القاهرة - قال أحمد شفيق انه لم يندم أبدا على وصف الرئيس السابق حسني مبارك بأنه "مثل أعلى".
كان هذا في غداء لنخبة من رجال الأعمال أقامته غرفة التجارة الأمريكية في مصر هذا الشهر، وهي جماعة تشكل مظلة للشركات متعددة الجنسيات والذين يعملون معهم، وقد انفجر الحشد في التصفيق.
كان ذلك برهانا قويا على الارتفاع غير المتوقع في تأييد شفيق، اللواء السابق في القوات الجوية وآخر رئيس وزراء حسني مبارك، والذي يأمل في أن يساعده هذا التأييد على الفوز في جولة إعادة الإنتخابات الرئاسية منتصف يونيو ضد الدكتور محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين. وهو فوز يجعله أول رئيس مصري منتخب بحرية، ويضع نموذجا لمستقبل البلاد بعد مبارك.
شفيق (70 عاما) ومرسي (60 عاما) يمثلان نموذج للصراع الذي سيطر على السياسة المصرية لستة عقود، صراع بين العلمانيين السلطويين والإسلاميين الذين يعدون تجربة جديدة في مجال الديمقراطية الدينية.
يراهن شفيق في الإنتخابات الرئاسية على مخاوف استيلاء الاسلاميين على السلطة من جهة، والإنفلات الأمني من جهة أخرى. هذه المخاوف هي ما يوحد التحالف العلماني المحافظ من نخب رجال الأعمال والعسكريين السابقين والأقلية المسيحية القبطية في مصر والداعين للدولة المدنية الذين يشعرون بالقلق من ان الانتصارات الانتخابية للاسلامين ستعني المزيد من ثقافة التدين وعدم التسامح.
وكانت هذه المخاوف واضحة بجلاء في هذا اللقاء الذي عقدته غرفة التجارة الأميركية. فقد هلل جمهور الأثرياء عندما قال شفيق انه سيستخدم القوة الوحشية والإعدامات لاستعادة النظام في غضون شهر، وسخر مرارا من البرلمان الذي يقوده الاسلاميون واتهم الاسلاميين - بدون أي دليل - بايواء ميليشيات سرية لاستخدامها في حرب أهلية.
واضاف شفيق "المشكلة مع الأمن هو أننا لا نريد الأمن لأننا نريد أن نكون الوحيدين الذين نملك ميليشيات"، وهو يشير بوضوح -وإن كان بشكل غير مباشر - الى الاسلاميين. "لأننا نريد تحويل مصر إلى لبنان".
واضاف بأن هناك أمل "إن الشعب المصري، خلافا للاتهامات، مطيع".
حظوظ شفيق في جولة الاعادة من الصعب تقييمها وذلك بسبب شعبية الإسلام السياسي والآلة السياسية لجماعة الإخوان المسلمبن والتي لا تضاهى. فقد فازت جماعة الاخوان المسلمين وغيرها من الإسلاميين بثلاثة أرباع الأصوات في الانتخابات البرلمانية، ولكن في الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية تم تقسيمها تقريبا مع المرشحين الأكثر علمانية. فلم يحصل كل من مرسي وشفيق سوى على حوالي ربع الأصوات، أما أغلبية الناخبين فقد دعمت مرشحين وجهوا انتقادات حادة لجماعة الاخوان المسلمين وللمسؤولين السابقين في عصر مبارك على حد سواء.
فمن السابق لاوانه التكهن بكيفية تقسيم أصوات هؤلاء الناخبين. وبحلول يوم الاحد قدم ثلاثة مرشحين طعون مختلفة ضد النتائج للجنة الانتخابات الرئاسية المؤلفة من كبار القضاة وهي لجنة لا يمكن التنبؤ بأحكامها. ومن المتوقع أن يصدر حكمها، وهو حكم نهائي، بحلول يوم الثلاثاء.
في مواجهة إسلاميين اخرين خلال الحملة الانتخابية، عادت جماعة الإخوان المسلمين إلى أسلوب تقليدي من السياسة الدينية، واصفة برنامجها باعتباره خلاصة الإسلام ودعت إلى تطبيق الشريعة الإسلامية. لكن منذ قيام الثورة، سعت جماعة الإخوان أيضا إلى طمأنة المصريين بأنها تدعم المواطنة والمساواة بين الجميع، بمن فيهم النساء والمسيحيين، ولا تخطط لفرض قيود قانونية على السلوك الشخصي أو التعبير. وفي أعياد الميلاد، زار قادة الإخوان الكنائس بينما كان يقوم اعضاؤها الاصغر سنا بحراستها في الخارج.
وفي مقابلة تلفزيونية مساء السبت، حاول مرسي جذب الأقلية المسيحية في مصر، وهي تشكل حوالي 10 في المئة من السكان. وقال "مصر ملك للجميع"، وأنحى باللائمة ضمنا على شفيق وحكومة مبارك لتسببهم في معاناة المسيحيين. "من قتلهم في الاحتجاجات؟ من منعهم من بناء الكنائس؟ النظام القديم، وليس نحن".
وقد أرسل مرسي خيرت الشاطر، وهو المخطط الاستراتيجي المهيمن لجماعة الإخوان المسلمين ورجل أعمال ثري، لتمثيل الإخوان في غداء آخر لغرفة التجارة الأميركية. وألقى الشاطر كلمة أعلن فيها إلنزامهم بتعزيز الإقتصاد الحر والاستثمار الأجنبي والمصالح التجارية الأخرى لدرجة أن بعض أعضاء الغرفة قال أنه كما لو أنه كان يقرأ نقاط الحوار الخاصة بهم.
لكن الحضور كان خائفا جدا من الأجندة الاجتماعية المحتملة للإسلاميين حتى يمنحهم أي ثقة، هذا ما ذكره اثنان من الحاضرين.
في جولة الإعادة، يسعى شفيق للاستيلاء على عباءة "الثورة المجيدة". وبعد تصفيق عن إعجابه بمبارك في غداء غرفة التجارة الأميركية، حدد شفيق ما كان معجبا به وهو قدرة صديقه (مبارك) على إبقاء مشاعره الشخصية بعيدة عن قراراته الرسمية.
لكن منتقدين يقولون انهم يشعرون بأنه كما لو كانت الثورة لم تندلع. فلعقد من الزمن قبل الاطاحة بحسني مبارك، كان يعتبر شفيق مرشحا محتملا لخلافته من داخل النظام بمباركة من النخبة الاستبدادية المدعومة من الجيش في مصر.
وقد اعتبر أداء شفيق اليمين في منصب رئيس الوزراء في يناير العام الماضي محاولة لاسترضاء الجيش والحرس القديم، وليس المتظاهرين، لحشد الدعم لمبارك. واضطر شفيق للاستقالة بعد شهر واحد بعد مواجهة في برنامج حواري، ومنذ ذلك الحين أصبح فقدانه لأعصابه من سماته المعروفة.
فقد قال "لن أتحدث عن ذلك" في رد عنيف على مذيعة قناة الجزيرة في مقابلة أجريت مؤخرا، وذلك عندما ضغطت عليه ليوضح وجهة نظره الغامضة عن السلطة السياسية للجيش. وذكر أن رجل عسكري مثله فقط يمكنه ان "يمنع أي احتكاك مبكر"، وتابع شفيق رافعا صوته وهو يميل إلى الأمام من على حافة كرسيه. "أنا فقط أضمن نجاح الخبرة"!
شفيق في برنامجه الانتخابي القصير يدعو الجيش للقيام بدور سياسي مستمر كـ"وصي على الشرعية الدستورية." ويطلق على الأنشطة العسكرية الاقتصادية - والتي تشمل إمبراطورية تجارية مترامية الأطراف ذات تطبيقات عسكرية قليلة - "ضرورة استراتيجية". ويبدو انه يؤيد استمرار "قانون الطوارئ" المكروه بشدة في مصر والذي طبق لـ30 عاما، ويسمح بالإعتقال خارج سيطرة القضاء. ويقترح برنامجه الانتخابي أنه في حالات الطوارئ، ينبغي تطبيق مثل هذه التدابير بدون مراجعة برلمانية لها.
وفي الاقتصاد، صرح شفيق انه يعارض الضرائب التصاعدية على الدخل، وتحدث عن مشاريع تنموية كبيرة. وكوزير الطيران السابق المسؤول عن المطارات وشركات طيران الدولة كان يعرف أن له "قبضة من حديد"، خصوصا فيما بتعلق بمطالب العمال.
لكنه لم يقدم أي إشارة لدعم المشاريع أو الإقتصاد الحر. وكوزير طيران قال إن تحسين الطيران عن طريق شركات خاصة على حساب شركة الطيران المملوكة للدولة ستكون له نتائج عكسية.
إنه، مثل مساعدي مبارك، يواجه أيضا إتهامات عالقة بالفساد. يوم الاحد، حكمت محكمة في القاهرة على زكريا عزمي، واحدا من أقرب مساعدي حسني مبارك، بالسجن لمدة سبع سنوات وغرامة 6 ملايين دولار بتهمة الفساد.
وتعهد شفيق في بعض الأحيان على تعيين امرأة مسيحية كنائبة له. ولكن في غداء غرفة التجارة الأميركية بدا وكأن ذلك غير مؤكد قائلا "أتمنى أن أجد سيدة مسيحية على درجة عالية من الكفاءة"
بدلا من ذلك، لم يستبعد تعيين عمر سليمان نائب الرئيس السابق مبارك ورئيس المخابرات المرعب. واضاف "اذا كان من الممكن استخدام خبرة عمر سليمان في أي مكان، لماذا لا نستفيد منها؟" وذلك وسط تصفيق كبير من الحضور.
وقد سخر من الناشطين الذين تعهدوا بالنزول إلى الشوارع في "ثورة ثانية" إذا أصبح شفيق أو عمر سليمان رئيسا للدولة قائلا "لن يكونوا مثل الآباء الذين يقولون 'هذا مسموح أو ممنوع، إذا ترشح هذا الشخص سوف تشتعل النار في البلاد، أو إذا فاز هذا الشخص سنخرج إلى الشوارع بالأسلحة' "
وأضاف: "يجب أن تكون الدولة قوية جدا. أقوى شيء ينبغي أن يكون هو الدولة "
====
رابط المقال:
http://www.nytimes.com/2012/05/28/wo...pagewanted=all