يحافظ على الطاعات ولكنه يقع في معصية خطيرة
السؤال:
أنا ولله الفضل والمنة طالب علم أحفظ القرآن ولي مسجد ألقي فيه الدروس والخطب لكني على معصية عظيمة وهي أني من حين إلى آخر أشاهد أفلاما إباحية ثم أتوب ثم أعود وهكذا وأتذكر حديث ثوبان (لأعلمن أقواما من أمتي ....إلخ)وأتذكر قول الله (ألم يعلم بأن الله يرى)وغيرها من الآيات والأحاديث وأتوب ,أبكي بكاء شديدا ثم يمر علي بضعة أشهر فأعود وأتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم (ما من عبد إلا له الذنب يعتاده الفينة بعد الفينة ) وقد حسنه الشيخ الألباني وللأسف الشديد أنا متزوج وكثير الجماع لزوجتي وعندي ولد عمره إحدى عشر شهرا وفكرت في عدة حلول لمشكلتي أولا أقرأ كتب الرقائق لإصلاح قلبي ثانيا فكرت لمحاولة السفر إلى المملكة للتعلم هناك ولأن المملكة تعين على غض البصر وبالتالي حفظ الفرج إن شاء الله وفكرت أن أتزوج زوجة ثانية لأني أشعر أني قوي الشهوة ولكن منعني من ذلك قلة ذات اليد وأنا أكتب هذه الرسالة الآن وأنا تائب والحمد لله لكن أخشى على نفسي من الأيام القادمة وبالنسبة إلى زوجتي فهي من أصلح النساء أحسبها كذلك في تدينها وحيائها ووالله الذي لا إله غيره أني ما تزوجتها إلا لله فهي ليست جميلة ولا دميمه لكني تزوجتها لدينها وكثيرا لا أرى فيها ما يحتاجه الرجل من جمال امرأته فيدور في رأسي أن أتزوج عليها ولكن أعود في ذلك بسبب المال فجزاكم الله خيرا لو نصحتموني ودللتموني على حل لما أنا فيه
الجواب :
الحمد لله
أولا :
لقد آلمتنا رسالتك أيما إيلام ، آلمنا أن يتمكن منك هذا الداء ، وأنت صاحب القرآن الذي تعلمه للناس .
لسنا بحاجة إلى أن نذكرك بخطر الانفصام بين العلم والعمل ، وأن هذا من نفاق العمل ، والعياذ بالله ، والذي كان السلف يحذرونه على أنفسهم ، ويحذرون منه أشد التحذير .
ولسنا في حاجة إلى أن نذكرك بخطر معاصي الخلوات ، فقد أشرت أنت إليها أيضا .
لكن الذي ينقصك ـ فيهما يظهر لنا ـ أن تصبر نفسك ، وتجاهدها على ترك ذلك لله ، وأنت صاحب القرآن الذي يحفظ قول الله تعالى : ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) ؛ تحتاج إلى أن تذكر نفسك بمقام الله منك ، واطلاعه على ما تأتيه ، وسمعه وبصره .
قال بعض السلف : أوحى الله تعالى إلى نبي من الأنبياء : قل لقومك : ما بالكم تسترون الذنوب من خلقي وتظهرونها لي ؟! إن كنتم ترون أني لا أراكم ، فأنتم مشركون بي !! وإن كنتم ترون أني أراكم ، فلم تجعلوني أهون الناظرين إليكم ؟!
وكان وهيب بن الورد يقول : خف الله على قدر قدرته عليك ، واستحِ منه على قدر قربه منك !!
وقال له رجل : عظني !! فقال له : اتق الله أن يكون أهون الناظرين إليك !!
ينظر : "جامع العلوم والحكم" ، لابن رجب الحنبلي (162) .
وما نحتاجه أيضا : هو تذكر أن النعم تزول بعدم الشكر ، فقد يسلب الإنسان نعمة الحفظ أو العلم بإدمانه على المعصية ، نسأل الله العافية لنا ولك وللمسلمين .
ونرجو منك أن تراجع كتاب "أخلاق حملة القرآن" للإمام الآجري رحمه الله ، فهو كتاب نافع مبارك مفيد إن شاء الله ، و"أخلاق العلماء" له أيضا .
ثانيا :
الذي ننصحك به : أن تقطع عنك أبواب الشهوة والمثيرات بالكلية ، والحمد لله أن عندك زوجة صالحة تطيعك ، وتعينك على إعفاف نفسك .
وليس من الحكمة في شيء أن يفكر المرء في زواج آخر ، وحاله من الماديات لا تسمح بذلك ؛ فاضرب صفحا عن هذا الأمر ، ما دمت بحالك التي وصفت ، واغتنم صلاح زوجتك ، وعندها ما عند غيرها من النساء ، فاستعف بها ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( .. وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ ) رواه البخاري (1428) ومسلم (1053) .
وإذا كنت قد علمت الباب الذي يدخل عليك منه الشيطان ، فالواجب عليك أن تغلقه عنك بالمرة ، فأخرج التلفاز من عندك ، ومن بيتك بالكلية ، إن كنت تشاهد تلك الأفلام فيه .
وإن كنت تشاهدها من خلال الإنترنت ، فاقطع اتصالك به ، إلى أن يستقيم حالك ، وبإمكانك أن تحصل الفائدة التي ترجوها منه ، من خلال بعض أصدقائك وإخوانك ، في وقت قصير ، وبمحضر منهم ، حيث لا يمكنك أن تطالع ما يفسد عليك دينك .
فكن أنت رقيب نفسك ، وسائقها لله .
وأما أمر الدروس ، فبإمكانك أن تحصل على ما شئت من الدروس العلمية والوعظية ، والكتب والرسائل ، بأيسر طريق ، وأهون كلفة .
لكن القضية ليست علما زائدا ، ولا درسا ، أو خطبة تنقصك ؛ إنما ينقصك العزم ، والصدق مع الله على أن تكف عن ذنبك .
ومن تاب تاب الله عليه .
نسأل الله أن يشرح صدرك ، ويغفر ذنبك ، ويرزقنا وإياك التوبة النصوح .
والله أعلم .