ومعتصمااااااااااااااااااااااه
رب وامعتصماه انطلقت .. ملئ أفواه الصبايا اليتّم
لامست أسماعهم لكنها .. لم تلامس نخوة المعتصم
تُذكّرنا هذه الأبيات الرصينة بتلك المرأة المسلمة التي أسرها الروم
بعمورية فصرخت صرختها المدويّة (وامعتصماه) لتسير بين الفيافي والقفار و
تقرع آذان قلب حيّ ثارت غيرته وأرغى وأزبد وأمر بجيش عظيم سار على رأسه
ليدك حصون الظلمة البغاة ويصل إلى هذه المرأة المسلمة ليقول لها ثلاثا :
لبيك نداؤك وامعتصماه .. فكان السيف أصدق أنباءً من الكتب في حده الحد بين
الجد واللعب ..
نعم .. إنها نخوة المسلم تُجاه أخيه المسلم التي لا
تحتاج منا إلى تذكير ولا إلى كثير تنظير .. وقد ملأ أسماعنا قول المصطفى
صلوات ربي وسلامه عليه : مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل
الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ..
لقد
نجح الغرب الصليبي خلال القرون الأخيرة الماضية في تمزيق جسد الأمة
الإسلامية وتقسيم الكيان الواحد إلى كيانات متفرقة شعار أكثرها نفسي نفسي و
أصبحت رابطة الإسلام في كثير منها أمري منسي ، وأصبحت الدول الإسلامية
تشاهد بملء عيونها دُوَلا إسلامية أخرى يُنكِّلُ بها الظلمة و الطغاة ثم لا
يكون منهم إلا الشجب والاستنكار.
ليس هذا فحسب بل نحن نعيش في واقع مرير وتخطيط مريب لتغييب قضايا الأمة عن
شبابها وإشغالهم بالتوافه و الترهات وقنوات الغناء والأفلام والمسلسلات
والمسابقات حتى في أحلك المحن التي تمر على أمتنا الإسلامية ولقد رأينا من
أبناء المسلمين من يتنافسون على لعب الكرة في بطولات عامة وغزّة فلسطين
يدُكّها إخوان القردة والخنازير من الجو و البر و البحر بالطائرات
والدبابات والزوارق والأسلحة المحرمة دوليا حتى بكاهم الكفار فضلا عن
المسلمين دون مراعاة لمشاعرهم أو الإحساس بمصائبهم ، هذا من غير قيام بعض
المسلمين بتسليط قنواتهم الفضائية على أبناء المسلمين محشوةً ببرامج
التغريب وأمركة الدين و تخدير الأمة بالأفلام الغربية و العربية وحفلات
الغناء والموسيقى وبرامج البث المباشر دون نظر لمصلحة ومفسدة أو حلال وحرام
وهنا أتساءل حقا .. ما مصلحة بعض المسلمين من إضعاف شباب الأمة ونشر
الفاحشة بينهم بتطبيع العلاقات المحرمة بين الجنسين واختلاط الرجال بالنساء
ونزع هويتهم الإسلامية ؟
إنّ الناظر لحال بعض شباب المسلمين اليوم
وخصوصا في بلادنا وفتنتهم بما تأثروا به من سفرهم للخارج أو بما يشاهدونه
من هذا الغثاء المدمر وما أتت به الثقافات السلبية من الغرب ليتجلى له حديث
المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما قال : لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر
وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه ، حتى وصل الأمر إلى الخلل في
العقيدة وتمييع الدين ونسبة التخلف والرجعية إلى الإسلام وسقوط المروءة بل
أقول الرجولة فلبس بعض شبابنا الكاشف للعورة وتفاخروا بذلك و تميّعوا و
تجمّلوا بالأصباغ والأسورة وتشبّهوا بالنساء ، ومن كان يقول أنه سيأتي يوم
على الإسلام يُسَنّ فيه نظام في بلاد التوحيد والعرب يعاقب اللذين يمشون
كاشفي عوراتهم من الرجال .. يا لله العجب ..
وعموما نحن نرجو من الله
تعالى أن يُعيد لنا مجدا أضعناه ببعدنا عنه ، وأن يجمع كلمة المسلمين على
الحق وأن يعود الجسد الواحد كما كان ولن يتم ذلك إلا بتحقيق التوحيد الصافي
الخالي من شوائب الشرك والبدع ، وتحكيم شرع الله تعالى على الأغنياء
والفقراء وعلى العامة والأمراء ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،
وإيكال الأمور إلى أهلها ، وتحرّي الأمانة ورفع الظلم ، واعتماد الأمة على
نفسها في صناعتها وحضاراتها وسلاحها وأن تُنافس في مجال الصناعة والتقنية
الحديثة حتى تكون في مصاف الدول الصناعية المتقدمة ، وأن تقوم الأمة
الإسلامية بواجبها تجاه إخوانهم المسلمين المضطهدين في مشارق الأرض
ومغاربها وأن لا يرضوا لهم والهوان والتعذيب والتقتيل كما هو الحال الآن في
سوريا التي سيطرت عليها عصابات النصيرية منذ عقود فأذاقوا أهلها من الذل
والهوان ما الله به عليم حتى أمروهم بالسجود لغير الله وأن يُقرّوا بأن لا
إله إلا بشارًا بدلا من الله ، وقتّلوا رجالهم وأطفالهم واغتصبوا وأهانوا
نساءهم ، وداسوا على وجوههم بالنعال وضربوهم بالأيدي والأقدام وجلدوهم
بالسياط ، وقذفوهم بأبشع الفواحش وكالوا لهم التهم و السباب ولم يسلم حتى
الله ورسوله من سبابهم ، كل ذلك على مرأى ومسمع من كافة بلاد المسلمين ثم
لم يكن أحسنهم نصرة لهم إلا من شجب وأستنكر أو طرد سفيرا ، ووالله ثم والله
لقد ثارت بعض حكومات البلدان الكافرة واستنكرت هذه الجرائم أكثر بكثير مما
فعل أقرب الناس إلى إخواننا في سوريا ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وإني
والله لأراه من العار على الحكومات الإسلامية أن تهُبّ الدول الكافرة لرفع
الظلم بسلاحها عن إخواننا المسلمين وهم قد ركنوا إلى أنفسهم فكره الله
انبعاثهم فثبّطهم كما حصل في ليبيا ومازالت بعض الدول الإسلامية تفكر
وتتشاور في حال إخوانهم هناك وقد يكون بعضهم لم يعترف حتى الساعة بالمجلس
الانتقالي للثوار الذي أسقط ملك ملوك الطغاة والظلمة والجبابرة و المجانين
في افريقيا .
قال تعالى (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا
يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ
الْأَبْصَارُ)
و قال صلى الله عليه وسلم : المسلم أخو المسلم لا
يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم
كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم
القيامة.
و قال صلى الله عليه وسلم : إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب
البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا
إلى دينكم.
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله " وأمور الناس
تستقيم في الدنيا مع العدل الذي فيه الاشتراك في أنواع الإثم : أكثر مما
تستقيم مع الظلم في الحقوق وإن لم تشترك في إثم، ولهذا قيل : إن الله يقيم
الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة . ويقال :
الدنيا تدوم مع العدل والكفر ولا تدوم مع الظلم والإسلام .
وقد قال
النبي صلى الله عليه وسلم : " ليس ذنب أسرع عقوبة من البغي وقطيعة الرحم "
، فالباغي يصرع في الدنيا وإن كان مغفورا له مرحوما في الآخرة وذلك أن
العدل نظام كل شيء، فإذا أقيم أمر الدنيا بعدل قامت وإن لم يكن لصاحبها في
الآخرة من خلاق ومتى لم تقم بعدل لم تقم وإن كان لصاحبها من الإيمان ما
يجزى به في الآخرة
حمد ابن الشيبه الشهري