د.عصام شرف قلبى مكسور
شيرين العدوى
كلما تذكرت لحظة التحرير حينما دخل الدكتور عصام شرف محمولا على الأعناق، وخرج محمولا على الأعناق، فى مشهد من أروع المشاهد، التى لم تحدث فى مصر منذ رحيل جمال عبد الناصر، بكيت وانكسر قلبى، ليس من أجل أنى حزينة لتولى د. عصام شرف المسئولية، ولكن لقول على بن أبى طالب: "يا دنيا يا دنيا، إليك عنى أَبِى تعرّضتِ؟ أم إلى تشوّقتِ؟ لا حان حينك، هيهات! غُرى غيرى، لا حاجة لى فيك، قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها! فعيشك قصير، وخطرك يسير، وأملك حقير، آه من قلة الزاد، وطول الطريق، وبعد السفر، وعظيم المورد".
كنا ننتظر أن يتولى أحد الشرفاء هذا الموقع، وأن ينصلح حال الدولة على يديه، لتخرج روح التحرير العظيمة فى بناء مصر، ليس فقط فى تنظيف الشوارع وطلاء الأرصفة، وهو عمل جليل لا نقلل منه، ولكن فى تنظيف الأرواح وبناء الأنظمة، كل فى مكانه يعمل بنفس روح خلية النحل التى رأيتها فى التحرير، بنفس التحضر والرقى، بنفس روح الوحدة الوطنية فلا فرق بين مسلم ومسيحى إلا بالتفانى فى حب الوطن.
أخشى عليك د. عصام شرف أيها النقى الطاهر من بطانة السوء، فلا تنسى الشرفاء المخلصين لسؤالهم، وقد كانوا بجانبك فى أحلك الظروف، لا تنسهم لترى معالم الطريق واضحة.
أما عن مطالبنا نحن الشعب، فأول هذه المطالب أن يعود الأمن إلى مصر على يد الشرفاء من جهاز الشرطة، فالعصابات المنظمة التى أطلقتها يد النظام القديم لترويع مصر وحرقها على خطة "الأرض المحروقة"، مازالت تعبث لتشوه صورة الثورة النظيفة البيضاء، وكذلك لتحريك المطالب الفئوية بالمظاهرات فى كل مكان وفى كل موقع، ولتؤكد للبسطاء من أبناء الشعب الذين يكدحون من أجل لقمة العيش يوما بيوم أن من خرجوا من أجلهم فى التحرير ضروهم، بل وهددوا عيشهم، وأمنهم واستقرارهم، إذا عاد الأمن أمن الناس فبدأ البناء.
وحتى يحدث ما نبتغيه عليك بمحاسبة المخطئين فى أسرع وقت، محاكمة عاجلة عادلة، واسترجاع حق الغلابة الجياع المطحونين من فم السباع، محاكمة ليس بها استئناف، ولا نقض؛ لتحقق العدالة الاجتماعية، ولتضيق الفجوة بين طبقات المجتمع.
ما حدث فى مفرمة أمن الدولة للمستندات وحرقها يطرح سؤالا حائرا، لماذا حدث هذا بعد استقالة د.أحمد شفيق؟ أدعوك د.عصام شرف لحماية مستندات مصر فى كل مكان حتى نستطيع محاسبة المخطئين، فهذه النقطة أعتبرها من ثغرات الثورة، كان لابد للثوار من حماية هذه المستندات، لأنهم علموا من اللحظة الأولى أن الدولة لن تقدم نفسها على طبق من ذهب لهؤلاء الثوار، وأنها ستدافع عما فعلته حتى آخر قطرة، ولكن ليس بطريقة القذافى الدامية؛ وإنما بطريقة تظهر أكثر تحضرا ولكنها فى واقعها أكثر فتكا.
لا أمتلك فى تلك اللحظة الفاصلة من تاريخ مصر إلا أن أنحنى إجلالاً وتعظيماً، للجيش المصرى الباسل، الذى حمى مصر عقوداً طويلة، ودافع عن شرفها فى سلمها وحربها، فى مرحلة تغييرها، وفى لحظة ألمها فلا ننسى تحية الشهداء التى عصرت قلوب الناس دمعا وحبا، وعندما ذكر الرئيس السابق لم تُلق له هذه التحية، أشفق على الجيش المصرى بقيامه بكل مهام الدولة فى هذه اللحظة الحرجة ببسالة خير أجناد الأرض. وأدعو د. عصام شرف أن يظل محمولاً على الأعناق، ولا أملك إلا أن أهديه قولين لعلى بن أبى طالب: "كن فى الفتنة كابن اللبون لا ظهر فيركب.. ولا ضرع فيحلب"، وابن اللبون هو ابن الناقة إذا استكمل سنتين. والقول الثانى "ومن كفارات الذنوب العظام إغاثة الملهوف، والتنفيس عن المكروب". فاقترب من شعبك واقرأ نبضهم وأغثهم تظل محمولا على أعناقهم.