إن السؤال الذي ينبغي أن يُسأل عنه كل عبدٍ مَنَّ الله تعالى عليه بنعمة الهداية والالتزام ..هل عرفت طبيعة الطريــق وكيفية السير عليه؟؟هل تم تحذيـــرك من العقبات التي ستواجهك؟؟[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وليس المقصود بالعقبات مجرد المواجهات الإجتماعية من اعتراضات الأهل والمجتمع من حولك على سلوكك طريق الالتزام، وإنما هناك أمور ومواجهات أخطر من ذلك بكثيـــر يحتاج الإنسان أن يتعرَّف عليها أثناء سيره في الطريق إلى الله عزَّ وجلَّ ..والناس قسمان: 1) قسمٌ يعرف الطريق وطبيعته ..2) والقسم الآخر لا يعرف طبيعة الطريق .. فهذا يريد أن يصل إلى الغاية وهي الجنـــة، ولكنه لا يعرف كيفية السيــر إليها .. {.. كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 71]يقول ابن القيم "قاعدة شريفة؛ الناس قسمان: علية وسفلة ..
فالعلية: مَنْ عَرَف الطريق إلى ربِّه وسلكها قاصدًا الوصول إليه .. وهذا هو الكريم على ربِّه ..والسفلة: من لم يعرف الطريق إلى ربِّه ولم يتعرفها .. فهذا هو اللئيم، الذي قال الله فيه {.. وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ ..} [الحج: 18]" [طريق الهجرتين (1:277)]لقد بيَّن لنا النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] طبيعة الطريق إلى الله تبارك وتعالى في هذا الحديث البالغ الأهمية، الذي يوضح خريطة مفصلة لكل ما ستواجهه على الطريق إلى الله عزَّ وجلَّ:عن النواس بن سمعان الكلابي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]: أن رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] قال "ضرب الله تعالى مثلاً صراطًا مستقيمًا، وعلى جنبتي الصراط سوران، فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داعٍ يقول: يا أيها الناس! ادخلوا الصراط جميعًا ولا تتعوجوا، وداعٍ يدعو من فوق الصراط ، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئًا من تلك الأبواب قال: ويحك لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تلجه، فالصراط الإسلام، والسوران حدود الله، والأبواب المفتحة محارم الله تعالى، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله، والداعي من فوق واعظ الله في قلب كل مسلم" [رواه أحمد وصححه الألباني، صحيح الجامع (3887)] فالصراط، هو: الإسلام .. وهذا هو الطريق إلى الله سبحانه وتعالى الذي ينبغي أن تسير وفقه.
والسوران: حدود الله ..
والأبواب المفتحة: محارم الله تعالى، وفتن الدنيــا التي تجذبك إليها فتنحرف عن الصراط المستقيم ..
والداعي على رأس الصراط: كتاب الله ..
والداعي من فوق: واعظ الله في قلب كل مسلم، وهذا الواعظ قد يكون عن طريق درس تستمع له، أو كتاب تقرأه، وكلها رسائل ربانية يرسلها الله تعالى عليك ليحذرك من فتح الأبواب للفتن:
ويحك لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تلجه!!
صفات الطريــق كما وضحها لنا النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]:يقول ابن القيم "ولا تكون الطريق صراطًا حتى تتضمن خمسة أمور: 1) الإستقامة .. 2) والإيصال إلى المقصود .. 3) والقُرب .. 4) وسعته للمارين عليه .. 5) وتعينه طريقًا للمقصود .. ولا يخفى تضمن الصراط المستقيم لهذه الأمور الخمسة. فوصفه بالإستقامة يتضمن قربه؛ لأن الخط المستقيم هو أقرب خط فاصل بين نقطتين وكلما تعوج طال وبَعُد .. واستقامته تتضمن إيصاله إلى المقصود .. ونصبه لجميع من يمر عليه يستلزم سعته .. وإضافته إلى المنعم عليهم ووصفه بمخالفة صراط أهل الغضب والضلال، يستلزم تعينه طريقًا" [مدارج السالكين (1:11,12)]ويقول ابن رجب الحنبلي "ضرب النَّبيُّ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] مثلَ الإسلام في هذا الحديث بصراطٍ مستقيمٍ، وهو الطريقُ السَّهلُ الواسعُ، الموصلُ سالكَه إلى مطلوبه، وهو - مع هذا - مستقيمٌ، لا عوَجَ فيه، فيقتضي ذلك قربَه وسهولته" [جامع العلوم والحكم (15:32)]
فالطريق قريـــب ..
وليست العبرة فيه بمن سَبَق، إنما العبرة بمن صَدَق وحصَّل الثمرات المرجوة من سيره في الطريـق إلى الله سبحانه وتعالى ..
فمن يدخل الطريق بصدق وإخلاص تجده موفقًا، فيقطع الطريق بسهولة ويُرْزَق حُسن الخاتمة بالرغم من عدم مرور وقت طويل على سلوكه طريق الهداية والالتزام ..وآخر ربما تكون مرت عليه سنوات في الطريق وطلب العلم على يد الكثيــر من الشيوخ، لكنه مازال متعلقاً برواسب الجاهلية التي تُثْقِلُه وتجعله لا يستطيع استشعار الطمأنينة وحلاوة الإيمان.عن عبد الله بن مسعود [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] قال: خطَّ لنا رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] خطًا، ثم قال "هذا سبيل الله"، ثم خطَّ خطوطًا عن يمينه وعن شماله، وقال "هذه سُبُل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه" ثم قرأ {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153] [رواه أحمد وحسنه الألباني، مشكاة المصابيح (166)] .. فورد سبيل الله مفردًا؛ لأنه واحد لا تعدد فيه .. وجُمِعَت السُبُل الأخرى؛ لأن سُبُل الضلالة كثيرة ومتعددة.وحينما تكلم الإمام ابن القيم عن الإفراد والجمع في المصطلحات القرآنية، قال "مما يدخل في هذا الباب: جمع الظلمات وإفراد النور، وجمع سبل الباطل وإفراد سبيل الحق، وجمع الشمائل وإفراد اليمين ..أما الأول: فكقوله {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ..} [الأنعام: 1]
وأما الثاني: فكقوله {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ..} [الأنعام: 153]
وأما الثالث: فكقوله {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ} [النحل: 48]
والجواب عنها يخرج من مشكاة واحدة وسر ذلك والله أعلم:
أن طريق الحق واحد، وهو على الواحد للأحد ..
كما قال تعالى {.. هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} [الحجر: 41]
قال مجاهد: الحق طريقه على الله، ويرجع إليه كما يقال طريقك علي" [بدائع الفوائد (1:127)]فإنك لن تُهدى إلى طريق الله عزَّ وجلَّ ولن تتمكن من السير عليه، إلا إذا استعنت بالله تعالى وحده .. أما إذا ركنت على نفسك ولو للحظة، وظننت أنه بإمكانك الاستعانة بقدراتك وإمكانياتك دون الاستعانة بحول الله وقوته فقد ضللت سواء السبيـــل.فالمقصود الأسمى هو الله جلَّ وعلا، ولا ينبغي أن يكون في القلب عبودية لسواه ..
وكثيرٌ من الناس يلتفتون عن الطريق، ويعيشون الوهم والخديعة الكبرى ويحسبـــون أنهم مهتدون!! .. وذلك لأنه قد تكون في قلوبهم عبودية للمال أو الجــاه أو حب الدنيــا وملذاتها الفانية.