مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: كتاب التوحيد -باب ومن الناس نت يتخذ من دون الله الإثنين مايو 10, 2010 9:26 pm | |
| باب قول الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ باب قول الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ .
وقوله: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ .
عن أنس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين أخرجاه.
ولهما عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار .
وفي رواية لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى إلى آخره.
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: من أحب في الله وأبغض في الله ووالى في الله وعادى في الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك، ولن يجد عبد طعم الإيمان، وإن كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك، وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا، وذلك لا يجدي على أهله شيئا رواه ابن جرير، وقال ابن عباس في قوله تعالى: وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ قال: المودة.
هذا الباب والأبواب التي بعده فروع من الإيمان للشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- في ذكر العبادات القلبية وما يجب من أن تكون تلك العبادات لله -جل وعلا-، فهذا في ذكر واجبات التوحيد ومكملاته وبعض العبادات القلبية، وكيف يكون إفراد الله -جل وعلا- بها، فابتدأها بباب المحبة، وأن العبد يجب أن يكون الله -جل وعلا- أحب إليه من كل شيء حتى من نفسه.
وهذه المحبة المراد منها محبة العبادة، وهي المحبة التي فيها تعلق بالمحبوب بما يكون معه امتثال للأمر رغبة واختيارا، ورغب إلى المحبوب، واجتناب النهي رغبة واختيارا، فمحبة العبادة هي المحبة التي تكون في القلب، يكون معها الرغب والرهب، يكون معها الطاعة، يكون معها السعي في مراضي المحبوب والبعد عما لا يحب المحبوب، والموحد ما أتى للتوحيد إلا بشيء وقر في قلبه من محبة الله -جل وعلا-؛ لأنه دلته ربوبية الله -جل وعلا- وأنه الخالق وحده، وأنه ذو الملكوت وحده، وأنه ذو الفضل والنعمة على عباده وحده من أنه محبوب، وأنه يجب أن يحب، وإذا أحب العبد ربه، فإنه يجب عليه أن يوحده بأفعال على العبد أن يوحد الله بأفعاله، يعني: أفعال العبد حتى يكون محبا له على الحقيقة.
لذلك نقول: المحبة التي هي من العبادة هي المحبة التي يكون فيها اتباع للأمر والنهي ورغب ورهب؛ ولهذا قال طائفة من أهل العلم: المحبة المتعلقة بالله ثلاثة أنواع: محبة الله على النحو الذي وصفنا على نوع من العبادات الجليلة، ويجب إفراد الله -جل وعلا- بها، والنوع الثاني محبة في الله، وهو أن يحب الرسل في الله -عليهم الصلاة والسلام- وأن يحب الصالحين في الله، أن يحب في الله، وأن يبغض في الله.
والنوع الثالث: محبة مع الله وهذه محبة المشركين لآلهتهم، فإنهم يحبونها مع الله -جل وعلا- فيتقربون إلى الله رغبا ورهبا نتيجة محبة الله ويتقربون إلى الآلهة رغبا ورهبا نتيجة لمحبتهم لتلك الآلهة، ويتضح المقام بتأمل حال المشركين وعبدة الأوثان وعبدة القبور في هذه الأزمنة، فإنك تجد المتوجه لقبر الولي في قلبه من محبة ذلك الولي وتعظيمه ومحبته سكنة ذلك القبر ما يجعله في رغب ورهب، وفي خوف وفي طمع وفي إجلال حين يعبد ذلك الولي، أو يتوجه إليه بأنواع العبادة لأجل تحصيل مطلوبه، فهذه هي محبة العبادة التي صرفها لغير الله -جل وعلا- شرك أكبر به، بل هي عماد الدين، بل هي عماد صلاح القلب، فإن القلب لا يصلح إلا بأن يكون محبا لله -جل وعلا-، وأن تكون محبته لله -جل وعلا- أعظم من كل شيء، فالمحبة محبة الله وحده هذه يعني: محبة العبادة هذه من أعظم أنواع العبادات، وإفراد الله بها واجب .
والمحبة مع الله محبة العبادة هذه شركية، من أحب غير الله -جل وعلا- مع محبة العبادة، فإنه مشرك الشرك الأكبر لله -جل وعلا- .
هذه الأنواع الثلاثة هي المحبة المتعلقة بالله، أما النوع الثاني من أنواع المحبة، وهي المحبة المتعلقة بغير الله من جهة المحبة الطبيعية، وهذا أذن فيه الشرع، وجائز لأن المحبة فيها ليست محبة العبادة والرغب والرهب الذي هو من العبادة، وإنما هي محبة للدنيا، وذلك كمحبة الوالد لولده والولد لوالده والرجل لزوجته والأقارب لأقربائهم، والتلميذ لشيخه والمعلم لأبنائه ونحو ذلك من الأحوال هذه محبة طبيعية، لا بأس بها، بل الله -جل وعلا- جعلها غريزة.
قال الإمام -رحمه الله-: باب قول الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ قوله: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا أندادا: يعني: أشباها ونظراء وأكفاء، يعني: يساوونه في المحبة؛ لهذا قال: يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وأحد وجهي التفسير في قوله: يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ يعني: يحب المشركون الأنداد كحب المشركين لله، والوجه الثاني من التفسير: أن قوله: يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ معناه يحب المشركون الأنداد كحب المؤمنين لله، والوجه الأول أظهر، والكاف في هنا في قوله: كَحُبِّ اللَّهِ مثل يعني: يحبونهم مثل حب الله، وهي كاف المساواة، ومثلية المساواة؛ ولهذا قال -جل وعلا-: في سورة الشعراء مخبرا عن قول أهل النار: تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ قال العلماء: سووهم برب العالمين في المحبة بدليل هذه الآية، ولم يسووهم برب العالمين في الخلق والرزق وإفراد الربوبية قال: وقوله: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ إلى قوله: أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ .
هذا يدل على أن محبة الله -جل وعلا- واجبة، وأن كون محبة الله وأن محبة الله يجب أن تكون فوق كل محبوب، وأن يحب الله أعظم من محبته لأي شيء قال -جل وعلا-: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ إلى أن قال: أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ .
وهذا وعيد، فيدل على أن تقديم محبة غير الله على محبة الله كبيرة من الكبائر ومحرم من المحرمات؛ لأن الله توعد عليه وحكم على فاعله بالفسق والضلال.
فالواجب لتكميل التوحيد أن يحب العبد الله ورسوله فوق كل محبوب ومحبة النبي -صلى الله عليه وسلم- هي محبة في الله ليست محبة مع الله، بل هي محبة في الله؛ لأن الله هو الذي أمرنا بحب النبي -عليه الصلاة والسلام- ومحبته، إذن في الله يعني: في الله لأجل محبة الله، فإن من أحب الله -جل وعلا- أحب رسله.
قال: عن أنس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين .
قوله: لا يؤمن أحدكم يعني: الإيمان الكامل، وقوله: حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين يعني: أن يكون محابي مقدمة على محاب غيري، فحتى أكون في نفسه أحب إليه وأعظم في نفسه من ولده ووالده والناس أجمعين.
وفي حديث عمر المعروف أنه قال للنبي -عليه الصلاة والسلام-: إلا من نفسي فقال: يا عمر، حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال عمر: أنت الآن أحب إلي من نفسي، قال: فالآن يا عمر يعني: كملت الإيمان، فقوله: لا يؤمن أحدكم يعني: الإيمان الكامل حتى يقدم محبة النبي -عليه الصلاة والسلام- على محبة الولد والوالد والناس أجمعين، ويظهر هذا بالعمل، فإذا كان يقدم محاب هؤلاء على ما فيه مرضاة الله -جل وعلا- وعلى ما أمر به -عليه الصلاة والسلام-، فإن محبته للنبي -عليه الصلاة والسلام- تكون ناقصة؛ لأن المحبة محركة.
كما قال شيخ الإسلام في كتابه: قاعدة في المحبة، يقول: المحبة هي التي تحرك الذي يحب الدنيا يتحرك إلى الدنيا، والذي يحب العلم يتحرك للعلم، الذي يحب الله -جل وعلا- محبة عبادة ورغب ورهب يتحرك طالبا لمرضاته ويتحرك مبعدا عما فيه مساخط الرب -جل وعلا- كذلك الذي يحب النبي -عليه الصلاة والسلام- على الحقيقة، فإنه الذي يسعى في اتباع سنته وفي امتثال أمره وفي اجتناب نهيه، والاهتداء بهديه والاقتداء بسنته -عليه الصلاة والسلام-
قال: ولهما عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار .
والاستدلال به ظاهر على أن محبة الله ورسوله يجب أن تكون مقدمة على محبة ما سواهما، وأنها من كمال الإيمان، وأن العبد لن يجد كمال الإيمان إلا في ذلك.
قال: وفي رواية: لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى... إلى آخره، المقصود بالحلاوة هنا الحلاوة الناتجة عن تحصيل كماله؛ لأن الإيمان له حلاوة، حلاوة توجد في الروح، وكلما سعى العبد في تكميل إيمانه كلما اشتد وجده لهذه الحلاوة، واشتد شعوره بتلك الحلاوة، واللذة التي تكون في القلب.
قال: وعن ابن عباس قال: من أحب في الله، وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك هذه محبة في الله، راجعة إلى الأمر والنهي، وهي من أقسام المحبة حب في الله يعني: كانت محبته في ذلك المحبوب؛ لأجل أمر الله، أبغض في الله يعني: كان بغضه لذلك المبغض لأجل أمر الله، ووالى في الله كانت موالاته للعقد الذي بينه وبين ذاك في الله -جل وعلا- من إخوة إيمانية، قال: وعادى في الله يعني: لما حصل بينه وبين ذاك الذي خالف أمر الله، إما بكفر أو بما دونه، قال: فإنما تنال ولاية الله بذلك يعني: إنما يكون العبد وليا من أولياء الله بهذا الفعل، وهو أن يوالي في الله، وأن يعادي في الله -جل وعلا- والولاية بالفتح هي المحبة والنصرة، وإلى ولاية يعني: أحب محبة ونصر نصرة، وأما الولاية بالكسر فهي الملك والإمارة، قال -جل وعلا-: هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ يعني: المحبة والنصرة إنما هي لله -جل وعلا- وليست لغيره.
والولاية بالكسر هي الإمارة ونحو ذلك، فقوله: فإنما تنال ولاية الله في ذلك يعني: تنال محبة الله ونصرته بذلك بأن يأتي بالمحبة في الله والبغض في الله.
قال: ولم يجد عبد طعم الإيمان، وإن كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك، فقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا، وذلك لا يجدي على أهله شيئا .
المؤاخاة والمحبة في الدنيا هذه تراد للدنيا، والدنيا قصيرة زائلة، وإنما يغتر بها أهل الغرور، وأما أهل المعرفة بالله والعلم بالله، وأهل كمال توحيده وأهل إكمال الإيمان وتحقيق التوحيد، فإنما تكون محابهم ومشاعرهم القلبية وأنواع العلوم والمعارف التي تكون في القلب وأنواع العبادات والمقامات والأحوال التي تكون في القلب، يكون ذلك كله تبعا لأمر الله ونهيه ورغبة في الآخرة.
أما الدنيا فلها أهلون، وهي مرتحلة عنهم، وهم مقبلون على أمر آخرتهم؛ ولذلك لن تجدي المحبة في الدنيا على أهلها شيئا، إنما الذي يجدي هو الحب في الله والرغب في الآخرة.
قال: وقال ابن عباس في قوله: وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ قال: المودة؛ لأن المشركين كانوا يشركون بآلهتهم ويحبونها، ويظنون أنها ستشفع لهم يوم القيامة؛ لأجل مودتهم لها ومحبتهم لها، وستتقطع تلك الأسباب وتلك الحبال المدعاة الموهومة يوم القيامة، ولن يجدوا نصيرا، والله -جل جلاله- قال: وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ يعني: كل ما ظنوه سببا نافعا ينفعهم عند الله، فإنه سينقطع يوم القيامة إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ | |
|