توحيد الألوهية (لا إله إلا الله)
------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
توحيد الألوهية
(لا إله إلا الله)
"لا إله إلا الله" أي لا معبود بحق إلا الله، هي أصل الإسلام وأصل دعوة الأنبياء. قال تعالى "ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره" وقال تعالى "وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره" "وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره" وقال تعالى "ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" والطاغوت هو كل ما يعبد من دون الله، فالإنسان ضعيف بطبعه يريد اللجوء والاعتصام بقوي من أجل الرزق والعزة والنصرة، ولكنه لجهله يلتمس ذلك عند غير الله، قال تعالى "واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا" مريم81 وقال تعالى "واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون" يس74 جاء في لسان العرب (وكلمة آلهة جمع إله والإله هو الله وحده، روى الـمنذري عن أَبـي الهيثم في قول الله عز وجل: "ما اتَّـخَذَ اللَّهُ من وَلَدٍ وما كان معه من إلهٍ إِذا لذهب كل إله بما خلق" قال: فلا يكون إلهاً حتـى يكون مَعْبوداً، وحتـى يكونَ لعابده خالقاً ورازقاً ومُدَبِّراً، وعلـيه مقتدراً، فمن لـم يكن كذلك فلـيس بإله، وإِن عُبِدَ ظُلما فقد اتخذه العابد إلهاً. قال: وأصل إلهٍ ولاهٌ، فقلبت الواو همزة ومعنى ولاهٍ أَن الـخَـلْقَ يَوْلَهُون إِلـيْهِ فـي حوائجهم، ويَضْرَعُونَ إِلـيه فـيما يصيبهم، ويَفْزَعُون إِلـيه فـي كل ما ينوبهم، كما يَوْلَهُ كل طِفْلٍ إِلـى أُمِّهِ) فمن طلب العزة أو النصرة عند غير الله لن تنفعه، فالله هو الولي الناصر المعز لأوليائه، وإن نفعه شيء في الدنيا بإذن الله لأنه سبحانه أراد أن تقوم الدنيا على الأسباب، فهذا النفع في حقيقته شر، يسبب له البلاء في الدنيا وعدم البركة، وسيكون وبالا عليه في الآخرة، كما أن المؤمن إن أصابه ضر في الدنيا فهو في حقيقته خير لأنه يرده إلى الله ويقربه منه في الدنيا ويكون كفارة لذنوبه ورفعة لدرجته في الآخرة، قال تعالى "أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي وهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير" الشورى9 والكافر لا يؤمن بذلك لأن الدنيا عظيمة في نفسه والآخرة هينة عنده لبعدها عن قلبه وإدراكه، ولأنه لا يفهم أن الله أراد سنة الأسباب كي يخفي ولايته للمؤمنين وعداءه للكافرين حتى يؤمن الناس بالغيب عن فكر واقتناع. فلو أن المسلمين لهم العزة والنصرة على الدوام رغم أخطائهم وظلمهم، والكافرين يعيشون ضنكا ظاهرا للعيان رغم كدهم واجتهادهم، لآمن الناس من أجل الدنيا، وهذا إكراه على الإيمان، كحاكم يجعل الحياة الكريمة لحزبه ويحرم غيره ليكرههم على الدخول في حزبه ويتقوى بهم في حكمه ولكن الله غني عن العالمين. فالله تعالى هو رب السماوات والأرض وهو مالك الملك لا يخفى عليه خافية ولا شيء يعجزه، ولا يجهل ذلك فيزهد في ولايته ويلجأ إلى ولاية غيره إلا أعمى البصيرة "قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ" الرعد16 إنه التهكم المر منهم، حيث من البديهي أن يعبد الإنسان خالقه، لأن صفة الخلق تستلزم العلم بالمخلوق والقدرة عليه، فهل يخلق غيره خلقا كخلقه فتشابه الخلق عليهم. فالغباء والخسران كل الخسران لمن يزهد في ولاية الله انشغالا بدنيا هي في يده ورهن إرادته، ثم لا يجد وليا يعزه أو ينصره "ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم" محمد11.