بسم الله الرحمن الرحيم
الحج عبادة عظيمة جعل الله فيها من الاسرار والحكم والفضائل مالا يخطر للعبد على بال فكل فضيلة فيه خير من الدنيا وما فيها فقد جمع الله لنا فيه فضيلة الزمان والمكان والعبادة اما فضيلة الزمان فعشر ذي الحجة العمل الصالح فيها يعدل فضيلة الجهاد واما فضيلةالمكان فالحرم فهو خيرة الله من ارضة خصه الله بخصائص عظيمة منها انه احب البلاد الى الله واشرفها وخيرها عند الله ثانيا جعله مبعثا لخاتم رسله ثالثا جعل قصده ركنا من اركان الاسلام وجعل ارضه ومشاعره مكان للعبادة يفدون اليها حاجين ومعتمرين من كل فج عميق رابعا ولايدخلون الحرم الا متواضعين كاشفين عن رؤسهم ومتجرين من لباس الدنيا خامسا جعله حرما امنا فلا يسفك فيه دم ولا يقتل صيده ولا ينفر من اوكاره ولا يعضد شجره ولا يحش حشيشه ولا تلتقط لقطته الا لمنشد سادسا لم يرضى الله لقاصد بيته جزاء دون الجنة وجعل قصده مكفرا للذنوب ( من اتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته امه ) رواه البخاري سابعا لايوجد بقعة على وجهه الارض يجوز الطواف بها غير الكعبة المشرفة والسعي بين الصفا والمروة ومن اعتقد ان يجوز ان يطاف بمكان غيربيت الله فهو كافر ومكذب لله ورسوله ولايوجدعلى وجه الارض موضع يجوز ان يقبل اويستلم غير الحجر الاسود والركن اليماني اما الحجر الاسود فان امكن ان تقبله فقبله او فالستلمه بيدك والا فارفع يديك كالمحيي له اما الركن اليماني فيستلم باليد اليمنى مرة واحدة ولا يبقل واما بقية البيت فلا يجوز ان يقبل شيئا منه يقول عمر حينما استلم الحجر الاسود والله اني لاعلم اك حجر لاتنفع ولا تضرولولا ان رايت رسول الله يقبلك ما قبلتك وخلاصة الامر ( فاستقم كما امرت) ثامنا جعل الله الصلاة فيه بمئة الف صلاة يعني ان الصلاة الواحد تعدل خمسين عاما تاسعا اول بيت وضع على وجه الارض المسجد الحرام ( ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة ) قال ابن هشام : أخبرني أبو عبيدة أن بكة اسم لبطن مكة ، لأنهم يتباكون فيها ، أي يزدحمون . وأنشدني : إذا الشريب أخذته أكه. فخله حتى يبك بكه أي فدعه حتى يبك إبله أي يخليها إلى الماء فتزدحم عليه فبكه هي موضع البيت والمسجدالحرام . وهذان البيتان لعامان بن كعب بن عمرو بن سعد بن زيد مناة بن تميم . وايضا يطلق عليه البيت العتيق أي القديم وفي الصحيحين عن ابي ذر قال سالت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اول مسجد في الارض فقال ( المسجد الحرام قلت ثم أي المسجد الحرام قلت كم بينهما فقال اربعون عاما عاشرا وصف بيته بانه مباركا فمن بركته ان الصلاة فيه بمئة الف صلاة وفضيلة الطواف والحج والعمرة وفضل ماء زمزم ففي الحديث ماء زمزم لما شرب له ) فمن شرب بقصد الشبع سد الله جوعه ومن شربه وهو عطشان اروى الله عطشه ومن شربه وهو مريض شفا الله مرضه بل كم يصدر عن هذه البئر في اليوم الواحد بالملايين وكم يحمل الناس معهم الى بلدانهم وبعض الجهلة يزعم ام ماء زمزم اذا خرج من مكه فقد خصائصة وهذا كلام باطل الحادي عشر أنه هدى للعالمين أي تحصل به انواع الهدايه من معرفة الحق وصلاح العقيدة يقول احد الكفار لامطمع في اضلال المسلمين ما دام المصحف والكعبة معهم
واما فضيلة العبادة لم يرضى الله لقاصدة جزاء دون الجنة وقد يرجع من ذنوبه كيوم ولدته امه كم اقترفت من ذنوب وكم وقعت في معاصي وكم نظرت من حرام وسمعت وقد يكون الواحد بلغ من العمر تسعين عاما فقد ورد عند احمد وابن ابي حاتم عن عمرو بن عبسبة قال جاء شيخ كبير يدعم على عصا له فقال يارسول الله رجل عمل الذنوب كلها فلم يدع حاجة ولا داجة وله غدرات وفجرات فهل يغفرها الله لي فقال اسلمت فقال اما انا فاني اشهد الا اله الا الله وحده لاشريك له وان محمدا رسول الله فقال نعم افعل الخيرات واترك المنكرات يجعلها الله لك خيرات فقال وغدراتي وفجرات فقال وغدراتك وفجراتك فولى الرجل وهو يهلل ويكبر)
فجمع الله لقاصد بيته الحرام فضيلة الزمان والمكان والعبادة وعلل ذلك بقول ( ليشهدوا منافع لهم ) والمنافع كثيرة تشمل المنافع الدينية والدنيوية من فضيلة الصلاة والطواف والسعي ورمي الجمار والذبح والوقوف بالمشاعر وفضيلة والدعاء واما الدنيوية فلا حرج على من حج ان يبع ويشتري ويبتغي فضلا من الله
لاشك ان الله خص كل عبادة بخصائص وجعل لها اركانا وشروطا وواجبات وادابا فلا يكفي الاتيان بالاركان والشروط والواجبات بل لابد من من مراعاة ادابها ولذلك قال الله ( فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) لان الحاج امامه عدة امتحانات متنوعة من فقد الرفقة والنفقة والتنقل ومعاناة الحر والزحام والركوب تارة والمشى تارة اخرى وقلة الطعام والمرض ويبتلى الرجال بالنساء والنساء بالرجال ليعلم الله من يخافه بالغيب ونتيجة كثرة النزول والارتحال تحصل هناك خصومات ونزاعات وكلها امتحانات فمن وفق حاز على عظيم الاجر ومن لم يوفق خاب وخسر ولذلك ينبغي مراعاة المعاني العظيمة
1-ان من اعظم اسباب قبول الحج التواضع فقد امر الحجيج ان يتجردوا من ملابس الدنيا ويكونون حاسرين عن رؤوسهم متواضعين لله والتواضع يكون في المراكب وفي المنزل وفي التعامل الطيب مع الناس فقد حج نبينا على رحل رث وقطيفة خلقة لاتساوي اربعة دراهم ) رواه الترمذي وابن ماجة وروى ابن خزيمة عن قدامة رضي الله عنه قال رايت رسول الله على ناقة صهباء لاضرب ولا طرد ولا اليك اليك ) فيكون قلب الحاج اسلم ما يكون من الكبر والغل والحسد والبغضاء والكراهية واحتقار المسلمين لان القلوب التقية النقية اقرب ما تكون من رحمة ربها اذا سلمت قلوبها وهل فرض الحج الا لهذه المعاني العظيمة
2- ومن اعظم اسباب قبول الحج ان يحرص الحاج على اداءه على الوجه المشروع فلا نقص فيه ولا زيادة ولا بدع ولا مخالفات فبعض الحجيج يتلاعب بحجه ولا يصبر على ادائه على الوجه المشروع فلا يتاكد من حدود المشاعر المكانية او الزمانية فلكل مشعر حدود سواء في الزمان او المكان فلعرفات حدود مكانية ولها حدود زمانية فبعضهم يتساهل في الوقت فيخرج قبل الغروب او يكون خارج عرفات وقس عليها بقية المشاعر ومنهم من يرمي الجمرات في غير الوقت المشروع ولا يستقر في منى ايام التشريق وينفر من منى قبل وقت النفر ومنهم من يؤكل عنه في بقية اعمال الحج ومن الحجاج من لايطوف الوداع ومنهم من وقع في مخالفات كثيرة قد تكون مبطلة لحجه ومنهم من هو وكيلا عن الغير وفرط في تتبع الرخص لانه غرضه جمع المالا لابراءة ذمته وهذا نتيجة عدم المبالاة باحكام الحج وعدم التقيد بقوله صلى الله عليه وسلم ( خذوا عني مناسككم ) ومثل هؤلاء لاهو حج فاستفاد ولا هو ترك الحج فاستراح ولكن لله يوم يحاسب المجتهد والمفرط
3- ان من اراد ان يقبل حجه فلا بد ان يحقق الاركان الاربعة للاسلام الركن الاول التوحيد وهي ركن العقيدة وهو الاساس الذي يلازم الانسان في كل لحظة من حياته واما الركن الثاني الصلوات الخمس تتكرركل يوم خمس مرات يقول احد الناس الى متى اصلي قالوا الى الموت لتحقق عبودية الله والركن الثالث الزكاة لتزكوا بها النفوس والركن الرابع الصيام ويتكرر كل عام فمن حافظ على هذه الاركان الاربعة وحققها فهو المسلم الذي يصح حجه وعمرته ومن ضيعها او ضيع بعضها فلا حج له ولا عمره له وبعض الناس يحج وعقيدته فاسدة وبعضهم يحج ولا يصلي اصلا وبعضهم حج وهو لايزكي ومثل هؤلاء الذين يهتمون بالحج ويضيعون بقية اركان الاسلام كمثل من يعالج عضوا في جسم مقطوع الراس فاتقوا الله واقيموا الدين كله
4- ومن الناس من حج ولم يتجنب المعاصي وسوء الاخلاق ( فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) هناك امتحانات في النزول والارتحال في المشاعر وتبتلى بمن معك من الرفقه فمنا من يوفق ومن من لايوفق ولاتسال عن السباب واللعان وسوء الاخلاق احياننا ينفد صبر الحاج مع كثرة النفقه وبذل المال والاخر ينفد صبره من كثرة المشي والزحام وشدة الحر ومنهم من يتعدى ذلك فيسرق امتعة الحجيج واموالهم ومنهم من يقع في الزنا ومنهم من لايسلم الناس من لسانه ويده فخسر حجة كله وافضل الاعمال سلامة الصدر وسخاوة النفس والنصح للامة
5- هذه الجموع والحشود الكثيرة جاءت من كل مكان ومن كل فج عميق فلم يقل الله ( ياتين من فجاج عميقه بل قال( يأتين من كل فج عميق ) جاؤا من كل مكان ومن جميع الاجناس من مشارق الارض ومغاربها فجمع الله الاحمر والابيض والاسود كلهم في صعيد واحد وفي حال واحد ولباس واحد وشعار واحد لبيك اللهم لبيك نعم قد تحصل هناك احتفالات واجتماعات قد تصل الى الملايين ولكن لايكونون من كل جنس ولا من كل بلد ولا يكون شعارهم واحد مثل التلبية بل تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى وهذا يعطينا ان هذه الامة امة حقيقة واننا امة ضخمة تتحد تحت شعار واحد ولباس واحد وتتوجه الى رب واحد مهما اختلفت اجناسها ولغاتها وبلدانها والغرض والهدف لكي يوحدوا الله وحده ثم تتوحد قلوبهم فتسلم من الامراض فالاسلام دين عظيم الف بين قلوبنا وارواحنا قبل اجسادنا
وهذا يذكرنا بيوم القيامة فللناس في الدنيا ثلاثة اجتماعات رتب الله عليها ثواب وعقاب ثم يكون الاجتماع الرابع بعد الموت ورتب عليه ثواب وعقاب فاما الاجتماع الاول فهو في الحي حينما ينادي المؤذن بحي على الصلاة حي على الفلاح فمن اجابه سلم من النار ومن النفاق ( من صلى لله اربعين يوما في جماعة لاتفوته تكبيرة الاحرام كتب الله براءتان من النار ومن النفاق ) ومن لم يجب داعي الله كان منافقا وهو من اهل النار وما الاجتماع الثاني فهو لاهل المدينة حينما تجتمع عدة مساجد صغيرة في الجامع الكبير كل جمعة ورتب عليه ثواب وعقاب فمن شهد الجمعة كان له بكل خطوة يخطوها اجر سنة يقام ليلها ويصام نهارها ومن ترك صلاة الجمعة ففي الحديث ( لينتهين اقوام عن ودعهم الجمعة والجماعات او ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين ) اما الاجتماع الثالث يوم عرفة كل عام ورتب عليه ثواب وعقاب فاما من شهد الحج فلم يرضى الله لمن قصد بيته الحرام جزاء دون الجنة او يرجع من ذنوبه كيوم ولدته امه ومن ترك الحج وقد قدر ان يحج ( ومن كفر فان الله غني عن العالمين ) اما الاجتماع الربع فذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود يوم ياتي لاتكلم نفس الا باذنه فمنهم شقي وسعيد )سورة هود وقال تعالى ( وتنذر يوم الجمع فريق في الجنة وفريق في السعير ) سورة الشورى( قل ان الاولين والاخرين لمجموعون الى ميقات يوم معلوم )
6- المعول في الحج على القبول والتقوى فمن اتق الله يسر الله امره ومن لم يتق الله عسر الله عليه امره ومتى علم الله من العبد حرصه على حجة واقامته على الوجه الصحيح اعانه ووفقه
7- ومن أعظم أسباب قبول الحج الابتعاد عن اذية الحجاج والاحسان اليهم فهنيئا لمن اطعم حاجا او سقاه او عالجة من مرض او دل ضالا منهم وقد تاه عن موقعه او قضى مصلحة من مصالح الحجاج لان هذه الاعمال من اجل القربات سئل رسول الله عن بر الحج فقال ( اطعام الطعام وافشاء السلام وطيب الكلام ) وهدي رسول الله هو نفع الحجاج في دينهم ودنياهم اما دينهم فقال ( خذوا عني مناسككم ) واما دنياهم فما ترك باب خير الا دلهم عليه بل وقال في سقاية الحجيج ( لولا ان يغلبكم الناس لنزعت معكم ) فاعظم مراتب الاحسان هو تعليم الدين وهو اعظم اجرا عند الله فمن قضى نسكه وسلم المسلمون من لسانه ويده وملك جوارحه غفر له وقد يكتب الله له سعادة لايشقى بعدها ابدا
8- تعظيم شعائر الله في الحج ( ذلك من يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب ) والشعائر هي الاوامر والنواهي وايضا الاماكن كمشعر عرفات ومنى ومزدلفة فهذه الاماكن يطلق عليها المشاعر المقدسة
ولا تكتمل عبودية عبد حتى يعظم شعائر الله وشعائرة اوامره ونواهيه ليعلم الله من يمتثل ومن لايمتثل فهذا نبي الله ادم امره الله ان يسكن الجنة ولا ياكل من شجرة واحده فقط ( فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة )(فوسوس لهما الشيطان ) ( وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة الا ان تكونا ملكين ) فامتحنه الله بالنهي فعصى ادم ربه فغوى كما في صدر سورة الاعراف فامتحنه الله ليعلم الله هل يمتثل ام لا
وامتحن الله نبينا بالتوجه الى بيت المقدس ( وما جعلنا القبلة التي كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه 9 ) ثم نزل ( قد نعلم تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاه فول وجهك شطر المسجد الحرام ) ثم بين الله ذلك ليعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه رجل يقول الى متى انا اذهب اصلي قلنا له هذا امتحان لعبوديتك لان اول من يجنى ثمرة الذهاب الى المسجد هو المصلي فالله لاينتفع بطاعة الطائع ولا يتضرربمعصية العاصي ( لن تبلغوا نفعي فتنفعوني ولن تبلغوا ضري فتضروني ) ولذلك ترى من الحجاج من يرمى الجمار وهو يضحك وقد يشرب الدخان خصوصا اذا رمى بالليل وخفت الزحام والاخر يرمي وهو يبكي ومنهم من يسعى وهى يستشعر عظمة الله ومنهم من يسعى كانه في مضمار سباق القضية في استشعار عظمة الله عند الاتيان بهذه الاوامر والنواهي فهي امتحان للعباد ليرى الله من يمتثل ومن لا يمتثل
فعندنا آمر وعندنا أمر فاذا عظمنا ألآمر عظمنا الامر واذا استخفينا بالآمر لم نعظم الامر ومرد الامر كله ليعلم الله من يخافه بالغيب فقد ورد في سورة الحج ايتين ( ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له ) ( ذلك ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب ولذلك اخبرنا الله ) لن ينال الله لحوما ولا دماءها ولكن يناله التقوى منكم ) أي الاخلاص ووقف عمر في الحج عند الحجرالاسود فقال ( والله اني لأعلم انك حجر لاتنفع ولاتضر ولولا اني رايت الرسول يقبلك ما قبلتك ) يعنى نحن رهن الاشارة عند الامر لكن اين هذا ممن يقبل حجارة البيت ويتعلق بالاستار ويظنها تنفعه ويعتقد بركتها مع انها لاتنفع ولا تضر قالنافع هو الله والضار هو الله وقد امرنا الله فقال ( فاستقم كما امرت ) نعم حرمة البيت عظيمة لكن نعظمها كما امرنا الله نبينا محمد قال لنا ( خذوا عني مناسككم ) فلانزيد ولا ننقص في المناسك فنتقيد بالسنن بقدر الاستطاعة والحرص على الزمان والمكان والافضل منها في المشاعر )
9- تطهير الحرم والمشاعر من الشرك والمشركين ومن المعاصي كما في قوله ( الا تشرك بي شيئا وطهر بيتي ) الطهارة في الشرع تاتي على معنيين طهارة معنوية وهي طهارة القلب من الشرك ومن البدع ومن النفاق ومن الغل والبغضاء والحسد لعباد الله المؤمنين فهي اهم من طهارة البدن الحسية بل لايمكن ان تقوم طهارة البدن مع وجود الشرك ( انما المشركون نجس ) فتطهير الحرم والمشاعر المقدسة من الشرك والمعاصي ومن المتبرجات اعظم من التطهير الحسي بمواد النظافة ونوحها فهذا المتوضيء حينما ينتهي من الوضوء يقول اشهد الااله الا الله وحده لاشريك له وان محمدال عبده ورسوله ) حتى يجمع بين الطهارتين لكن اذا تطهر بالبدن ولم يتطهر القلب من الشرك والمعاصي فلا فائدة من الطهارة الحسية فاهم شيء في الحج الطهارة من الشرك فلا تصرف حق الله لغير الله فلا تعلق قلبك باحد غير الله فذا سالت اسال الله واذا استعنت استعن بالله واذا حلفت فاحلف بالله
10- ينبغي للحاج الاكثار من ذكر الله فقد وردت كلمة الذكر في ايات الحج بصورة ملفتة للنظر ( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله ) ( واذكروا اسم الله في ايام معدودات ) ( فاذكروا الله عند المشعر الحرام ) ( فاذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله ) فكان اسعد الناس في الحج اكثرهم ذكرا لله وفي الحديث عند احمد ( أي الحجاج اعظم اجرا عند الله قال اكثرهم ذكرا لله ) وافضل الذكر التلبية فهي شعار الحج وشعار عشر ذي الحجة الذكر وسئل رسول الله عن افضل الحج فقال العج والثج والعج التلبية والثج النحر واعظم الناس اجرا في التلبية من اكثر منها واستشعر معانيها اذا نطق بها لامن يرددها بطريقة الاناشيد فحينما تعلن التلبيه فانت تعترف باعظم الحقوق لله من التوحيد والاخلاص فلا يكفي انك تثبت لله الحمد والنعمة والملك حتى تنفي الشريك ويقولها الحجاج وهو ينتقل من مشعر الى مشعراو من الميقات الى الحرام تنقطع في العمرة عند الشروع في الطواف وفي الحج عند رمي جمرة العقبة)
11- وينبغي للحاج استشعار نعمة الله عليه بالحج فقد لايحس الحاج بنعمة الله عليه وقد لايعرف قيمة هذه النعمة الا اناس يشاهدون الحجاج يلبون فيحس غيرك بنعمة الله عليك ايها الحاج وانت لاتشعر ان المريض هو من يحس بما الصحيح فيه من العافية فاكثر من الحمد والشكر على بلوغ بيت الله وتوفيقك لحج بيته الحرام
12- ينبغي للحاج ان يحج لله لارياء ولا سمعة ويتعاهد نيته فمن الحجاج من يحج وغرضه الدنيا ففي الاثر تحج فقرائهم تسولا واغنياءهم تجارة ومنهم من يحج ليسرق ومنهم من يحج رياء وسمعة لان الحج يدخل فيه الرياء بشكل عجيب ( اللهم اجعلها حجة لارياء فيها وسمعة ) سالني بعض الحجاج عن اناس يرجعون الى بلدانهم وقد استقبلهم اهليهم بسيارات مزركشة وبالاهازيج ويخشى على البعض منهم من الرياء والسمعة فمن الحجاج من هجرته الى الله ومنهم من هجرته لدنيا يصيبها رجل يعلن في الجريدة على حج الافراد ثلاثة الاف والقران اربعة والتمتع خمسة
13- وينبغي الابتعاد عن اذية الحجاج فيسلم الحجاج من لسانه ويده ومع الاسف ترى من الحجاج من يلعن ومن يسب ومن يطلق زوجته وهو يطوف فقد سئل رسول الله عن بر الحج فقال اطعام الطعام وافشاء السلام وطيب الكلام ) فاطعام الطعام كرم يد وافشاء السلام كرم نفس فهو سليم القلب طليق الوجه وطيب الكلام فلا يسب ولا يلعن ) لان من العباد من يؤدي حق الله ويقصر في حقوق العباد لذلك اشار نبينا الى ان أكمل المؤمنين ايمانا احسنهم خلقا وقال ايضا ان الرجل ليبلغ بحسن الخلق درجة الصائم القائم ) فكيف عرف العلماء حسن الخلق فقالوا كف الاذى وبذل الندى واحتمال الاذى وهو هيئة راسخة تصدر من الشخص بدون فكر ولا روية ففي الحديث عن ابي يعلى( من قضى نسكه وسلم المسلمون من لسانه ويده غفر له)
14- الاهتمام بالدعاء واجمع دعاء ( ربنا اتنا في الدنيا حسنةوفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار ) راى رسول الله رجلا كالفرخ فقال ما الذي بلغ بك ما ارى فقال دعوة دعوت الله بها فقال فما هي فقال قلت اللهم ما كنت معذبي به في الاخرة فعجله لي في الدنيا فقال سبحان الله لاتطيقه ولو قلت ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار) فهذه الدعوة المباركة من اجمع الدعوات فمن دعا بها فقد حاز على الخير كله بحذافيره
15- شرع لنا رمي الجمار من اجل اقامة ذكر الله فليس هناك شيطان في الاصل لان رمي الجمار نسك ويبدا الرمي يوم العيد وثلاثة ايام بعده يوم العيد سبع حصيات واما ايام التشريق وهي ثلاثة ايام بعده فشرع لنا رميها بعد الزوال باحدى وعشرين حصاة كل جمرة سبع حصيات ) ثم يدعوا بعد الجمرة الصغرى والوسطى فقط ليجمع بين الذكر والدعاء وهاتين الخصلتين الذكر والدعاء يأتي بها الحاج في المشاعر غالبا في عرفات وفي مزدلفة وفي منى واما الكبرى فلا يدعوا لان العبادة انتهت اما شروط الرمى ايام التشريق اولا النية ثم العددية وسبع حصياة لكل جمرة ثم ان تكون بمقدار حصى الخذف ويرفع يديه ويرمي كل حصاة على حدة ثم الحرص على ترتيب الجمرات فيبدا بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى ) ثم رخص للحجاج وخيروا بين التعجل في يومين او التاخر فلا حرج على من تعجل في يومين اذا اتقى الله و لاحرج على من تاخر اذا اتقى الله في حجه اما من لم يتقي الله في حجه فسواء تاخر او تعجل فهو اثم لاانه لم يتم حجه
16- ختمت ايات الحج بقوله واتقوا الله أي اذا رجعتم الى بلادكم وقد غفرت ذنوبكم فلا ترجعوا الى المعاصي فقد جمعكم الله في عرفات من كل فج عميق ثم انتقل الحجاج الى مزدلفة وهي جمع ثم الى منى ثم بعد هذا التجمع من كل مكان يرجعون الى بلادهم فاعلموا ان الله سيجمعكم غدا في ارض المحشر فانتم اليوم حجاج جمعكم من كل مكان فهو شبيه بيوم الجمع ذلك يوم التغابن ( قل ان الاولين والاخرين لمجمعون الى ميقات يوم عظيم ثم تامل فاتحة سورة الحج ( ياايها الناس اتقوا ربكم ان زلزلة الساعة شيء عظيم ) فيالها من رحلة سعيده الى بيت الله الحرام غفرت فيه الذنوب وفزتم بالجنان ومنكم من اعتق من النيران فعلامات الحج المقبول ان يرجع صاحبه منشرح الصدر ونور في الوجه وسبب انشراح الصدر ان الذنوب ترين على القلب فاذا اطلق عنها عنانها وفك اسرها وجد راحة ( وكفر عنهم سيئاتهم واصلح بالهم ) ومن المجرب ان كثير من الحجاج يتخاصمون في الوداع وتسمع السباب والكلام الذي لايليق والتهديد وهذا يدل على عدم القبول فمن رزق القبول ضبط نفسه ومن رد ظهرت عليه علامات الخسران