التنازل في الحياة الزوجية
تعتبر الحياة الزوجية شراكة بين ذكر وأنثى ارتبطا بمحض إرادتهما
وتنازلا عن حياتهما في بيت أهلهما
ليبدآ حياة جديدة لها ثمرات طيبة
وخصائص جديدة ناتجة عن اندماج وانسجام بين زوجين
يحمل كل منهما مخزوناً فكرياً ونفسياً واجتماعياً قد يتفق فيه
وقد يختلف مع الشخص الذي ارتضاه رفيق دربه
ولكن هل هذا هو التنازل الوحيد ؟
أم أنه بداية تنازلات تمليها أحياناً عاطفة محبة ،
أو رغبة في الاستمرار مع شريك الحياة أو دفعاً لضر أكبر ؟
وماذا لو أن أحدهما لم يبد رغبة في التنازل وبقي مصراً على الخطأ ؟
وما هي مجالات التنازل التي تدفع إلى الانسجام
وما هي مجالات التنازل التي تكون نتيجة تصرف متعنت أو متجبر ؟
وما هي التنازلات التي تولد الأحقاد ؟
ومن خلال نظرة فاحصة في حياة زوجين منسجمين
نلاحظ انهما كلاهما يقومان بعملية تنازل في حياتهما طواعية ومحبة
إذ أن ( المحب لمن يحب مطيع )
وليست هي طاعة عمياء جوفاء خرقاء
بل طاعة يقودها العقل وتسوقها العاطفة ويسيجها الشرع
وتكون ثمرتها ازدياد المحبة والتآلف والحياة الطيبة حيث
تنتفي الانا ليحل مكانها نحن
فالمصلحة العامة هي التي يراعيها الزوجان مما يحدث بينهما اندماجاً فكرياً ونفسياً
ولكن هل كل البيوت تبنى على المحبة ؟ والجواب بالطبع : لا
وهل إذا افتقدت المحبة فقدت الأسرة الاستقرار ؟ والجواب مرة اخرى لا
حيث نرى طرفاً لا يعرف للتنازل درباً
وآخر يضحي ويتنازل لأنه يعي أن هناك مكاسب يحصلها أكبر من هذا التنازل فهو تنازل واع يديره طرف بمهارة ووعي وحذق
وهناك صورة في أسرة ثالثة نجد فيها الطرفين لا يعرفان للتنازل طريقاً ،
ولا هم يتخذانه سبيلاً مما يولد الخصام ـ
ويقتل الوئام
وينفي الانسجام
ويتعب من حولهم من الأنام .
إن الحياة الزوجية تقوم على الشراكة
والشركاء يبارك الله شراكتهم إن لم يطغوا ،
وحتى لا يكون في حياة الشريكين المتزوجين طغيان عليهما أن يعلما ما لهما وما عليهما من حقوق شرعها الله ليسعدا بها
أو أمور حياتية اتفقا عليها .
والنقطة المهمة ألا يغفلا عن أنهما خلقا مكرمين متساووين في المسؤولية والتكليف
وبعد فلا بد من التركيز على أن هناك امور لا تنازل عنها
وهي ما تمس الدين والخلق
وإذا وجد من يطالب بالتنازل عن هذه القيم فلا بد من معالجة ذلك بالمناصحة وبجدية وبأدب
وأما الأمور الاخرى الناجمة عن الاختلاف الطبعي بين البشر
فيمكن أن تعالج بالتجاوز عن الهفوات ،
عن الصدامات
، واستحضار الإيجابيات التي عند الطرف الآخر ،
واجتناب فعل ما يزعج الطرف الآخر
والعناية بالبيت الذي يضم الزوجين
ومن أدوات النجاح حين حدوث الخلاف التحكم في ردود الفعل ،
وتجنب الصوت العالي للخروج من نقطة الخلاف بسلام
والحفاظ على السعادة الأسرية
التي تحتاج على شيء من المجاملة والتقدير ومراعاة الفروق الفردية
وتنشيط العواطف والمحبة
وإجادة فن التنازل الذي يؤتي صاحبه أحلى الثمار إن أتقنه .