| 14 خاطرة وجوهرة من كتاب صيد الخاطر للإمام ابن الجوزي | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: 14 خاطرة وجوهرة من كتاب صيد الخاطر للإمام ابن الجوزي الثلاثاء سبتمبر 20, 2011 11:01 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم وبعد: فإن كتاب صيد الخاطر للإمام ابن الجوزي درة غالية وكنز ثمين. قد تقول: على رسلك فإنما هو خواطر وذكريات لا تستحق كل هذا؟! فأقول ليس هو بخواطر بل هو خلاصة تجارب إمام بارع في كل الفنون, ومن تفئ ضلال هذا الكتاب علم صدق ما قلت. ففيه من الجواهر والفرائد ما يستحق بها أن تعاد قراءته المرة تلو الأخرى. لما كان الأمر كذلك أحببت أن أستخلص من الكتاب جواهر تختص بالعالم والمتعلم , والواقع أن كثيرا منها تعتبر قواعد منهجية يسير من خلالها طالب العلم
* استخلصت من الكتاب 14 خاطرة وجوهرة. * اعتمدت في العزو على طبعة : دار الهدي النبوي ودار الفضيلة , بتحقيق: أبي أنس سيد بن رجب .
والله الموفق. | |
|
| |
مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| |
| |
مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: رد: 14 خاطرة وجوهرة من كتاب صيد الخاطر للإمام ابن الجوزي الثلاثاء سبتمبر 20, 2011 11:02 pm | |
| [2]
* فصل : [ العلم بالعمل]
لقيت مشايخ ، أحوالهم مختلفة ، في مقاديرهم في العلم . و كان أنفعهم لي في صحبته العامل منهم بعلمه ، و إن كان غيره أعلم منه . و لقيت جماعة من علماء الحديث يحفظون و يعرفون و لكنهم كانوا يتسامحون بغيبة يخرجونها مخرج جرح و تعديل ، و يأخذون على قراءة الحديث أجرة ، و يسرعون بالجواب لئلا ينكسر الجاه و إن وقع خطأ . و لقيت عبد الوهاب الأنماطي ، فكان على قانون السلف لم يسمع في مجلسه غيبة ،و لا كان يطلب أجراً على سماع الحديث ، و كنت إذا قرأت عليه أحاديث الرقاق بكى و اتصل بكاؤه . فكان ـ و أنا صغير السن حينئذ ـ يعمل بكاؤه في قلبي ،و يبني قواعد . و كان على سمت المشايخ الذين سمعنا أوصافهم في النقل . و لقيت الشيخ أبا منصور الجواليقي ، فكان كثير الصمت ، شديد التحري فيما يقول ، متقناً محققاً . و ربما سئل المسألة الظاهرة التي يبادر بجوابها بعض غلمانه ، فيتوقف فيها حتى يتيقن . و كان كثير الصوم و الصمت . فانتفعت برؤية هذين الرجلين أكثر من انتفاعي بغيرهما . ففهمت من هذه الحالة أن الدليل بالفعل أرشد من الدليل بالقول . و رأيت مشايخ كانت لهم خلوات في انبساط و مزاح ، فراحوا عن القلوب و بدد تفريطهم ما جمعوا من العلم . فقل الانتفاع بهم في حياتهم ، و نسوا بعد مماتهم ، فلا يكاد أحد أن يلتفت إلى مصنفاتهم . فالله الله في العلم بالعمل ، فإنه الأصل الأكبر . و المسكين كل المسكين من ضاع عمره في علم لم يعمل به ، ففاته لذات الدنيا و خيرات الآخرة فقدم مفلساً على قوة الحجة عليه .[188] | |
|
| |
مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: رد: 14 خاطرة وجوهرة من كتاب صيد الخاطر للإمام ابن الجوزي الثلاثاء سبتمبر 20, 2011 11:03 pm | |
| {3}
* فصل[ من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين]
أعظم دليل على فضيلة الشيء النظر إلى ثمرته . و من تأمل ثمرة الفقه علم أنه أفضل العلوم ، فإن أرباب المذاهب فاقوا بالفقه على الخلائق أبداً ، و إن كان في زمن أحدهم من هو أعلم منه بالقرآن أو بالحديث أو باللغة . و اعتبر هذا بأهل زماننا ، فإنك ترى الشاب يعرف مسائل الخلاف الظاهرة فيستغني و يعرف حكم الله تعالى في الحوادث ما لا يعرفه النحرير من باقي العلماء . كم رأينا مبرزاً في علم القرآن أو في الحديث أو في التفسير أو في اللغة لا يعرف مع الشيخوخة معظم أحكام الشرع . و ربما جهل علم ما ينويه في صلاته ، على أنه ينبغي للفقيه ألا يكون أجنبياً عن باقي العلوم . فإنه لا يكون فقيهاً ، بل يأخذ من كل علم بحظ ثم يتوفر على الفقه فإنه عز الدنيا و الآخرة .[210] | |
|
| |
مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: رد: 14 خاطرة وجوهرة من كتاب صيد الخاطر للإمام ابن الجوزي الثلاثاء سبتمبر 20, 2011 11:04 pm | |
| {4}
* فصل [ الورع لطالب العلم إلى الممات]
رأيت نفراً ممن أفنى أوائل عمره و ريعان شبابه في طلب العلم يصبر على أنواع الأذى ، و هجر فنون الراحات ، أنفة من الجهل ، و رذيلته ، و طلباً للعلم و فضيلته ، فما نال منه طرفاً رفعه عن مراتب أرباب الدنيا . و من لا علم له إلا بالعاجل ضاق به معاشه أو قل ما ينشده لنفسه من حظوظ ، فسافر في البلاد يطلب من الأرذال ، و يتواضع للسفلة و أهل الدناءة و المكاس و غيرهم . فخاطبت بعضهم و قلت :ويحك أين تلك الأنفة من الجهل التي سهرت لأجلها ، و أظمأت نهارك بسببها ، فلما ارتفعت و انتفعت عدت إلى أسفل سافلين . أفما بقي عندك ذرة من الأنفة تنبو بها عن مقامات الأرذال ؟ و لا معك يسير من العلم يسير بك عن مناخ الهوى ؟ و لا حصلت بالعلم قوة تجذب بها زمام النفس عن مراعي السوء ؟ على أنه يبين لي أن سهرك و تعبك كأنهما كانا لنيل الدنيا . ثم إني أراك تزعم أنك تريد شيئاً من الدنيا تستعين به على طلب العلم ، فاعلم أن التفاتك إلى نوع كسب تستغني به عن الأرذال أفضل من التزيد في علمك . فلو عرفت ما ينقص به دينك لم تر فيما قد عزمت عليه زيادة ، بل لعله كله مخاطرة بالنفس ، و بذل الوجه طالما صين لمن لا يصلح إلتفات مثلك إلى مثله . و بعيد أن تقنع بعد شروعك في هذا الأمر بقدر الكفاف ، و قد علمت ما في السؤال بعد الكفاف من الإثم . و أبعد منه أن تقدر على الورع في المأخوذ . و من لك بالسلامة و الرجوع إلى الوطن ؟ و كم رمى قفر في بواديه من هالك ! ثم ما تحصله يفني و يبقى منه ما أعطى ، و عيب المتقين إياك ، و اقتداء الجاهلين بك . و يكفيك أنك عدت على ما علمت من ذم الدنيا بشينه إذ فعلت ما يناقضه ، خصوصاً و قد مر أكثر العمر . و من أحسن فيما مضى يحسن فيما بقي .[213] | |
|
| |
مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: رد: 14 خاطرة وجوهرة من كتاب صيد الخاطر للإمام ابن الجوزي الثلاثاء سبتمبر 20, 2011 11:04 pm | |
| {5}
* فصل[في تعظيم حفظ العلم]
إعلم أن المعلم يفتقر إلى دوام الدراسة ، و من الغلط الإنهماك على الإعادة ليلاً و نهاراً ، فإنه لا يلبث صاحب هذه الحال إلا أياماً ثم يفتر أو يمرض . و قد روينا أن الطبيب دخل على أبي بكر بن الأنباري في مرض موته ، فنظر إلى مائة كتاب و قال : [ قد كنت تفعل شيئاً لا يفعله أحد ] ، ثم خرج فقال : [ ما يجيء منه شيء ] ، فقيل له : [ ما الذي كنت تفعل ؟ ] قال : [ كنت أعيد كل أسبوع عشرة آلاف ورقة ] . و من الغلط تحميل القلب حفظ الكثير أو الحفظ من فنون شتى ، فإن القلب جارحة من الجوارح ، و كما أن من الناس من يحمل المائة رطل ، و منهم من يعجز عن عشرين رطلاً ، فكذلك القلوب . فليأخذ الإنسان على قدر قوته و دونها ، فإنه إذا استنفدها في وقت ضاعت منه أوقات . كما أن الشره يأكل فضل لقيمات فيكون سبباً إلى منع أكلات . و الصواب أن يأخذ قدر ما يطيق و يعيد في وقتين من النهار و الليل ، و يرزفه القوى في بقية الزمان ، و الدوام أصل عظيم . فكم ممن ترك الاستذكار بعد الحفظ فضاع زمن طويل في استرجاع محفوظ قد نسي . و للحفظ أوقات من العمر فأفضلها الصبا و ما يقاربه من أوقات الزمان ، و أفضلها إعادة الأسحار و أنصاف النهار ، و الغدوات خير من العشيات ، و أوقات الجوع خير من أوقات الشبع . و لا يحمد الحفظ بحضرة خضرة و على شاطئ نهر ، لأن ذلك يلهي . و الأماكن العالية للحفظ خير من السوافل . و للخلوة أصل ، و جمع الهم أصل الأصول . و ترفيه النفس من الإعادة يوماً في الأسبوع ليثبت المحفوظ و تأخذ النفس قوة كالبنيان يترك أياماً حتى يستقر ثم يبني عليه . وتقليل المحفوظ مع الدوام أصل عظيم ، و ألا يشرع في فن حتى يحكم ما قبله . و من لم يجد نشاطاً للحفظ فليتركه ، فإن مكابرة النفس لا تصلح . و إصلاح المزاج من الأصول العظيمة ، فإن للمأكولات أثراً في الحفظ . قال الزهري : [ ما أكلت خلاً منذ عالجت الحفظ ] . و قيل لأبي حنيفة : بم يستعان على حفظ الفقه ؟ قال : بجمع الهم . و قال حماد بن سلمة : [ بقلة الغم ] . و قال مكحول : من نظف ثوبه قل همه ، و من طابت ريحه زاد عقله ، و من جمع بينهما زادت مروءته . و أختار للمبتدي في طلب العلم أن يدافع النكاح مهما أمكن فإن أحمد بن حنبل لم يتزوج حتى تمت له أربعين سنة ، و هذا لأجل جمع الهم . فإن غلب عليه الأمر تزوج و اجتهد في المدافعة بالفعل لتتوفر القوة على إعادة العلم . ثم لينظر ما يحفظ من العلم ، فإن العمر عزيز ، و العلم غزير . و إن أقواماً يصرفون الزمان إلى حفظ ما غيره أولى منه ، و إن كان كل العلوم حسناً ، و لكن الأولى تقديم الأهم و الأفضل . و أفضل ما تشاغل به حفظ القرآن ثم الفقه ، و ما بعد هذا بمنزلة تابع ، و من رزق يقظة دلته يقظته فلم يحتج إلى دليل ، و من قصد وجه الله تعالى بالعلم دله المقصود على الأحسن( و اتقوا الله و يعلمكم الله) .[225] | |
|
| |
مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: رد: 14 خاطرة وجوهرة من كتاب صيد الخاطر للإمام ابن الجوزي الثلاثاء سبتمبر 20, 2011 11:05 pm | |
| {6}
* فصل [محنة أصحاب الهمم العلية] البلايا على مقادير الرجال . فكثير من الناس تراهم ساكنين راضين بما عندهم من دين و دنيا . و أولئك قوم لم يرادوا لمقامات الصبر الرفيعة ، أو علم ضعفهم عن مقاومة البلاء فلطف بهم . إنما المحنة العظمى أن ترزق همة عالية لا تقنع منك إلا بتحقيق الورع و تجويد الدين ، و كمال العلم ، ثم تبتلى بنفس تميل إلى المباحات ، و تدعي أنها تجمع بذلك همها ، و تشفي مرضها ، لتقبل مزاحه العلة على تحصيل الفضائل . و هاتان الحالتان كضدين ، لأن الدنيا و الآخرة ضرتان . و اللازم في هذا المقام مراعات الواجبات ، و ألا يفسح للنفس في مباح لا يؤمن أن يتعدى منه إعراض عن واجب ودع . المبتلى يصيح ، فلأن يبكي الطفل خير من أن يبكي الوالد . و اعلم أن فتح باب المباحات ربما جر أذى كثير في الدين فأوثق السكر قبل فتح الماء ، و البس الدرع قبل لقاء الحرب ، و تلمح عواقب ما تجني قبل تحريك اليد و استظهر في الحذر باجتناب ما يخاف منه و إن لم يتيقن .[253] | |
|
| |
مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| |
| |
مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: رد: 14 خاطرة وجوهرة من كتاب صيد الخاطر للإمام ابن الجوزي الثلاثاء سبتمبر 20, 2011 11:06 pm | |
| {8} فصل [الحرص على الوقت]
أعوذ بالله من صحبة البطالين ، لقد رأيت خلقاً كثيراً يجرون معي فيما قد اعتاده الناس من كثرة الزيارة ، و يسمون ذلك الترددخدمة ، و يطلبون الجلوس و يجرون فيه أحاديث الناس و ما لا يعني ، و ما يتخلله غيبة . و هذا شيء يفعله في زماننا كثير من الناس ، و ربما طلبه المزور و تشوق إليه ، و إستوحش من الوحدة ، و خصوصاً في أيام التهاني و الأعياد . فتراهم يمشي بعضهم إلى بعض ، و لا يقتصرون على الهناء و السلام ، بل يمزجون ذلك بما ذكرته من تضييع الزمان . فلما رأيت أن الزمان أشرف شيء ، و الواجب إنتهاؤه بفعل الخير ، كرهت ذلك و بقيت معهم بين أمرين : إن أنكرت عليهم و قعت وحشة لموضع قطع المألوف ، و إن تقبلته منهم ضاع الزمان. فصرت أدافع اللقاء جهدي ، فإذا غلب قصرت في الكلام لأتعجل الفراق ، ثم أعددت أعمالاً تمنع من المحادثة لأوقات لقائهم لئلا يمضي الزمان فارغاً , فجعلت من الاستعداد للقائهم : قطع الكاغد و بري الأقلام ، و حزم الدفاتر ، فإن هذه الأشياء لا بد منها . و لا تحتاج إلى فكر و حضور قلب ، فأرصدتها لأوقات زيارتهم , لئلا يضيع شيء من و قتي . نسأل الله عز وجل أن يعرفنا شرف أوقات العمر ، و ان يوفقنا لإغتنامه .
و لقد شاهدت خلقاً كثيراً لا يعرفون معنى الحياة ، فمنهم من أغناه الله عن التكسب بكثرة ماله ، فهو يقعد في السوق أكثر النهار ينظر إلى الناس ، و كم تمر به من آفة و منكر . و منهم من يخلو بلعب الشطرنج ، و منهم من يقطع الزمان بكثرة الحوادث من السلاطين و الغلاء و الرخص ، إلى غير ذلك . فعلمت أن الله تعالى لم يطلع على شرف العمر و معرفة قدر أوقات العافية إلا من و فقه و ألهمه اغتنام ذلك( و ما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ).[277] | |
|
| |
مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: رد: 14 خاطرة وجوهرة من كتاب صيد الخاطر للإمام ابن الجوزي الثلاثاء سبتمبر 20, 2011 11:07 pm | |
| {9}
* فصل[ طلب العلم أفضل من النوافل] سبحان من من على الخلق بالعلماء الفقهاء الذي فهموا مقصود الأمر و مراد الشارع ، فهم حفظة الشريعة ، فأحسن الله جزاءهم . و إن الشيطان ليتجافاهم خوفاً منهم ، فأنهم يقدرون على آذاه و هو لا يقدر على أذاهم . و لقد تلاعب بأهل الجهل و القليلي الفهم . و كان من أعجب تلاعبه ، أن حسن لأقوام ترك العلم ، ثم لم يقنعوا بهذا حتى قدحوا في المتشاغلين به . و هذا ـ لو فهموه ـ قدح في الشريعة ، فأن رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : "بلغوا عني".، و قد قال له ربه عز وجل : ( بلغ) . فإذا لم يتشاغل بالعلم ، فكيف يبلغ الشريعة إلى الخلق ؟ و لقد نقل مثل هذا عن كبار الزهاد ، كبشر الحافي ، فإنه قال لعباس بن عبد العظيم : [ لا تجالس أصحاب الحديث ] . و قال لإسحاق بن الضيف : [ إنك صاحب حديث ، فأحب ألا تعود إلي ] . ثم اعتذر فقال : [ إنما الحديث فتنة ، إلا لمن أراد الله به ، و إذا لم يعمل به فتركه أفضل ] ، و هذا عجب منه . من أين له أن طلابه لا يريدون الله به ، و أنهم لا يعملون به ؟ أو ليس العمل به على ضربين : عمل بما يجب ، و ذلك لا يسع أحداً تركه . و الثاني : نافلة و لا يلزم . و التشاغل بالحديث ، أفضل من التنفل بالصوم و الصلاة . و ما أظنه أراد إلا طريقة في دوام الجوع و التهجد ، و ذلك شيء لا يلام تاركه . فإن كان يريد ألا يوغل في علوم الحديث ، فهذا خطأ ، لأن جميع أقسامه محمودة . أفترى لو ترك الناس طلب الحديث كان بشر يفتي ؟[302] | |
|
| |
مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: رد: 14 خاطرة وجوهرة من كتاب صيد الخاطر للإمام ابن الجوزي الثلاثاء سبتمبر 20, 2011 11:08 pm | |
| {10}
* فصل[التكرار لازم للحفظ]
ما رأيت أصعب على النفس من الحفظ للعلم و التكرار له . و خصوصاً تكرار ما ليس لها في تكراره و حفظه حظ ، مثل مسائل الفقه ، بخلاف الشعر و السجع ، فإن لها لذة في إعادته و إن كان يصعب, لأنها تلتذ به مرة و مرتين . فإذا زاد التكرار صعب عليها ، و لكن دون صعوبة الفقه و غيره من المستحسنات عند الطبع ، فتراها تخلد إلى الحديث و الشعر و التصانيف و النسخ لأنه يمر بها كل لحظة ما لم تره ، فهو في المعنى كالماء الجاري ، لأنه جزء بعد جزء . وكذا من ينسخ ما يحب أن يسمعه أو يصنف ، فإنه يلتذ بالجدة و يستريح من تعب الإعادة . إلا أنه ينبغي للعاقل أن يكون جل زمانه للإعادة ، خصوصاً الصبي و الشاب ، فإنه يستقر المحفوظ عندهما استقرارا لا يزول . و يجعل أوقات التعب من الإعادة للنسخ ، و يحذر من تفلتها إلى النسخ عند الإعادة فيقهرها ، فإنه يحمد ذلك حمد السرى وقت الصباح . و سيندم من لم يحفظ ندم الكسعي وقت الحاجة إلى النظر و الفتوى . و في الحظ نكتة ينبغي أن تلحظ ، و هو: أن الفقيه يحفظ الدرس و يعيده ثم يتركه فينساه فيحتاج إلى زمان آخر لحفظه ، فينبغي أن يحكم الحفظ و يكثر التكرار ليثبت قاعدة الحفظ .[309] | |
|
| |
مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| |
| |
مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: رد: 14 خاطرة وجوهرة من كتاب صيد الخاطر للإمام ابن الجوزي الثلاثاء سبتمبر 20, 2011 11:10 pm | |
| {12}
* فصل [لا تقصر همتك في فن واحد]
قد ثبت بالدليل شرف العلم و فضله ، إلا أن طلاب العلم افترقوا ، فكل تدعوه نفسه إلى شيء . فمنهم من أذهب عمره في القراءات ، و ذلك تفريط في العمر ، لأنه إنما ينبغي أن يعتمد على المشهور منها لا على الشاذ . ما أقبح القارىء يسأل عن مسألة في الفقه و هو لا يدري . و ليس ما شغله عن ذلك إلا كثرة الطرق في روايات القراءات . و منهم من يتشاغل بالنحو و علله فحسب ، و منهم من يتشاغل باللغة فحسب . و منهم من يكتب الحديث ، و يكثر و لا ينظر في فهم ما كتب . و قد رأينا في مشايخنا المحدثين من كان يسأل عن مسألة في الصلاة فلا يدري ما يقول . و كذلك القراء ، و كذلك أهل اللغة و النحو .و حدثني عبد الرحمن بن عيسى الفقيه ، قال : حدثني ابن المنصوري ، قال : حضرنا مع أبي محمد بن الخشاب ، و كان إمام الناس في النحو و اللغة ، فتذاكروا الفقه فقال : [ سلوني عما شئتم ] ، فقال له رجل : إن قيل لنا رفع اليدين في الصلاة ما هو فماذا نقول ؟ فقال : [ هو ركن ] ! فدهشت الجماعة من قلة فقهه . و إنما ينبغي للعاقل أن يأخذ من كل علم طرفاً ثم يهتم بالفقه . ثم ينظر في مقصود العلوم ، و هو المعاملة لله سبحانه ، و المعرفة به ، و الحب له . و ما أبله من يقطع عمره في معرفة علم النجوم ، و إنما ينبغي أن يعرف من ذلك اليسير و المنازل لعلم الأوقات ، فأما النظر فيما يدعى أنه القضاء و الحكم فجهل محض لأنه لا سبيل إلى علم ذلك حقيقة و قد جرب فبان جهل مدعيه . و قد تقع الإصابة في وقت . و على تقدير الإصابة لا فائدة فيه إلا تعجيل الغم . فإن قال قائل : يمكن دفع ذلك فقد سلم أنه لا حقيقة له . و أبله من هؤلاء من يتشاغل بعلم الكيميا فإنه هذيان فارغ . و إذا كان لا يتصور قلب الذهب نحاساً لم يتصور قلب النحاس ذهباً . فإنما فاعل هذا مستحل للتدليس على الناس في النقود . هذا إذا صح له مراده . و ينبغي لطالب العلم أن يصحح قصده ، إذ فقدان الإخلاص يمنع قبول الأعمال . و ليجتهد في مجالسة العلماء ، و النظر في الأقوال المختلفة ، و تحصيل الكتب ، فلا يخلو كتاب من فائدة .و ليجعل همته للحفظ ، و لا ينظر و لا يكتب إلا وقت التعب من الحفظ . و لحيذر صحبة السلطان ، و لينظر في منهاج الرسول صلى الله عليه و سلم و الصحابة و التابعين ، و ليجتهد في رياضة نفسه و العمل بعلمه ، و من تولاه الحق وفقه [359] | |
|
| |
مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: رد: 14 خاطرة وجوهرة من كتاب صيد الخاطر للإمام ابن الجوزي الثلاثاء سبتمبر 20, 2011 11:11 pm | |
| {13}
* فصل[ماذا يجب أن يدرسه طالب العلم؟]
هذا فصل غزير الفائدة .
اعلم أنه لو اتسع العمر لم أمنع من الإيغال في كل علم إلى منتهاه ، غير أن العمر قصير و العلم كثير . فينبغي للإنسان أن يقتصر من القراءات إذا حفظ القرآن على العشر . و من الحديث على الصحاح ، و السنن و المسانيد المصنفة . فإن علوم الحديث قد انبسطت زائدة في الحد و ما في هذا الجزاء و إنما الطرق تختلف . و علم الحديث يتعلق بعضه ببعض، و هو مشتهى ، و الفقهاء يسمونه علم الكسالى [ وما أسوأ ما قالوا]، لأنهم يتشاغلون بكتابته و سماعه، و لا يكادون يعانون حفظه ، و يفوتهم المهم و هو الفقه . و قد كان المحدثون قديماً هم الفقهاء ، ثم صار الفقهاء لا يعرفون الحديث ، و المحدثون لا يعرفون الفقه . فمن كان ذا همة و نصح نفسه تشاغل بالمهم من كل علم ، و جعل جل شغله الفقه ، فهو أعظم العلوم و أهمها . و قد قال أبو زرعة : كتب إلي أبو ثور : فإن هذا الحديث قد رواه ثمانية و تسعون رجلاً عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و الذي صح منه طرق يسيرة . فالتشاغل بغير ما صح يمنع التشاغل بما هو أهم . و لو إتسع العمركان إستيفاء كل الطرق في كل الأحاديث غاية في الجودة ، و لكن العمر قصير . و لما تشاغل بالطرق مثل يحي بن معين فاته من الفقه كثير ، حتى أنه سئل عن الحائض أيجوز أن تغسل الموتى! فلم يعلم ، حتى جاء أبو ثور فقال : يجوز ، لأن عائشة رضي الله عنها قالت : [ كنت أرجل رأس رسول الله صلى الله عليه و سلم و أنا حائض ] . فيحي أعلم بالحديث منه ، و لكن لم يتشاغل بفهمه . فأنا أنهي أهل الحديث أن تشغلهم كثرة الطرق . و من أقبح الأشياء أن تجري حادثة يسأل عنها شيخ قد كتب الحديث ستين سنة فلا يعرف حكم الله عز وجل فيها . و كذلك أنهي من يتشاغل بالتزهد و الإنقطاع عن الناس أن يعرض عن العلم ، بل ينبغي أن يجعل لنفسه منه حظاً ليعلم إن زل كيف يتخلص [481] | |
|
| |
مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: رد: 14 خاطرة وجوهرة من كتاب صيد الخاطر للإمام ابن الجوزي الثلاثاء سبتمبر 20, 2011 11:12 pm | |
| {14}
* فصل [ علو همة ابن الجوزي والسلف]
كانت همم القدماء من العلماء عالية ، تدل عليها تصانيفهم التي هي زبدة أعمارهم . إلا أن أكثر تصانيفهم دثرت ، لأن همم الطلاب ضعفت ، فصاروا يطلبون المختصرات و لا ينشطون للمطولات . ثم اقتصروا على ما يدرسون به من بعضها ، فدثرت الكتب و لم تنسخ . فسبيل طالب الكمال في طلب العلم الاطلاع على الكتب التي قد تخلفت من المصنفات ، فليكثر من المطالعة ، فإنه يرى من علوم القوم و علو هممهم ما يشحذ خاطره و يحرك عزيمته للجد ، و ما يخلو كتاب من فائدة . و أعوذ بالله من سير هؤلاء الذين نعاشرهم ، لا نرى فيهم ذا همة عالية فيقتدي بها المبتدي ، و لا صاحب ورع فيستفيد منه الزاهد . فالله الله ,و عليكم بملاحظة سير السلف ، و مطالعة تصانيفهم ، و أخبارهم ، فالاستكثار من مطالعة كتبهم رؤية لهم ، كما قال : فاتني أن أرى الديار بطرفي فلعلي أرى الديار بسمعي و إني أخبر عن حالي ، ما أشبع من مطالعة الكتب ، و إذا رأيت كتاباً لم أره ، فكأني وقعت على كنز . و لقد نظرت في ثبت الكتب الموقوفة في المدرسة النظامية ، فإذا به يحتوي على نحو ستة آلاف مجلد ، و في ثبت كتب أبي حنيفة ، و كتب الحميدي ، و كتب شيخنا عبد الوهاب و ابن ناصر و كتب أبي محمد بن الخشاب و كانت أحمالا ، و غير ذلك من كل كتاب أقدر عليه . و لو قلت أني طالعت عشرين ألف مجلد كان أكثر و أنا بعد في الطلب . فاستفدت بالنظر فيها من ملاحظة سير القوم ، و قدر هممهم ، و حفظهم ، و عباداتهم ، و غرائب علومهم ، ما لا يعرفه من لم يطالع . فصرت أستزري ما الناس فيه و أحتقر همم الطلاب و الله الحمد .[492] | |
|
| |
مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: رد: 14 خاطرة وجوهرة من كتاب صيد الخاطر للإمام ابن الجوزي الثلاثاء سبتمبر 20, 2011 11:13 pm | |
| [صاحب الهمة العالية في تعب دائم]من رزق همة عالية يعذب بمقدار علوها ، كما قال الشاعر : و إذا كانت النفوس كبارا*** ً تعبت في مرادها الأجسام و قال الآخر : و لكل جسم في النحول بلية *** و بلاء جسمي من تفاوت همتي و بيان هذا أن من علت همته طلب العلوم كلها ، و لم يقتصر على بعضها ، و طلب من كل علم نهايته ، و هذا لا يحتمله البدن . ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل و صيام النهار ، و الجمع بين ذلك و بين العلم صعب . ثم يرى ترك الدنيا و يحتاج إلى ما لا بد منه . و يحب الإيثار و لا يقدر على البخل ، و يتقاضاه الكرم البذل ، و يمنعه عز النفس عن الكسب من وجوه التبذل . فإن هو جرى على طبعه من الكرم ، احتاج و افتقر و تأثر بدنه و عائلته . و إن أمسك فطبعه يأبى ذلك . و في الجملة يحتاج إلى معاناة و جمع بين أضداد ، فهو أبداً في نصب لا ينقضي ، و تعب لا يفرغ . ثم إذا حقق الإخلاص في الأعمال زاد تعبه ، و قوى وصبه . فأين هو و من دنت همته؟ إن كان فقيها فسئل عن حديث قال : ما أعرفه ، و إن كان محدثاً عن مسألة فقيهة قال : ما أدري ، و لا يبالي إن قيل عنه مقصر . و العالي الهمة يرى التقصير في بعض العلوم فضيحة ، قد كشفت عيبه ،وقد رأت الناس عورته . و القصير الهمة لا يبالي بمنن الناس ، و لا يستقبح سؤالهم ، و لا يأنف من رد ، و العالي الهمة لا يحمل ذلك . و لكن تعب العالي الهمة راحة في المعنى ، و راحة القصير الهمة تعب و شين إن كان ثم فهم . و الدنيا دار سباق إلى أعالي المعالي ، فينبغي لذي الهمة ألا يقصر في شوطه . فإن سبق فهو المقصود ، و إن كبا جواده مع اجتهاده لم يلم .[509] | |
|
| |
مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: رد: 14 خاطرة وجوهرة من كتاب صيد الخاطر للإمام ابن الجوزي الثلاثاء سبتمبر 20, 2011 11:14 pm | |
| ( التحقق من صحة الحديث قبل العمل به)
علم الحديث هو الشريعة ، لأنه مبين للقرآن و موضح للحلال و الحرام ,و كاشف عن سيرة رسول الله صلى الله عليه و سلم , و سير أصحابه . و قد مزجوه بالكذب ، و أدخلوا في المنقولات كل قبيح . فإذا وفق الزاهد و الواعظ لم يذكرا إلا ما شهد بصحته . و إن حرما التوفيق ، عمل الزاهد بكل حديث يسمعه لحسن ظنه بالرواة ، و قال الواعظ كل شيء يراه لجهلة بالتصحيح ، ففسدت أحوال الزاهد ، و انحرف عن جادة الهدى ، و هو لا يعلم . وكيف لا , وعموم الأحاديث الدالة على الزاهد لا تثبت (!!)، مثل حديث ابن عمر رضي الله عنهما :" أيما امرىء مسلم اشتهى شهوة فرد شهوته و آثر على نفسه غفر له" . و هذا حديث موضوع ، يمنع الإنسان ما أبيح له , مما يتقوى به على الطاعة .
و مثل قوله : "من وضع ثياباً حسناً.." . و كذلك ما رووا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قدم له أدمان فقال :" أدمان في قدح ، لا حاجة لي فيه ، أكره أن يسألني الله عن فضول الدنيا" . و في الصحيح : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم :" أكل البطريخ بالرطب". و مثل هذا إذا تتبع كثير , فقد بنوا على فساده ، ففسدت أحوال الواعظ و الموعوظ ، لأنه يبني كلامه على أشياء فاسدة و محالات . و لقد كان جماعة من المتزهدين يعملون على أحاديث و منقولات لا تصح , فيضيع زمانهم في غير المشروع , ثم ينكرون على العلماء استعمالهم للمباحات ، و يرون أن التجفف هو الدين و كذلك الوعاظ يحدثون الناس بما لا يصح عن الرسول صلى الله عليه و سلم و لا أصحابه ، فقد صار المحال عندهم شريعة . فسبحان من حفظ هذه الشريعة بأخيار ينفون عنها تحريف الغالين , و انتحال المبطلين . {348} | |
|
| |
رحمة مشرف
عدد المساهمات : 703 نقاط : 832 السٌّمعَة : 2 تاريخ التسجيل : 07/05/2011
| موضوع: رد: 14 خاطرة وجوهرة من كتاب صيد الخاطر للإمام ابن الجوزي الجمعة سبتمبر 23, 2011 11:54 am | |
| قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله" [ رواه مسلم ] قال النووي (رحمه الله): "دل بالقول، واللسان، والإشارة، والكتابة"(( رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)) | |
|
| |
| 14 خاطرة وجوهرة من كتاب صيد الخاطر للإمام ابن الجوزي | |
|