صحبة الخير
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13

{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء9

يسعدنا ان تشارك معنا
صحبة الخير
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13

{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء9

يسعدنا ان تشارك معنا
صحبة الخير
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

صحبة الخير

منتدي اسلامي ثقافي دعوي اجتماعي عام
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
 
بسم الله الرحمن الرحيم

رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ
صدق الله العضيم


 

 قتل النفس بغير حق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
soft
مشرف عام
مشرف عام
soft


عدد المساهمات : 2125
نقاط : 5953
السٌّمعَة : 5
تاريخ التسجيل : 20/05/2011

قتل النفس بغير حق Empty
مُساهمةموضوع: قتل النفس بغير حق   قتل النفس بغير حق Emptyالخميس يوليو 21, 2011 2:27 pm

الخطبة الأولى
أما بعد: فلا زال الكلام موصولاً بالخطبة السابقة حول قتل النفس التي حرم الله، وذلك لإزالة بعض الشبه الواردة على بعض الأذهان، ولمزيد إيضاح وبيان وجب القيام بكشفها إبراءً للذمة وخروجًا من الإثم وأداءً لواجب الأمانة في النصيحة، وحيث قد ورد ضمن الخطبة بأنه لا يجوز أن يقدم أي مسلم على قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وليس هذا الحق فوضى في مجتمعات المسلمين، بل سيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى.
ولكن ورود التعبير بأنه لا يجوز للرجل المسلم أن يقتل زوجته أو إحدى محارمه أو الرجل الذي وجده مهما كانت الغيرة، ومع أن الغيرة على المحارم واجبة، لكنه لا يجوز للمسلم أن يرتكب تلك الكبيرة العظيمة التي يبوء بإثمها في الدنيا والآخرة مقابل ارتكاب غيره لكبيرة من كبائر الذنوب هي أقل من تلك التي يقدم عليها، مع أنه ليس هو الذي قام بها أو رضي عن فاعلها أو بها، فإقدام المسلم على قتل مرتكب الزنا من المحارم أو الفاعل أو لمجرد الخلوة أو الشبهة جريمة عظمى وكبيرة من كبائر الذنوب في حق من أقدم على القتل، والحلول الشرعية أمامه متيسرة ولله الحمد والمنّة.
وهذه الشبهة الواردة في حديث سعد بن عبادة لا تعطي حق القتل لا من قريب ولا من بعيد، فالحديث واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، وبأنها الغيرة الواجبة التي يجب على المسلم أن يلتزم بها تجاه محارمه لتلك الغيرة المحمودة على المحارم، والتي أثبتها وأقرها الرسول حينما بلغه قول سعد بن عبادة ، وأخبر بأن الرسول محمدًا أغير منه، والله عز وجل أغير من الرسول محمد ومن كل البشر، ولا أحد أغير من الله، وغيرته سبحانه وبحمده أن يأتي الإنسان المحرمات التي حرمها تبارك وتعالى.
فغيرة المسلم على محارمه واجبة، والجنة حرام على الديّوث الذي يرضى الخبث في أهله ومحارمه، وليس في الحديث أدنى إشارة لإقرار قتل المسلم والإقدام على تلك الكبيرة العظيمة، لا من الرسول ولا من سعد بن عبادة الذي قال: لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مُصْفَح، وإلا كيف يضرب الرجل ويقرّ الفاحشة في امرأته حسب ظاهر الكلام؟! حاشاه من إقرار ذلك، إنما هي الغيرة عندما بلغه أنه لا بد من إتيان الرجل بأربعة شهداء على ارتكاب المرأة لتلك الفاحشة، فقال بأنه لن ينتظر حتى يأتي بالشهود، وإنما سوف يقتص ويقيم الحدّ فورًا، وهذا غير صحيح لما ورد في القرآن الكريم في آيات محكمة تتلى إلى يوم القيامة أذكرها بعد هذه الأحاديث التالية لمعرفة الحل الأمثل.
عن المغيرة بن شعبة أن سعد بن عبادة قال: لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مُصْفَح، فبلغ ذلك رسول الله فقال: ((تعجبون من غيرة سعد؟ والله، لأنا أغير منه، والله أغير مني، ومن أجل غيرة الله حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن)) الحديث رواه البخاري ومسلم رحمهما الله واللفظ للبخاري. وعن أبي هريرة أن رسول الله قال: ((المؤمن يغار، والله أشد غيرًا)) رواه مسلم رحمه الله. وعن عبد الله بن مسعود عن النبي قال: ((ما من أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرّم الفواحش، وما أحد أحب إليه المدح من الله)) رواه البخاري ومسلم رحمهما الله.
وفرق بين هذا القتل الذي يقدم عليه الشخص بمحض إرادته انتقامًا من الفاعل وغيرة على المفعول بها وبين الدفاع الذي يجب على المسلم أن يقف سدًا منيعًا ضد المعتدي والصائل، فعلى المسلم أن يدافع عن محارمه وماله ونفسه، فلو قُتل فهو شهيد، وإن قَتَل الصائلَ فالصائلُ المعتدي الظالمُ في النار، فالفرق بين الحالتين واضح وضوح الشمس.
عن سعيد بن زيد رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله يقول: ((من قُتِل دون ماله فهو شهيد، ومن قُتِل دون دمه فهو شهيد، ومن قُتِل دون دينه فهو شهيد، ومن قُتِل دون أهله فهو شهيد)) رواه أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه رحمهم الله. وعن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله فقال: يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجل يريد أخْذ مالي؟ قال: ((فلا تعطه مالك))، قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: ((قاتله))، قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: ((فأنت شهيد))، قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: ((هو في النار)) رواه الإمام مسلم رحمه الله.
إذًا الفرق واضح بين الدفاع عن النفس والمال والعرض والدين في حال اعتداء أي صائل عن المدافع عنها وبين الإقدام على قتل نفس ابتداءً، سواء بدافع الانتقام أو الحسد أو العداوة أو الغيرة التي استغُلت في الآونة الأخيرة وفي عدد من الدول المنتسبة للإسلام حتى وصلت الإحصاءات قبل شهر من الآن بأن النساء اللائي قُتِلْنَ لصيانة الشرف حسب زعمهم أكثر من تسعة آلاف امرأة، أقدم على قتلهن محارمهن، سواء كان من الأزواج أو الآباء أو الإخوان، حيث أعطي لهم الحق في تلك الدولة وغيرها في القتل الفوري دون تحقق ومعرفة حكم الإسلام وحكمته الواضحة للزجر من الإقدام على جريمة الزنا التي اشترط فيها ربُّ العزة والجلال أن يأتي القاذفُ بها بأربعة شهداء على مرتكب تلك الفاحشة؛ لعظم الأمر، ولئلا تشيع الفاحشة في المجتمع المسلم، ولئلا يتهاون الناس بأمر القذف بتلك الجريمة، ولأنه لن يستطيع الإتيان بأربعة شهود عليها، ولو أنه أتى بثلاثة وشهدوا أو الأربعة وتراجع أحدهم أو اختلفت شهادتهم لأقيم حدّ القذف على الجميع، وذلك لكي تُحفظ أعراض المسلمين ولا تُنتهك بتلك السهولة، ولئلا يستمرئها ضعاف النفوس، ولو أن مسلمًا قذف امرأته بذلك فإن لم يأت بالشهداء الأربعة فإن أمامه الملاعنة أو ما يسمى باللّعان بينه وبين زوجته حتى لا يقام عليه الحدّ، وهي الشهادة أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أنّ لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، وكذلك الحال بالنسبة لها تشهد أربع شهادات بالله إنه من الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين.
إذًا قتل النساء المحارم من قبل الرجال أو قتلهم للفاعلين أو المشتبه فيهم بهذه الطريقة الفوضوية أمر مرفوض في الإسلام، وليس له علاقة بهذه الصورة العشوائية التي يكون فيها المتّهم غالبًا إما غير مقرّ بالجريمة أو ليس عليه بيّنة أو مُحرّضٌ عليه للانتقام منه بتلك الصورة البشعة، وغير ذلك من الأسباب التي يعجز الأفراد عن الوصول إلى حقيقتها، وسوف يعجز أغلب البشر عن إثباتها على الغير لوجود ذلك الشرط المعجز في القرآن الكريم.
وأرجو أن يفهم ما أريده وهو ما فهمته من كتاب الله وسنة رسوله محمد ، وعلى أي مسلم أن يتذكر هذه الآية القرآنية من سورة النساء، ويضعها نصب عينيه قبل كل شيء، ثم أعقبها بآيات سورة النور التي فيها الحلول الناجعة والناجحة التي حارت عنها وابتعدت كثير من العقول، قال تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93]. وعلى المسلم أن يعلم ويعمل بالحلول الواضحة الواردة في الكتاب والسنة في هذا الأمر وغيره.
وليست الحدود لآحاد الناس وأفرادهم في المجتمع المسلم، يقيمونها على من يشاؤون وبأي طريقة وفي أي وقت، بل يعود ذلك لولاة الأمر وسلطاتهم القضائية والتنفيذية كما هو الحال في بلاد الحرمين، ولا يجوز لأي مسلم أن يقدم على الفوضى التي ظهرت على الساحة في البلاد المجاورة وغيرها.
والحلّ ابتداء للحدّ من هذه الجريمة هو تسهيل أمور الزواج الشرعي للجنسين، وعدم وضع العقبات في طريقهم بأي أسلوب كان، وإذا وقع شيء مما يغضب الله من وقوع الفاحشة فإن الحلّ هو كما ورد في أول سورة النور وفي سنة رسول الله وكما ذكرت سابقًا من الشروط. وأترك تفاصيل الحلول لخطبة أخرى، قال تعالى: سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الزَّانِي لا يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ [النور:1-9].
-------------------------
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدًا عبد الله ورسوله وصفيّه من خلقه، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وآله، وارض عن الصحابة أجمعين.
أما بعد: فقد تبيّن فيما سبق من الكلام بأنه ليس كل مقتول في النار كما يفهمه بعض الناس من الوعيد الوارد في الحديث، علمًا بأن الذي ورد في الحديث هو الذي يلتقي وجهًا لوجه ومناظرة وندًا لصاحبه ومماثلاً في الآلة المستخدمة للقتل أو مقاربًا له، ومستصحبًا النية بالحرص على قتل صاحبه، وهذا هو المفهوم العام للحديث الوارد عن رسول الله والذي قال فيه: ((إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار))، قلت: يا رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟! قال: ((إنه كان حريصًا على قتل صاحبه)) متفق عليه من حديث أبي بكرة نُفَيع بن الحارث الثقفي .
أما الآلة المستخدمة لقتل المسلم الواردة في الحديث فليست مقصورة على السيف، بل كل شيء أدى إلى القتل من حجر أو حديد أو أي مُثقّل أو عصًا أو بندقية أو مسدس أو صاروخ أو سيارة أو مدفع أو طائرة، كل هذا وغيره يدخل تحت هذا الوعيد في استخدام القتل المصاحب بالحرص على القتل للآخر، وهذا العموم في الآلات أيضًا يدخل فيه ذلك الذي يقتل نفسه بأي آلة أو وسيلة، حتى ذلك المفحّط الذي يلقي بنفسه إلى التهلكة، ويعرّض نفسه للموت متعمدًا، ويقتل آخرين أيضًا، وأتمنى أن أرى فتوى من أصحاب الاختصاص بهذا الشأن، وبأولئك الذين يعرّضون أنفسهم للموت، ويبتلون عباد الله من سائقي السيارات بأنفسهم، أولئك الذين خُصّصت لهم جسور للمشاة، ووضعت حواجز في طرق السيارات داخل المدن وخارجها، ثم يتركونها ويقتحمون الحواجز ويأتون إلى الطرق المخصصة لسير السيارات، ويعبرونها معرضين أنفسهم للهلاك، ومبتلين قائدي السيارات بأنفسهم، إما كسلاً منهم لصعود السلالم المخصصة لعبورهم عليها، وإما ابتلاءً وابتزازًا لأصحاب السيارات؛ لكي تقع عليهم الإصابات والحوادث ولو البسيطة دون الموت والمتمثلة في الجراح والكسور لكسب الأموال، وخاصة بعض الجنسيات الذين يُهدرون دماءهم، ويُهلكون أنفسهم، ويُوقعون غيرهم في مقاصدهم الشيطانية ليكسب أحدهم المال إن بقي حيًا، أو لإعطائه ورثته في بلاده بتلك الطرق اللئيمة التي أتمنى أن تصدر فيها فتوى شافية لإعطاء كل ذي حق حقه، وحيث تعدّوا على الآخرين وحقوقهم، واقتحموا طرقهم ومساراتهم، وتركوا الأماكن المعدّة لسيرهم ومشيهم، وكسروا الحواجز المانعة لهم ولأمثالهم من العبث والسير في غير الأماكن المخصصة لهم، قال تعالى: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195]، وقال عز وجل: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا [النساء:29، 30].
أعود للقول بأنه ليس كل مقتول مشمولاً بالوعيد الوارد في ذلك الحديث بدخول النار، بل قد يكون شهيدًا ومن أهل الجنة كما جاء ذلك في الأحاديث الأخرى التي ورد بعضها في الخطبة السابقة. وكذلك الحال في القاتل، ليس كل قاتل على الإطلاق يدخل النار، إنما هو ذلك الذي يقتل مؤمنًا متعمدًا أو نفسًا معصومة أخرى من المعاهدين والمستأمنين، أو يقتل نفسه بأي وسيلة وطريقة، فليس كل قاتل لنفسه أو لغيره يدخل النار، فقد يدخل الجنة مثل ذلك الذي يدفع الصائل المعتدي على نفسه أو عرضه أو ماله أو دينه، أو ذلك الذي يمكنه الوالي المسلم من القصاص من قاتل مورّثه المقتول، أو ذلك الذي يقتل الكفار في ساحات الجهاد.
وأودّ الإشارة والتنبيه إلى شيء في دفع الصائل بأنه لا يجوز أن يدفع من أول مرة بقتله، إنما يكون الدفع باستعمال ما يعيقه عن الحركة في اليدين والرجلين، ويمنعه من الاستمرار في جريمته التي يريد الإقدام عليها من انتهاك حرمات الآخرين في الأنفس أو الأموال أو الأعراض أو الدين، فإذا لم يندفع إلا بالقتل بعد فشل كل المحاولات التي تحول بينه وبين جريمته فعندها يُلجأ إلى القتل بعد تماديه في باطله وعدم إمكانية دفعه بما هو دون ذلك؛ لأن القتل لا يجوز من الوهلة الأولى.
وهذه الإيضاحات والملحوظات المستقلة في حينها عند كل مناسبة هي الطريقة الملائمة التي أراها وسلكتها واتخذتها أسلوبًا بقدر المستطاع للوصول إلى ما يثري الموضوع المطروح ليُستوفَى من معظم الجوانب إن لم تكن جميعها، وما وعدت بالحديث عنه يأتي في خطب قادمة إن شاء الله تعالى.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70، 71].
(1/4837)
________________________________________
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قتل النفس بغير حق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» النفس المطمئنة
» كتاب التوحيد - الاستعاذة بغير الله
» خطورة الفتوى والقول علي الله بغير علم
» انما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب
» انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
صحبة الخير  :: الاقسام الدينية :: «۩۞۩ مقالات اسلامية ۩۞۩»-
انتقل الى: