- أتتني فرحة مستبشرة يتناثر وجهها نورا، حثثتها ما الخبر؟
-ـ لقد أصبحت في الأربعين!.
وكأن
طعنة أصابتني: وهل لمثل هذا يفرح؟! ففاجأتني بردها: رائعة هي الأربعين. من
أسماها سن اليأس؟! لا، لا ليست خريف العمر، بل ربيعه الأخضر، ذهب الشباب
وتهوره، وهدأت تلك الدماء الثائرة، وزدت عقلا، بل ذكاء وحنكة، وأصبحت عندي
خبرة في كيف أسيطر على مشاعري السلبية، وكيف أنمي عواطفي الإيجابية، ورست
سفينتي علي بر الأمان.
والآن بدأ الاستثمار والبناء الحقيقي، فلقد كنت طوال هذه السنين أجمع مواده
الأولية، وها أنا أبدأ بكل ثقة وأناة وروية، فلم العجلة؟! فلقد نضجت
فكريا، نضجت اجتماعيا، وها أنا أبني وأعمر الأرض، ولست مجبرة، فهي ليست
وظيفة، بل إنني أساهم في الأعمار وأنا أستمتع به.
ألم تسمعي قول
الله تعالي : "حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً
قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ
عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ
لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ
الْمُسْلِمِينَ" سورة الأحقاف.
ما أحلى الأربعين! حقا إنه ربيع العمر
د. بشرى بنت عبد الله