وسائل مباشرة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
سلمان بن فهد العودة
الوسائل كثيرة، لا تنحصر في مجال أو نمط معيَّن، ومتى ما كان في قلب المرء اهتمام بأمر الدين، وحرقةٌ للإسلام، وحرصٌ على مستوى الأمَّة؛ فإن هذا الشعور يدفعُه إلى ابتكار وسائل مختلفة، يستعين بها على إقامة هذه الشعيرة، وقد قيل: الحاجة أمُّ الاختراع.
لكن هذه الوسائل يجب أن يتحقَّق فيها شرطان:
ا- أن تكون مباحة: فلا يجوز أن يستخدم المنكِر وسيلةً محرَّمة ليزيل بها المنكَر؛ فإن النجاسة لا تُغْسَل بالنجاسة.
2- أن تؤدِّي المقصود: بحيث يتمُّ بها إزالة المنكَر، وتحقيق المعروف، وعلى ذلك؛ فإذا كانت الوسيلة غير مُجدية؛ فلا داعيَ لاستخدامها.
فإذا جزم بأنها تؤدِّي الغرض، أو غلب على ظنِّه ذلك؛ كان عليه أن يتوسَّل بها إلى تحقيق المقصود.
ومن أبرز أمثلة الوسائل التي ينبغي استعمالُها في مجال الأمر والنهي:
* أولاً: الكلمة الهادفة:
سواءٌ كانت تلك الكلمة: محاضرةً، أو درسًا، أو خطبةً، أو موعظةً بعد الصلاة، أو ما شابه بذلك؛ فمجالات الكلمة واسعةٌ جدًّا.
وها هنا أمرٌ جديرٌ بالتَّنبيه، وهو أسلوب الكلمة، إذ لابدَّ أن يكون مناسبًا، فيُراعى مثلاً ألا تكون الكلمة ضربةً في وجهِ صاحب المنكر تصفعُه بها دون مقدِّمات ولا تمهيدات.
خُذ على سبيل المثال المنكرات الظاهرة المنتشرة بين الناس؛ كالتَّدخين، وإسبال الثياب، وحَلْق اللِّحى... إلخ:
إنَّ هجوم الإنسان على مراده مباشرة قد يؤدِّي إلى نتيجة عكسيَّة، وقد يخرجُ الناس من جرَّاء ذلك بانطباعٍ لا يخدمُ قضيَّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
لكن لو أنَّك بدأت حديثَك بقضيَّة أكبر من هذه، بقضيَّة التشبُّه بالمشركين، ونهي الإسلام عن ذلك، وعِظم خطورتِه على دين المرء، وذكرتَ الأدلَّة الشرعيَّة والأمثلةَ الواقعيَّة لذلك، وسُقتَ طرفًا من كلام المؤرِّخين، ومن كلام الباحثين المعاصرين، وتدرَّجت في عرض القضيَّة، حتى تصل إلى ضرب بعض الأمثلة للتشبُّه بالمشركين في الواقع، وتأتي بقضيَّة حلق اللحية مثالاً لذلك، وتدعم كلامك عنها بما ورد من نصوص في الأمر بإعفاء اللِّحى؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: "وفِّروا اللِّحى"، ومضيتَ في بسط القضية وعرضِها على هذه الشاكلة؛ فإنَّك إن وُفِّقت في ذلك العرض اللبق؛ فإن الحاضرين المستمعين إليك -وإن كانوا حليقي اللحى- سوف يتقبَّلون النصيحة، وتدخل قلوبهم.
وقد وقع لي مرَّة أن زرتُ مدرسة في إحدى مناطق هذه المملكة، فرأيت في المدرسة كثيرًا من المنكَرات، فآليت على نفسي أن أقول شيئًا عن ذلك، وفعلاً تحدَّثت إليهم، فبدأتُ بكلام عام عن الشباب ومشكلاتِهم، وخُطط الأعداء الغربيِّين للقضاء على الشباب، حتى ارتاح الحاضرون إلى هذا الكلام، وأحسُّوا أنَّه كلام يحتاجون إلى مثلِه، وربَّما لم يسمعوه قبلاً؛ لأنَّ المنطقة نائية.
بعد هذا تكلَّمت عن الاعتزاز بالإسلام، وأنَّ المسلم هو الأعلى في عقيدتِه وسلوكِه ومنهجهِ وتاريخِه… وذكرتُ أن المسلم العزيز العالي لا يقلِّد الكافر النازلَ، كما أن الكبيرَ لا يقلِّد الصغير، والمدرِّس لا يقلِّد الطالب، وإنما الذي يحدث هو عكس ذلك؛ فالصَّغير يقلِّد الكبير، والطالب يقلِّد أستاذه، والمغلوب يقلِّد المنتصر.
ثم انتقلتُ إلى الحديث عن التشبُّه بالمشركين، وما ورد فيه من نصوص، ثم أدخلتُ كلَّ المنكرات التي رأيتُها في المدرسة في باب التشبُّه، وتحدثتُ عنها.
فلمَّا انتهيتُ؛ خرج معي أحد المدرِّسين، وحدثني قائلاً: جزاك الله خيرًا؛ إنك أنكرتَ علينا ولم نجد في نفوسِنا من هذا الإنكار شيئًا، لكنَّ فلانًا من الناس (وذكر شخصًا) على الرغم من صغر سنه وقلَّة خبرته؛ يصعدُ المنبر، ويتكلَّم بكلمات مبتذلةٍ عن بعض هذه المنكرات، تكون سببًا في نفرةِ الناس وعزوفهم عن المتحدِّث وخطبته، وربَّما أدى إلى إصرارهم على ما هم عليه، واستمرائهم لما يفعلون.
وقد يستفتحُ المتحدِّث كلمتَه بمقدِّمة عن المقاصد العامَّة للشريعـة، وحفظ الإسلام للدِّين والنفس والعرض والمال والنَّسب والعقل؛ ليسترسـلَ بعد ذلك في أمثـلةٍ معنيَّةٍ مقصودةٍ ممـا حـرَّمه الإسلام؛ رعـايةً لهذه الضرورات المحفوظة المصونة؛ ليكون الكلام أجزل وأمتنَ وأوقع في النفس وأدعى للقَبول.
هذا؛ إلى أنَّ الداعي ليس يسوغُ له أن يجعل كلَّ حديثِه نقدًا وتخطئةً للآخرين وحشدًا لمساوئهِم وذنوبهم، إذ كأنهم يفهمون من هذا أنَّه لا يرى فيهم حسنةً تستحقُّ الإشادة.
وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم للأشجِّ أشجِّ عبد القيس: "إنَّ فيك خَصْلَتَيْنِ يحبُّهما الله: الحلم والأناة" .
وأثنى عليه الصلاة والسلام على جماعات من أصحابِه، كخالد بن الوليد، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحةَ... وسواهم كثير.
فالثَّناء على الإنسان فردًا أو جماعةً بما هو فيه لغرض شرعيٍّ صحيح أمرٌ لا غبار عليه.
فلا بأس أن يزيِّن الداعيةُ نصْحَه بثناء جميل مقتصَدٍ على حسناتٍ لدى المنصوح - فردًا أو جماعة - يكون في ضمنها دعوةٌ له إلى نشدان الكمال البشريِّ الممكن له.
ولا بأس أن يتعاهدَهم بالنُّصح بين حين وآخر؛ لئلا يملُّوا ويسأموا، ولا يحشد لهم كلّ ما ينتقده عليهم في قعدةٍ واحدةٍ!
* ثانيًا: الكتاب والكتيِّب:
وذلك بالكتابة والتأليف في إنكار شيء من المنكَرات، أو بالإسهام في توزيع ما كُتِبَ في ذلك، فكلٌّ بحسب طاقتهِ.
فإن كنت طالب علم تستطيع الكتابة في موضوع ما؛ فاكتب، وأنْكِرِ المنكَر، وبيِّن للناس الخير من الشر، واسْعَ في طباعةِ ما كتبتَ ونشرِه، وإن لم تستطع ذلك؛ فأسْهِمْ في توزيع الكتاب عن طريق بذلِ المال، فإن لم يكن عندك مالٌ؛ فشارِك في عمليَّة توزيع الكتاب بجهدك البدنيِّ في المؤسَّسات والمدارس والمساجد والدَّوائر وغيرها.
وهكذا يقوم كلُّ شخصٍ بمسؤوليَّتِه في هذا المجال بحسب قدراته وإمكاناتِه، ولو أنَّ كلَّ مسلمٍ غيورٍ قام بواجبهِ أو بعضه؛ لكان معنى ذَلك أنَّ الدُّعاة يملكون أعظم مؤسَّسات التوزيع في العالم… ولكانت الدَّعوة الإسلامية تملكُ من المراسلين جموعًا غفيرةً لا تملكها دعوةٌ أخرى في الدنيا كلها.
* ثالثًا: النشرة الصغيرة:
وهي تُسمى المَطْوِيَّة، وتتكوَّن من بضع صفحات تعالجُ موضوعًا معيَّنًا، ومن ميزاتها أنَّ من السَّهل أن يقرأها المرء على عُجالة، فحسنٌ أن يستفيد الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من هذه الوسيلة، ويشاركَ في توزيعها ونشرِها لتوعية الناس.
* رابعًا: الشريط:
سواءٌ بإعداد شريطٍ يحتوي على معالجة لبعض المنكَرات، أو بالإسهام في نشر هذا النوع من الأشرطة بقدر الإمكان، خاصَّة أنَّ أكثر البيوت اليوم - بل كلَّها - لا تخلو من أجهزة تسجيل، كما أن بإمكان المصلح أن ينسخَ من الشريط نُسخًا عديدة، ويوزِّعها؛ ليستفيد الناس مما فيها من الخير، وأقلُّ ذلك أن يدفع الشريط بعد استماعِه إلى آخر يسمعُه ويستفيدُ منه.
إنَّ طالب المدرسة الابتدائيَّة يستطيعُ أن يوفِّر من قيمة الشاي الذي يشتريهِ من المقصف المدرسيِّ ما يشتري به كُتيِّبًا أو شريطًا في الشهر أو في الأسبوع.
* خامسًا: الجريدة:
الجريدة واسعة الانتشار؛ فقد يُطبَع من بعضها مئة ألف نسخة، أو مئتا ألف، في اليوم الواحد، فينبغي الكتابةُ فيها لإنكار بعض المنكَرات، خاصَّة إذا كان المنكَر قد انتشر في الجريدة نفسها، فلا يكفي أن تذكرَ أن هذا منكَر في مجلسٍ يحتوي على فئة قليلة من الناس، والجريدةُ قد قرأها مئة ألف أو يزيدون، وإنَّما عليك أن تكتبَ مقالةً، وتراعي فيها قواعد النَّشر، وتبعثَ بها إلى الجريدة؛ لكي تُنْشَر ويستفيد منها أكبر عدد ممكن من الناس.
* سادسًا: الهاتف:
فبالإمكان أن تتَّصل بصاحب المنكَر، وتأمرَه بالمعروف، وتنهاهُ عن المنكَر، أو تتَّصل بمن يستطيع تغييرَ المنكَر ِمن علماء ومسؤولين ووجهاء.
أرأيتَ حين تعلِنُ جهةٌ عن عمل لا يُرضي الله، فتنهالُ عليها الاتصالات الهاتفيَّة من أطراف شتَّى؛ ألا يكون ذلك مؤثِّرًا في دفع المنكَر؟!
أذكر أنَّني اتَصلتُ مرة بمؤسسة أعلنتْ عن حفل مختَلَط في إحدى الدول المجاورة، فعرَّفتُ المسؤول بنفسي، ومكان اتِّصالي، وكلَّمته عن الإعلان المذكور، فاعتذر، وقال: إنَّ هذا الإعلان نزل بطريق الخطإ، وقد أعلنَّا في الجريدة في اليوم التالي نقدًا لهذا الإعلان ربَّما لم يتسنَّ لك الاطِّلاع عليه، وأنَّ الناس قد اتَّصلوا بنا من كلِّ مكان، حتَّى كبار العلماء والمشايخ اتَّصلوا واستنكروا الأمر، وقد بلَّغناهم بحقيقة الأمر، ونحن نشكركم... إلخ.
والشَّاهد من ذلك أنَّنا حين نتَّصل على صاحب منكر؛ فإنَّنا بذلك نُفْهِم الناس ماذا يريد المجتمع؟
والهاتف - من خلال التَّجربة - وسيلةٌ فعَّالةٌ جدًّا، ومؤثِّرةٌ في هذا المجال، على أنها لا تكلِّف جهدًا أوعناءً، فكلُّ ما في الأمر مبلغٌ من المال مقابل هذه المكالمة يكون في سبيل الله ولا يضيع، وبمجرَّد رفع السَّمَّاعة وإدارة قرص الهاتف؛ تجد أنَّك إنسانٌ إيجابيٌّ مؤثِّر.
* سابعًا: الرسالة الشخصيَّة:
وما أبلغ أثر الرِّسالة الشخصيَّة على قارئها؛ متى كُتِبت بأسلوب لبقٍ مهذَّب يخاطب مكامن العاطفة في النَّفس البشريَّة.
إنها حديث مباشر هادئ، يعطي الآخر فرصةَ التفكير والمراجعة والتصحيح، وهو بعيد عن الكلمات التي قد يزلُّ بها اللسان من دون قصد، إذ إن الكتابة تمنحُ الدَّاعي فرصة التفكير فيما يكتب ويسطر.
وحتى لو خاطبت قطاعًا عريضًا من الناس؛ كباعة الأغاني، أو متعاطِي الرِّبا، أو مروِّجي الأفلام الهابطة، أو أصحاب المحلاَّت التجاريَّة، أو أي طبقة من طبقات المجتمع.
لو خاطبتَهم برسالة مطبوعة على جهاز الكمبيوتر، تسجِّل على كل نسخة اسم المحل الذي توجَّه إليه؟ لكان لها وقعٌ خاصٌّ مؤثِّر، أعظم من وقع الكتاب أو الشَّريط الذي لا يخاطِب المعنيَّ مباشرة.
* ثامنًا: مقاطعة صاحب المنكَر:
بحيث يتمُّ الامتناعُ عن معاملة المكان أو المؤسَّسـة التي يوجَـد فيها المنكَر:
- فبيوتُ الربا التي تجاهِر بحرب الله تعالى وحرب رسوله صلى الله عليه وسلم: (يَا أيُّها الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤمِنينَ.فإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ ورَسُولِهِ)، هذه البيوت من أين شبَّت وترعرعتْ وقويتْ؟! أليس من أموال المسلمين؟!
- والمجلَّة الماجنة؛ ما الذي ضمن لها الاستمرار والرَّواج والثَّراء حتى أصبحت لا تخرج إلاَّ في ورق صقيل وطباعة فاخرة؟! أليس أموال المسلمين؟!
- وكل مؤسسات الفساد والانحراف والرَّذيلة؟ إنَّما كفل لها الذُّيوع والبقاء إقبال الناس عليها، وعلى ما تبثه من سموم، ودعمُهم لها بأموالهم من حيث يشعرون أو لا يشعرون.
ولو أنَّ المسلمين قاطعوا هذه البيوت والمجلات والمؤسسات كلها؛ لانتهتْ تلقائيًّا، ولَوُئِدَتْ في مهدِها، لكنَّ الواقع المرَّ أنَّ أحد المسلمين أجَّرها مقرًّا، والآخر توظَّف فيها، والثالث تعامل معها، والرَّابع دعا إليها… وهكذا؛ حتى صار المجتمعُ - من حيث يشعر أو لا يشعر - ينفخ روح الحيويَّة والقوَّة في مثل هذه المؤسسات، ثم يعود الناس يمتعضون منها ويستاؤون، ولا نقول لهم إلا: يداك أوكَتا وفوكَ نَفَخَ!
على سبيل المثال: لو أنَّ أحدنا دخل على صاحب تموينات يبيع فيها الدُّخان والمجلاَّت الفاسدة، فقال له: يا أخي! لماذا تبيعُ هذه المحرَّمات؟ فسيقول: لو لم أبعها؛ لما عامَلَني الزَّبائن. فليرد عليه قائلاً: وهل أنا إلاَّ من الزَّبائن؟ إنِّي سأقاطع تمويناتكم إلاَّ أن تطهِّروها من هذه المحرَّمات، ثم يأتي ثانٍ وثالثٌ ورابعٌ... ويكون لهم الموقف نفسه، وبعد ذلك ستجد أنَّ الرجل أخلى محلَّه من تلك المنكَرات، فإذا جاءه شخصٌ يبحث عن شيءٍ منها؛ قال له: إنَّ الزَبائن رفضوا أن يشتروا منِّي وعندي هذه الأشياء.
وهكذا تؤدِّي هذه الوسيلة مفعولها إذا تعاون أهل الخير، وأثبتوا وجودَهم، خاصَّة أنَّ الناس لا يزال فيهم خير كثير، مما يجعل إمكان استجابتهم كبيرًا بإذن الله تعالى.
* تاسعًا: التشهير:
إذا لزم الأمر، ودعا الموقف إلى اللجوء إلى التَّشهير بالمنكر وصاحبه؛ فلا بأس، كما تقدَّم معنا ذكر تصريح الرسول صلى الله عليه وسلم باسم ابن جميل وما فعل من منكر.
والتَّشهير يأخذ صورًا شتَّى، فليس بالضرورة أن يكون التَشهير إعلانًا على المنبر؛ بل له أساليب مختلفة، ولنضْرِب لذلك مثلين: أحدهما من القديم، والآخر من الحديث.
- المثال الأول: كان لأحد المترَفين في بغداد بيت تعلو منه أصوات الغناء والطَّرب والمزامير واللَّهو، فطرق عليه بعض الصالحين الباب؛ فلم يستجب، وحاولوا ثانية وثالثة؛ فلم يستجب لهم، وكان في بغداد قارئ بكَّاء مؤِّثر حسن الصوت، فجاء في أحد الأيام، وكان الناس مزدحمين في الشوارع، فجلس على عتبة هذا البيت الذي تعلو منه أصوات المنكرات، وأخذ بصوته العذب الجَهْوريِّ يرتِّل القرآن، فاجتمع الناس إليه، وامتلأ الشارع بهم، وعلت أصواتُهم بالبكاء والنشيج، حتى سمعهم الذين بداخل الدَّار، فخرج صاحبُها، وأخرج معه الطبول وسائر آلات اللهو، وسلَّمها للشيخ ليكسِّرها بيديه.
وعلى هذه الشاكلة استطاع هذا القارئ أن يغيِّر المنكر عن طريق التَّشهير؛ بدون أن يتكلَّف، وبدون أن يجافي الحكمة.
- المثال الثاني: ما فعله بعض الدعاة المعاصرين حين علم عن إقامة حفل غنائي فيه لهو وطرب ومنكَرات، وعجز عن إيقاف ذلك المنكر، فما كان منه؛ إلا أن أخبر الصالحين بأنه سوف يقيم محاضرة في مكان مجاور لمكان المنكَر، وفعلاً أقام المحاضرة، وأخذ يتكلَّم بكلام مؤثِّر جيد، فانسحب الناس من مكان الحفل إلى المحاضرة، وأوقف الحفل الغنائي.
وهكذا أوصد الباب في وجه المنكر وأهله بطريقة هادئة، لا مأخذ فيها على المصلح.
إنَّ هذه الوسائل ليست سوى أمثلة أو نماذج لوسائل أخرى كثيرة، يمكن أن يبتكرها الغيورون لإزالة المنكرات وتغييرها وحماية المجتمع منها، وسيجد المصلح أمامه مجالاً رحبًا للتفكير في تجديد الوسائل وتنويعها؛ متى كان جادًّا، منفعلاً لقضية الإسلام، متحلِّيًا بالعلم الصحيح الذي يفتح أمامه آفاق المجهول.
المصدر : كتاب وسائل دفع الغربة …. تأليف: سلمان بن فهد العودة
اعداد الصفحة للطباعة ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سفينة المجتمع
مسائل في الحسبة
شـبـهـات
فتاوى الحسبة
مكتبة الحسبة
حراس الفضيلة
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية