السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالبة بالثانوية العامة، قبل 3سنين كنت دائماً من الأوائل، والطالبة المثالية، وكنت سعيدة بذلك جداً، على الرغم من عدم قربى من الله بالشكل الأمثل.
أما الآن فأنا غاية في الإثم والذنب، أقوم بممارسة العادة السرية، وأحادث الشباب، وانقطعت عن المذاكرة، وأهملت وتركت الصلاة! الشيطان دائماً في أذني يوسوس لي، حتى المذاكرة دائماً أحس أنه مهما ذاكرت لن أفلح، لن يتبقى لي إلا أقل من 4 شهور، وينتهي كل شيء، وألتحق بالجامعة، ولكن كل ما يأتي على بالي هو أهلي وإهانتهم لي لتقصيري العام الماضي، وإهمالي وخيبة الأمل تعلو وجوههم.
كم كانوا يتمنون أن أحصل على مجموع يجعلني ألتحق بكلية الطب، فالعام الماضي لم أحصل إلا على 94% ولكي أدخل طب لابد من أن أحصل هذا العام على نسبة لا تقل عن99%، ولكن كيف مع هذا الإهمال وتلك الذنوب واليأس الذي يتملكني؟!
منزوعة الإرادة والأمل والطموح، وأحس أنه مهما فعلت لن أصل إلى شيء، ولا أستطيع كيف أرضى ربي لا أستطيع حتى أحياناً أحس أني لو تحركت من مكاني سأسقط أو أحس بأني لا أستطيع الحركة أو التنفس أحس كل يوم أني أنازع.
أرجوكم ساعدوني على منهج يقويني ويصبرني ويلهمني اتبعه، لأجل ربنا يرضى عنى، وأصل لتحقيق هدفي وأدخل الكلية.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يعفو عن زلاتك، وأن يربط على قلبك، وأن يطهرك، وأن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يقوي عزيمتك، وأن يشد من أزرك، وأن يملأ صدرك إيمانًا وأمانًا واستقرارًا، وأن يرزقك الفوز والسعادة والفلاح في الدنيا والآخرة.
بخصوص ما ورد برسالتك – ابنتي الكريمة الفاضلة (مي) – فإنه مما لا شك فيه أن الوضع الذي ورد في رسالتك وضع محزن، فبعد أن كنت الطالبة المثالية وكنت من أوائل الطالبات أصبحت الآن متدنية في كل شيء، متدينة في مستواك العلمي وفي مستواك الأخلاقي وفي المستوى الطاعة والعبادة، وفي علاقتك مع الله تعالى، لقد فقدتِ فعلاً مقومات عظيمة رائعة، وحرمت نفسك هذا التميز الذي كان من الممكن أن يصنع منك إنسانة عظيمة نافعة ومتقدمة وسعيدة.
ولكن رغم هذه الصورة التي ذكرتها ورغم هذه الرسالة القاتمة وهذه الصورة القاتمة التي نقلتها عن نفسك فإننا كما تعلمين أمة لا نعرف اليأس ولا نفقد الأمل، لأنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، ونحن أمة لا تموت أبدًا، لا تموت فينا الآمال ولا تموت فينا المشاعر ولا تموت فينا الهمة، ولكن لتحقيق ذلك لابد من الأخذ بأسباب التميز هذه، ومن هذه الأسباب ضرورة النظر في تلك الأسباب التي أدت إلى هذا التردي.
أقول لك بارك الله فيك: إنك فعلت هذه التصرفات السلبية بإرادتك الشخصية، لم يجبرك أحد على فعلها، فتلك الممارسات الخاطئة أنت التي قمت بها بنفسك مباشرة بدون تدخل من أحد، وقعت في المعاصي والمنكرات وارتكبت المحرمات ووقعت في المحظورات، وأهملت الدراسة، وأصبحت في هذه الصورة المزرية والمحزنة، وأنت الوحيدة القادرة على تغيير هذا الواقع، وعلى تحويله إلى واقع متميز ورائع.
لذلك تأتي النقطة الأولى باتخاذ قرار في تغيير كل سلوكك السلبي الذي ورد في رسالتك، لن يستطيع أن ينقذك إلا أنت يا (مي)، وثقي وتأكدي بأنك قادرة على ذلك، لأنك كما كانت لك القدرة على الانحراف والبعد عن طاعة الله تعالى وارتكاب المعاصي وترك الدراسة والإهمال، فأنت لديك القدرة على العودة مرة أخرى، ولكن لابد من النقطة الأولى نقطة الانطلاق.
نقطة الانطلاق هذه هي قرار قوي شجاع أن تتوقفي عن تلك المعاصي من الآن بمجرد ما تقرئين رسالتي، قفي بينك وبين نفسك في غرفة بعيدة عن الناس وقولي (لقد قررتُ أن أترك المعاصي ابتغاء مرضاة الله)، قولي بصوت مرتفع هذا الكلام، (لقد قررتُ من الآن أن أترك المعاصي ابتغاء مرضاة الله تعالى) هذا أولاً.
ثانيًا: قولي (لقد قررتُ أن أذاكر وأن أجتهد لأكون الأولى على الثانوية العامة)، قولي هذا الكلام بلسانك كما أقوله أنا، يعني قولي هذا الكلام بصوت عالي بينك وبين نفسك (قررت أن أترك كل المعاصي التي أرتكبها حياءً من الله وابتغاء مرضاة الله)، القرار الثاني (قررتُ أن أذاكر وأن أجتهد وأن أغير من طريقة مذاكرتي؛ حتى أكون الأولى على دفعتي وأحقق رغبتي ورغبة أهلي) هذان قراران.
إذن لابد من هذين القرارين في أسرع وقت ممكن، يأتي بعد ذلك المرحلة الثانية بعد القرارين: التوقف عن المعاصي، إذا كان عندك إنترنت لابد أن تتخلصي منه قطعًا بلا نقاش، أو أن تُخرجيه من داخل المكان الذي تنفردين به فيه إلى مكان عام ظاهر، بأن يكون الجهاز موجوداً في مكان ظاهر للكل حتى لا تضعفي.
كذلك إذا كان عندك جوال تغيري رقم هذا الجوال، وإذا كان عندك علاقات مباشرة تقطعي هذه العلاقات المباشرة، ومسألة العادة السرية أنت ستجدين استشارات تبين لك كيفية التخلص من هذه العادة السرية أيضًا بإذن الله تعالى.
مسألة المذاكرة لابد أن تبدئي، إذا كنت في غرفة من الممكن تغيري المكتب إذا كان لك مكتب من جهة إلى جهة أو من مكان إلى مكان، أو تغيري الغرفة إلى غرفة أخرى، حتى تغيري المظهر، ومن الممكن أن تغيري الديكور والأصباغ التي توجد في الغرفة إذا كان ذلك ممكنًا بأن تغيري الجو الذي أنت فيه، تجعلي المذاكرة لك عادة ولا تجعليها حسب الظروف، وإنما قرري أن تذاكري من الساعة كذا إلى الساعة كذا يوميًا بصفة دائمة ومنتظمة، وحاولي أن تزيدي من ساعات المذاكرة حتى تعوضي هذا النقص في الدرجات والمجموع، وحتى تعوضي هذه الفترة الماضية التي مرت بك دون أن تحققي فيها تقدماً.
هذه كلها ليست مستحيلة، ولكن فيها بعض الصعوبة ومن الممكن التغلب عليها بإذن الله تعالى.
اعلمي – ابنتي ميّ – أنه لن يغير ميّ إلا ميّ، لن يغيرك أحد، صدقيني مهما كانت قوته، مهما كانت قوة أهل الأرض جميعًا ولا أهل السموات لا يمكن أن يغيّرك إلا أنت شخصيًا، لأن هذا هو كلام الله تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} فلابد من قرار داخلي - يا بنتي – وهذا رقم واحد.
إذن تبدئي بارك الله فيك في أخذ قرار التوقف عن المعاصي، وأخذ قرار بالمذاكرة والاجتهاد، مع محاولة الأخذ بالأسباب التي أشرت إليها.
ثانيًا بارك الله فيك: يبقى أمر آخر وهو: أتمنى أن تقومي بعمل رقية شرعية لنفسك، لاحتمال أن تكوني محسودة، فإنك نظرًا لأنك كنت متميزة متقدمة من الممكن أن يكون قد حسدك أحد، فأتمنى إن شاء الله تعالى أن تقومي بعمل رقية شرعية، وأعتقد أنه من السهل جدًّا معرفة آيات وأحاديث الرقية، سواء من خلال الكتب أو الكتيبات أو المطويات أو الأشرطة التي تباع في الأسواق، أو عند المساجد، أو في التسجيلات الإسلامية، وإذا لم تجدي فمن الممكن أن تدخلي إلى موقع جوجل وكتابة كلمة (الرقية الشرعية) سوف تأتيك معلومات مفيدة جدًّا ورائعة. هذه الأشياء لابد منها.
ثالثًا بارك الله فيك: عليك بالدعاء أن يعينك الله تبارك وتعالى على التخلص من هذه الأشياء، لأنك الآن تحتاجين إلى الله تبارك وتعالى، لأنه لن يُخرجك مما أنت فيه إلا الله سبحانه وتعالى، فعليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى والبكاء بين يدي الله تعالى أن الله يعوضك ويخرجك من هذه الحالة التي أنت فيها.
أوصيك بالإكثار من الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى مئات المرات يوميًا، كما أوصيك بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم – واطلبي من والديك أن يساعداك بالدعاء وأن يخصوك بدعاء خاص حتى يفتح الله تبارك وتعالى عليك، وحتى تعودي إلى سابق عهدك من تميز وإيجابية ونجاح.
نسأل الله تعالى أن يسددك ويوفقك لكل خير، وأن يشرح صدرك، وأن ييسر أمرك، وأن يجعلك من الصالحات المؤمنات القانتات التائبات العابدات.
هذا وبالله التوفيق.