صحبة الخير
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13

{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء9

يسعدنا ان تشارك معنا
صحبة الخير
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13

{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء9

يسعدنا ان تشارك معنا
صحبة الخير
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

صحبة الخير

منتدي اسلامي ثقافي دعوي اجتماعي عام
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
 
بسم الله الرحمن الرحيم

رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ
صدق الله العضيم


 

 وقفات تربوية للمراة مع الحبيب صل الله عليه وسلم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلم
Admin
مسلم


عدد المساهمات : 9693
نقاط : 17987
السٌّمعَة : 67
تاريخ التسجيل : 11/03/2010
العمر : 55

وقفات تربوية للمراة مع الحبيب صل الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: وقفات تربوية للمراة مع الحبيب صل الله عليه وسلم   وقفات تربوية للمراة مع الحبيب صل الله عليه وسلم Emptyالثلاثاء أبريل 24, 2012 3:15 pm

1- العاقلة ومراقبة ربها
ذكر ابن كثير رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ... ﴾ الآية [البقرة: 226] قصة في المراقبة لله والخوف منه[1]، حدثت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد كان يعس بالمدينة كعادته، فسمع امرأة كان زوجها قد خرج غازيا في جيش عمر؛ تقول:
طال هذا الليل وازورَّ جانبه وليس إلى جنبي خليل ألاعبه فوالله لولا الله أني أراقبه لحرك من هذا السرير جوانبه مخافة ربي والحياء يصدني وأُكرمُ بعلي أن تُناَلَ مَراكِبُه
فمراقبة تلك المرأة ربها وخشيتها إياه كانت حائلا بينها وبين دخول أجنبي عليها..
2- العاقلة والثقة فيما عند الله
روى البخاري[2] عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء إبراهيم عليه السلام بأم إسماعيل "هاجر" وابنها إسماعيل، وهي ترضعه حتى وضعها عند البيت عند دوحة "شجرة" فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء، فوضعهما هناك، ووضع عندهما جراباً (كيساً) فيه تمر، وسقاء فيه ماء، ثم قفى إبراهيم عليه السلام منطلقاً، فتبعته أم إسماعيل، فقالت: يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شيء؟! قالت له ذلك مراراً وهو لا يلتفت إليها!! فقالت: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذاً لا يضيعنا.

فهل ضيعها الله؟ كلا؛ لقد أكرمها إكراما تتحدث به الدهور والأيام والخلق والأنام؟! فالله لا يضيع أجر المحسنين ولا إيمان المؤمنين.

وهذه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها سألها مسكين وهي صائمة وليس في بيتها إلا رغيف، فقالت لمولاة لها: أعطيه إياه، فقالت: ليس لك ما تفطرين عليه، فقالت: أعطيه إياه، ففعلت، قالت: فلما أمسينا أهدى لنا أهل بيت أو إنسان ما كان يهدى لنا، شاة وكفنها، فدعتني عائشة فقالت: كلي من هذا فهذا خير من قرصك.

قال العلماء: هذا من المال الرابح والفعل الزاكي عند الله تعالى، يعجل منه ما يشاء ولا ينقص ذلك مما يدخر عنده، ومن ترك شيئا لله لم يجده فقده، وعائشة رضي الله عنها في فعلها هذا من الذين أثنى الله عليهم بأنهم يؤثرون على أنفسهم مع ما هم فيه من الخصاصة، وأن من فعل ذلك فقد وقي شح نفسه، وأفلح فلاحاً لا خسارة بعده، ومعنى شاة وكفنها؛ فإن العرب أو بعض العرب أو بعض وجوههم كان هذا من طعامهم، يأتون إلى الشاة أو الخروف إذا سلخوه غطوه كله بعجين البر، وكفنوه به ثم علقوه في التنور فلا يخرج من ودكه شيء إلا في ذلك الكفن، وذلك من طيب الطعام عندهم [3].

3- العاقلة وثمرة حفظها لربها
عن أنس قال: قال صلى الله عليه وسلم:{صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة}[4].
انظري يا أختاه لما صنعته أم شريك من المعروف.

عن ابن عباس قال: وقع في قلب أم شريك الإسلام وهي بمكة وهي إحدى نساء قريش ثم إحدى بني عامر بن لؤي، فأسلمت، ثم جعلت تدخل على نساء قريش سراً فتدعوهن وترغبهن في الإسلام، حتى ظهر أمرها لأهل مكة، فأخذوها وقالوا لها: لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا، ولكنا سنردك إليهم، قالت: فحملوني على بعير ليس تحتي شيء موطأ ولا غيره، ثم تركوني ثلاثاً لا يطعمونني ولا يسقونني، قالت: فما أتت علي ثلاث حتى ما في الأرض شيء أسمعه، فنـزلوا منـزلاً وكانوا إذا نـزلوا أوثقوني في الشمس واستظلوا وحبسوا عني الطعام والشراب حتى يرتحلوا، فبينما أنا كذلك إذ أنا بأثر شيء علي برد منه، ثم رفع، ثم عاد فتناولته، فإذا هو دلو ماء، فشربت منه قليلاً، ثم نـزع مني، ثم عاد فتناولته فشربت منه قليلاً، ثم رفع، ثم عاد أيضاً، ثم رفع، فصنع ذلك مراراً، حتى رويت، ثم أفضت سائره على جسدي وثيابي، فلما استيقظوا، فإذا هم بأثر الماء، ورأوني حسنة الهيئة، فقالوا لي: انحللت فأخذت سقاءنا فشربت منه؟ فقالت: لا الله ما فعلت ذلك، كان من الأمر كذا وكذا، فقالوا: لئن كنت صادقة فدينك خير من ديننا، فنظروا إلى الأسقية فوجدوها كما تركوها، واسلموا بعد ذلك[5].



4- العاقلة والحرص على طلب العلم والسؤال عن الدين
جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ذهب الرجال بحديثك - أي سمعوه وتعلموه - فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتي فيه تعلمنا مما علمك الله، فقال عليه الصلاة والسلام:{اجتمِعن يوم كذا وكذا} فاجتمَعن، فجاء صلى الله عليه وسلم فعلمهن مما علمه الله[6].



وهذه بعض أسئلة نسائية:

• عن أسماء بنت أبي بكر قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن ابنتي أصابتها الحصبة فتمرق شعرها - تقصف وسقط - وإني زوجتها، أفَأَصِلُ فيه؟ فقال صلى الله عليه وسلم:{لعن الله الواصلة والموصولة}[7] يعني صاحبة الشعر والتي تصل لها.



• امرأة أخرى تسأل عن كيفية غسل الشعر عند الاغتسال، فتقول: يا رسول الله، إني امرأة أشد ضفر رأسي - أجعله ضفائر - أفأنقضه للجنابة؟ يعني أأفُكُّهُ؟ قال:{إنما يكفيك أن تحثي عليه ثلاث حثيات من ماء ثم تفيضي على سائر جسدك، فإذا أنت قد طهرت}[8].



وسألتني إحدى النساء؛ ماذا تفعل لكي تمسح برأسها أثناء الوضوء لأنها لو مسحت برأسها مدبرة مقبلة بيدها يتفرق شعرها ويسبب لها مشقة؟



وأجبتها بما ذكره الشوكاني في {نيل الأوطار}: عن الربيع بنت معوذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ عندها ومسح برأسه فمسح الرأس كله من فوق الشعر، كل ناحية لمنصب الشعر، لا يحرك الشعر عن هيئته[9]. وفي هذا بلا شك تيسير عظيم.



• وها هي أم سليم رضي الله عنها تسأل النبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق، فهل على المرأة غسل إذا هي احتلمت؟ قال:{نعم، إذا رأت الماء}. متفق عليه.

ومن عظيم الأسئلة التي وجهت للنبي صلى الله عليه وسلم وتحمل الدلالة على الفقه والحس الديني، هذا السؤال: وفيه أن أسماء بنت يزيد بن السكن رضي الله عنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني رسول من ورائي من جماعة نساء المسلمين، كلهن يقلن بقولي، وعلى مثل رأيي، إن الله بعثك إلى الرجال والنساء، فآمنا بك واتبعناك، ونحن معشر النساء مقصورات مخدرات {في الخدر وهو الستر} قواعد بيوت، وإن الرجال فضلوا بالجمعات، وشهود الجنائز والجهاد، وإذا خرجوا للجهاد حفظنا لهم أموالهم، وربينا أولادهم، أفنشاركهم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه فقال:{هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالاً عن دينها من هذه؟} فقالوا: بلى يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{انصرفي يا أسماء، وأعلمي من رواءك من النساء أن حُسن تَبَعُّل - أي معاشرة - إحداكن لزوجها وطلبها لمرضاته، واتباعها لموافقته يعدل كل ما ذكرت}. فانصرفت أسماء وهي تهلل وتكبر استبشاراً بما قال لها عليه الصلاة والسلام[10].

لماذا فرحت أسماء رضي الله عنها؟
لأنها رأت فضل الله عز وجل وهو القائل: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58].

فالأجر الذي تناله المرأة في ترتيب مسكنها وتربية أولادها، ورعاية بيت زوجها وما له يعدل أجر المجاهد في جهاده ويعدل شهود الرجل الجمع والجماعات، كما تبين من الحديث.

وأخرى من العاقلات تطلب العلم وتستفسر عن حقوق الزوج وعدم غشه:
فعن سلمى بنت قيس - وكانت إحدى خالات رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلت معه القبلتين، وكانت إحدى نساء بني عدي بن النجار - قالت: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته في نسوة من الأنصار، فلما شرط علينا أن لا نشرك بالله شيئاً ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصي في معروف، قال:{ولا تغشنن أزواجكن}، قالت: فبايعناه، ثم انصرفنا، فقلت لامرأة منهن: ارجعي فسلي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما غش أزواجنا؟ قال:{تأخذ ماله فتحابي به غيره}[11]

وقد ذكر الحافظ ابن عساكر - وهو أحد رواة الحديث - أن عدد شيوخه وأساتذته من النساء، كان بضعاً وثمانين أستاذة

5- العاقلة ومعالجة مشاكل الحيض والاستحاضة
جاءت امرأة - وهي خولة بنت يسار - تقول للنبي صلى الله عليه وسلم: إني امرأة أحيض وليس عندي غير ثوب واحد فلا أدري كيف أصنع يا رسول الله -ـ أي عند الصلاة -؟ فقال:{إذا تطهرت فاغسلي ثوبك ثم صلي فيه}. قلت: يا رسول الله، إني أرى الدم فيه، فقال" {اغسليه ولا يضرك أثره}[12].
سبحان الله! لا تملك غير ثوب واحد تحيض فيه وتصلي فيه!! ونساء كثيرات في هذا الزمن امتلأت بيوتهن بالثياب، بل لا تقبل الواحدة منهن أن تكرر لبس الثوب في مناسبتين، ولا بد من ثوب جديد، والنبي صلى الله عليه وسلم دعا بالتعسة والنكسة على عباد الثياب، عباد الموضة، واللاهثات خلف كل جديد، فقال صلى الله عليه وسلم:{تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة[13]، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش}[14] أي: إذا أصيب بشوكة فلا برأ منها.

والحديث يعم الرجال والنساء، ولا نحرم زينة الله التي أخرج لعباده، ولكن نقول فقط: هل من تعظم الدنيا إلى هذا الحد تعظم دينها وتقف عند حدوده؟!

وفي شأن الاستحاضة - وهي استمرار نـزول الدم على المرأة وجريانه في غير أوانه -، فقد قالت حمنة بنت جحش[15]: كنت أُستحاض في حيضة كثيرة شديدة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستفتيه وأخبره، فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش، فقلت: يا رسول الله، إني امرأة أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فما ترى فيها؟ قد منعتني الصلاة والصوم، فقال:{أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم}، قالت: هو أكثر من ذلك، قال:{فاتخذي ثوبا}، فقالت: هو أكثر من ذلك، إنما أثج ثجاً، قال صلى الله عليه وسلم:{سآمرك بأمرين، أيهما فعلت أجزأ عنك من الآخر، وإن قويت عليهما فأنت أعلم}. قال لها:{إنما هذه ركضه من ركضات الشيطان، فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله، ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت فصلي ثلاثا وعشرين ليلة، أو أربعا وعشرين ليلة وأيامها وصومي فإن ذلك يجزيك، وكذلك فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء وكما يطهرن ميقات حيضهن وطهرهن، وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر فتغتسلين وتجمعين بين الصلاتين الظهر والعصر، وتؤخرين المغرب وتعجلين العشاء، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي، وتغتسلين مع الفجر فافعلي وصومي إن قدرت على ذلك}. قال صلى الله عليه وسلم: {وهذا أعجب الأمرين إلي}.

قال الخطابي تعليقا على الحديث: إنما هي امرأة مبتدأه - يعني من يوم بلغت المحيض وهي على هذه الحال فلم تجرب أيام الحيض بعددها - لم يتقدم لها أيام ولا هي مميزة لدمها - يعني لون دم الحيض من دم الاستحاضة، وقد استمر بها الدم حتى غلبها، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها إلى العرف الظاهر والأمر الغالب من أحوال النساء... الخ [16].

6- العاقلة وحب التنزيل
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل على أم أيمن فقربت إليه لبناً، فإما كان صائماً وأما قال:{لا أريد}، فأقبلت إليه تضاحكه، فلما كان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر لعمر: انطلق بنا نـزر أم أيمن كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها، فلما دخلا عليها بكت، فقالا: ما يبكيك فما عند الله خير لرسوله؟ قالت: أبكي أن وحي السماء انقطع، فهيجتهما على البكاء، فجعلت تبكي ويبكيان معها [17].

وفي رواية [18]:{ولكني أبكي على الوحي..} وأم أيمن هي مولاة النبي صلى الله عليه وسلم وحاضنته، وكانت مولاة لأبيه عبدالله، وهي أم أسامة بن زيد رضي الله عن الجميع.

فأم أيمن رضي الله عنها حين تبكي يظهر من بكائها هموم المرأة المؤمنة العاقلة وأحزانها، تبكي لأنها تابعت القرآن وهو ينـزل آية آية ولم تعد ترى من التنـزيل المزيد.

وقد بكت أيضاً لما قتل عمر؛ لعلمها أن عمر كان حصناً للإسلام ونصراً، ولذلك قيل لها في بكائها على عمر، فقالت: اليوم وهَى الإسلام، أي ضعف[19]. فما هي آلامك وأحزانك أيتها المسلمة؟ لأي شيء تذهب دموعك وتسح عبراتك؟ نريدك باكية على الخطيئة، نادمة على المعصية، نريدك باكية من قراءة القرآن، فإن لم تقدري فمتباكية.

أيتها المسلمة! هل تقرأين من القرآن شيئاً في اليوم والليلة؟ هل أبكتك بعض آياته، ومواقفه الجليلة؟ هل تعلمين بأحكامه، وتهذبين نفسك، وتطهرين سلوكك وقلبك بتوجيهاته وأوامره ونواهيه؟ هذا ما نريده منك أيتها العاقلة.

7- العاقلة وفداؤها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنفسها وأهلها
عن عمارة بن غزية قال: قالت أم عمارة - أمه - رأيتني وانكشف الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، فما بقي إلا نُفَير - نفر قليل - ما يتمون عشرة، وأنا وابناي وزوجي بين يديه نذب عنه - ندافع عنه - والناس يمرون منهزمين، ورآني ولا ترس معي - وهو درع يحمي المقاتل من الضربات - فرأى صلى الله عليه وسلم رجلاً مولياً - هارباً - ومعه ترس، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:{ألق ترسك إلى من يقاتل}، فألقاه، فأخذته فجعلت أترس به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل - تقصد اشتد عليهم في القتال راكبو الخيل من الكفار - لو كانوا رجّالة - أي على أرجلهم مثلنا - أصبناهم إن شاء الله، فيقبل رجل على فرس، فيضربني، وترست له - بالدرع - فلم يصنع شيئاً وولى، فأضرب عرقوب فرسه فوقع على ظهره، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصيح:{يا ابن أم عمارة، أمك، أمك} أي عاونها على قتل الرجل، فعاونني عليه حتى أوردته شَعوب - اسم للموت[20]. ما شاء الله!



ولو كان النساء كمن ذكرنا لفضلت النساء على الرجال

ولكن أيتها المسلمة، هل تعرفين لماذا هذا الحب كله والفداء كله لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ اقرئي الفقرة التالية.

8- العاقلة ومنـزلة النبي -صلى الله عليه وسلم- عندها
لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من دفن شهداء أحد انصرف راجعاً إلى المدينة، وخرجت النساء تتفقد أحوال المسلمين، فمر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار، وقد أصيب - قُتل - زوجها وأخوها وأبوها بأحد، فلما نعوا إليها - أبلغت بموتهم - قالت: فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: خيراً يا أم فلان، هو بحمد الله كما تحبين، قالت: أرونيه حتى أنظر إليه - وكانت لا تعرفه - فأشير إليه حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل - أي هينة[21].
سبحان الله! تلك المرأة من بني دينار يقتل زوجها وأخوها وأبوها ولا تبالي، وكل همها الاطمئنان على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأته بعينها سالماً معافى سكن روعها وهدأت نفسها.

سيدي يا رسول الله، لقد كان أصحابك يعرفون حقاً قدرك ومنـزلتك عند الله وعندهم، ففدوك بأنفسهم وأزواجهم وآبائهم وإخوانهم، لكن لما ضعف الإيمان وقلت الهمة وخارت العزيمة تجرأ البعض على أمرك ونهيك وعلى سنتك، بل على شخصك الجليل. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

9- العاقلة مستجيبة لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-
قال الله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ [الأنفال: 24]. فاستجابت أم حُمَيد رضي الله عنها وعن زوجها أبي حميد الساعدي، جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقالت: يا رسول الله، إني أحب الصلاة معك. فقال لها:{قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي}[22].

قال الراوي عبدالله بن سويد: فأمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه، وكانت تصلي فيه حتى لقيت الله تعالى. وبيت المرأة هو المكان الذي تبيت فيه، وهو أستر مكان في المنـزل كله، فهل تستجيب أخواتنا لتوجيهات النبي صلى الله عليه وسلم فيما يخص الخروج إلى المساجد وآداب ذلك، في الوقت الذي كثر فيه الاختلاط والسفور والفتن، وغابت الضوابط الشرعية التي تضبط خروج المرأة، وكثر مرضى القلوب والمتعرضون؟ وإن العاقلة لتختار بيتها لتصلي فيه إذا عرفت أن زمننا أشد وأفظع من زمن أم حميد.
ولما خطب النبي صلى الله عليه وسلم في النساء يوم عيد قائلاً:{يا معشر النساء، تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم}[23]، تأثرت النساء جداً بهذا الخبر، فكانت الاستجابة سريعة جداً أيضاً، وفي نفس الموقف، فجعلن يتصدقن من حليهن ويلقين في ثوب بلال رضي الله عنه من أقراطهن وخواتيمهن - والقرط هو الحلق، وفعل النساء هذا الشيء يوم عيد وفرحة وزينة وتباهي بالحلي يدل على سرعة الاستجابة لله ورسوله، والخوف من جهنم، ولو طلب النبي صلى الله عليه وسلم أرواحهن لقدمنها رخيصة افتداء من عذاب النار.
إنها القلوب الحية التي تستجيب لله ورسوله وتختار ما عند الله.

والحديث كما أسلفنا كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلى النساء في يوم عيد، حيث قام صلى الله عليه وسلم يعظهن ويذكرهن بالله. وها هو بتمامه:

عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:{يا معشر النساء، تصدقن وأكثرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار}. فقالت امرأة منهن جزلة[24]: وما لنا يا رسول الله؟ قال:{تكثرن اللعن وتكفرن العشير، وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب ٍمنكن}. قالت: يا رسول الله، وما نقصان عقلها؟ قال" {أما نقصان العقل؛ فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل[25]، فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي ما تصلي؛ وتفطر في رمضان، فهذا نقصان الدين}[26].

10- العاقلة والتعبد بالليل
قال الله تعالى: ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ... ﴾ [الزمر: 9]. ها هي حفصة بنت سيرين الأنصارية العالمة الزاهدة العابدة تحفظ القرآن وهي بنت ثنتي عشرة سنة، وعاشت سبعين سنة، عمرت كلها بالعبادة والقرآن، مكثت حفصة بنت سيرين ثلاثين سنة لا تخرج من مصلاها إلا لقائلة - الراحة وقت القيلولة - أو قضاء حاجة كما قال عنها مهدي بن ميمون. ويقول عنها إياس بن معاوية: ما أدركت أحداً أفضله عليها.

وليس معنى هذا دعوة النساء إلى الرهبنة، {فلا رهبانية في الإسلام}[27]، فالإسلام لا يدعو إلى التبتل والانقطاع وترك الأعمال والتربية والخدمة وغير ذلك من الأمور الاجتماعية والحياتية، لكن لا يبغي أحدها على الآخر.

ونموذج آخر هو امرأة رياح بن عمرو القيسي وهو رجل صالح أراد أن يختبر عزيمة امرأته على قيام الليل، فتناوم، فقامت هي تصلي وأيقظته، فادعى التثاقل وأنه سيقوم، فكررت إيقاظه بعد ما مضى ربع الليل، وهكذا إلى أن مضى الليل ولم يقم، فقالت: مضى الليل وعسكر المحسنون وأنت نائم! ليت شعري من غرني بك يا رياح، من غرني بك[28]؟
إن هذا المرأة ما هي إلا نموذج عملي لقول النبي صلى الله عليه وسلم:{رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء}[29] أي رشت عليه من الماء.

وامرأة رياح تأسف على زواجها منه لما رأته لا يقيم الليل، فعلى أي شيء تأسفين في زوجك أيتها المسلمة؟ ألأنه فقير، أم لأنه لا يمتلك سيارة، أم لأنه ليس من أسرة عريقة مرموقة، أم لأنه ضعيف في دينه؟! هذه الأخيرة التي نريد أن تكون مصدر قلق وانـزعاج المسلمة العاقلة.

--------------------------------------------------------------------------------

[1]تلخيص الحبير لابن حجر (ج 1 ص 220)، والمغني (ج 7 ص 416)، وقال: روي أن عمر رضي الله عنه كان يطوف ليلة في المدينة، فسمع امرأة تقول... وذكر الأبيات السابقة، فسأل عمر نساءً: كم تصبر المرأة عن الزوج؟ فقلن: شهرين، وفي الثالث يقل الصبر، وفي الرابع ينفد الصبر. وفي التلخيص: فكتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم أربعة أشهر أن يردوهم. ويروى أنه سأل عن ذلك حفصة، فأجابت بذلك.

[2] البخاري (ج 3 ح 3184).

[3] تفسير القرطبي (ج 18، ص 26).

[4] صحيح الجامع (ح 3795).

[5] الإصابة (ج، ص 238).

[6] مسلم ج 4 ح 2633.

[7] البخاري ج 5 ح 5889، ومسلم ج 3 ح 22/2.

[8] مسلم ج 1 ح 330 وغيره.

[9] رواه أحمد (ج6 ص 360)، وأبو داود (ج1، ص 31)، وقال الألباني في صحيح أبي داود: (حسن) (ح 134).

[10] الاستيعاب لابن عبد البر ج 4 ح 2233.

[11] رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجاله ثقات. وانظر مجمع الزوائد (6/38).

[12] صحيح أبي داود للألباني ح361.

[13] الخميصة: أي القطعة وهي نوع من الثياب.

[14] البخاري ج 3 ح 2730 عن أبي هريرة.

[15] صحيح أبي داود (ح 280).

[16] تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي ج 1 ص 337.

[17] أخرجه مسلم (7/144)، وأحمد وأبو يعلى من هذا الوجه.

[18] الإصابة لابن حجر ج 8 ص 172.

[19] المصدر السابق نفس الصفحة.

[20] سير أعلام النبلاء للذهبي (2/279)، طبقات ابن سعد (8/413).

[21] سيرة ابن هشام ج 4 ص 50.

[22] صحيح ابن حبان (ج 1 ح 2217).

[23] البخاري (ج 1 ح 298)، ومسلم (ج 1 ح 79)، وغيرهما.

[24] أي: تامة الخلق.

[25] وقد يستخدم بعض البسطاء هذا الحديث مدعاة للتنقيص من شأن المرأة وتعييرها بنقص العقل والدين، وهذا لا يجوز، وإن كان المراد بنقصان العقل قلة الضبط، وكثيراً ما يقع في هذا رجال.

[26] مسلم ج 1 ح 79.

[27] لا رهبانية في الإسلام، والرواية الصحيحة: (ولا تكونوا كرهبانية النصارى). صحيح الجامع ح 2941.

[28] صفوة الصفوة ج 4 ص 44.

[29] صحيح الجامع عن أبي هريرة ح 3494.

الشيخ جمال عبدالرحمن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sohptelker.hooxs.com
مسلم
Admin
مسلم


عدد المساهمات : 9693
نقاط : 17987
السٌّمعَة : 67
تاريخ التسجيل : 11/03/2010
العمر : 55

وقفات تربوية للمراة مع الحبيب صل الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: وقفات تربوية للمراة مع الحبيب صل الله عليه وسلم   وقفات تربوية للمراة مع الحبيب صل الله عليه وسلم Emptyالثلاثاء أبريل 24, 2012 3:42 pm

لاستكمال الوقفات

من خلال هذا الرابط

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sohptelker.hooxs.com
 
وقفات تربوية للمراة مع الحبيب صل الله عليه وسلم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التسبيح من هدي الحبيب صلي الله عليه وسلم
» صور من رحمة الحبيب صل الله عليه وسلم
» الحبيب صلي الله عليه وسلم وكأنك تراه
» بطاقات نصرة الحبيب صل الله عليه وسلم
»  أمّن حياتك مع الحبيب صلى الله عليه وسلم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
صحبة الخير  :: الاقسام الاجتماعية :: «۩۞۩ البيت المسلم ۩۞۩»-
انتقل الى: