صحبة الخير
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13

{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء9

يسعدنا ان تشارك معنا
صحبة الخير
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13

{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء9

يسعدنا ان تشارك معنا
صحبة الخير
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

صحبة الخير

منتدي اسلامي ثقافي دعوي اجتماعي عام
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
 
بسم الله الرحمن الرحيم

رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ
صدق الله العضيم


 

 رسالة من غريق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلم
Admin
مسلم


عدد المساهمات : 9693
نقاط : 17987
السٌّمعَة : 67
تاريخ التسجيل : 11/03/2010
العمر : 55

رسالة من غريق Empty
مُساهمةموضوع: رسالة من غريق   رسالة من غريق Emptyالأربعاء نوفمبر 03, 2010 5:38 pm

رسالة من غريق


أخي المسلم ! روى أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما طلعت شمس قط إلا بجنبتيها ملكان يناديان يسمعان من على الأرض غير الثقلين: أيها الناس! هلموا إلى ربكم، ما قل وكفى خير مما كثر وألهى. ولا غربت إلا بجنبتيها ملكان يناديان: اللهم! أعط منفقاً خلفاً، وأعط ممسكاً تلفاًَ). هذا الحديث رواه الطيالسي والإمام أحمد و ابن حبان و الحاكم و البغوي، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي ، وقال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح. وقال محقق الأنواع والتقاسيم لـابن حبان : صحيح على شرط مسلم . وهذا الحديث فيه الدعوة إلى الإخبات إلى الله سبحانه وتعالى، وعدم الانشغال بالدنيا، والاكتفاء منها بالقليل، (فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى). وحديثنا عبارة عن تذكرة وموعظة، وجهها أحد إخواننا الأفاضل، وهو: الأخ مجدي الهلالي في رسالة له بعنوان: (رسالة من غريق)، وهي تعكس حال كثير منا، فكثير منا يحتاج إلى هذه التذكرة الوجيزة البليغة، ولذلك -إن شاء الله- نتواصى بها.

يقول مجدي الهلالي: إن الناظر المتفحص لأحوالنا يجد الكثير منا قد جعل الدنيا أكبر همه ومبلغ علمه، يعدو وراءها ويلهث في سبيل تحصليها، كلما نال منها شيئاً ازداد طلبه لها وجريه وراءها علّه ينال منها أشياء أخرى، كما قال الشاعر: فما قضى أحد منها منالته ولا انتهى أرب إلا إلى أرب فالإنسان الذي يشتغل بالدنيا ويؤجل الأعمال الصالحة إلى أن يفرغ لا يمكن أبداً أن يفرغ؛ لأن آمال الدنيا لا تنتهي، ولا يقضي أحد وطره منها أبداً، فعليه أن يجعل الهموم هماً واحداً، وهو إرضاء الله سبحانه وتعالى، فيتولى الله سبحانه وتعالى تيسير أمور دينه ودنياه. أما أحوالنا في الآخرة فتجارتها عندنا كاسدة، ولا يلتفت إليها إلا أقل القليل، مع أن المتأمل لآيات القرآن الكريم يجد أن الله سبحانه وتعالى -عند الحديث عن الآخرة- يحثنا على السعي الحقيقي إليها، فنتأمل تعبيرات القرآن، كقوله تعالى: { فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ } [الذاريات:50] فالذي يفر لا بد من أن يكون مسرعاً جداً، وكذلك قوله تعالى: { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } [آل عمران:133]، وقال أيضاً: { سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ } [الحديد:21]، وقال أيضاً: لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ [الصافات:61]، وقال: { وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ } [المطففين:26]، فهناك تنافس أمرنا به، وهناك تنافس نهينا عنه، فأما الذي أمرنا به فهو التنافس في الآخرة، وأما الدنيا فقد قال فيها عليه الصلاة والسلام: (ولا تنافسوا) يعني: في أعراض الدنيا. ومع ذلك فإنك تجد أغلب الناس يتنافسون في الدنيا، ويغفلون عن التنافس في الآخرة. وكذلك نجد أن الأمر بتحصيل الدنيا يرشد إلى أنه أهون وأبطأ، كما قال سبحانه وتعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ [الملك:15] فلم يقل: اسعوا، أو سابقوا، أو { وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ } ولم يقل أيضاً: { لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ }، ولم يقل فيها: سابقوا إلى الدنيا. وإنما قال: (فَامْشُوا) والمشي يكون أهون وأبطأ. وقال تعالى: { فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ } [الجمعة:10] وحينما تكلم عن صلاة الجمعة في أول الآيات قال تعالى: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة:9] أي: بادروا. وأما قوله: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ} فهو مجرد انتشار لطلب الرزق الحلال. والحقيقة الباقية والقائمة هي أن القلب لا يتسع أبداً للدنيا والآخرة معاً، فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: (من أحب دنياه أضر بآخرته، ومن أحب آخرته أضر بدنياه، فآثروا ما يبقى على ما يفنى) فهما ضرتان، إذا أرضيت إحداهما أسخطت الأخرى، ومن ظن أنه سيرضي الاثنتين فقد ظن ما لا يقع أبداً ولا يكون، فإما أن نختار الدنيا وإما الآخرة. ......
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sohptelker.hooxs.com
مسلم
Admin
مسلم


عدد المساهمات : 9693
نقاط : 17987
السٌّمعَة : 67
تاريخ التسجيل : 11/03/2010
العمر : 55

رسالة من غريق Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسالة من غريق   رسالة من غريق Emptyالأربعاء نوفمبر 03, 2010 5:40 pm

ليس معنى الكلام السابق الإعراض الكامل عن الدنيا، وفهم الزهد في الدنيا على أنه الفقر والحرمان والرغبة عنها بالمرة، بل حقيقة الزهد في الدنيا تجريد القلب عن محبتها، فالمسكنة التي يحبها الله سبحانه وتعالى من عبده والتي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلبها في قوله: (اللهم! أحيني مسكيناً، وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الله سبحانه وتعالى أن يرزقه حبه، وحب من يحبه، وأن يرزقه حب المساكين، وأمره الله تعالى أن يلزم هؤلاء الذين يريدون وجه الله سبحانه وتعالى، وأن لا يعرض عنهم إلى أصحاب الدنيا كما بين ذلك في أكثر من موضع في القرآن الكريم كقوله تعالى: { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } [الكهف:28] المسكنة المقصودة هنا ليست مسكنة الفقر؛ لأن الفقر شيء مذموم، ويكفي في ذمه أن الرسول عليه الصلاة والسلام قرنه بالكفر فقال: (أعوذ بك من الكفر والفقر) كما في أذكار الصباح والمساء، فإنّ المال عون على الدين، فإنه يؤدى به فرض الزكاة وغيرها من الفروض، ويستغنى به عن القرض، ويصان به العرض، فالمال -بلا شك- أمر مهم، ولكن المقصود بالمسكنة مسكنة القلب، وهي إخبات القلب وذله وخشوعه وتواضعه لله سبحانه وتعالى، وهذه المسكنة لا تنافي الغنى، فيمكن أن يكون الإنسان غنياً مكتفياً وفي نفس الوقت يكون مسكيناً مستكيناً ذليلاً لله سبحانه وتعالى، فليس هناك تلازم بين الفقر والمسكنة. فالزهد بينه الله تبارك وتعالى في قوله: { لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ } [الحديد:23] هذا هو الزهد كما قال الجنيد رحمه الله تعالى. قال تعالى: { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ } [الحديد:22-23] أي: لا تأسوا على ما فاتكم من أمور الدنيا؛ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ [الحديد:23] فالزاهد لا يفرح من الدنيا بموجود، ولا يأسف منها على مفقود. قال الإمام أحمد في الزهد: هو عدم فرحه بإقبالها وحزنه على إدبارها. ويقول الإمام أحمد وقد سئل عن الرجل يكون معه ألف دينار هل يكون زاهداً؟ قال: نعم، على شريطة أن لا يفرح إذا زادت، ولا يحزن إذا نقصت. فليس الزاهد من لا مال عنده، وإنما الزاهد من لم يشغل المال قلبه وإن أوتي مثل ما أوتي قارون ، فالتحذير إنما هو من تغلغل الدنيا في قلوب الناس، فتتحول نياتهم من عمل لرفعة الإسلام وعبادة الله إلى طلب جاه ومنصب ومال، فالمطلوب أن تكون الدنيا في يد الإنسان لا في قلبه. وقد ضرب بعض أخواننا مثالاً طيباً لتوضيح هذه الحقيقة فقال: الدنيا مثل السفينة، فالسفينة ما دام الماء خارجها تستطيع أن تمشي في البحر الخضم سالمة ناجية، أما إذا دخلها الماء واستقر داخلها فإنها تغرق وتهلك، فكذلك الدنيا، فإن أهم شيء أن لا يستقر حبها في قلب المؤمن، فإذا دخلت في القلب أفسدت عليه دينه، ولذلك يقول عليه الصلاة والسلام: (ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه) يعني أنّ حرص المرء على المال والشرف يفسد دينه أكثر مما يفسد الذئبان الجائعان اللذان أرسلا في غنم لا راعي لها، فكيف الظن بذئبين جائعين مطلقي الحرية في الفتك بهذه الغنم؟! فالفساد الذي يتحصل من وراء هذين الذئبين ليس أشد من الفساد الحاصل من حرص المرء على المال والشرف على الدين، فمكر الشيطان هو محاربتنا بسلاحنا، فيأتينا من حيث لا نتوقع. يقول: فالكثير منا عندما يعاب عليه انشغاله بالدنيا فإنك تجد الحجج والمعاذير والتبريرات التي لا تنتهي معدة جاهزة عنده سلفاً مثل السهام والصورايخ، فإذا قلت له: هون عليك، أو ما قاله عليه الصلاة والسلام: (إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب) يعني: هونوا عليكم في طلب الدنيا، ولا تستميتوا في طلبها. فتجد أنك إذا ذكرته بمثل هذا المعنى يسارع في الاستدلال بقول الله تبارك وتعالى: { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } [الملك:15]، وقوله تعالى: { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ } [الأعراف:32]. والسعي في طلب الرزق يشغل في الإسلام حيزاً محدوداً، فلا يكون طلب الرزق هو كل ما يشغل الإنسان، فهذا أحد واجبات الفرد المسلم وليس كل واجباته. وقد يتشدق بعضهم بهذه المقولة التي يجعلها كأنها آية قرآنية، أو حديث عن المعصوم عليه الصلاة والسلام، وهي (العمل عبادة) أو (طلب الدنيا عبادة)، ومنهم من يحول بين المرءوسين أو العاملين عنده -سواء في مدرسة، أو في مصنع، أو في أي مكان- وبين الصلاة، فيقول لمن يريد الصلاة: نحن في عبادة. حتى لو خرجت الصلاة عن وقتها، وقد تؤدى الامتحانات ساعة صلاة الجمعة، ويقولون: العمل عبادة. وهذا من تلبيس إبليس على هؤلاء الجهلة، فالنفقة على الأهل وعلى الأولاد وطلب الرزق الحلال جزء من الواجبات على المسلم، وعندك الوقت كله، فكيف تنشغل عن الوقت الذي هو مخصص لأداء واجب الصلاة والله تعالى يقول: { إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } [النساء:103]؟! فالمسلم مطالب بإصلاح نفسه وتزكيتها، وتربية أهله، والعمل لدين الله سبحانه وتعالى من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك، كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } [التحريم:6]، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (تعس عبد الدينار، وعبد الدرهم، وعبد الخميصة) فتجدهم منشغلين بجمع المال أو طلب الدنيا، ويتجرأ بعض الجهلة ويفتيهم بأنه إذا عاد أحدهم إلى البيت في المساء فإنه يجوز له أن يجمع كل الصلوات، فيجوز أن يُصلي الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء جميعاً قبل أن ينام. ومما يؤسف له أن كثيراً من الناس ينخدعون بهذا الفتاوى المضلة، ويفعلون هذه الجريمة الكبرى، فهؤلاء آثمون قطعاً، ويجب عليهم أن يسألوا أهل العلم وأن يسألوا أهل الذكر ليبينوا لهم الحكم، فهذا ضلال مبين، وإخراج الصلاة عن وقتها بحجة طلب الدنيا من كبائر الذنوب، يقول عليه الصلاة والسلام: (تعس عبد الدينار، وعبد الدرهم، وعبد الخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع) رواه البخاري . يقول الأخ الفاضل هنا: هذه الرسالة أرسلها إلى كل مسلم أحاطت به الدنيا، فصار أسيراً لها تسيره كيف شاءت، أرسلها طالباً من الله عز وجل أن تصله قبل فوات الأوان، وسماها: (رسالة من غريق). إنّ هذه الرسالة فيها الـحُسن في التعبير، والصدق في الشعور، وكثير منا -بل أغلبنا- يحتاج لهذه التذكرة. يقول المرسل لهذه الرسالة: إخواني في الله! يرسل إليكم هذه الرسالة أخ لكم يعيش بينكم بآمالكم وآلامكم، هذا الأخ انتبه فجأة فوجد نفسه يغرق ويغرق، ونظر حوله فوجد الكثير منكم مثله يغرقون، وعندما حدق النظر فيهم وجدهم جميعاً في ظروف واحدة، ومناخ مشترك، ووجد أغلبهم متزوجاً، أو تخرج من الجامعة وانشغل بالوظيفة، فعلم أن سبب غرقه وغرقهم يرجع إلى الانغماس في الدنيا، فهو ينام على تفكير في الرزق والأولاد والسفر ... إلى آخره، ويستيقظ على موعد العمل لا على موعد الصلاة، وفوجئ أنه لا يحافظ على صلاة الفجر التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم : (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها)، وأما بقية الصلوات فالخشوع فيها نادر، والدنيا قد استولت على قلبه. فعندما أراد صاحبنا أن يتذكر آخر يوم صامه تطوعاً خانته ذاكرته، وعندما أراد أن يتذكر آخر ليلة قامها فوجئ أنها في رمضان، وبحث عن مصحفه فوجد أن التراب يعلوه، ونظر إلى مكتبته فأحس أن الكتب تبكي من إهمالها، وتشكو إلى الله التراب الذي يعلوها. وتأمل حاله فوجد أنه لا يذكر الله إلا في المناسبات، وفي صباح يوم من الأيام استيقظ على وفاة أحد أقرانه الذي كان يتمتع بصحة جيدة، ولا توجد أي أمراض عنده، وذهب مع الأهل والأقارب لدفنه، وعندما حانت لحظة إدخاله القبر وإهالة التراب على وجهه هزه هذا المنظر هزاً عنيفاً، وزلزل كيانه، وجعله يفيق من غفوته، ويستيقظ من سباته، ويتذكر أنه لا بد من دخول هذا القبر الموحش الذي لا أنيس فيه إلا العمل الصالح. فانتبه صاحبنا فوجد نفسه يغرق في الدنيا، فبكى على نفسه وانتحب، وتذكر حاله في بداية طريقه إلى الله وأثناء الدراسة الثانوية والجامعية، لقد كان محافظاً على الصلوات في المسجد خصوصاً صلاة الفجر، وكان المصحف لا يغادر جيبه إلا عند دخول الخلاء، ولم يكن يمر الأسبوع إلا ويكون قد صام فيه، وكانت له مع الليل وقفات يناجي فيها ربه عز وجل، فما الذي حدث؟......
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sohptelker.hooxs.com
مسلم
Admin
مسلم


عدد المساهمات : 9693
نقاط : 17987
السٌّمعَة : 67
تاريخ التسجيل : 11/03/2010
العمر : 55

رسالة من غريق Empty
مُساهمةموضوع: رد: رسالة من غريق   رسالة من غريق Emptyالأربعاء نوفمبر 03, 2010 5:43 pm

تذكر الأخ أن بداية التدهور في حاله كانت بعد التخرج من الجامعة، وعندما أصبحت عليه تكاليف معيشية، وأعباء مالية، وتطلعات مستقبلية، فعليه أن ينفق على نفسه، وعليه أن يتزوج، وعليه أن يعد المسكن، فإذا أعده فعليه أن يزوده بالثلاجة وسائر الكماليات، وعليه وعليه..، فبدأ يتنازل تدريجياً عن طاعات كان يؤديها، وزين له الشيطان سوء عمله، وأنها فترة قصيرة وستنقضي، ولكنها طالت وطالت، وأصبح التنازل صفته، وكل يوم تزداد الدنيا تزيناً له، فأصبح يعمل في وظيفة من الصباح حتى العصر، ويرجع إلى بيته في وقت الغداء، ويرجع بعد العصر لوظيفة أخرى حتى العشاء، وأخرى من بعد العشاء حتى الحادية عشرة أو الثانية عشرة ليلاً، ثم يعود إلى البيت وهو يحلم بالسرير لكي يرتمي عليه، وينام حتى يستيقظ على عمله في الصباح، وهكذا كل يوم. وانطبق عليه قول القائل: نرقع دنيانا بتمزيق ديننا فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع وأصبح الذي يربطه بالإسلام هو مظهره إن كان يحافظ عليه، وصلاته التي يعلم الله مدى خشوعها، أما بقية يومه فللدنيا. وعندما انتبه هذا الأخ إلى حاله، وفوجئ بهذا الواقع المرير، علم أنه سائر في طريق الهلاك لا محالة، فربما ترك الصلاة كما ترك ما قبلها، وربما تخلص من مظهره الإسلامي كما تخلص من أشياء كثيرة كان يظن سابقاً أنه من المحال التنازل عنها. وعندئذ انتابت هذا الأخ موجة شديدة من الأسى والحزن على نفسه، فتناول أحد كتب الرقائق من مكتبته، فإذا به يرى أطباء القلوب قد شخصوا هذا المرض منذ ظهوره، فيقول الإمام الغزالي رحمه الله تعالى: فمن العجائب أننا إذا أردنا المال في الدنيا زرعنا وغرسنا واتجرنا، وركبنا البحار والبراري، وخاطرنا، واجتهدنا، وتعبنا في طلب أرزاقنا، ولا نثق بضمان الله لنا، ثم إذا طمحت أعيننا نحو الملك الدائم المقيم قنعنا بأن نقول بألسنتنا: اللهم اغفر لنا وارحمنا! والذي عليه رجاؤنا وبه اعتزازنا ينادينا ويقول: { وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى } [النجم:39]، ويقول: { وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ } [لقمان:33]، ويقول: { يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ } [الانفطار:6]. يعني: إذا كان طلب الرزق الذي هو مضمون تكد وتتعب، وإذا قال لك أحد: هون عليك فإن الرزق مضمون فإنك تقول له: كل شيء بسبب فتسعى وتكد، فكذلك في الآخرة -أيضاً- لا بد من أخذ هذه الأسباب، خاصة أن الله لم يضمن لك الجنة، ولكن قال: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}. يقول: كل ذلك لا ينبهنا، ولا يخرجنا من أودية غرورنا وأمانينا، وصدق الشاعر عندما قال: أرى رجالاً بأدنى الدين قد قنعوا وما أراهم رضوا في العيش بالدون فاستغن بالدين عن دنيا الملوك كما اسـ ـتغنى الملوك بدنياهم عن الدين قال الحسن : المبادرة المبادرة، فإنما هي الأنفاس لو حبست انقطعت عنكم أعمالكم التي تتقربون بها إلى الله عز وجل؛ فرحم الله امرأ نظر إلى نفسه، وبكى على عدد ذنوبه.......
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sohptelker.hooxs.com
 
رسالة من غريق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
صحبة الخير  :: الاقسام الدينية :: «۩۞۩ مقالات اسلامية ۩۞۩»-
انتقل الى: