كلمة لكل مسلم مغترب
أبو أنس العراقي ماجد بن خنجر البنكاني
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الدافع لكتابة هذه الكلمة رأيت أمس صورة لأخ كان من حفظة القرآن والإستقامة رأيته في إحدى الدول الأوربية يجلس في مكان عام ويحمل بيده السكارة ومظهره لا يختلف عن مظهر المشركين!!!
فلا شك أن الإقامة في بلاد الكفار فيها خطر عظيم على دين المسلم وأخلاقه ، فينبغي الحذر منه.
وتجب الهجرة على كل مسلم يقيم مع المشركين لقوله تعالى: "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها".النساء97 ،
وهذا وعيد شديد يدل على الوجوب ، ولأن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه ، والهجرة من ضرورات الواجب وتتمته ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. انظر المغني (8/457) ومجموع فتاوى ابن عثيمين (3/25–30) .
والذي يقيم هناك بين الكفار لحاجة كالدراسة مثلاً فإن الخطر أعظم ، لأن المتعلم سيشعر بحاجته إلى معلمه مما يؤدي إلى التودد إليه بل ومداهنته فيما هو عليه ، وكذلك فإن المتعلم يشعر بدنو مرتبته وعلو مرتبة مدرسه ومعلمه فيحصل تعظيمه والاقتناع بآرائه ، ثم إن المتعلم لابد وأن يكون له في مقر دراسته أصدقاء يتخذهم ، ولهذا كله كان وجوب التحفظ أكثر والحذر أشد وإلا لم تجز الإقامة عندهم .
ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم : "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين".
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ مُشْرِكٍ أَشْرَكَ بَعْدَ مَا أَسْلَمَ عَمَلًا حَتَّى يُفَارِقَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ".
وسئل العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن حكم السفر إلى بلاد الكفار ؟ وحكم السفر للسياحة؟
فأجاب رحمه الله السفر إلى بلاد الكفار لا يجوز إلا بثلاثة شروط :
الشرط الأول : أن يكون عند الإنسان علم يدفع به الشبهات ويدعو لدينه. الشرط الثاني : أن يكون عنده دين يمنعه من الشهوات . الشرط الثالث : أن يكون محتاجاً إلى ذلك .
فإن لم تتم هذه الشروط فإنه لا يجوز السفر إلى بلاد الكفار ؛ لما في ذلك من الفتنة أو خوف الفتنة ، وفيه إضاعة المال ، لأن الإنسان ينفق أموالاً كثيرة في هذه الأسفار ، وفيه أيضاً تنمية لاقتصاد الكفار . أما إذا دعت الحاجة إلى ذلك لعلاج ، أو تلقي علم لا يوجد في بلده ، وكان عنده علم ودين ويدعو الناس إلى التمسك بتعاليم الإسلام على ما وصفنا فهذا لا بأس به .
أما بالنسبة لأولئك الذين يهاجرون إلى بلاد الكفار مثل أمريكا وأوربا فينطبق عليهم الحكم والوصف المشار إليه ، حيث أن الخطر عليهم وعلى ذراريهم يفوق الخطر على من يذهب للسياحة ونحو ذلك ، وهؤلاء يقعون في إثم عظيم وقد ينتكسون على أعقابهم ، وقد يتأثرون بالفكر الغربي فيكفرون بالله عز وجل ، غير ما يصل إلى بناتهم من عادات وتقاليد تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية السمحة .
أما سفر البنات دون محرم للدراسة والسياحة والإقامة في بلاد الكفار ، فهذه طامة كبرى ، وخطورة هذا الأمر لا يعلم به إلا الله سبحانه وتعالى . وكلكم راع وكل مسؤول عن رعيته
فالواجب على المسلمين الحذر من السفر إلى بلاد أهل الشرك إلا إذا كان المسافر ذا علم وبصيرة ويريد الدعوة إلى الله والتوجيه إليه فهذا أمر مستثنى ، وهذا فيه خير عظيم لأنه يدعو المشركين إلى توحيد الله ويعلمهم شريعة الله ، فهو محسن وبعيد عن الخطر لما عنده من العلم والبصيرة .
ولهذا كله وجب التحفظ والحذر في هذا الأمر ، خاصة في بعث الأحداث وصغار السن للانضمام في مدارسهم أو حتى ما يسمى بروضة الأطفال ، إذ فيه خطر على سلوكهم وتصوراتهم وأخلاقهم
ولا يخفى عليك أخي أن الخطر الذي يلحق أولادك غير مقتصر بمشاركتهم لهم في أعيادهم ، بل إنه حاصل بمجرد المخالطة والتعايش معهم ، فعليك أيها الأب الكريم أن تكون فطناً في ذلك كله مدركاً لهذه الأخطار قائماً على وقاية أبنائك من أن يتلوثوا بأفكارهم ويتأثروا بهم ، والله تعالى يقول : "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً". التحريم /6 .
وأبناؤك أمانة في عنقك، فكن حذراً من كل ما يضر دينهم وسلوكهم ، وأسأل الله لك الإعانة وأن يسددك وييسر لك الخير أينما كنت .
سائلاً المولى عز وجل أن يحفظ علينا ديننا ، وأن يثبتا على الحق إلى أن نلقاه
وبهذا تم والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأرجو الله أن تكونوا قد انتفعتم به، وأن تعملوا به.وأن يعم به النفع .
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد إن لا إله ألا أنت أستغفرك وأتوب إليك .
كتبه العبد الفقير الراجي عفو ربه
ماجد بن خنجر البنكاني
أبو أنس العراقي