وقفة احتجاجية
إنها ليست وقفة احتجاجية ضد جشع المفسدين، أو تسلط المستبدين، إنما هي وقفة
ضد تلك النفس التي تسكن بين جوانحنا، والتي انشغلت بزينة الدنيا وزخرفها،
وغفلت عن رسالتها في الحياة، وغلبت عليها الشهوات، وتسلطت عليها الأهواء،
ونست أو تناست قول الله تعالى:
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا
رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ، وَلا
مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا، إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌ،ّ
فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ
الْغَرُورُ"سورة لقمان.
أيتها النفس المغبونة. ألا ما أحقر الدنيا وأقصر
عمرها! وما أعظم الآخرة وأبقى نعيمها! وما أسرع مرور الأيام وانقضاء
العمر! ألم تسمعي أيتها النفس الغافلة قول القائل:
والله لو عاش الفتى ألفا من الأعوام، مالكَ أمره
متنعما فيها بكل نفيسة، متلذذا فيها بنعمى عصره
لا يعتريه السقم، كـــــلا! ولا ترد الهموم بباله
لا
يفي هذا كلـــــــــــه، بمبيت أول ليلة في قبره!!
أيتها النفس السادرة في لهوك، المنكبة على شهواتك. ألا تتفكرين في تلك
النذر التي حلت بالأمس قريبا من دارنا؟! ماذا لو كنتِ أنتِ من ضحايا هذا
الانفجار، أو هذا الحادث أو ذلك الحريق أو تلك السيول؟!
ألم تكوني الآن
تواجهين مصيركِ وحدكِ، وتحاسبين على كل ما جنته يداكِ! وهل ينفعكِ في تلك
اللحظات إلا ما قدمتِ من عمل صالح يشفع لكِ عند ربك! فهل استعددتِ لهذا
اللقاء؟ وهل تزودتِ لهذه الرحلة، ورب العالمين يقول: "وتزودوا فإن خير
الزاد التقوى"سورة البقرة.
أيتها النفس اللوامة.. فلتطوي بالتوبة
والاستغفار آخر صفحات العام الفائت، ولتفتتحي بالأمل والرجاء صفحات العام
الجديد، ولتجعلي من بداية هذا العام نقطة تحول ولحظة تغيير إلى حياة ملؤها
طاعة الله والسعي إلى رضاه؛ عساكِ تنادين في نهاية رحلتك القصيرة، بقول
الله تعالى:
" يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي
إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي،
وَادْخُلِي جَنَّتِي"سورة الفجر.