تعريفة :
لغة : الغزو الفكري مركب من كلمتين : هما : غزو وفكري
وكلمة الغزو : مصدر لفعل غَزا يَغزُو غَزْواً و غََزَوَاناً ، وذلك إذا سار الإنسان إلى قتال العدو ، وإنتهابه في داره .
واسم الفاعل منه غازٍ . المعجم الوسيط جــ2ص658 .
وأصل الغزو كما يقول صاحب معجم مقاييس اللغة : الطلب والقصد ، أو اللِّقاح ، ومن هنا يقال للمرأة التي غزا زوجها (مُغْزِيَة ) ، ومنه تقول العرب أغزت الناقة إذا عَسُر َلقاحها . ج 4/ ص 423.
واسم المرة منه غَزَوَة ، والجمع غزوات .
وأغزاه جهزه للغزو .
وأما الفكر : تردد القلب في الشيء للاعتبار ، يقال تفكر إذا ردد قلبه معتبِراً ، ورجل فِكِيْر كثير الفكر . معجم مقاييس اللغة ج 4/ ص 446 .
الغزو الفكري اصطلاحاً : استعمال الوسائل غير العسكرية ، التي اتخذها النصارى وغيرهم من أعداء الله ، لإزالة مظاهر الحياة الإسلامية , وصرف المسلمين عن التمسك بالإسلام عقيدةً وسلوكا .
فالغزو الفكري قد دخل إلى جميع المقومات الأساسية للإسلام ، من العقيدة ،والاقتصاد ، ونظام الحكم ، ونظام التعليم ، و وسائل الإعلام.......
أهداف الغزو الفكري :
فالغزو الفكري كما هو واضح من تعريفه ، يهدف إلى :
1 - إزالة مظاهر الحياة الإسلامية من حياة المسلمين .
2 - إقامة سلوكيات النصارى مكانها . قال تعالى (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم )
3- إذا لم يتقبل المسلمون التنصير فلا مانع من إخراجهم من الإسلام وإبقائهم بغير دين .
طرق التنفيذ للغزو الفكري بين المسلمين :
بنى غزاة الفكر مناهجهم وطرقهم لتحقيق هذه الغاية على أسس أهمها :
أ - بث الشبهات حول مصادر الإسلام من القرآن والسنة .والإجماع ، والقياس ، والاجتهاد ، والاستحسان ، والمصالح المرسلة .
ب - إيجاد روح التخاذل والذل النفسي كنتيجة لتلك الشبهات بين المسلمين ، وإيحائهم أن تراث الإسلام غير قادر على مسايرة الحضارة والتثقيف الحديث ، وأن تخلف المسلمين لم يأت إلا كنتيجة لتمسكهم بمبادئ لا تنسجم مع متطلبات العصر .
ت - تقديم دراسات مشوهة عن الحياة الإسلامية العملية , تُنَفر النفس البشرية من الإسلام ، مع تقديم البديل الغربي في أبهى حُلَّة وأجمل صورة ، وقادة هذا الميدان هم المستشرقون ودراساتهم الإستشراقية .
ث - ترجمة الدراسات الإستشراقية إلى أغلب اللغات التي تتكلم بها الشعوب المسلمة ، من العربية والأردية والإندونيسية والسوا حلية ....
ج – بما أن العالم الإسلامي مغلوب في ميادين المعرفة والاختراع الماديين ، يرسل أفضل أدمغته إلى الغرب لاكتساب التقنية ، فيقوم الغرب بغسيل أدمغة هؤلاء من الإسلام في الأعم الأغلب ، ورفاعة الطهطاوي إمام البعثة المصرية إلى فرنسا خير مثال لهذا الألم .
فلا يعودون إلى بلدانهم إلا متشبعين بالثقافة الغربية تمجيداً واستحساناً ، ينظرون إلى حضارة الإسلام ومبادئها بمنظار النقد والهدم ، ويزداد الأمر سوءاً حين تُوكَلُ إلي هؤلاء المناصب القيادية من التخطيط ووضع الأسس للرقي والتقدم .
ومدرسة الإمام محمد عبده في مصر ومدرسة سر سيد أحمد خان في شبه القارة الهندية خير تمثيل لهذا الواقع المؤلم .
ح - استعمار العالم الإسلامي بقوة السلاح ، وفرض عقيدة التنصير على الشعوب المسلمة ، تحت وطأة الحاجة ولقمة العيش .
خ – فرض قيادات على الدول الإسلامية ، تخرجت على مناهج معينة ، في مدارس معينة، مهمتها تخريج القيادات الموالية للغرب كجامعة أكسفورد في انجلترا ، والجامعة الأمريكية في بيروت ، وجامعة القاهرة في مصر ........
أما باكستان فحدث عن كثرتها ولا حرج ، من أعظمها إِيْجِي سَنْ كالج ، الواقع في أعظم شوارع لاهور { مال رود } وجل الساسة الباكستانيين متخرجون منها ، ويليه في المرتبة لاَرَنْس كَالِج ، ف مُرِي كالج ، ويليهما سِنْت مِيْرِيْ سكول ، و كِيْتَهدَرَلْ سكول ، وكَارِيْتَاس جَرْج .
ولجل هذه الكليات فروع في جل المدن الباكستانية الكبيرة ، يتهافت عليها الباكستانيون لتعلم اللغة الإنجليزية ، التي تكسب لقمة العيش في وظائف الدولة .
هل وجدت هجمات فكرية على الإسلام قبل هجمات النصارى الصليبيين المعاصرة ؟
نعم وجدت في عدة صور ،لن نخوض في تفاصيلها من أهمها :
1 - بث الشبهات من المشركين ، بدأ من عقيدة الألوهية (كيف يكفى واحد لأكثر من واحد ؟ ) والنبوة قال تعالى (وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ) سورة الزخرف آية 31 .
2 - وجود المنافقين بين الصف المسلم ، مهمتهم نشر الشائعات ، التي تضعف عزيمة المسلمين في دينهم ، وتمسكهم بمصدر قوتهم .
3- وجود الروايات الإسرائيلية بين ثنايا كتب الإسلام .
4- وجود الفرق العقيدية المختلفة ، من الشيعة والخوارج والقدرية والصوفية.......
5- ترجمة الثقافات المجاورة إلى اللغة العربية ، والدفاع عن الإسلام في ضوء تلك الثقافات ، كالثقافة اليونانية ، والثقافة الفارسية