صحبة الخير
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13

{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء9

يسعدنا ان تشارك معنا
صحبة الخير
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13

{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء9

يسعدنا ان تشارك معنا
صحبة الخير
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

صحبة الخير

منتدي اسلامي ثقافي دعوي اجتماعي عام
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
 
بسم الله الرحمن الرحيم

رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ
صدق الله العضيم


 

 معالم علي الطريق

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
مسلم
Admin
مسلم


عدد المساهمات : 9693
نقاط : 17987
السٌّمعَة : 67
تاريخ التسجيل : 11/03/2010
العمر : 55

معالم علي الطريق  Empty
مُساهمةموضوع: معالم علي الطريق    معالم علي الطريق  Emptyالجمعة أكتوبر 22, 2010 10:36 am

معالم علي الطريق
قد يسير المرء في الطريق إلى الله تبارك وتعالى لسنــوات، يطلب فيها العلم ويستمع للمواعظ .. ولكن عندما يبحث عن أثرٍ لهذا العلم لا يجده! .. وبعد أن كان نشيطًا ومتحمسًا في بداية الطريق، يشكو الآن من فتوره وضيــاع إيمانياته وسط بحر الدنيـــا والانشغالات ..
لذا يحتــاج الإنسان منَّا بين الحين والآخر أن يتوقف ويحـــاسب نفسه، ويسألها عن ثلاثة أشيــاء:
1) ماذا عَرِفَ عن ربِّه؟ .. 2) ماذا عَرِفَ عن نفسه؟ .. 3) ماذا عَرِفَ عن الطريـــق؟
وما سوى ذلك فهو انشغال بمفضولات عن الفاضل،،
معالم علي الطريق  Rose-sep
الطريقة المُثلى لتعلُّم العلم النــافع ..
أما العلم المنشود الذي يتحقق به الهدف، فقد فصَّله الإمام ابن القيم، فقال:
"للإنسان قوتان: قوة علمية نظرية، وقوة عملية إرادية .. وسعادته التامة موقوفة على استكمال قوتيه: العلمية والإرادية، واستكمال القوة العلمية إنما يكون:
1) بمعرفة فاطره، وبارئه .. ومعرفة أسمائه وصفاته ..
2) ومعرفة الطريق الذي توصل إليه ..
3) ومعرفة آفاتها ..
4) ومعرفة نفسه ..
5) ومعرفة عيوبها ..
فبهذه المعارف الخمسة يحصل كمال قوته العلمية، وأعلمُ الناس أعرفهم بها وأفقههم فيها" [الفوائد (1:19)]
فإذا لم تعرف طبيعة الطريق الموصلة إلى الله عزَّ وجلَّ والعوائق التي عليه، لن تستطيع أن تسير فيه وعند مواجهة أول ابتلاء لن تستطيع أن تَثْبُت .. فلابد أن تتعلَّم تلك الأمور الخمسة التي ذكرها الإمام ابن القيم .. وإن لم تتوصل بالعلم الذي تطلبه إلى معرفة ربَّك ونفسك وطبيعة الطريق الموصلة إلى الله تبارك وتعالى، فليس هذا هو العلم المنشود.
معالم علي الطريق  Rose-sep
ولا تنشأ القوة العملية للإنسان إلا عن المعرفة ..
يُكمِل ابن القيم قائلاً "واستكمال القوة العلمية الإرادية لا تحصل إلا بمراعاة حقوقه سبحانه على العبد، والقيام بها إخلاصًا وصدقًا ونصحًا وإحسانًا ومتابعةً وشهودًا لمنته عليه، وتقصيره هو في أداء حقه، فهو مستحي من مواجهته بتلك الخدمة؛ لعلمه أنها دون ما يستحقه عليه ودون ذلك، وأنه لا سبيل له إلى استكمال هاتين القوتين إلا بمعونته .. فهو يهديه الصراط إما المستقيم الذي هدي إليه أولياؤه وخاصته، وأن يجنبه الخروج عن ذلك الصراط إما بفساد في قوته العلمية فيقع في الضلال، وإما قوته العملية فيوجب له الغضب" [الفوائد (1:19)]
فإذا فسدت قوته العلمية .. وقع في الضلال ..
وإذا فسدت قوته العملية .. وقع عليه الغضب ..
ولا تتم سعادة الإنسان إلا باجتماع العلم والعمل،،
معالم علي الطريق  Rose-sep
أصول معرفة الطريــق المستقيم من سورة الفاتحة ..
يقول ابن القيم "فكمال الإنسان وسعادته لا تتم إلا بمجموع هذه الأمور، وقد تضمنتها سورة الفاتحة وانتظمتها أكمل انتظام فإن قوله:
{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (*) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (*) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 2,4]
يتضمن الأصل الأول، وهو: معرفة الربُّ تعالى، ومعرفة أسمائه وصفاته وأفعاله .. والأسماء المذكورة في هذه السورة هي أصول الأسماء الحسنى، وهي: اسم الله والربُّ والرحمن .
فاسم الله متضمن لصفات الألوهية، واسم الربُّ متضمن لصفات الربوبية، واسم الرحمن متضمن لصفات الإحسان والجود والبر .. ومعاني أسمائه تدور على هذا.
وقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] .. يتضمن معرفة الطريق الموصلة إليه، وأنها ليست إلا عبادته وحده بما يحبه ويرضاه، واستعانته على عبادته.
وقوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] .. يتضمن بيان أن العبد لا سبيل له إلى سعادته إلا باستقامته على الصراط المستقيم، وأنه لا سبيل له إلى الاستقامة على الصراط إلا بهدايته.
وقوله: {.. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] .. يتضمن بيان طرفي الانحراف عن الصراط المستقيم، وأن الانحراف إلى أحد الطرفين انحراف إلى الضلال الذي هو فساد العلم والاعتقاد، والانحراف إلى الطريق الآخر انحراف إلى الغضب الذي سببه فساد القصد والعمل .
فأول السورة رحمة وأوسطها هداية وآخرها نعمة" [الفوائد (1:19)]
معالم علي الطريق  Rose-sep
طبيعة السبيـــل إلى الله عزَّ وجلَّ
لقد وردت الأصول لمعرفة الطريق إلى الله عزَّ وجلَّ في سورتي المزمل والإنسان، التي وضحت لنا الأسس والدوافع لاتخاذ السبيـل إلى الله تبــارك وتعالى ..
أُسس السيــر إلى الله تعالى من سورة المزمل ..
الأساس الأول: المنهج الربَّاني لإدارة الحيــــاة ..
قال تعالى {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (*) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (*) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (*) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (*) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (*) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (*) إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (*) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: 1,8]
فوضحت لنا السورة الكريمة الأربعة الأسس التي ينبغي أن يُقيم عليها العبد سيرهُ إلى الله تعالى، وبها يكون الثبــات والاستقامة .. وتلك الأسس هي:
1) القيــــام .. ولن يكفيــك مجرد ركعتين قصيرتين قبل الفجر، وإنما أن تقوم الليـــل وتقضي لحظــات المنــاجــاة للتعرُّف على ربِّكَ عزَّ وجلَّ.
2) تلاوة القرآن .. ولن تُجدي القراءة السريعة بهدف جمع الحسنـات، إنما أن تُرَتِل القرآن وتتذوق كلماته وتستشعر معانيه؛ فإن ترتيل القرآن به يحصل التدبُّر والتفكُّر، وتحريك القلوب به، والتعبد بآياته، والتهيؤ والاستعداد التام له [تفسير السعدي] .. حتى يوفقك الله سبحانه وتعالى للسير في طريقه المستقيم.
3) ذكر الله سبحانه وتعالى .. وقد بينت الآيات أن الإنسان سينشغل في أعماله اليومية وسيقع تحت سطوة الغفلة؛ لذا عليه أن يتحصَّن بذكر الله تعالى وبذلك يقي نفسه من شر فتن الدنيـــا .. فليكن شعارك دائمًا:
اعمل ولا تغْفَل،،
4) التبتُل .. خُذ بحظك من العزلة وانقطع إلى الله تعالى، فإن الانقطاع إلى الله والإنابة إليه، هو الانفصال بالقلب عن الخلائق، والاتصاف بمحبة الله، وكل ما يقرب إليه، ويدني من رضاه. [تفسير السعدي]

الأساس الثاني: التوكل على الله تعالى وعدم الركون على الأسبـــاب ..
قال تعالى {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا} [المزمل: 9]
وفيها تذكرة للعُبَّاد أن كل ما سخره الله تعالى لنا ما بين المشرق والمغرب مربـوبٌ لله عزَّ وجلَّ، فتوكَّل على مُسبب الأسباب ولا تركن إلى السبب.
وفي الطريق سيحدث منك التفاتًا يمنة ويسرى، فيركن قلبك على الدنيا والمال وينشغل بالنعمة عن المُنْعِم .. والله سبحانه وتعالى هو ربُّ المشارق والمغارب، فاتخذه وكيلاً وفوِّض أمرك إليه ..
لا تركن بقلبك على السبب، وتذكَّر دائمًا أن الله تعالى هو الوكيــــل،،

الأساس الثالث: الصبـــر على الابتــلاء وهجر المخالفين ..
قال تعالى {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا} [المزمل: 10]
تذكرة للعُبَّاد بأن الدنيا دار ابتلاء وفتن، وأنه لا سبيل للنصر إلا بالصبــــر .. وأنه بالصبر واليقين تُنال الإمامة في الدين .. ومما يُعين العبد على ذلك هجر المخالفين والابتعاد عن البيئات المفتنة والمثبطة.
ففي الطريق إلى الله تبارك وتعالى لابد أن تؤذى ويعاديك الأعداء وتلقى وساوس من الشياطين، وستجد من يتهمك بالفشل والضلال والكثيــر مما يصدك عن سبيـــل الله .. وقد تستمع لتثبيطهم أحيانًا وتُبتلى لتمحيص إيمانك وصدقك ..
فاصبر على إيذائهم وابتعد عنهم ولا تنصت لما يلوِّث قلبك ..
اهجر بيئة الدنيـــا المُفتنة،،

الأساس الرابع: الجحـــود أصل الكُفران ..
قال تعالى {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا} [المزمل: 11]
فأصل الإنحراف والزيغ عن الطريق المستقيم، هو: جحـــود نعمة الله تعالى على العبد وعدم شكرها .. فهو ينسب النعمة لنفسه وينسى أن الله سبحانه وتعالى هو الذي أنعم بها عليه، فيكون جزاؤه العذاب الأليم؛ فإن الله تعالى يُمهِل ولا يُهمِل.
والشكــر ركن الإيمان الأعظم ..
وبدونه لن تؤسس إيمانك،،

وبعد أن ذكَّرت السورة الكريمة بيوم الميعاد وأهواله ..
قال الله عزَّ وجلَّ {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} [المزمل: 19]
معالم علي الطريق  Rose-sep
أما في سورة الإنسان، فكانت التذكرة بما يلي:
أولاً: الحكمة من الخلق هي اختبـــار الكفر والإيمان ..
فتبدأ السورة بتذكرة الإنسان بأصله وأنه لم يكن شيئًا يُذكَر، قال تعالى {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (*) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [الإنسان: 1,2] .. فيذكره بأصله؛ حتى لا يغتر ويعصي ويخــالف ربَّه.
قال تعالى {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان: 3] .. ثمَّ ذكر أن الله سبحانه وتعالى قد هدى الإنسان وبيَّن له الحلال والحرام وفرَّق له بين طريق الهدى وطريق الضلال؛ فمنهم مَن سيشكر ويؤمن، ومنهم مّنْ سيجحد مما يوقعه في الكُفر ..
فمن أصول الهدايـــة:: شُكــر النعمة ..
وأن أردت أن تُكمِل الطريق، عليك بالشكر ..
قال تعالى {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7]

ثانيًا: صفــات المؤمنيــن الفائزين بجنــات النعيــم ..
بعد أن وصفت السورة بداية الطريق ومعالمه، ذكرت نهاية الطريق ومصير كلا الفريقين .. قال تعالى {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا (*) إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا} [الإنسان: 4,5]
ثمَّ ذكرت صفات أهل الإيمان، التي بها سيُبلَغون نعيم الجنــان ..
1) الوفــاء في مقابل الخيانة .. {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ..} [الإنسان: 7]
2) الخــوف في مقابل الجرأة .. {.. وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} [الإنسان: 7]
3) البـذل في مقابل شُح النفس .. {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8]
4) الإخلاص في مقابل الريــــاء .. {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} [الإنسان: 9]

وكان الداعي الذي دعاهم للإيمان وفعل الصالحات، هو: الإيمان بالآخرة والخوف من أهوالها .. {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا} [الإنسان: 10]
فنالوا الثمرة وبلغوا هدفهم الأسمى .. {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (*) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} [الإنسان: 11,12]

وبعد أن وصفت السورة الجنة ونعيمها وصفًا دقيقًا، أكدت على الأسس اللازمة لسير الإنسان في الطريق إلى الله عزَّ وجلَّ .. وهي:
1) القيــام .. 2) تلاوة القرآن .. 3) الذكر ليلاً ونهارًا .. 4) الصبر والانقطاع لله تبارك وتعالى.
فقال تعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (*) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (*) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (*) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا} [الإنسان: 23,26]

ثمَّ قال تعالى مؤكدًا {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} [الإنسان: 29]
ووقود الطريـــق، هو: الرحمة ..
{يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الإنسان: 31]
اللهمَّ اهدنـــا إلى ســواء السبيـــل،،
معالم علي الطريق  Roses_sm
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sohptelker.hooxs.com
مسلم
Admin
مسلم


عدد المساهمات : 9693
نقاط : 17987
السٌّمعَة : 67
تاريخ التسجيل : 11/03/2010
العمر : 55

معالم علي الطريق  Empty
مُساهمةموضوع: رد: معالم علي الطريق    معالم علي الطريق  Emptyالجمعة أكتوبر 22, 2010 10:41 am

إن أوَّل خطوة على العبد أن يتخذها في الطريق هي معرفة الله سبحانه وتعالى، لإنها المقصِد الأسمى للإنسان في الحيــــــاة ..

قال تعالى مخاطبًا نبيه معالم علي الطريق  Oqezgm {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} [محمد: 19] .. وقد ترجم الإمام البخاري في صحيحه بابًا بعنوان (العلم قبل القول والعمل) ..
وهذا العلم هو معرفة الله عزَّ وجلَّ ..


ومحله هو القلب .. يقول ابن القيم في (الفوائد) "أنزه الموجودات وأظهرها وأنورها وأشرفها وأعلاها ذاتاً وقدراً وأوسعها: عرش الرحمن جلَّ جلاله، لذلك صَلُحَ لاستوائه عليه، وكل ما كان أقرب إلى العرش كان أنوَّر وأنزه وأشرف مما بَعُدَ عنه، ولهذا كانت جنة الفردوس أعلى الجنات وأشرفها وأنورها وأجلَّها لقربها من العرش إذ هو سقفها، وكل ما بَعُدَ عنه كان أظلم وأضيق، ولهذا كان أسفل سافلين شر الأمكنة وأضيقها وأبعدها من كل خير . وخلق الله القلوب وجعلها محلاًّ لمعرفته ومحبته وإرادته، فهي عرش المثل الأعلى الذي هو معرفته ومحبته وإرادته" [الفوائد (1:29)].

فينبغي أن يمتلأ القلب بمعرفة الله عزَّ وجلَّ .. مما يدفع العبد إلى خشية الله قبل الإقدام على أي معصية؛ لأنه يعلم أن ربَّه سميع بصيـــــر .. ويستشعر قربه حين مناجاته .. ويكون حليمًا في معاملته للناس، رغبةً في حلم ربِّه سبحانه وتعالى ولطفه.
معالم علي الطريق  Bf33343991ea47171ae2bdf1bc3b8650cc049bcc_388x69_Q75


ولقد فطر الله عزَّ وجلَّ القلوب على معرفته .. وطالما كان القلب بعيدًا عن معرفة بارئه، فإنه يظل مستوحشًا .. لأن الله تعالى قد خلق جميع عباده حنفاء، قال الرسول الله معالم علي الطريق  Oqezgm ذات يوم في خطبته "ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا: كل مال نحلته عبدا حلال، وإني خلقت عبادي حنفــــاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا .." [صحيح مسلم (5109)]

ومعرفة الله تُزكي النفس .. فتجعلك تتخلص من الآفات التي كنت تعاني منها قبل معرفته، كالغضب وغيره .. لأن الربَّ شكور وسُيثيبك على طاعتك، بأن يجعل للإيمان أثرًا في قلبك .. فإن لم تجد هذا الأثر، فاعلم أنك واهم وأن علمك وطاعتك لم ينفعاك بشيء !

يقول ابن القيم "والفطرة فطرتان: فطرة تتعلق بالقلب وهي معرفة الله ومحبته وإيثاره على ما سواه، وفطرة عملية وهي هذه الخصال (أي: سُنن الفطرة)، فالأولى: تزكي الروح وتطهر القلب، والثانية: تطهر البدن وكل منهما تمد الأخرى وتقويها" [تحفة المودود (112)]

ومن عرف الله حق المعرفة، فقد وجبت له سعادة الدنيا والآخرة .. قال مالك بن دينار: خرج أهل الدنيا من الدنيا ولم يذوقوا أطيب شيء فيها، قالوا: وما هو يا أبا يحيى؟، قال: معرفة الله تعالى. [حلية الأولياء (1,373)]
فمهما حصَّلت من متاع الدنيـــا، فإنه لا يعدِل شيئًا بجانب لحظة الأنس بالله تعالى،،
معالم علي الطريق  Bf33343991ea47171ae2bdf1bc3b8650cc049bcc_388x69_Q75
والجهل بالله تعالى يُوجِب الشقاء في الدنيـــــا والآخرة ..


فالجهل بالله هو أصل كل آفة .. فمن لا يعرف ربَّه لا يرضى بقدره، مما يوقعه في عذاب وآلام التسخُّط ..

ولا يعصي الله عزَّ وجلَّ إلا جــــاهل .. مهما أوتي من علومٍ ذهنية، فإن العلم الحقيقي هو الذي يجعل المرء يخشى ربَّه ويستحيي من معصيته ..

يقول تعالى {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 17] .. قال قتادة: عن أبي العالية: أنه كان يحدث: أن أصحاب رسول الله معالم علي الطريق  Oqezgm كانوا يقولون: كل ذنب أصابه عبد فهو بجهالة.
معالم علي الطريق  Bf33343991ea47171ae2bdf1bc3b8650cc049bcc_388x69_Q75
إذًا، كيف نُمكِّن قلوبنا من معرفة الله عزَّ وجلَّ؟


تنقسم معرفة الله عزَّ وجلَّ إلى نوعين:
1) معرفة الإقرار .. 2) معرفة توجِب الحيـــــــاء والمحبة ..


كما يقول ابن القيم في (الفوائد) "معرفة الله سبحــــانه نوعـــان :

الأول: معرفة إقرار .. وهي التي اشترك فيها الناس، البر والفاجر والمطيع والعاصي.

والثاني: معرفة توجب الحياء منه والمحبة له .. وتعلق القلب به والشوق إلى لقائه وخشيته والإنابة إليه والأنس به والفرار من الخلق إليه. وهذه هي المعرفة الخاصة الجارية على لسان القوم، وتفاوتهم فيها لا يحصيه إلا الذي عرَّفهم بنفسه وكشف لقلوبهم من معرفته ما أخفاه عن سواهم وكلٌ أشار إلى هذه المعرفة بحسب مقام وما كشف له منها." [الفوائد (1:186,187)]

ولن تتمكن من معرفة الله سبحانه وتعالى إلا بالرجوع إلى الشرع، وليس عن طريق قدراتك الذهنية والوجدانية وحدها.

يقول ابن القيم "ولهذه المعرفة بــــابــــان واسعـــان :

الباب الأول: التفكر والتأمل في آيات القرآن كلها .. والفهم الخاص عن الله ورسوله .

والباب الثاني: التفكر في آياته المشهودة .. وتأمل حكمته فيها وقدرته ولطفه وإحسانه وعدله وقيامة بالقسط على خلقه.

وجماع ذلك : الفقه في معاني أسمائه الحسنى .. وجلالها وكمالها وتفرده بذلك وتعلقها بالخلق والأمر، فيكون فقيهًا في أوامره ونواهيه، فقيهًا في قضائه وقدره، فقيهًا في أسمائه وصفاته، فقيهًا في الحكم الديني الشرعي والحكم الكوني القدري، و{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}" [الفوائد (1:187)]
معالم علي الطريق  Bf33343991ea47171ae2bdf1bc3b8650cc049bcc_388x69_Q75
فلن تعرف الله إلا بـــالله .. وهذا عن طريـــــق:


أولاً: التفكُّر والتأمل في آيـــــات القرآن الكريم ..

بالأخص تأمل أسماء الله جلَّ وعلا وصفاته التي تكون في أواخر الآيــــات، فتستشعرها وتُدخِلها إلى قلبك .. والتفكُّر في الحكمة من ورودها في تلك المواضع من القرآن الكريم.

ثانيًا: التفكُّر في رسائـــل الله في الكون ..

فتُكثِر من النظر إلى بدائع خلقه في السمـــاء والأرض؛ كي تستشعر عظمة وجمال الكبيـــر المُتعـَــاَل ..

وكذلك تتفكَّر في آيات الله المُرسلة إليك من إبتلاءات وعظات، وآثــــــار رحمته عليك وعلى سائر عبـــــــاده .. فتتعرف عليه بمعرفة مدى فقرك وإحتياجك إليه سبحـــــانه ..
وحينما تتأمل في آيـــــــات الله المتلوة والمُشاهدة، ستستشعر قُربه وتُمكِن معرفته وحبه من قلبك ..
ولكن احذر أن تقطع عن قلبك تلك الإمدادات، التي هي بمثابة الهواء الذي يمده بالحيــــــاة،،
معالم علي الطريق  Bf33343991ea47171ae2bdf1bc3b8650cc049bcc_388x69_Q75
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sohptelker.hooxs.com
مسلم
Admin
مسلم


عدد المساهمات : 9693
نقاط : 17987
السٌّمعَة : 67
تاريخ التسجيل : 11/03/2010
العمر : 55

معالم علي الطريق  Empty
مُساهمةموضوع: رد: معالم علي الطريق    معالم علي الطريق  Emptyالجمعة أكتوبر 22, 2010 10:45 am

معرفة أسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته عليها مدار الإيمان، فهي ركن من أركان التوحيد وذروة سنــــام العبوديــــة ..

والإيمان بأسماء الله وصفاته يقتضي: معرفة الله سبحانه وتعالى بصفاته الواردة في القرآن والسُّنَّة الصحيحة، وإثبــــات لله ما أثبته لنفسه من غير تمثيــل، ولا تكييف ولا تعطيل، ولا تحريف.معالم علي الطريق  Asmaa&Sefat_mini
والعلم بالله تعالى وأسمائه وصفاته هو أشرف العلوم وأوجبها ..


يقول الإمام ابن القيم "إحصاء الأسماء الحسنى والعلم بها أصل للعلم بكل معلوم، فإن المعلومات سواه إما أن تكون خلقًا له تعالى أو أمرًا .. إما علم بما كونه أو علم بما شرعه ومصدر الخلق والأمر عن أسمائه الحسنى وهما مرتبطان بها ارتباط المقتضى بمقتضيه فالأمر كله مصدره عن أسمائه الحسنى" [بدائع الفوائد (273:2)]

فمن يُمعِن النظر في أسرار هذا العلم يقف على ريــــاض من العلم بديعة، وحقائق من الحِكَم جسيمة .. ويحصل له من الآثــار الحميدة ما لا يُحــاط بالوصف ولا يُدرك إلا لمن يُرزق فهمها ومعرفتها .. ومنها أنه:
إذا علم العبد ربَّه وامتلأ قلبه بمعرفته، أثمرت له ثمرات جليلة في سلوكه وسيره إلى الله عزَّ وجلَّ ..


وتأدب معه ولزم أمره واتبع شرعه، وتعلَّق قلبه به وفاضت محبته على جوارحه، فلهج لسانه بذكره، ويده بالعطاء له، وسارع في مرضاته غاية جهده، ولا يكاد يمل القرب منه سبحانه وتعالى .. فصار قلبه كله لله ولم يبق في قلبه سواه .. كما قيل:
قَدْ صِيْغَ قَلْبِيْ عَلَىَ مِقْدَارِ حُبِّهِمْ .... فَمَا لِحُبِّ سِوَاهُمْ فِيْهِ مُتَّسَعْ
معالم علي الطريق  Rose-sep
ومن أحب الله لم يكن عنده شيء آثر من الله ..


والمحب لا يجد مع الله للدنيا لذة، فلم يثنه عن ذلك حب أهل أو مال أو ولد؛ لأن هذه وإن عظمت محبتها في قلبه إلا أنه يدرك أنها بعض فضل الله عليه ..
فكيف يشتغل بالنِعَم وينسى المُنعِم؟!
معالم علي الطريق  Rose-sep
ومنزلة العبد عند الله سبحانه وتعالى على قدر معرفته به ..


لذلك اختصت آية الكرسي بكونها أعظم آية في القرآن؛ لأنها أشتملت على أعظم أسماء الرحمن .. وعدلت سورة الإخلاص ثلث القرآن؛ لاشتمالها على اسمه الأحد الصمد الذي يُقصد لذاته وليس له نظير ولا مثيل سبحانه وتعالى.
ومن أحبَّها أحبَّه الله ..


كما في قصة الرجل الذي بعثه النبي معالم علي الطريق  Oqezgm على سرية وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بــ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] .. فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي معالم علي الطريق  Oqezgm، فقال "سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟". فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها. فقال النبي معالم علي الطريق  Oqezgm "أخبروه أن الله يحبه" [متفق عليه]

كما أن من عمل بها وحقق ما تقتضيه من فِعْل المأمورات وترك المحظورات، كان من المقربين الذين أحبهم الله وتولاهم.

معالم علي الطريق  Rose-sep
وكلما أدام ذكرها بقلبه ولسانه، أوجب ذلك له دوام مراقبته وشاهد ربَّه بعين بصيرته ..


فاستحيى منه، وانكسر له، فيصير يعبد الله على الحضور والمراقبة، وهي أعلى مقامات الدين ..

يقول ابن القيم "وإذا بلغ العبد في مقام المعرفة إلى حد كأنه يطالع ما اتصف به الربَّ سبحانه من صفات الكمال ونعوت الجلال وأحست روحه بالقرب الخاص الذي ليس هو كقرب من المحسوس حتى يشاهد رفع الحجاب بين روحه وقلبه وبين ربِّه .. فإن حجابه هو نفسه وقد رفع الله سبحانه عنه ذلك الحجاب بحوله وقوته، أفضى القلب والروح حينئذ إلى الربِّ فصار يعبده كأنه يراه" [مدارج السالكين (3:221,222)]

معالم علي الطريق  Rose-sep
والتعرُّف على أسماء الله تعالى يسلم الإنسان من آفات كثيرة ..


كالحسد، والكبر، والريـــاء والعجب .. كما قال ابن القيم "لو عرف ربَّه بصفات الكمال ونعوت الجلال، وعرف نفسه بالنقائص والآفات، لم يتكبَّر ولم يغضب لها ولم يحسد أحدًا على ما آتاه الله. فإن الحسد في الحقيقة نوع من معاداة الله، فإنه يكره نعمة الله على عبده وقد أحبها الله، ويحب زوالها عنه والله يكره ذلك. فهو مضاد لله في قضائه وقدره ومحبته وكراهته" [مدارج السالكين (1:172)]

معالم علي الطريق  Rose-sep
كما إن أنوار الأسماء والصفــات تُبدد حُجُب الغفلة ..


قال تعالى {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (*) وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ..} [الأعراف: 179,180] .. فلكي تتخلص من تلك الحُجُب، عليك أن تدعوه بأسمائه وصفاته.

معالم علي الطريق  Rose-sep
ومن أعظم آثارها: أن من قام في قلبه حقائق هذه الأسماء، وتراءت معانيها لناظريه كان أعظم الناس تحقيقًا للتوحيد، وأكملهم عبودية لربِّ العالمين ..


يقول الإمام ابن القيم "الأسماء الحسنى والصفات العلا مقتضية لآثارها من العبودية: والأمر اقتضاءها لآثارها من الخلق والتكوين فلكل صفة عبودية خاصة هي من موجباتها ومقتضياتها أعنى من موجبات العلم بها والتحقق بمعرفتها وهذا مطرد في جميع أنواع العبودية التي على القلب والجوارح.

فعلم العبد بتفرد الربِّ تعالى بالضر والنفع والعطاء والمنع والخلق والرزق والإحياء والإماتة، يثمر له عبودية التوكُّل عليه باطنًا ولوازم التوكل وثمراته ظاهرًا.

وعلمه بسمعه تعالى وبصره وعلمه وأنه لا يخفى عليه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وأنه يعلم السر وأخفى ويعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، يثمر له حفظ لسانه وجوارحه وخطرات قلبه عن كل ما لا يرضى الله وأن يجعل تعلق هذه الأعضاء بما يحبه الله ويرضاه فيثمر له ذلك الحياء باطنًا، ويثمر له الحياء اجتناب المحرمات والقبائح ..

ومعرفته بغناه وجوده وكرمه وبره وإحسانه ورحمته، توجب له سعة الرجاء وتثمر له ذلك من أنواع العبودية الظاهرة والباطنة بحسب معرفته وعلمه.

وكذلك معرفته بجلال الله وعظمته وعزه، تثمر له الخضوع والاستكانة والمحبة .. وتثمر له تلك الأحوال الباطنة أنواعًا من العبودية الظاهرة هي موجباتها، وكذلك علمه بكماله وجماله وصفاته العلى يوجب له محبة خاصة بمنزلة أنواع العبودية فرجعت العبودية كلها إلى مقتضى الأسماء والصفات وارتبطت بها ارتباط الخلق بها" [مفتاح دار السعادة (90:2)]
فالذي يكمُل علمه بالأسماء والصفات هو العبد الرباني بحق،،
معالم علي الطريق  Rose-sep
ولذلك كله كان إحصاء أسماء الله تعالى من أعظم موجبات الجنــــة ..
كما قال رسول الله معالم علي الطريق  Oqezgm"إن لله تعالى تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة" [متفق عليه]


وإحصـــاء الأسماء والصفات يكون من خلال:

1) حفظها .. بأن يستودعها قلبه ..

2) معرفة معانيها .. فيتعلم معانيها وكيفية عبادة الله عزَّ وجلَّ بمقتضاها ..

3) العمل بمقتضاها .. فإذا علم أنّه الأحد فلا يُشرك معه غيره، وإذا علم أنّه الرزّاق فلا يطلب الرّزق من غيره، وإذا علم أنّه الرحيم، فإنه يفعل من الطاعات ما يجلب له هذه الرحمة، وهكذا .. فيتعلَّق القلب بمعاني الجلال بأن يذل وينكسر، ومعاني الجمال بأن يُحب ويُقبل على الله سبحانه وتعالى.

4) دعاؤه بها .. كما أمرنا الله جلَّ وعلا { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ..} [الأعراف: 180] ..

والدعــاء على مرتبتين إحداهما: دعاء ثناء وعبادة، والثاني: دعاء طلب ومسألة .. فلا يثنى عليه إلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى وكذلك لا يسأل إلا بها.

يقول ابن القيم "ولما كان سبحانه يحب أَسمائه وصفاته، كان أَحب الخلق إِليه من اتصف بالصفات التى يحبها، وأَبغضهم إِليه من اتصف بالصفات التى يكرهها، فإِنما أبغض من اتصف بالكبر والعظمة والجبروت لأَن اتصافه بها ظلم، إِذ لا تليق به هذه الصفات ولا تحسن منه، لمنافاتها لصفات العبيد، وخروج من اتصف بها من ربقة العبودية ومفارقته لمنصبه ومرتبته، وتعديه طوره وحدَّه، وهذا خلاف ما تقدم من الصفات كالعلم والعدل والرحمة والإِحسان والصبر والشكر فإِنها لا تنافى العبودية، بل اتصاف العبد بها من كمال عبوديته" [طريق الهجرتين (19:23)]
فعلى العبد أن يتخلَّق بصفات الجمـــال ..


الله سبحانه وتعالى رحيـــم: ارحم تُرحم .. الله عفو: اعفُ يُعف عنك .. الله حليـــم: أحلم يُحلَم عليـــك ..
أما صفات الجلال، فيُنزه نفسه عن مشاكلة الله عزَّ وجلَّ بها ..
الله عزَّ وجلَّ عزيـــز: أنت ذليــــل .. الله مُتكبِّر: أنت متواضع .. وهكذا.


5) التحقق .. بأن ينظر في الآفــاق ويتفكَّر في آلاء الله سبحانه وتعالى؛ كما أمرنا النبي معالم علي الطريق  Oqezgm، فقال "تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله" [حسنه الألباني، صحيح الجامع (2975)] .. أي: تفكروا في خلق الله ولا تتفكروا في ذات الله سبحانه وتعالى .. والقاعدة في كل ذلك قول الله تبارك وتعالى:
{.. لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]
معالم علي الطريق  Rose-sep
تَــــــأَمَّلْ سُطُوْرَ الْكَائِنَاتِ فَإِنَّهَا ... مِنَ الْمُلْكِ الْأَعْلَىَ إِلَيْـــــكَ رَسَــــائِلُ
وَقَدْ خَطَّ فِيْهَا لَوْ تَأَمَّلْتَ خَطَّهَا ... أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا الْلَّهَ بَــاطَلَّ
معالم علي الطريق  Rose-sep
تعالوا نتعلَّم أسماء الله تعالى وصفاته؛ فنخرج من الشقاء إلى الراحة ومن الغفلة إلى التذكرة ..
فلا سعادة للقلب ولا سرور له إلا بمعرفة مولاه ومربيه وإلهه ..
لنجعل قلوبنا تهتف: {.. قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ} [الإسراء: 30]
ولنستغرق الأوقات في الثنـــــاء عليه سبحــــــانه بأسمائه وصفاته ..
ونتحقق بمعاني التوحيد، فتذل قلوبنا له ونتحبب له سبحــــانه وتعالى ..
وهذا ما سيكون من خلال تلك السلسلة المباركة إن شاء الله تعالى، التي سنتناول فيها معاني وأسرار أسماء الله تعالى وصفاته ..
نتعلَّم معانيها وكيف نتعبَّد الله تعالى بها ونتعرَّف على حظنا من كل اسم من أسمائه الحسنى سبحانه وتعالى ..
فتابعونـــا إن شاء الله ولا تنسونــــا من صـــالح دعـــائكم ..
جعلنا الله وإياكم ممن عرفه فخافه، وأحبه فأطـــاعه، وعلَّق به رجـــــاءه ولم يلتفت لسواه .. اللهم آمين،،
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sohptelker.hooxs.com
مسلم
Admin
مسلم


عدد المساهمات : 9693
نقاط : 17987
السٌّمعَة : 67
تاريخ التسجيل : 11/03/2010
العمر : 55

معالم علي الطريق  Empty
مُساهمةموضوع: رد: معالم علي الطريق    معالم علي الطريق  Emptyالجمعة أكتوبر 22, 2010 10:49 am

تُعَد معرفة النفس الركن الثاني من أركان تربية الإنسان لنفسه وتزكيتها؛ لأنها الطريق الموصلة لمعرفة الإنسان بربِّه سبحانه وتعالى .. كما يقال "مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ، عَرَفَ رَبَّهُ"، فإنه من عرف نفْسَهُ بالجهل والظلم والعيب والنقائص والحاجة والفقر والذل والمسكنة والعدم، عَرَف ربَّهُ بضد ذلك فوقف بنفسه عند قدرها ولم يتعد بها طورها وأثنى على ربِّه ببعض ما هو أهله. [الفوائد (1:149)]
ألم ترى نفسك بصفات العيب والنقصان؟
فاعرف أنك عبدٌ ذليـــل لله معالم علي الطريق  3azWajal_small ...
والله تعالى يقول {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21]
معالم علي الطريق  Rose-sep
صفـــات النفس البشريــــة


بنا نرى صفات الإنسان التي وردت في القرآن الكريم؛ لنتوصل لفهم أنفسنا ومعرفتها ونتمكن من علاج آفاتها .. وتلك الصفات موجودة في نفس كل واحدٍ منا إلا من هدى الله، ولا يمكن استبدالها بصفات صالحة إلا بالإيمـــان ..

الصفة الأولى: ضعيـــف ..
قال تعالى {.. وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28]


فالأصل إنك ضعيف ولن تستطيع أن تتخذ أي قرار وتنفذه بحولك وقوتك، بل عليك أن تستقوي بالله معالم علي الطريق  3azWajal_small وتطلب منه أن يمدك بالعون والقوة .. فإذا أردت أن تقلع عن ذنبٍ ما، لابد أن تركن إلى الله سبحانه وتعالى؛ لتستمد القوة من القوي جلَّ جلاله.

الصفة الثانية: جحــــود ..

فالإنسان يجحد النِعَم وينساها، وهذا شأنه منذ خلق الله تعالى آدم معالم علي الطريق  3aleehSalam_small .. يقول الرسول معالم علي الطريق  Oqezgm أنه لما أتى آدم ملك الموت ".. قال له آدم: قد تعجلت قد كُتِبَ لي ألف سنة، قال: بلى، ولكنك جعلت لابنك داود ستين سنة. فجحد فجحدت ذريته، ونسي فنسيت ذريته فمن يومئذ أمر بالكتاب والشهود" [رواه الترمذي وصححه الألباني، صحيح الجامع (5209)]

يقول تعالى {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [يونس: 12] .. فإذا مر بك أي ابتلاء تجتهد في الدعــاء وأنت مُنكَسِر القلب مُخبت لله، فإذا كشف الله عنك الضر نسيت ما كان منك وجحدت نعمة ربِّك عليك.



الصفة الثالثة: يئــــــوس ..
يقول تعالى {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ} [هود: 9]


فالإنسان سريعًا ما يتسلل إلى نفسه الإحباط والقنوت، يقول الله جلَّ وعلا {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا} [الإسراء: 83] .. فإذا أنعَم الله على الإنسان بنعمة فَرِحَ بها وأعرض عن ربِّه معالم علي الطريق  3azWajal_small، فلا يشكره ولا يذكره .. أما إذا ابتلاه الله بمرض أو فقر أو نحوه، يأس من الخير وقطع رجاءه من ربِّه.

الصفة الرابعة: كفور ..

وهي من أكثر الصفات التي وردت في القرآن عن الإنسان، قال تعالى {.. وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ} [الشورى: 48] .. أي: طبيعته كفران النعمة السابقة، والتسخط لما أصابه من السيئة.

ولهذا لابد أن تتذوق مرارة هذا الإحساس في حيــاتك، فتجد من أحسنت إليهم ومددت إليهم يد المساعدة يردون إليـــك الإحســان بالإســاءة .. فإذا كنت تشعر بصعوبة كفران الآخرين بحقك أنت ..
فمن أنت أيها الإنسان حتى تتكبَّر في الأرض وتكفر بنِعَم الله معالم علي الطريق  3azWajal_small التي أسبغها عليك؟!



الصفة الخامسة: ظلوم ..
قال تعالى {وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم: 34]


فالإنسان كثير الظلم لنفسه، يعلم طريق الحق والهداية الذي قد بيَّنهُ له الله سبحانه وتعالى ومع ذلك شهوات نفسه تغلبه وتجعله يسير في طريق الغواية والضلال.

الصفة السادسة: جهـــول ..
قال تعالى {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: 72]


ومهما أوتي الإنسان من علم يظل جهولاً .. كما في قوله تعالى {.. وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (*) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم: 6,7] .. وليس معنى هذا عدم طلب العلم الدنيوي، وإنما كلما إزداد الإنسان علمًا في الدنيـــا ينبغي أن يزداد معرفةً بربِّه ..
وأعظم جهل الإنســان:: جهله بربِّه وجهله بنفسه ..
وما من مشكلة تقع فيها في حيــاتك إلا وسببها:: عدم الفهم عن الله تعالى،،



الصفة السابعة: خصيــــم ..
قال تعالى {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} [يس: 77]


فقد خُلِقَ الإنسان من ماءٍ مهين ومع ذلك ينسى قدر نفسه وأنه لا يساوي شيئًا في هذا الكون الفسيـــح، وكلما أتاه أمرٌ من خالقهِ معالم علي الطريق  3azWajal_small فإنه يُجـــادل ويُطالب بالأدلة كأنه يُخـــاصم ربَّه .. مع أنه يجب عليه أن ينصـــاع لشرع ربِّه ويقول: سمعنا وأطعنا.

الصفة الثامنة: عجــــــول ..
قال تعالى {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آَيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ} [الأنبياء: 37]


خُلِقَ الإنسان عجولاً يبادر الأشياء، ويستعجل بوقوعها .. ويتعجَّل قطف الثمرات، فإذا لم يَجِد حلاوة الإيمان في عبادة من العبادات يملَّ ويتوقف عنها .. والعجلة قد تؤدي لنتائج سلبية في كثير من الأمور، فعليه أن يتأنى.

يقول تعالى {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا} [الإسراء: 11] .. وهذا من جهل الإنسان وعجلته حيث يدعو على نفسه وأولاده وماله بالشر عند الغضب ويبادر بذلك الدعاء كما يبادر بالدعاء في الخير، ولكن الله معالم علي الطريق  3azWajal_small بلطفه يستجيب له في الخير ولا يستجيب له بالشر .. {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ ..} [يونس:11] [تفسير السعدي]



الصفة التاسعة: قتـــــور ..
قال تعالى {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا} [الإسراء: 100]


فالإنسان مطبــوع على الشُح والبخل، يبخل أن يُصَرِّف نِعَم الله تعالى عليه في مرضاته .. ولو كانت معه خزائن الله التي لا تنفد ولا تبيد، لأمْسَك خشية أن تنفد.

الصفة العاشرة: جَدِل ..
قال تعالى {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54]


عَنْ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ معالم علي الطريق  Oqezgm طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ النَّبِيِّ معالم علي الطريق  Oqezgm لَيْلَةً، فَقَالَ "أَلَا تُصَلِّيَانِ؟"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ حِينَ قُلْنَا ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُوَلٍّ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَهُوَ يَقُولُ {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [متفق عليه]
وهكذا الإنسان دائمًا، يُجادل ويبرر أفعاله ويتحدث كثيرًا دون أن ترى منه أفعالاً.



الصفة الحادية عشر: مُتَكَبِّـــــر ..
قال تعالى {فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 49]


فالكِبر من آفــات الإنسان الأساسية، يرى نفسه بعين الكمال وإذا أنْعَم الله تعالى عليه يحسَب أن ذلك لكرامته على الله وهو في الأصل مسكيـــن.

الصفة الثانية عشر: موسوس ..
قال تعالى {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16]


عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ معالم علي الطريق  Oqezgm قَالَ "لَمَّا صَوَّرَ اللَّهُ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ تَرَكَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَتْرُكَهُ فَجَعَلَ إِبْلِيسُ يُطِيفُ بِهِ يَنْظُرُ مَا هُوَ فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ عَرَفَ أَنَّهُ خُلِقَ خَلْقًا لَا يَتَمَالَكُ" [صحيح مسلم]

فيسْهُلُ للشيطــان أن ينفُذ إلى باطن الإنسان ويوسوس إليــه بأحاديث النفس .. ولكن حين يَعْتَصِم الإنسان بربِّه ويستعِذ به من الشيطان، سيحميه من وسوسة الشيطان ويحرس قلبه.



الصفة الثالثة عشر: هلــــوع ..
قال الله تعالى {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (*)إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (*) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج: 19,21]


وللهلع عدة معاني، منها:

إنه شديـــد الجزع .. عندما يصيبه شرًا ما لا يصبر عليه، وإذا أنْعَم الله تعالى عليه كان منوعًا بخيلاً ..

ومنها: شدة حرصه على الدنيـــا .. عن كعب بن مالك قال: قال رسول الله معالم علي الطريق  Oqezgm "ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه" [رواه الترمذي وصححه الألباني] .. أي: إن الحرص على المال والشرف أكثر إفسادًا للدين من إفساد الذئبين الجائعين للغنم. [فيض القدير]

ومنها: أنه دائـــم الضجر .. يملَّ سريعًا حتى عند قيـــامه بالطاعات، ينصرف قلبه عنها ويبحث عن التغيير.



الصفة الرابعة عشر: فجــــور ..
قال الله تعالى { بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (*) يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ} [القيامة: 5,6]


فمن طبع الإنسان أنه يحب المخالفة والمرواغة .. يَعجَل بالذنوبَ ويُسوِّف التوبة.

الصفة الخامسة عشر: مغرور ..
يقول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} [الإنفطار: 6]


يغتَر بحلم ربِّه الكريـــم وسترهِ عليه، ولا يدري أن العقوبة قد تأتيــه بغتةً.



الصفة السادسة عشر: شقي ..
قال تعالى {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: 4]


فالحيــاةُ الدنيــا دار شقــاء وتعب، ولا راحة إلا في الجنـــة .. كما في قوله تعالى { فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} [طه: 117]
فإن كنت تكابد الشدائد لأجل الله وحده، ستجده ربٌّ شكـــور ..
أما إن كان لغيره، فستلقاه وهو ربٌّ عزيـــز،،



الصفة السابعة عشر: طاغيـــــة ..
قال تعالى { كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (*) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 6,7]


فالإنسان لجهله وظلمه يحْسَب أنه قادرٌ على الاستغناء عن ربِّه جلَّ وعلا، فطغى وبغى وتجبَّر عن الهدى، ونسي أن إلى ربِّه الرجعى.

الصفة الثامنة عشر: كثيــــر النسيـــان ..
قال تعالى { وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى} [الفجر: 23]


فمن صفات الإنسان الأساسية أنه كثيـــر النسيـــان، يبدأ بنسيان أوامر ربِّه له شيئًا فشيئًا حتى تُحيــط به الغفلة من كل مكــان فيسيـــر في الأرض تائهًا حيرانًا .. ولن يفيق من تلك الغفلة حتى بعد أن يقوم يوم القيــامة وتظهر الحقائــق لجميــع الخلائــق ..
قال تعالى { وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [مريم: 39]



الصفة التاسعة عشر: كنـــــود ..
قال تعالى {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} [العاديــات: 6]


والكنــود هو الذي يَعُد المصائب، وينسى نِعَم ربِّه عليه .. فهو دائم اللوم لربِّه معالم علي الطريق  3azWajal_small، يتسخَّط على قدره ويتسائل عن سبب إصابته بالمصائب، وخيرهُ لا يتعدى نفسه.

الصفة العشرون: خــــاسر ..
قال تعالى {وَالْعَصْرِ (*) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: 1,2]
فالإنسان خـــاسر لا محالة مهما أوتي من مكاسب دنيــويـــة ..
إلا من حقق الثلاثة شروط للفلاح في الحيــــاة، وهي:
علم وعمل ودعوة إلى الله تعالى ..
{إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 3]
معالم علي الطريق  Rose-sep
تلك عشرون صفة تتصف بها نفس الإنســان بطبيعتها، ولن نستطيــع التخلُّص منها إلا بتربيـــة نفوسنـــا بالإيمــان ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sohptelker.hooxs.com
أم عبد الرحمن
عضو ملكي
أم عبد الرحمن


عدد المساهمات : 1760
نقاط : 2851
السٌّمعَة : 9
تاريخ التسجيل : 28/08/2010

معالم علي الطريق  Empty
مُساهمةموضوع: رد: معالم علي الطريق    معالم علي الطريق  Emptyالجمعة أكتوبر 22, 2010 2:41 pm

بارك الله فيكم
جعل الله اعمالكم في ميزان حسناتكم
وتقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال
فما احوجنا الي المعرفة والعلم
معرفة الله ومعرفة صفاته واسماءه ومعرفة النفس
هذا ما يجب تعلمه وتعلم العلوم الشرعية من فقه وعقيدة واخلاق وعلوم الحديث
جزاكم الله خيرا


معالم علي الطريق  Post-121126-1266946184
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
معالم علي الطريق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» معالم وأسس الحياة الطيبة
» ملخص بحث معالم الرحمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
» زاد الطريق
» الطريق الي جهنم
» الطريق الي الراحة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
صحبة الخير  :: الاقسام الدينية :: «۩۞۩ مقالات اسلامية ۩۞۩»-
انتقل الى: