المسلم يعمل حتى يحقق إنسانيته لأنه كائن مُكلف بحمل رسالة وهي عمارة الأرض بمنهج الله عز وجل ولن يتم له ذلك إلا بالصالح من الأعمال والإنسان نفسه لن يحقق ذاته في تلك الحياة إلا عن طريق العمل الجاد وبهذا العمل الجاد يصل الإنسان ويحصل على المال الحلال الذي يبني به نفسه وأمته الإسلامية حتى أن النبي جعل من يخرج ليعمل ويكسب من الحلال فيعف نفسه أو ينفق على أهله كمن يجاهد في سبيل الله وليس هذا وحسب بل إن هذا العمل يُكسب المرء حب الله ورسوله واحترام الناس فقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يحب العبد المؤمن المحترف» [رواه الطبراني والبيهقي] أي الذي له عمل ومهنة يؤديها.
والمسلم لا يتوقف عن العمل مهما كانت الظروف فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها» [رواه أحمد], ولا يحق لك كمسلم أن تجلس بدون عمل ثم تمد يدك للناس تسألهم المال والذي يطلب المال من الناس مع قدرته على العمل ظالم لنفسه لأنه يُعرضها لذل السؤال حتى ولو كان هؤلاء الناس من أقرب الناس إليه «فاليد العليا خير من اليد السفلى ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله» [متفق عليه]، كما قال الرسول, ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقني وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة.
كما أن: القاعد عن الكسب ساقط الشرف.
صحح مسار حياتك وأبدأ بالبحث عن وظيفة أو أي عمل نافع لك وللمسلمين وتعلم منه لتبدأ بداية قوية نحو مستقبل نجاحك وطموحك في الحياة بقدر الكد تكتسب المعالي.
ومن طلب العلا سهر الليالي ومن طلب العلاء من غير كد
أضاع العمر في طلب المحال
قبل الوظيفة مطلوب:
1-الاهتمام بـ: المعنى أم المبنى:
الناس نوعان: نوع يهتم بالمعنى ونوع يهتم بالمبنى, واهتمامات الناس نوعان: نوع يهتم بالقوة الداخلية ونوع يهتم بالقوة الخارجية:
• نوع يهتم بالتغير الذي يطرأ على شخصيته من الداخل- وهذا التغير يبقى أعمق وأطول أثرًا وأجدى للشخصية- ونوع يهتم بالتغير بما هو خارج عن داخله، يهتم بالخارجي من شخصيته.
• نوع يوظف طاقاته الداخلية وإرادته وعزيمته الداخلية وثقته بالنفس لإظهار قدراته وطموحاته، ونوع آخر يوظف ملامحه وأناقته وانتقاء كلماته وتعبيراته ليعلو في المناصب وينجح في الحياة.
ماذا تحتاج: المعنى أم المبنى؟ الداخلي أم الخارجي؟
تحتاج إلى الاثنين معًا ولكن المعنى قبل المبنى، الداخلي قبل الخارجي.. تحتاج إلى الاثنين معًا لتبدأ الحياة.
تحتاج أن تبدأ بـ: لماذا وكيف.
لمـــــــاذا؟ أي أن يكون لك رسالة ومعنى لحياتك.
وكيـــــف؟ أي أن يكون عندك مهارات ومعارف.
وتحتاج إلى الاثنين معًا ولكن لماذا قبل كيف.
لابد من إضافة المعنى إلى المبنى، ولابد من فهم « لماذا» قبل معرفة: « كيف»
2- لمـــــاذا تريد أن تعمل؟
سؤال مهم يجب أن تجيب عنه الآن: لماذا تبحث عن عمل وتعمل؟
• هل لأن هذا هو سنة الحياة، لابد بعد التخرج والانتهاء من الدراسة العمل ثم الزواج والأطفال و.... وفي النهاية تموت؟
• هل لأنك لا تريد أن يقول أحد عنك إنك عاطل؟
• هل لأنك تفضل العمل عن الجلوس في المنزل والنوم لما بعد العصر والسمر حتى الفجر.
• هل لأنك تريد الحصول على مال تنفقه فيما تحب، بدلاً من أن تأخذ مالاً من أحد والديك ويحاسبك عليه في إنفاقه؟
• هل لأنك تتعجل النجاح والوصول إلى ما ترغب وبسرعة؟
أم لأن لديك:
• طموحًا وأهدافًا تريد تحقيقها؟
• خبرات تريد الحصول عليها من الوظيفة لتبدأ بعد ذلك مشروعًا خاصًا بك؟
• حبًّا لمجال معين تريد أن تبدأ فيه وتحقق ذاتك فيه وتقدم الجديد فيه؟
• رسالة في الحياة ترغب وبشدة في تحقيقها من خلال الوظيفة؟
فإن كان هذا فاعلم أنه لابد لك من:
• التعليم المستمر.
•الصبر على المهنة التي سوف تعمل فيها.
• حماسة الأكياس.
• التحلي بالمسئولية.
• الالتزام بأخلاقيات سليمة نقية صحيحة فأنت صاحب رسالة.
• معرفة العوائق والمصاعب الخاصة بالوظيفة أو المهنة والتغلب عليها.
عندها ستنجح في العبور نحو إدارة حياتك: كموظف جديد.
الخطوة الأولى: التعليــــم المستمر
سذاجة واضحة... أن تظن أنه بمجرد مغادرتك لصفوف الدراسة ستترك التعليم بكل صعوباته والامتحانات والنتائج والمعلومات التي تحاول أن تقحمها في ذهنك وراء ظهرك.
لماذا؟ لأنك طوال حياتك تتعلم فأنت تتعلم من تجاربك، من حكايات الآخرين، من تعاملاتك, وأنت كما تنمو من حيث الخبرة والناحية العملية وتتعلم علميًّا. كذلك تنمو وتتعلم اجتماعيًّا، باختصار يجب أن تكون حياتك كلها رحلة تعلم مستمر.فهل تظن أنك الآن تعرف كل شيء في التخصص، وشاهدت كل شيء في التخصص، ووجدت إجابات لكل الأسئلة في التخصص.
بالطبع لا، إذن ما تزال تتعلم.يقول عز وجل في كتابه العزيز: ﴿وَاللهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ﴾ [النحل: 78] فالإنسان يولد وهو لا يعلم شيئًا، ثم لا يزال يُنعم الله عليه من فضله ويعلمه ما يحتاج إليه، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر الله تعالى وما والاه وعالم أو متعلم» [رواه الترمذي وابن ماجة].
فالمسلم الراغب في مزيد من التعلم لن يشبع حتى يكون منتهاه الجنة بإذن الله.
وهذا الإمام أحمد بن حنبل يُسأل يومًا: إلى متى تستمر في طلب العلم وقد أصبحت إمامًا للمسلمين وعالمًا كبيرًا؟! فقال لسائله: مع المحبرة إلى المقبرة.
وهذا الإمام الشافعي يقول: كلما ازددت علمًا كلما ازدادت مساحة معرفتي بجهلي.
وليس هذا وحسب بل يجب أن تعلم أن:
المعرفة وحدها لا تكفي، فلابد أن يصاحبها التطبيق. والاستعداد وحده لا يكفي فلابد من العمل» [جوته].
· هل عرفت ما هي إنسانيتك المطلوبة منك؟
· وهل علمت ما هي أدوارك في هذه الأرض؟
· وهل علمت ما هو المطلوب منك قبل أن تعمل فى أي وظيفة؟
كانت الخطوة الأولى في العبور نحو إدارة حياتك: كموظف هى: التعليــــم المستمر
الخطوة الثانية : الصبر على المهنـــــــــة :
لن تصبر على المهنة إلا إذا كان لديك حرص على التعلم المستمر، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يُستطاع العلم براحة الجسم» [رواه مسلم]، ولن تصل إلى السعادة في الصبر عليها إلا بشروط، هي:
- بذل الوسع
- صدق الطلب
ويؤكد هذا ابن الجوزي حين يقول:
«تأملت عجبًا، وهو أن كل شيء نفيس خطير يطول طريقه ويكثر التعب في تحصيله، فإن العلم لما كان أشرف الأشياء لم يحصل إلا بالتعب والسهر والتكرار وهجر اللذات والراحة...».
ويقول الشافعي: «حق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه، والصبر على كل عارضٍ دون طلبه، وإخلاص النية لله تعالى في إدراك علمه نصًّا واستنباطًا ، والرغبة إلى الله تعالى في العون عليه».
وقد قيل للشعبي: من أين لك هذا العلم كله؟! فرد عليهم وقال: «بنفي الاعتماد، والسير في البلاد، وصبر كصبر الحمار، وبكور كبكور الغراب».
وليس هذا وحسب؛ بل تنظر إلى ما صبرت عليه وتعلمته كل فترة، هل استفدت منه أم لا؟ هل زادك علمًا وقربًا من الله أم فسادًا لك ولغيرك؟ وهذه أم سفيان الثوري تقول: «يا بني إذا كتبت عشرة أحرف فانظر هل ترى في نفسك زيادة في خشيتك وحلمك ووقارك، فإن لم تر ذلك فاعلم أنها تضرك ولا تنفعك».
وليكن صبرك صبر الكرام لا صبر اللئام، فكل شخص لابد أن يصبر على بعض ما يكره إما اختيارًا وإما اضطرارًا، فالكريم يصبر اختيارًا؛ لعلمه بحسن عاقبة الصبر وأن يُحمد عليه من الله عز وجل، وأما اللئيم فيصبر صبر المقيد لعلة أو لضرب أو لهوى في نفسه، ويتعلم المهنة من أصحابها ثم يتركهم ويرميهم عندما يعلم بواطنها، فهذا لؤم وليس بصبر؛ ولذا قال عاقل: «من لم يصبر صبر الكرام سلا سُلُوَّ البهائم».
فالكريم يصبر صبره في طاعة الرحمن.
واللئيم يصبر صبره في طاعة الشيطان.
وهنا يصدق فيه كلام ابن القيم عما يوجد في النفس إذ يقول:
«في النفس كبر إبليس، وحسد قابيل، وعتو قوم عاد، وطغيان قوم ثمود، وجرأة النمرود، واستطالة فرعون، وغرور قارون، ووقاحـة هامان، وهوى بلعام، وحـيل أصحاب السبت، وتمرد الوليد، وجهل أبي جهل».
وليس هذا وحسب؛ بل تجد فيها تشابهًا مع بعض أنواع من الحيوانات، فتجد بها: «حرص الغراب، وشره الكلاب، ورعونة الطاووس، ودناءة العجل، وعقوق الضب، وحقد الجمل، ووثوب الفهد، وصولة الأسد، وفسق الفأرة، وخبث الحية، وعبث القرد، وجمع النملة، ومكر الثعلب، وخفة الفراشة، ولؤم الضبع».
ولذا مطلوب منك كما قال الشاعر:
لا تخضعن لمخلوق على طمع
فإن ذلك نقص منك في الدين
واسترزق الله مما في خزائنه
فإنما هو بين الكاف والنون
د. محمد فتحي