فقه وتعليم وتحقيق للشروط حتى تكون عبادة مقبولة بتوفر شروطها المعروفة .. وهي أيضاً تحتاج إلى مجاهدة وأسلحة وبرامج تعين بإذن الله على الانتصار على الشيطان والنفس الأمارة بالسوء، وبالتالي التوبة والرجوع إلى الله .
سأبدأ الكلام الآن ببرنامج عام للتوبة العامة من أي ذنب .. ثم أذكر بعد هذا البرنامج عدة برامج خاصة نحتاجها في التوبة من بعض المنكرات المشهورة ، كترك الصلاة، والمسكرات والمخدرات والدخان، والزنا والفواحش، والربا ، وغيرها .
ولنبدأ الآن ببرنامج التوبة العام الذي نحتاجه للتوبة من أي ذنب .
1) تعبد الله تعالى بأسمائه وصفاته : (أساس التوبة)
وهذا الامر هو روح التوحيد والإيمان ، أن تعرف الله بأسمائه وصفاته لا معرفة نظرية فقط ، بل معرفة قلب خاشع محب معظم لربه جل وعلا ، وهذه المعرفة لها عدة مشاهد يشهدها القلب ، اكتفي بذكر ثلاثة مشاهد منها:
أ- مشهد الإطلاع والإجلال: إجلال الله تبارك وتعالى أن تعصيه وهو يراك ويسمعك .
عندما تغلق على نفسك الباب .. تذكر بأن الباب الذي بينك وبين الله لا يغلق أبداً .
(ألم يعلم بأن الله يرى) .. (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) .
استشعر عظمة الله ورقابته .. واستحي من الملائكة الذين سخرهم الله لحفظك؛ فهم يرونك ويسمعونك في كل حال. واستحي من الملكين الذين لا يفارقانك، يسجلان حسناتكس وسيئاتك .
ب- مشهد المحبة: هل تحب الله؟ اترك معصيته محبة له ، فإن المحب لمن يحب مطيع .
ج- مشهد الغضب: استحضار غضبه وانتقامه فإن الرب تعالى إذا تمادى العبد في معصيته غضب واذا غضب لم يقم أمام غضبه شيء 0
وتأمل ما أعده الله من أنواعا العذاب في القبر والقيامة والنار (بول ونمام ، قاطع رحم ، خمر ، زنا ، ربا) .
2) جاهد نفسك ، واصبر عن المعصية .
فإن قلت كما يقول بعض الشباب: صعب ما أقدر أن تعودت على ذا الشي .
فأقول لك: لا بد أن تصبر، وتذكر أن الصبر في الدنيا أهون من العذاب في الآخرة.
( قصة الكلب ) .
3) استشعار ما يفوته بالمعصية من خير الدنيا والآخرة وما يحدث له بها من كل اسم مذموم:
ويكفي في هذا المشهد مشهد فوات الإيمان الذى أدنى مثقال ذرة منه خير من الدنيا وما فيها ، وقد صح عن النبي r أنه قال: (لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن) .
قال بعض الصحابة: ينزع منه الإيمان حتى يبقى على رأسه مثل الظلة فإن تاب رجع اليه .
4) استشعار العوض : وهو ما وعد الله سبحانه من تعويض من ترك المحارم لأجله ونهى نفسه عن هواها (وأما من خاف مقام ربه) .
5) تدبر القرآن والعمل به : فهو روح القلوب وشفاؤها من جميع الشهوات والشبهات .
6) سد الذرائع والطرق الموصلة للمنكر (رفقة ، وحدة ، مجلات ، أفلام ، انترنت).
كلنا ضعفاء أمام الشهوات إلا من عصم الله تعالى، ولكن مشكلة الكثير منا: أنه يضع الفريسة بجوار الوحش، والنار بجوار البنزين؛ بل يصب بنفسه الزيت على النار ثم يصرخ مستغيثا أدركوني. أغيثوني!!
7) البيئة الصالحة المعينة ( قوي بنفسه ) ، ( الذئب من الغنم القاصية ) .
حديث قاتل المائة .. فنقول: فر من رفيق السوء ، غيّر رقم هاتفك، وغيّر منزلك إن استطعت، وغيّر الطريق الذي كنت تمر منه .
Cool استحضار نعم الله عليك ( صحة ، أمن ، مال ، طعام شراب ، أهل ) .
( هل من خالق ) ، ( أخذ الله سمعكم ) ، ( أصبح ماؤكم ) .
في القيامة ( ألم أوتِك مالاً ... ، ألم أصحَّ لك جسمك ، ألم أذرْك ترأس وتربع .
من منا زار المستشفيات ، فكر في أهل البلاء .
- في قناة المجد ، التقيت بالأخ عبد الله با نعمة ، ولعل الكثير منكم شاهد قصة الأخ عبد الله .. شاب مشلول لا يتحرك منه إلا رقبته فقط ، لم يممنعه الشلل والإعاقة الشديدة من الاستقامة على امر الله ، والدعوة إلى الله ، عندما سألته عما يتمناه ، هل يتمنى أن تعود له صحته ليجمع المال ، أوليتلذذ بالمحرمات ، أو ليتعاطى المسكرات والمخدرات ، أو ليتمتع بالسهرات والزنا والفواحش المحرمة؟
لا ، ذكر لي ثلاث أماني : سجدة ، مصحف ، ضم أم .
كم منا يا إخوان ممن يتمتع بالصحة ، ويرفل في ثياب العافية ، وهو مقيم على معصية الله تعالى .
- ثم كان لي لقاء آخر سيعرض قريباً بإذن الله مع أخينا أحمد الشهري .. شاب عجيب ... .
عبد الله .. كيف تعصي الله وإحسانه إليك على مدى الأنفاس ، أعطاك السمع والبصر والفؤاد ، وأرسل إليك رسوله ، وأنزل إليك كتابه ، وأعانك بمدد من جنده الكرام ، يثبتوك ويحرسونك ويحاربون عدوك ، ويطردونه عنك ، وأنت تأبى إلا أن تقف مع عدوك ضد ربك وملائكته .
أمرك الله بشكره ليكرمك ، فكفرت نعمته .. وأمرك بذكره ليذكرك فنسيت ذكره .
أمرك بسؤاله ليعطيك ، فما سألته .. دعاك إلى بابه فما وقفت عليه ولا طرقته .. ثم فتح لك الباب فما ولجته .
ومع هذا فلم يؤيسك من رحمته ، بل قال : متى جئتني قبلتك ، إن أتيتني ليلاً ، قبلتك ، وإن أتيتني نهاراً قبلتك وإن تقربت مني شبراً تقربت منك ذراعاً ، وإن تقربت مني ذراعاً تقربت منك باعاً ، وإن مشيت إلي هرولت إليك . ولو لقيتني بقراب الأرض خطاياً ، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً ، أتيتك بقرابها مغفرة ، وبلغت ذنوبك عنان السماء , ثم استغفرتني غفرت لك , ومن أعظم مني جوداً وكرماً ؟
عبادي يبارزونني بالعظائم ، وأنا أكلؤكم على فرشهم .
إني والجن والانس في نبأ عظيم : أخلق ويعبد غير ، وأرزق ويشكر سواي ، خيري إلى العباد نازل ، وشرهم إلي صاعد ، أتحبب إليهم بنعمي ، وأنا الغني عنهم ، ويتبغضون إلي بالمعاصي ، وهم أفقر شيء إلي .
أهل ذكري أهل مجالستي ، وأهل شكري أهل زيادتي ، وأهل طاعتي أهل كرامتي ، وأهل معصيتي لا أُقنطهم من رحمتي ، إن تابوا إلي فأنا حبيبهم ، فإني أُحب التوابين ، وأحب المتطهرين ، وإن لم يتوبوا إلي ، فأنا طبيبهم ، أبتليهم بالمصائب ، لأطهرهم من المعايب .
9) اتباع السيئة بالحسنة .. (إن الحسنات يذهبن السيئات) ، (إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً) .
عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ . رواه الترمذيوقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
إن فعل المحرمات لا يسوغ ترك الطاعات : فإذا ابتلي العبد ببعض المحرمات ، فإن ذلك لا يسوغ له ترك الصلاة مثلاً ، لان الشيطان يأتي لبعض الناس ، ويقول له: كيف تصلي أمام الناس ، وأنت مبتلى بكذا وكذا ، أنت منافق؟ فيترك هذا المسكين الصلاةأو يتهاون في أدائها أو في غيرها من الأوامر .
وقد قرر أهل العلم قاعدة ، (إن ترك الأوامر أعظم من ارتكاب المناهي) .
قال سهل بن عبدالله - رحمه الله -: " ترك الأمر عند الله أعظم من ارتكاب النهي؛ لأن آدم نهي عن أكل الشجرة فأكل منها، فتاب عليه، وإبليس أمر أن يسجد لآدم فلم يسجد، فلم يتب عليه " .
فلهذا نقول: متى ما ابتلاك الشيطان بشيء من السيئات ، فادمغه بسيل من الحسنات من الصلاة والدعاء والذكر والصدقة وغيرها من الأعمال ، كما قال الله: (إن الحسنات يذهبن السيئات) .
وتأملوا أحبتي في الله في قصة هذه المرأة ، والتي جاءت في الصحيحين عن أبي هريرة t أن النبي r قال:" بينما كلب يُطيف برَكيَّة (أي بئر) كاد يقتله العطش؛ إذ رأته بغيٌّ من بغايا بني إسرائيل، فنزعت موقها (أي خفها) واستقت له به، فسقته إياه، فَغُفر لها به " .
انظروا يا إخواني ، ما الذي قام بقلب هذه المرأة الزانية ، من الرحمة ، مع عدم الآلة التي تسقي بها الماء، وعدم وجود المعين على السقي، وعدم وجود من ترائيه بعملها ، فغَرَّرَت المرأة الضعيفة بنفسها في نزول البئر، وملأت الماء في خفها، ولم تعبأ بتعرضه للتلف، ثم حملت الخف بفمها وهو ملآن ، ثم تواضعت لهذا المخلوق الذي جرت عادة الناس بضربه، فأمسكت له الخف بيدها حتى شرب من غير أن ترجو منه جزاء ولا شكوراً .
قال ابن القيم: فأحرقت أنوار هذا القدر من التوحيد ما تقدم منها من البغاء، فَغُفر لها .
وقد روى الترمذي والنسائي بسند حسن قصة أبي اليَسَر كعبِ بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه وأصل القصة في الصحيحين .
كان هذا الصحابي يبيع التمر في المدينة ، فجاءته امرأة حسناء جميلة تشتري منه التمر ، وكان زوجها قد خرج غازياً في سبيل الله ، فوسوس له الشيطان وزين له الوقوع بالمرأة ، فقال لها: إِنَّ فِي الْبَيْتِ تَمْرًا أَطْيَبَ مِنْهُ . فدخلت معه في البيت ، فأخذ يقبلها ، ويباشرها دون أن يصل إلى الجماع .نعم لقد وقع هذا الصحابي في هذه المعصية في موطن من مواطن الضعف ، فما الذي حدث؟ضاقت به الدنيا ، وعظم به الأمر ، فذهب أولاً إلى أَبي بَكْرٍ ، وأخبره بما وقع له ، فقال أبو بكر: اسْتُرْ عَلَى نَفْسِكَ وَتُبْ وَلَا تُخْبِرْ أَحَدًا ، لكن أبا اليسر لم يصبر ، فذهب إلى عمر ، فقال له عمر: اسْتُرْ عَلَى نَفْسِكَ وَتُبْ وَلَا تُخْبِرْ أَحَدًا ، لكنه لم يصبر حتى أتى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَر ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ: أَخَلَفْتَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي أَهْلِهِ بِمِثْلِ هَذَا؟ .في هذه اللحظة ، تقطع قلب أبي اليسر ، حَتَّى إنه تَمَنَّى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ إِلَّا تِلْكَ السَّاعَةَ ، بل إنه ظَنَّ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ .ثم أَطْرَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَوِيلًا ، وأنزل رأسه إلى صدره ، حَتَّى أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ (وَأَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفَيْ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ ، إن الحسنات يذهبن السيئات ، ذلك ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) .. قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أبي اليسر ، ففرح بها فرحاً شديداً .. ثم قَالَ بعض الصحابة: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِهَذَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً قَالَ بَلْ لِلنَّاسِ عَامَّةً .
وهذا التكفير الْمُطْلَق للسيئات ، حَمَلَه الْجُمْهُور عَلَى الْمُقَيَّد بالصغائر ، كما فِي الْحَدِيث الصَّحِيح: "الصَّلَاة إِلَى الصَّلَاة كَفَّارَة لِمَا بَيْنَهُمَا مَا اُجْتُنِبَتْ الْكَبَائِر " ، فالكبائر لا بد فيها من التوبة .
وإذا تأملنا بعض الأحاديث، يمكن أن نستفيد فائدة مهمة ، وهي أنه متى ما وقع الإنسان في سيئة شُرِع له أن يدفعها بحسنة من جنس السيئة التي عملها .
ويدل على هذا ، حديث أبي هُرَيْرَةَ المتفق عليه عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "مَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أُقَامِرْكَ فَلْيَتَصَدَّقْ" .
وفي قصة تخلف كعب بن مالك لما أقعدته الدنيا والأموال عن الخروج مع رسول الله r في تبوك ، قال فِي آخِرِ حَدِيثِهِ" إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمْسِكْ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ" . متفق عليه
10) تذكر الموت والدار الآخرة ، الموت فجأة ، سوء الخاتمة، (لولا أخرتني) ، (رب ارجعون) .
سوء الخاتمة: تذكر أنك قد تموت وأنت على حالتك هذه، وأنك تبعث عند الله على رؤوس الخلائق، وأنت على تلك المعصية .
وسارع أخي الحبيب الى التوبة،واحذر قبل أنيحضر أجلك وينقطع أملك .
تب قبل أن تتراكم الظلمة على قلبك حتى يصيرريناً وطبعاً فلا يقبل المحو .
تب قبل أن يعاجلك المرض أو الموت فلا تجد مهلةللتوبة .
اخل بنفسك ، وتفكر في حالك ، وقل: يا نفس توبي قبل أن تموتي ؛ أما تعلمين أن الموت موعدك؟! والقبر بيتك؟ والتراب فراشك؟ والدود أنيسك؟.. أما تخافين أن يأتيك ملك الموت وأنت على المعصية قائمة؟ هل ينفعك ساعتها الندم؟ وهل يُقبل منك البكاء والحزن؟
11) زيارة القبور . كما هي سنته r ( تذكركم الآخرة ) ، إذا تسلط عليك الشيطان ، وهيج نفسك الأمارة بالسوء ، فافزع إلى المقابر ، وقف بتلك المنازل ، وتذكر أنك يوما ستسكن في هذه القبور. وستكون وحدك؛ لا أحد معك سوى عملك؛ فإما أن يكون عملا صالحا يؤنسك وينير قبرك، ويجعله روضة من رياض الجنة؛ وإما أن يكون عملا سيئا تشتد معه ظلمة قبرك. ويضيق به قبرك عليك. ويكون حفرة من حفر النار.
12) تذكر القيامة وأهوال الآخرة . في القرآن ، الأحاديث ، كتب الرقائق، المحاضرات.
13) الدعاء والانكسار بين يدي الله .. ولو كنت مذنباً ، بل ولو كنت على المعصية .
14) إذا تبت ثم رجعت فلا تيأس ، لا تترك التوبة أبداً ، لا تقل إني أتوب ثم أعود فلا أمل في التوبة ، بل تب وجاهد نفسك حتى يكون الشيطان هو المدحور .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ [ثُمَّ عَادَ ثلاث مرات وهو يذنب ويستغفر حتى قال الله:] اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ ، وفي لفظ: قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ . متفق عليه .
وهنا أنبه إلى أمر هام جداً ، وهو أن بعض الناس يظن أن هذا الحديث يهون من شأن الذنوب ، أو يعطي شيكاً مفتوحاً للمعصية .
وهذا فهم خاطيء ، فشؤم المعصية وخطرها أمر لا ينكر ، إنما المقصود من الحديث أن يبادر من ابتلي ووقع في الذنب إلى التوبة ، ولا ييأس .
حتى تفهم هذا الحديث تذكر أمرين:
1- أنك لا تأمن أن يسبقك الأجل ، وينزل بك الموت قبل أن تتوب .
2- أنك لا تأمن أيضاً أن تدمن الذنب ، فيطبع الله على قلبك ، فلا ينبعث للتوبة .
===============================================
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
التوبة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التوبة من المسكرات والمخدرات
» ما أجمل التوبة
» التوبة من النظر المحرم
»  التوبة من ممارسة العادة السرية
» التوبة من الربا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
صحبة الخير  :: الاقسام الدينية :: «۩۞۩ منتدي الدين النصيحة ۩۞۩»-
انتقل الى: