أم عبد الرحمن عضو ملكي
عدد المساهمات : 1760 نقاط : 2851 السٌّمعَة : 9 تاريخ التسجيل : 28/08/2010
| موضوع: من روائع القرآن الكريم سارعوا، سابقوا الأحد يناير 23, 2011 10:55 pm | |
| من روائع القرآن الكريم سارعوا، سابقوا قال الله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)}. وقال سبحانه في سورة الحديد: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)}. والناظر في الآيتين يلحظ الفرق بينهما: ففي الآية الأولى قال سبحانه: {وَسَارِعُوا}، وفي الثانية قال: {سَابِقُوا}. وفي الآية الأولى قال سبحانه: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ}، وفي الثانية قال: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}. وفي الآية الأولى قال سبحانه: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}، وفي الثانية قال:{أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ}. هذا الفرق بين الآيتين اقتضاه السياق الذي وردتا فيه، ذلك أن الآية الأولى تتعلّق بالمتقين، وأما الآية الثانية فتتعلّق بالمؤمنين. ولما كانت التقوى وهي نتاج الإيمان أعظم درجاته وأرقى رتبه، كانت أفضل من مجرّد الإيمان؛ لأنّها تتضمّنه وزيادة، وكان التقّي أفضل من المؤمن العادي. وقد بيّن الله واقع المتّقين الذين أعدّت لهم جنة عرضها السماوات والأرض فقال: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135)}. (آل عمران). وإذا كانت التقوى أعلى رتبة من مجرد الإيمان، فقد لزم إذن التفرقة بين المتّقين وبين المؤمنين. وتتجلّى هذه التفرقة في الآيتين في موضعين: الأول في الخطاب، والثاني في الثواب. أمّا الخطاب، فقد خاطب الله تعالى المتّقين بدعوتهم إلى المسارعة (وسارعوا)، بينما خاطب المؤمنين بدعوتهم إلى المسابقة (وسابقوا). والفرق بينهما هو: أن المتّقين في تنافس وسباق، لذلك لم يحثّهم عليه لحصوله منهم، إنما حثّهم على مزيد منه وحضّهم على الأحسن منه، فحسن هنا أن يخاطبهم بالمسارعة. وعلى خلاف ذلك، فإنّ المؤمنين لم يحصل منهم التقدّم في الرتبة، والارتفاع بالمكانة، لذلك حثّهم على السباق ابتداء، فإذا حصل منهم شملهم الخطاب الداعي إلى الإسراع. أمّا الثواب، فقد اختلف باختلاف الرتب. ففي الآية الأولى حينما خاطب الله سبحانه المتّقين قال: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ}، وفي الآية الثانية حينما خاطب المؤمنين بعامة قال: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}. والفرق بينهما يكمن في كون الآية الأولى المتعلّقة بالمتّقين لم ترد بصيغة التشبيه للدلالة على أنّ هذا الثواب الموعود لا يضاهى ولا يماثل ولا يشابه. علاوة على هذا ففي الآية الأولى (عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ) وفي الثانية (عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ) وهذا يتضمّن الفرق بين الجنّتين من حيث السعة. والحكمة في هذا والله أعلم تتعلّق بأمرين: الأوّل، أنّ على قدر الأعمال يكون الجزاء. فأعمال المتقين أعظم من أعمال المؤمنين، لذلك كان ثوابهم أعظم. الثاني، أنّ ثواب المؤمنين حاصل لدى المتّقين بما قدّموا، ولكن لما حثّهم الحقّ سبحانه وتعالى على المزيد حسن هنا أن يعطيهم المزيد، فكان الحثّ على تقديم الأفضل مقترنا بالوعد بالأفضل. والله أعلم. منقووووووووووووووول يرحمنا ويرحمكم الله | |
|
أم عبد الرحمن عضو ملكي
عدد المساهمات : 1760 نقاط : 2851 السٌّمعَة : 9 تاريخ التسجيل : 28/08/2010
| موضوع: رد: من روائع القرآن الكريم سارعوا، سابقوا الأحد يناير 23, 2011 11:01 pm | |
| كلمة ( السماء ) تستعمل في القرآن الكريم على احد معنيين إما أن تكون لواحدة السماوات كقوله تعالى (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ الملك5 ).
وإما أن تكون لما عدا الأرض مما علا كالجو والسحاب والمطر والسقف والسماوات عموما وذلك كقوله تعالى ({وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }الروم24 ) والسماء هنا بمعنى السحاب وقوله ({اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }الروم أي يبسطه في الجو وقوله {أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }النحل79) وقوله ( الم ) وقوله تعالى (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ }الأنعام125) أي يأخذ في العلو والارتفاع وقوله ({يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً }نوح11) وهي هنا بمعنى المطر وقوله {وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }النمل75 {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ }الزخرف84) وهي هنا عامة تشمل السماوات السبع وغيرها فالسماء بالمعنى العام متسعة اتساعا كبيرا وهي تشمل السماوات السبع وغيرهن مما علا وارتفع عن الأرض
فلما جاء بالسموات قال (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ) فحذف كاف التشبيه ولما جاء بالسماء التي هي متسعة اتساعا كبيرا والسماوات جزء منها قال ( كعرض السماء والأرض ) فجاء بكاف التشبيه,
ثم ألا ترى كيف قال الله تعالى في كل من الآيتين ففي آية السماوات قال ( أعدت للمتقين ) وفي آية السماء قال ( أعدت للذين امنوا بالله ورسوله ) وذلك لان المتقين اخص من المؤمنين بالله ورسوله لان المتقي لا يكون الا مؤمنا
أما المؤمن بالله ورسله فقد لا يكون متقيا فالمؤمنون بالله ورسله أكثر من المتقين فجاء للطبقة الواسعة وهم المؤمنون بالله ورسله بذكر صفتها الواسعة ( كعرض السماء ) وجاء مع الطبقة الخاصة الذين هم اقل ممن قبلهم وهم المتقون بلفظ ( السماوات ) التي هي اقل سعة من السماء فناسب بين السعة والعدد ثم انظر كيف زاد في آية الحديد قوله (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }الحديد21 ) وذلك لما زاد تفضله على الخلق فوسع دائرة الداخلين في الجنة وجعلها في المؤمنين عامة ولم يقصرها على المتقين منهم ذكر هذا الفضل العظيم في آية الحديد ثم انظر كيف انه لما ذكر الجنة بأوسع صفة لها وذكر كثرة الخلق الداخلين فيها وذكر فضله العظيم على عباده قال ( سابقوا )
وفي الآية الأخرى قال ( سارعوا ) وذلك لان كثرة الخلق المتوجهين الى مكان ما تستدعي المسابقة إليه لا مجرد المسارعة,
فانظر كيف ذكر في آية الحديد ( المسابقة ) وهي تشمل المسارعة وزيادة وذكر ( السماء ) وهي تشمل السماوات وزيادة , وذكر المؤمنين بالله ورسله وهم يشملون المتقين وزيادة وزاد فيها ذكر الفضل على المغفرة والجنة فجعل في كل موضع ما يناسبه من الألفاظ , فجعلت حكمة الله.
- هذا من ناحية ,ومن ناحية أخرى أن كل آية مناسبة للسياق الذي وردت فيه فانه تقدم آية الحديد المسابقة في أمور الدنيا من لعب وزينة وتفاخر وتكاثر في الأموال هو مسابقة بين المتفاخرين والتكاثر في الأموال والأولاد إنما هو تبار وتسابق في جمعها فناسب أن يقول ( سابقوا إلى مغفرة ) فنبههم على ما تجدر فيه المسابقة ولم يتقدم آية آل عمران ما يدل على المسابقة وإنما تقدمها النهي عن أكل الربا والأمر باتقاء النار والأمر بطاعة الله والرسول فناسب الأمر بالمسارعة وعدم التواني في ذلك قال تعالى ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }آل عمران130) ولما تقدم ذكر متعاطفات في آيات آل عمران من نحو قوله ( لاتاكلوا الربا ) ( واتقوا الله ) ( واتقوا النار ) ( وأطيعوا الله والرسول ) ناسب أن يعطف عليها فقال ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ) ولما لم يتقدم آية الحديد ما يعطفها عليه قال ( سابقوا إلى مغفرة من ربكم ) من دون ذكر لواو العطف ولما تقدم آية آل عمران الأمر بالتقوى فقال ( واتقوا الله لعلكم تفلحون ) ( واتقوا النار التي لعدت للكافرين ) ناسب أن يقول في الجنة أنها ( أعدت للمتقين ) ولما تقدم آية الحديد ذكر المؤمنين بالله ورسله فقال ( والذين امنوا بالله ورسله أولئك هم الصد يقون ) ناسب أن يقول أنها ( أعدت للذين امنوا بالله ورسله ) وقال في آيات آل عمران ( أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء )وذلك انه تقدم الايه النهي عن أكل الربا أضعافا مضاعفة فدعا إلى الإنفاق في السراء والضراء فناسب أن يذكر أن الجنة للمنفقين وهم الذين يخرجون من أموالهم ابتغاء مرضاة الله في الرخاء والشدة لا لمن يأكل أموال الناس بغير وجه حق فالمؤمنون ينفقون في الشدة وأولئك يأكلون مال من وقع في الشدة فاضطر إلى الاستدانة وكذلك كل ما ذكر من صفات أخرى من نحو قوله ( والكاظمين ) كل ذلك تقدمه ما يناسب ذكره ولم يتقدم آية الحديد شئ من ذلك ولولا خشية الإطالة والابتعاد عما نحن يصدده لبينت ذلك بالتفصيل وختم آية الحديد بقوله ( ذلك فضل الله ) لما ذكر تفضله على عباده فذكر ان الجنة أعدت للذين امنوا بالله ورسله ولم يذكر شيئا آخر مع الإيمان حتى انه لم يذكر العمل وذلك أعظم الفضل جاء في ( تفسير الرازي) قوله ( أعدت للذين امنوا بالله ورسله ) فيه أعظم رجاء وأقوى أمل, إذ ذكر أن الجنة أعدت لمن آمن بالله ورسله ولم يذكر مع الإيمان شيئا آخر ومما يتأكد به ما ذكرناه قوله بعد هذه الآية ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) هذا علاوة على ماورد في سورة من أفضال أخرى من مضاعفة الأجور وانه يؤتي المؤمنين كفلين من رحمته ويجعل لهم نورا يمشون به ويغفر لهم فقال ( يأيها الذين اتقوا الله ) وختم السورة بفضله العظيم فقال (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّن فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }الحديد29) فناسب كل تعبير موضعه من كل وجه ...
المصدر:كتاب على طريق التفسير البياني الجزء الأول | |
|
جلال العسيلى مشرف عام
عدد المساهمات : 5415 نقاط : 7643 السٌّمعَة : 13 تاريخ التسجيل : 16/05/2010 العمر : 62
| موضوع: رد: من روائع القرآن الكريم سارعوا، سابقوا الإثنين يناير 24, 2011 5:16 pm | |
| بارك الله فيك على موضوعك القيم وجزاك الله خيرا | |
|
أم عبد الرحمن عضو ملكي
عدد المساهمات : 1760 نقاط : 2851 السٌّمعَة : 9 تاريخ التسجيل : 28/08/2010
| موضوع: رد: من روائع القرآن الكريم سارعوا، سابقوا الثلاثاء يناير 25, 2011 3:15 pm | |
| | |
|