مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: العجز والكسل مفتاح كل شر الإثنين ديسمبر 20, 2010 10:25 pm | |
| العجز والكسل مفتاح كل شر
للإمام ابن قيّم الجوزية رحمه الله الله – سبحانه وتعالى - يلوم على العجز، ويحب الْكَيْسَ ويأمر به. وَالْكَيْسُ: هو مباشرةُ الأسباب التي ربطَ الله بها مُسبِّباتِها النافعة للعبد في معاشه ومعاده، فهذه تفتحُ عمل الخيرِ، وأما العجزُ، فإنه يفتحُ عملَ الشيطان، فإنه إذا عَجَزَ عما ينفعُه، وصار إلى الأماني الباطِلة بقوله: لو كان كذا وكذا، ولو فعلت كذا، يفتح عليه عمل الشيطان، فإن بابَه العجزُ والكسل، ولهذا استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم منهما، وهما مفتاحُ كلِّ شر، ويصدر عنهما الهمُّ، والحَزَنُ والجُبْنُ، والبُخْلُ، وَضَلَعُ الدِّينِ، وغَلَبةُ الرِّجَالِ، فمصدرُها كُلها عن العجز والكسل، وعنوانها " لو " فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: « فَإِنَّ " لَوْ " تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ». فالمتمنِّي من أعجز الناس وأفلسهم، فإن التمني رأسُ أموال المفاليسِ، والعجزُ مفتاح كُلِّ شر. وأصل المعاصي كُلها العجزُ، فإن العبدَ يَعجِز عن أسباب أعمالِ الطاعات، وعن الأسباب التي تُبْعِدُه عن المعاصي، وتحول بينه وبينها، فيقعُ في المعاصي، فجمع هذا الحديث الشريف في استعاذته صلى الله عليه وسلم أصولَ الشر وفروعه، ومبادِيَه وغاياتِه، وموارِدَه ومصادرَه، وهو مشتمل على ثماني خصال، كُلُّ خصلتين منها قرينتان، فقال: « أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ »(*) وهما قرينان فإن المكروه الوارد على القلب ينقسِمُ باعتبار سببه إلى قسمين، فإنه إما أن يكون سببُه أمراً ماضياً، فهو يُحدِث الحَزَن، وإما أن يكون توقع أمر مستقبل، فهو يُحدث الهم، وكلاهما من العجز، فإن ما مضى لا يُدفع بالحزن؛ بل بالرضى، والحمد، والصبر، والإيمان بالقدر، وقول العبد قدر الله وما شاء فعل. وما يستقبل لا يدفع أيضا بالهم، بل إما أن يكون له حيلة في دفعه، فلا يعجز عنه، وإما أن لا تكون له حيلة في دفعه، فلا يجزع منه، ويلبس له لباسه، ويأخذ له عدته، ويتأهب له أهبته اللائقة به، ويستجن بجنة حصينة من التوحيد والتوكل، والانطراح بين يدي الرب تعالى، والاستسلام له والرضى به ربا في كل شيء، ولا يرضى به ربا فيما يحب دون ما يكره، فإذا كان هكذا، لم يرض به ربا على الإطلاق، فلا يرضاه الرب له عبدا على الإطلاق، فالهم والحزن لا ينفعان العبد البتة، بل مضرتهما أكثر من منفعتهما، فإنهما يضعفان العزم، ويوهنان القلب، ويحولان بين العبد وبين الاجتهاد، فيما ينفعه ويقطعان عليه طريق السير، أو ينكسانه إلى وراء، أو يعوقانه ويقفانه، أو يحجبانه عن العلم الذي كلما رآه شمر إليه، وجد في سيره، فهما حمل ثقيل على ظهر السائر، ... والمقصود أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم استعاذ مِن الهمِّ والحَزَنِ، وهما قرينان، ومِنَ العَجزِ والكَسَلِ، وهما قرينان، فإن تخلُّفَ كمالِ العبد وصلاحِهِ عنه، إما أن يكون لِعدم قدرته عليه، فهو عجز، أو يكونَ قادراً عليه، لكن لا يُريدُه فهو كسل، وينشأ عن هاتين الصفتين فواتُ كُلِّ خير، وحصولُ كُلِّ شر، ومن ذلك الشر تعطيلُه عن النفع ببدنه، وهو الجبن، وعن النفع بماله، وهو البخل، ثم ينشأ له بذلك غلبتان: غلبة بحق، وهي غلبة الدَّين، وغلبة بباطل، وهي غلبةُ الرِّجال، وكلُّ هذه المفاسد ثمرة العجز والكسل. ومن هذا قوله في الحديث الصحيح للرجل الذي قضى عليه، فقال: « حسبي الله ونعم الوكيل، فقال: « إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ، فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ » [رواه أبي داود: (3627)] فهذا قال: «حسبي الله ونعم الوكيل» بعد عجزه عن الكَيْس، الذي لو قام به، لقضي له على خصمه، فلو فعل الأسبابَ التي يكون بها كَيَّسا، ثم غُلِب فقال: حسبي الله ونعم الوكيل، لكانت الكلمةُ قد وقعت موقعها، كما أن إبراهيم الخليل، لما فعل الأسباب المأمورَ بها، ولم يعجِز بتركِها، ولا بترك شيء منها، ثم غلبَه عدوه، وألقوه في النار، قال في تلك الحال: « حسبي الله ونعم الوكيل » فوقعت الكلمةُ موقعها، واستقرت في مظانِّها، فأثَّرت أثرها، وترتب عليها مقتضاها. فالتوكل والحسب بدون قيام الأسباب المأمور بها عجز محض، فإن كان مشوباً بنوع من التوكل، فهو توكُّل عجز، فلا ينبغي للعبد أن يجعل توكُّلَهُ عجزاً، ولا يجعل عجزه توكلاً، بل يجعل توكُّله من جملة الأسباب المأمور بها التي لا يَتِمُّ المقصود إلا بها كلِّها. والمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد العبدَ إلى ما فيه غايةُ كماله، ونيلُ مطلوبه، أن يحرص على ما ينفعُه، ويبذُلَ فيه جهده، وحينئذ ينفعُه التحسب، وقول: «حسبي الله ونعم الوكيل» بخلاف من عجز وفرَّط، حتى فاتته مصلحته، ثم قال: «حسبي الله ونعم الوكيل» فإن الله يلومه، ولا يكون في هذا الحال حَسْبَه، فإنما هو حَسْبُ من اتقاه وتوكَّل عليه. ________________ (*) عن أنس بن مالك – رضي الله عنه - قال: كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما نزل، فكنت أسمعه يكثر أن يقول: « اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ ». متفق عليه قال ابن القيم : تضمن [هذا الحديث] الاستعاذة من ثمانية أشياء، كل اثنين منها قرينان مزدوجان: فالهم والحزن أخوان، والعجز والكسل أخوان، والجبن والبخل أخوان، وضلع الدين وغلبة الرجال أخوان: فإن المكروه المؤلم إذا ورد على القلب، فإما أن يكون سببه أمراً ماضيا، فيوجب له الحزن، وإن كان أمرا متوقعا في المستقبل، أوجب الهم، وتخلف العبد عن مصالحه وتفويتها عليه، إما أن يكون من عدم القدرة وهو العجز، أو من عدم الإرادة وهو الكسل، وحبس خيره ونفعه عن نفسه وعن بني جنسه، إما أن يكون منع نفعه ببدنه، فهو الجبن، أو بماله، فهو البخل، وقهر الناس له إما بحق، فهو ضلع الدين، أو بباطل فهو غلبة الرجال، فقد تضمن الحديث الاستعاذة من كل شر. | |
|
جلال العسيلى مشرف عام
عدد المساهمات : 5415 نقاط : 7643 السٌّمعَة : 13 تاريخ التسجيل : 16/05/2010 العمر : 62
| موضوع: رد: العجز والكسل مفتاح كل شر الإثنين ديسمبر 20, 2010 11:26 pm | |
| المسلم لا يعجز ولا يكسل ، بل يحزم وينشط ، ويعمل ويحرص ، إذ العجز والكسل خلقان ذميمان استعاذ منهما رسول الله( صلى الله عليه وسلم ) ، فكثيرا ما كان يقول : (( اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والهرم والبخل )). وأوصى ( صلى الله عليه وسلم ) بالعمل والحرص فقال : ((احرص على ما ينفعك ، واستعذ بالله ولا تعجز ،وإذا أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا ،ولكن قل قدر الله وما شاء فعل ، فإنلو تفتح عمل الشيطان )) . فلهذا لا يُرى المسلم عاجزا ولا كسولاً، كما لا يُرى جبانا ولا بخيلاً، وكيف يقعد عن العمل، أو يترك الحرص على ما ينفعه، وهو يؤمن بنظام الأسباب ، وقانون السنن في الكون ؟. ولم يكسل المسلم وهو يؤمن بدعوة الله إلى المسابقة في قوله ( سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها عرض السماء والأرض ) . ويأمره بالمنافسة في قوله : ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ) . ولم يجبن المسلم أو يحجم، وقد أيقن بالقضاء، و آمن بالقدر ، وعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه بحال من الأحوال ؟ ولم يقعد المسلم عن العمل النافع وهو يسمع هاتف القرآن به ( وما تفعلوا من خير فلن تكفروه، وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله، وهو خير وأعظم أجراً ) ؟ فمن مظاهر العجز والكسل : أن يسمع المرء نداء المؤذن للصلاة ويتشاغل عن الإجابة بنوم أو كلام أو عمل غير ضروري حتى يكاد يخرج وقت الصلاة ثم يقوم فيصلي منفردا في آخر وقت للصلاة. أن يقضي المرء الساعة والساعات على مقاعد المقاهي وكراسي المنتزهات أو متجولا في الشوارع والأسواق ولديه أعمال تتطلب الإنجاز فلا ينجزها. أن يترك المرء العمل النافع كتعلم العلم أو غراسه الأراضي أو عمارة المنازل وبناء الدور ، وما إلى ذلك من الأعمال النافعة في الدنيا أو الآخرة يتركها بدعوى أنه كبير السن ، أو انه غير أهل لهذا العمل ، أو أن هذا العمل يتطلب وقتا واسعا وزمنا طويلا ، ويترك الأيام تمر والأعوام تمضي ، ولا يعمل عملاًً ينتفع به في دنياه أو آخرته . أن يعرض له باب من أبواب البر والخير كفرصة حج ، وهو قادر عليه فلم يحج ، أو كوجود لهفان ، وهو قادر على إغاثته فلم يغثه ، أو كفرصة دخول شهر رمضان فلم يغتنم لياليه بالقيام ، أو كوجود أبوين كبيرين عاجزين ، أو أحدهما وهو قادر على برّهما وصلتهما والإحسان إليهما ولم يبرهما ولم يحسن إليهما عجزا و كسلا ، أو شحا وبخلا ، أو عقوقا ، والعياذ بالله . ان يقيم المرء بدار ذل أو هوان ، ولم يطلب له عجزا وكسلا دارا أخرى يحفظ فيها دينه ، ويصون فيها شرفه وكرامته. اللهم إنا نعوذ بك من العجز والكسل ونعوذ بك من الجبن والبخل ونعوذ بك من كل خلق لا يرضي وعمل لا ينفع، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
| |
|