اكلي لحوم العلماء

الذين يأكلون لحوم العلماء ربما دفعهم الهوى للوقوع في أعراض علماء الأمة، قال الله تعالى "ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله" ص. وقال تعالى "فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم" القصص. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية صاحب الهوى يُعْميه الهوى ويُصمه. وكان السلف يقولون احذروا من الناس صنفين، صاحب هوى قد فتنه هواه وصاحب دنيا أعمته دنياه.
أو دفعهم النفاق وكره الحق قال تعالى "في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا" البقرة. وقال تعالى " وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنُؤمِن كما آمن السفهاءُ ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون"البقرة. وقال تعالى " وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون " البقرة.
فالمنافقين الكارهين للحق من العلمانيين والقوميين وأمثالهم يأكلوا لحوم العلماء لما في قلوبهم من مرض وبغض للحق وأهله. وأدرك العلمانيون أنه لا يمكن أن تقوم لهم قائمة والعلماء لهم شأن وهيبة في البلاد فأخذوا في النيل من العلماء وشرعوا في تشويه صورة العلماء وتحطيم قيمتهم بالدس واللمز والافتراء والاختلاف . فجرح العالم سبب في رد ما يقوله من الحق وجرح للعلم الذي معه "وهو ميراث النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ العلماء ورثةُ الأنبياء" وجرح العلماء تقليل لهم في نظر العامة، وذهاب لهيبتهم وقيمتهم في صدورهم وهذا يسُرُّ أعداء الله، ويفرحهم ويسهل تمرير مخططاتهم.

فمكانة العلماء وفضلهم معروف:
قال الله تعالى " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون" سورة الزمر
وقال تعالى " إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء" سورة فاطر
وقال تعالى " وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" سورة النساء وأولو الأمركما يقول أهل العلم هم العلماء
وقال تعالى " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير" سورة المجادلة
وقال النبي صلى الله عليه وسلم قال " من يرد الله به خيرا يفقه في الدين وإنما أنا قاسم والله عز وجل يعطي" حسن
وقال النبي صلى الله عليه وسلم " من سلك طريقا يطلب فيه علما ، سلك الله به طريقا من طرق الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع ، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ، ومن في الأرض ، والحيتان في جوف الماء ، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، وإن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء ، لم يورثوا دينارا ، ولا درهما ، إنما ورثوا العلم ، فمن أخذه أخذ بحظ وافر " صحيح
قال الحسن موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار. وقال الأوزاعي الناس عندنا أهل العلم ومن سواهم فلا شيء. وقال سفيان الثوري لو أن فقيها على رأس جبل؛ لكان هو الجماعة.
قال ابن المنير كما يذكر ابن حجر من لم يفقهه الله في الدين فلم يرد به خيراً.

ما الفضــل إلا لأهل العلـم إنهـمُ على الهدى لم استهدى أذلاء
وقــدر كل امرأ ما كـان يحسنـه والجاهلون لأهل العلم أعـداء

عن أي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن الله عز وجل قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته : كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن ، يكره الموت وأنا أكره مساءته" صحيح

قال ابن عساكر رحمه الله لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصهم معلومة، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب، بلاه الله قبل موته بموت القلب.
قول بعض العلماء أعراض العلماء على حفرة من حفر جهنم.

روى الخطيب البغدادي عن أبي حنيفة والشافعي رحمهما الله أنهما قالا إن لم يكن الفقهاء أولياء الله فليس لله ولي. قال الشافعي الفقهاء أي العلماء العاملون.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما من آذى فقيها فقد آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد آذى الله عز وجل.

ولْنقِفْ وقفة ً للتنبيه على خطورة اللسان لأننا قد تمادينا في التساهل بأمره، والغفلةِ عن صونه من الزّلل.
قال الله تعالى "إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم" النور
وقال تعالى في المنافقين "فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد" الأحزاب
وقال تعالى " يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم وتصِفُ ألْسِنَتُهم الكذب أنَّ لهم الحسنى " الفتح
وقال تعالى " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا " الأحزاب
وقال تعالى "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" ق
وقال تعالى "ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا " الإسراء
وقال تعالى " ولا يغتب بعضكم بعضاً أيُحبّ أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه" الحجرات
وقال تعالى " والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً " الأحزاب
وقال النبي صلى الله عليه وسلم " وهل يكبُّ الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم" صحيح
وقال النبي صلى الله عليه وسلم "من يضمن لي ما بين لحييه وما بين فخذية ؛ أضمن له الجنة " صحيح
وقال النبي صلى الله عليه وسلم " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" صحيح
وقال النبي صلى الله عليه وسلم " إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها، يزل بها إلى النار أبعد ما بين المشرق والمغرب " صحيح
وقال النبي صلى الله عليه وسلم "لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس، يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم " صحيح

قال ابن القيم رحمه الله كم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات ولا يبالي ما يقول.
ذُكر أحد العلماء عند الإمام أحمد بن حنبل وكان متكئاً من علة فاستوى جالساً وقال لا ينبغي أن يذكر الصالحون فنتكئ .
قال حاتم الأصم لو أن صاحب خبر جلس إليك ليكتب كلامك؛ لاحترزت منه، وكلامك يعرض على الله جل وعلا فلا تحترز

يُصاب الفتى من عثرةٍ بلسانه وليس يصاب المرء من عثرة الرجل
فعثرته في القول تذهب رأسه وعثرته بالرجل تبــــرأ على مهـــــل

احـفظ لسانـك أيهـا الإنـــسان لا يـــلـدغــنـك إنه ثـعـبانُ
كم في المقابر من قتيل لسانه كانت تهاب لقاءه الشجعانُ

الصمت زين والسكوت شجاعة فإذا نطقت فلا تكن مكثاراً
فـإذا نـدمـت على سكوتك مـــرة فلتندمن على الكلام مراراً

أعظـم الإثـم بعـد الـشرك نـعـلمه في كل نفس عماها عن مساويها
عـرفـتها بعـيوب الناس تــبـصرهـا منـهم ولا تبصر العيب الذي فيها

وأقول لاكل لحوم العلماء

يا ناطح الجبل العالي ليثلمه أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل
كناطح صخرة يوما ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعــــــل