صحبة الخير
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13

{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء9

يسعدنا ان تشارك معنا
صحبة الخير
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13

{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء9

يسعدنا ان تشارك معنا
صحبة الخير
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

صحبة الخير

منتدي اسلامي ثقافي دعوي اجتماعي عام
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
 
بسم الله الرحمن الرحيم

رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ
صدق الله العضيم


 

 الاخلاص

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلم
Admin
مسلم


عدد المساهمات : 9693
نقاط : 17987
السٌّمعَة : 67
تاريخ التسجيل : 11/03/2010
العمر : 55

الاخلاص Empty
مُساهمةموضوع: الاخلاص   الاخلاص Emptyالأحد مارس 21, 2010 7:59 pm

الحمد لله الذي عظم قدر أهل الإخلاص وأعلى شأنهم في الدنيا والآخرة, والصلاة والسلام على من رزقه الإخلاص الكامل في أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم أما بعد,,,,,,,,,
لا يخفى على أحد ما للإخلاص من قدر عظيم عند الله وجل وعلا, فيكفي الإخلاص قدراً ومكانة وشرفاً أنه شرط لقبول عمل العامل , فما لم يكن العبد لله عزوجل مخلصًا لم ينفعه عمل ولو سجد الليل والنهار, ولو أنفق الدرهم والدينار.
- إن الإخلاص هو حقيقة الدين, ولبه وقلبه قال الجنيد : ( الإخلاص سرٌ بين الله وبين العبد لا يعلمه ملك فيكتبه , ولاشيطان فيفسده , ولاهوى فيميله ) علم الصالحون قدره ومكانته فبذلوا في تحصيله جهدهم, وأفنوا فيه عُمرهم, لم يكن تحصيله بالأمر الهين, ولا الوصول إليه سهل المنال بل كان وما زال من أشق الأمور على أنفسهم وهو كذلك وقال يوسف بن الحسين: أعز شيء في الدنيا الإخلاص , وكم اجتهد في إسقاط الرياء عن قلبي فلكان ينبت على لون آخر, وقال الثوري ما وجدت شيئا أشد علي من نيتي أنها تتقلب عليَّ ولسنا والله بخير من حال رسولنا صلى الله عليه وسلم وهو سيد المخلصين وإمام المتقين وقدرة الورعين ( فكان يدعوا ربه بقوله اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك اللهم يامصرف القلوب اصرف قلبي على طاعتك .
أهميه الموضوع :
- الكلام عن الإخلاص هو الكلام عن الدين, وإشغال الإنسان عّمُره كله في تعلمه وتعليمه وتحصيله من أعظم من شغلت به الأوقات ,وفنيت فيه الأعمار, ولهذا كان السلف يهتمون بذلك أشد الاهتمام قال ابن أبي جمرة رحمه الله : وددت أنه لو كان من الفقهاء من ليس شغل إلا أن يُعلم الناس مقاصدهم في أعمالهم ويقعد للتدريس في أعمال النيات ليس إلا , فإنه ماأتى الناس إلا من هذا الباب وصدق رحمه الله.
- إن المتأمل لأحوال الناس بل وربما بعض الصالحين منهم يعلم أنه قد أوتوا من حيث لا يشعرون, ودخل إلى قلوبهم الرياء من حيث لا يتوقعون , وهنا مكمن الداء وموطن البلاء, من منا اليوم لا يفرح بمدح مادح؟ مَنْ منا مَنْ لا يحزن إذا لم يسمع ثناءاً بعد انقضاء عمل صالح ؟ أو عبادة من العبادات؟ مَنْ منا لا يجزع ويضجر عند نصح الناصح وتذكير المذكر؟ وكأنه قد كمل في عبادته وطاعته ومعاملته وخلقه !! ابتلينا بالعجب والكبر ورد الحق, والتشبع بما لم نعط.
أليست هذه أسبابٌ تستدعي الوقوف مع هذا الموضوع المهم والأمر الخطير؟ بلى والله
* الوسائل العشر لتحقيق الأخلاص :
هذه عشرة أسباب معينه بإذن الله تعالى على تحصيل الإخلاص أذكر نفسي وأخواني بها علها أن تكون لنا بإذن الله تعالى عوناً على أن نوطن أنفسنا على الإخلاص وتجنبنا ما يضاده من الرياء والفخر والعجب والكبر, لأنه ما لم يحبس المرء نفسه على شهواتها أوردته الموارد.
بيت وصدق القائل ( إذا المرءُ أعطى نفسه قل ما اشتهت * ولم ينهها تاقت إلى كل باطل )
وأي باطل أعظم من الرياء والتشريك مع الله جل وعلا في العبادة والعمل الصالح والله يقول : ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك, من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) أما الأسباب المعينة على تحصيل الإخلاص:
1- أولا: معرفة ثمار الإخلاص وفضله وقدره عند الله تعالى قال الله جلا وعلا آمراً بالإخلاص (فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) وهو أساس ومفتاح دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ).
- وفي الإخلاص النجاة من الفتن والسلامة من الشرور فها هو نبي الله يوسف الذي تعرض لأعظم فتنة تتحرك معها الجبال الصلبة حينما أغرته امرأة العزيز ونسوة مصر بما معهن من جاه ومال, ومنصب وجمال, كى يقع في الفاحشة ويقع في الزنا وهو شاب عزب تجري في دمه وروحه صبوة الشباب وشهوة الرجال, ومع هذا كله عُصم ونجى والسبب هو الإخلاص(كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ).
- ومن ثمرات الإخلاص الجزاء الأوفى في الآخرة والمقام الأعلى (إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ).

2- ومن الأسباب المعينة على الإخلاص, دعاء الله تعالى والاستعانة به جل وعلا, فمن اعتمد على علمه ضل, ومن وُكل إلى ذكائه زل, فها هو النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعوا بقوله ( اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك, ويا مصرف القلوب اصرف قلبي إلى طاعتك), وكان من الدعاء الذي علمه أصحابه وأمته من بعده حينما قال أخوف ما أخاف عليكم الشرك الذي هو أخفى من دبيب النمل فقالوا يا رسول الله وكيف نتقيه وهو اخفي من دبيب النمل ؟ قال قولوا. اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئا ونحن نعلم ونستغفرك لما لا نعلم).

3- من الأسباب المعينة: تأمل النصوص المحذرة والمرعبة من ترك الإخلاص والعواقب السيئة في الدنيا والآخرة, ففي الدنيا, لن يذهب المرئي بعيداً, فهو سيبتلى حتماً بالفضيحة في الدنيا بتبدل الحال وانتكاس المآل ( من راءى راءى الله به ومن سمع سمع الله به) قال الحسن: ما أسر عبدٌ سريرة ( أي خبيئة سوء) إلا أظهرها الله على فلتات لسانه وصفحات وجهه.
وقد يبتلى بسوء الخاتمة عند موته عياذًا بالله تعالى قال صلى الله عليه وسلم: (وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتي ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها) وقد ذكر أكثر أهل العلم أن هذا الرجل المراد في هذا الحديث هو ( المرائي) الذي أهمل الإخلاص ولم يكترث بالرياء حتى كانت النتيجة هي سوء الخاتمة نسأل الله العافية.
- وأما عقوبة المرائي في الأخرة فهو الوعيد الشديد والعذاب الأكيد فالمرائي حطب جهنم, ووقود النار, قال الله تعالى ( فقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءاً منثوراً) وجاء في قصة من تسعر بهم نار جهنم أنهم قوم اختلفت عباداتهم وأعمالهم لكن اتفقت مقاصدهم فالأول مجاهد والثاني منفق والثالث قارىء للقرآن لكن كل هؤلاء كان عملهم لأجل الخلق لا لأجل الله فاستحقوا أن يكونو حطب جهنم .
4- ومن الأسباب المعينة على الإخلاص معرفته وتعلمه والحذر من ضده الذي هو الرياء, فالناظر والمتأمل يجد أن كثيراً من الناس جهلوا الرياء حتى انغمسوا فيه , ووقعوا في شراكه وغوائله دون أن يشعروا , ولهذا كان للسلف رضوان الله عليهم معاني وموازين حددوا فيها متى يكون المرء مخلصا ومتى لا يكون كذلك, قال على رضي الله عنه: الإخلاص أن يستوي سرك وعلانيتك.
وقال: للمرائى ثلاث علامات:
(أ) يكسل إذا كان وحده ( إذا خلى وحده لم يحرص على أداء الصلاة إلا على وجه متعجل لا يذكر الله فيها إلا قليلاً) ( لا يؤدي نافلة ولا راتبة) ( دائم التقصير) ( تثاقل عن الطاعة).
(ب) وينشط إذا كان في الناس ( إذا كان في الملأ تأني في الصلاة, وأتى بها على وجه كامل لا نقص فيه ) ( إذا كان في الملأ بكى وتأثر وارتفع نحيبه, وإذا خلى مع الله لم يجري دمع عينه سنوات )عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر المسيح الدجال فقال ماالمسيح الدجال أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم الشرك الخفي أن يقوم الرجل فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل ).
(ج) ومن العلامات أنه يزيد في العمل إذا أثنى عليه , وينقص إذا ذم, فكان بهذا إنما يعمل للناس ولا يعمل لله تعالى وهنا مكمن الخطر.

5- ومن الأسباب عدم الحرص على مدح الناس والسرور بثنائهم حتى أصبحت عند الكثيرين هي أكبر الهم ومبلغ العلم , وحتى نعرف خطورة الأمر تأملوا ما قاله الغزالي رحمه الله وهو يذكر خفاء الرياء, وكيف أنه ابتلى به بعض الصالحين دون أن ينتبهوا لذلك قال :وأخفى من ذلك أن يختفي العامل بطاعته بحيث لا يريد الإطلاع , ولا يُسر بظهور طاعته, ولكنه مع ذلك إذا رأى الناس أحبَّ أن يبدءوه بالسلام, وأن يقابلوه بالبشاشة والتوقير, وأن يثنوا عليه, وأن ينشطوا في قضاء حوائجه, وأن يسامحوه في البيع والشراء وأن يوسعوا له في المكان, فإن قصر فيه مقصر , ثقل ذلك على قلبه ووجد لذلك استبعاداً في نفسه, كأنه يتقاضى في الاحترام مع الطاعة التي بذلها لله وقدمها له سبحانه...).أ.هـ.
6- ومن الوسائل العظيمة أن يقدر الله حق الله, وأن يعظمه حق التعظيم ومن ذلك أن يتوجه بكليته إلى الله تعالى فلا يرجوا إلا الله, ولا يخاف إلا الله ولا يسأل غير الله, وأن يعلم أن الله مطلع على ما يكن قلبه ويخفيه صدره وأنه جل وعلا يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور, وأن يعلم العبد أنه يجب عليه تقديم رضا الله تعالى ولو سخط من سخط فإن من أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الخلق قال مجاهد: إن العبد أن أقبل إلى الله بقلبه أقبل الله بقلوب المؤمنين إليهْ .
أين من ابتلى الناس بانتكاس المفاهيم ؟ أين من يقدم من رضا المخلوق ولو سخط الخالق ؟ ( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ
منقول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sohptelker.hooxs.com
مسلم
Admin
مسلم


عدد المساهمات : 9693
نقاط : 17987
السٌّمعَة : 67
تاريخ التسجيل : 11/03/2010
العمر : 55

الاخلاص Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاخلاص   الاخلاص Emptyالأربعاء مايو 26, 2010 10:25 am

من خطبه الشيخ خالد الراشد
إنَّ الإخلاص هو حقيقة الدين ، ومفتاح دعوة المرسلين .. قال سبحانه : { وَ مَنْ أَحْسَنُ دِينَاً مِمَنْ أَسْلََمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِن } .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الاخلاص Icon_sad قال تعالى : أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معيَ فيه غيري تركته وشركه ) رواه مسلم .
وقال صلى الله عليه وسلّم : ( من تعلَّم علماً مما يُبتغى به وجه الله عزَّ وجل لا يتعلَّمه إلاَّ ليصيب به عَرَضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة ـ يعني ريحها ـ يوم القيامة ) رواه أبو دواد .
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جداً .
أحبتي ..قد يقول قائل ماهو الإخلاص الذي يأتي في الكتاب والسنة وفي استعمال السلف الصالح رحمهم الله ..
فأقول : لقد تنوَّعت تعاريف العلماء للإخلاص ، ولكنها تصبُّ في معين واحد
ألا وهو أن يكون قصد الإنسان في سكناته وحركاته وعباداته الظاهرة والباطنة خالصة لوجه الله تعالى لا يريد بها شيئاً من حطام الدنيا أو ثناء الناس .
قال الفضل بن زياد : سألت أبا عبد الله ـ يعني الإمام أحمد بن حنبل ـ سألته عن النية في العمل ، قلت : كيف النية ، قال : يعالج نفسه إذا أراد عملاً لا يريد به الناس ..أن يعالج نفسه فإذا أراد عملاً لا يريد به إلا وجه الله تبارك تعالى ..
قال أحد العلماء : نظر الأكياس في تفسير الإخلاص فلم يجدوا غير هذا : أن تكون حركته وسكونه في سره وعلانيته لله تعالى لا يمازجه نفسٌ ولا هوىً ولا دنيا .
عباد الله ..
إنَّ شأن الإخلاص.. إنَّ شأن الإخلاص مع العبادات بل مع جميع الأعمال ، حتى المباحة لعجيب جداً ..
فبالإخلاص يعطي الله على القليل الكثير ، وبالرياء وترك الإخلاص لا يعطي الله على الكثير شيئاً ، ورُبَّ درهم سبق مئة ألف درهم ..
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : والنوع الواحد من العمل ... والنوع الواحد من العمل قد يفعله الإنسان على وجه يكمن فيه إخلاصه وعبوديته لله فيغفر الله به كبائر الذنوب ، كما في حديث البطاقة ..
وحديث البطاقة كما أخرجه الترمذي وحسنَّه النسائي وابن حبَّان والحاكم من حديث عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : ( يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة .. يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فيُنشر له تسعة وتسعين سجلاً كل سجِّلٍ منها مدَّ البصر ، ثم يقال : أتنكر من هذا شيئاً !! أظلمك كتبتي الحافظون !! فيقول : لا يا ربي ، فيُقال : أفَلك عذر أو حسنة فيها ؟! فيقول الرجل : لا يا ربي ، فيُقال : بلى .إنَّ لك عندنا حسنة ..إنَّ لك عندنا حسنة ، وإنه لا ظلم عليك اليوم ، فيُخرج له بطاقة فيها : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، فيقول : يا ربّي ما هذه البطاقة !.. ما هذه البطاقة ، وما تصنع مع هذه السجلات من الذنوب ! ، فيُقال : إنك لا تظلم اليوم . فتوضع السجلات في كفة و البطاقة في كفة ، فتطيش السجلات وتثقل البطاقة ) صححه االذهبي رحمه الله .
قال ابن القيم رحمه الله : فالأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها ، وإنما تتفاضل بتفاضلها في القلوب ، فتكون صورة العملين واحدة ، وبينهما من التفاضل كما بين السماء والأرض .
قال : ومن تأمل حديث البطاقة التي توضع في كفة ، ويقابلها تسعة وتسعين سجلاً كل سجل منها مدَّ البصر تثقل البطاقة وتطيش السجلات فلا يُعذَّب صاحبها ..
ومعلوم أنَّ كل موحد له هذه البطاقة وكثير منهم يدخل النار بذنوبه لقلة إخلاصه في توحيده لربِّه تبارك وتعالى .
ومن هذا أيضاً : حديث الرجل الذي سقى الكلب .. وفي رواية بغيٌ من بغايا بني إسرائيل ـ زانية ـ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قالالاخلاص Icon_sad بينما رجل يمشي بطريق اشتدَّ عليه العطش فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ، ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش ، فقال الرجل : لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي قد بلغ مني ، فنزل البئر فملاً خفه ماءً ثم أمسكه بفيه حتى رقى فسقى الكلب ، فشكر الله له فغفر له ) ، قالوا : يا رسول الله إنَّ لنا في البهائم أجراً ، فقال : ( في كل كبدٍ رطبة أجر ) متفق عليه .
وفي رواية البخاري ( فشكرالله له فغفر له فأدخله الجنة ).
قد ترى أنَّ العمل بسيط ، لكن خالط من العمل الإخلاص الشيء الكثير .
ومن هذا أيضاً ما رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لقد رأيت رجلاً يتقلَّب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين ) ، وفي رواية : ( مرَّ رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال : والله لأنحينَّ هذا .. والله لأنحينَّ هذا عن المسلمين لا يؤذيهم فأُدخل الجنة ) ..
بعمل بسيط أخلصه لله ربِّ العالمين كان سبباً في دخوله الجنة .
قال شيخ الإسلام رحمه الله معلقاً على هذا الحديث ـ حديث البغي التي سقت الكلب ـ ، وحديث الرجل الذي أماط الأذى عن الطريق .. قال رحمه الله : فهذه سقت الكلب بإيمان خالص كان في قلبها فغفر الله لها ، وإلا فليست كل بغي سقت كلباً يُغفر لها .
فالأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والإجلال ..
إنه سرُّ الإخلاص الذي أودعه الله قلوب عباده الصادقين..
عباد الله ..
وفي المقابل نجد أنَّ أداء الطاعة بدون إخلاص وصدق مع الله لا قيمة لها ولا ثواب لها عليها ، بل صاحبها معرَّض للوعيد الشديد ، وإن كانت هذه الطاعة من الأعمال العظام كالإنفاق في وجوه الخير ، والقتال ، بل وطلب العلم الشرعي ، كما جاء في حديث أبو هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلَم يقول : ( إنَّ أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه رجلٌ اُستشهد فأُتي به فعرَّفه نعمته فعرفها ، قال : فما عملت فيها ؟! قال : قاتلت فيك حتى اُستشهدت ، قال : كذبت ، ولكنك قاتلت ليقال جرئ و لقد قيل ، ثم أُمر به فسحب على وجهه حتى أُلقي في النار ..
وآخر تعلَّم العلم وعلَّمه ، وقرأ القرآن . فأُتي به فعرَّفه الله بنعمته عليه فعرفها ، قال : فما عملت ؟! قال : تعلَّمت العلم وعلَّمته وقرأت فيك القرآن ، قال : كذبت .ولكن تعلَّمت ليقال عالم و قارئ و قد قيل ، ثم يؤمر به فيُسحب على وجهه في النار فيُلقى فيها والعياذ بالله.
وآخر وسَّع الله عليه وأعطاه من صنوف المال. فأُتي به فعرَّفه الله نعمه عليه فعرفها ، قال : فما عملت فيها ، ألا أنفقت فيها ؟!، قال : ما تركت من سبيل تحبُّ أن يُنفق فيها لك إلا أنفقت فيه ، قال : كذبت ، ولكنك فعلت ليقال جواد وقد قيل ، ثم أُمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار )
إنه الإخلاص الذي يجعل للأعمال قيمة عند الله تبارك وتعالى ، فلا إنفاق، ولا استشهاد ، ولا قراءة قرآن ... إلا بالإخلاص لله ربِّ العالمين
عباد الله ..
من أجل ذلك فقد كان سلفنا الصالح من أشدِّ الناس خوفاً على أعمالهم من أن يخالطها الرياء أو تشوبها شائبة الشرك فكانوا رحمهم الله يجاهدون أنفسهم في أعمالهم وأقوالهم كي تكون خالصة لوجه الله تبارك وتعالى .
ولذلك لما حدَّث يزيد بن هارون بحديث عمر رضي الله عنه : ( إنما الأعمال بالنيات ) والإمام أحمد جالس ، فقال الإمام أحمد ليزيد : يا أبا خالد : هذا والله هو الخناق ..هذا والله هو الخناق أن تجعل عملك خالصاً لوجه الله تبارك وتعالى.
وقال سفيان الثوري : ما عالجت شيئاً أشدّ عليَّ من نيتي لأنها تتقلب عليَّ في كل حين .
وقال يوسف بن أسباط : تخليص النية من فسادها أشد على العاملين من طول الاجتهاد.
وقال بعض السلف : من سرَّه أن يُكمَّل له عمله فليُحسِّن نيته فإنَّ الله عز وجل يأجر العبد إذا أحسن نيته حتى باللقمة يأكلها
قال سهل بن عبدالله التستري : ليس على النفس شيءٌ أشقُّ من الإخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب .
وقال ابن عيينة : كان من دعاء المطرِّف بن عبد الله : اللهم إني أستغفرك مما زعمت أني أريد به وجهك ، فخالط قلبي منه ما قد علمت .
وهذا خالد بن معدان رحمه الله إذا عظمت حلقته من الطلاب ، قام خوف الشهرة والرياء.
وهذا محمد بن المنكدر يقول : كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت على طاعة الله.
وهذا أيوب السختياني كان يقوم الليل كله فإذا جاء الصباح رفع صوته كأنه قد استيقظ من حينه .
وكان رحمه الله إذا حدَّث بحديث النبي صلى الله عليه وسلم يشتدُّ عليه البكاء وهو في حلقته ، فكان يشدُّ العمامة على عينه ويقول : ما أشدَّ الزكام.. ما أشدَّ الزكام..
وهذا عبد الواحد بن زيد يخبرنا بحديث عجيب حصل لأيوب وقد عاهده ألاَّ يخبر إلا أن يموت أيوب ـ إذ لا رياء يومئذ ـ ، قال عبدالواحد : كنت مع أيوب فعطشنا عطشاً شديداً حتى كدنا نهلك ، فقال أيوب : تستر علي ، قلت : نعم إلا أن تموت، قال : عبد الواحد فغمز أيوب برجله على حِراءٍ فتفجَّر منه الماء فشربت حتى رويت وحملت معي.
كانت بينهم وبين الله أسرار لو أقسم منهم على الله أحد لأبرَّه إلا لإخلاصهم وصدقهم مع الله تبارك وتعالى .
وقال أبو حازم :لا يحسن عبدٌ فيما بينه وبين ربه إلا أحسن الله ما بينه وبين العباد ، ولا يعوِّر ما بينه وبين الله إلا أعوَّر الله ما بينه وبين العباد ، ولمصانعة وجه واحد أيسر من مصانعة الوجوه كلها.
هذا داود ابن أبي هند يصوم أربعين سنة لا يعلم به أهله .. كان له دكَّان يأخذ طعامه في الصباح فيتصدق به ، فإذا جاء الغداء أخذ غداءه فتصدق به ، فإذا جاء العشاء تعشى مع أهله ...
أربعين سنة وهم لا يدرون بصيامه .
وكان رحمه الله يقوم الليل أكثر من عشرين سنة ولم تعلم به زوجته .
سبحان الله..انظر كيف ربّوا أنفسهم على الإخلاص وحملوها على إخفاء الأعمال الصالحة.. فهذه زوجته تضاجعه وينام معها ، ومع ذلك يقوم عشرين سنة أو أكثر ولم تعلم به وبقيامه ..
أي إخفاء للعمل كهذا ! ، وأي إخلاص كهذا !، وأي أسرار كانت بينهم وبين الله !.
فأين بعض المسلمين اليوم ؟! أين بعض المسلمين اليوم الذي يحدِّث جميع أعماله ، ولربما قام ليلة من الدهر لعلم به الأقارب والجيران والأصدقاء ..
ولو تصدَّق بصدقة أو أهدى هدية أو تبَّرع بمال أو عقار أو غير ذلك لعلمت الأمة في شرقها وغربها.
إني لأعجب من هؤلاء! أهم أكمل إيماناً وأقوى إخلاصاً من هؤلاء السلف ، بحيث أنَّ السلف يخفون أعمالهم لضعف إيمانهم وهؤلاء يظهرونها لكمال الإيمان ..
عجباً ثم عجباً ...

أوصيك أيها الغالي ..
إذا أردت أن يحبك الله ، وأن تنال رضاه فما عليك إلا بصدقات مخفية لا تعلم شمالك ما أنفقت يمينك فضلاً أن يعلمه الناس .
وما عليك إلا بركعات إمامُها الخشوع ، وقائدها الإخلاص تركعها في ظلمات الليل بحيث لا يراك إلا الله ، ولا يعلم بك أحد ..
فلما أخفوا أعمالهم أخفى الله لهم من الأجر ما الله به عليم { فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُم مِنْ قُرَةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
إنَّ تربية النفس على مثل هذه الأعمال لهو أبعد لها عن الرياء وأكمل لها في الإخلاص.
وقد كان محمد بن سيرين رحمه الله يضحك في النهار حتى تدمع عينه ، فإذا جاء الليل قطعه بالبكاء والصلاة .. ومن خير الناس ( بسَّام بالنهار بكَّاءٌ في الليل )
الإخلاص سرٌّ بين العبد وبين ربّه لا يعلمه مَلَكٌ فيكتبه ، ولا شيطانٌ فيفسده .

اللهم ارزقنا الإخلاص في أقوالنا وأعمالنا واجعلها خالصة لوجهك ثواباً على سنّة رسولك
آمين يار بَّ العالمين
أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفورالرحيم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sohptelker.hooxs.com
 
الاخلاص
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» احياء خلق الاخلاص
» الاخلاص في الدعاء
» *صيدلية الاخلاص ::
»  الاخلاص في الدعاء
» رمضان وتجديد الاخلاص

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
صحبة الخير  :: الاقسام الدينية :: «۩۞۩ مقالات اسلامية ۩۞۩»-
انتقل الى: