الدين النصيحة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسلام على المبعوثِ رحمةً للعالَمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمَّا بعدُ:
فإنَّ للنَّصيحة أهميةً عظيمة، فهي عمادُ الدِّين وقوامه، وبِها يَصلح العباد، ويسودُ الأمن، ويعمُّ الرَّخاء في البلاد.
ونظرًا لِما لَها مِن أهمية عُظمى في ديننا الإسلامي، فقد أحبَبْنا أن نتحدَّث عنها من خلال المَحاور التَّالية:
المِحْور الأول: الدِّين النصيحة.
المحور الثاني: تعريفها.
المحور الثالث: أهمِّيتها.
المحور الرابع: لمن تَكون؟
المحور الخامس: حُكمها.
المحور السادس: شُروطها.
المحور السابع: آدابُها.
المحور الثامن: العوامل المؤثِّرة في قبولها.
المحور التاسع: نماذج رائعة من نصائح السَّلَف.
وإليك تفاصيل ذلك:
المحور الأول: الدين النصيحة:
جاء في الحديث عن أبي رقية تميمِ بن أوسٍ الدَّاري - رضي الله عنه - أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((الدِّين النصيحة))، قلنا: لِمَن يا رسول الله؟ قال: ((لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمَّة المسلمين، وعامَّتِهم))؛ رواه مسلم.
وهذا الحديث الشريف رواه خمسةٌ من أجِلاَّء الصحابة، هم: تميم بن أوس الداريُّ، وابن عُمر، وأبو هريرة، وثوبانُ، وابن عبَّاس - رضي الله عنهم جميعًا - وهذا يدلُّك على أهمية النَّصيحة.
ومِمَّا يدلك أيضًا على أهمية النصيحة أنَّها قد جاءتْ أحاديثُ أخرى في الحثِّ عليها عن عدَّةٍ من الصحابة؛ منهم: جرير بن عبدالله، وحُذيفة بن اليمَان، وأنَسُ بن مالك، وأبو أمامة، وأبو أيُّوب، وغيرُهم - رضي الله عنهم جميعًا.
وفي هذا الحديث يُخبِر النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن النصيحة هي الدِّين كلُّه؛ ذلك أنَّ الدِّين كُلَّه نُصْح؛ فالصَّلاة، والصِّيام، والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، وبَذْلُ السَّلام، وإحسان الكلام؛ كلُّ ذلك نصح، قال ابن رجب - رحمه الله - عند شرحه لهذا الحديث: \"هذا يدلُّ على أنَّ النصيحة تشمل خِصالَ الإسلام والإيمان والإحسان التي ذُكِرَت في حديث جبريل - عليه السَّلام - وسمَّى ذلك كلَّه دينًا\"[1].
وقال النوويُّ - رحمه الله - عن هذا الحديث: \"هذا حديثٌ عظيم الشَّأن، وعليه مَدارُ الإسلام... وأمَّا ما قاله جماعاتٌ من العلماء أنَّه أحدَ أرباعِ الإسلام؛ أيْ: أحَدُ الأحاديثِ الأربعة التي تَجمع أمورَ الإسلام، فليس كما قالوه، بل المدارُ على هذا وَحْدَه\"[2].
المحور الثانِي: تعريفها:
1- النصيحة لغةً: مأخوذة من مادة \"نصح\" التي تدلُّ على ملائمةٍ بين شيئين، وإصلاحٍ لَهما، وأصل ذلك النَّاصح، وهو الخيَّاط، والنصيحة: خلاف الغِشِّ، يُقال: نصحته أنصحه.
وقال الرَّاغب: \"النُّصح مأخوذٌ من قولهم: نصحتُ له الود؛ أيْ: أخلصتُه، أو من قولهم: نصحت الجِلد: خِطْتُه\".
وقال ابنُ منظور: \"نَصَحَ الشيءُ: خلص، والنَّاصح الخالِص من العمل وغيره\"[3].
2- واصطلاحًا: قال الخطابيُّ - رحمه الله -: \"النصيحة كلمة يعبَّر بها عن جملةٍ، هي إرادة الخير للمنصوح له\"[4].
وقال الراغبُ - رحمه الله -: النُّصح تَحرِّي فعلٍ أو قول فيه صلاحُ صاحبه[5].
وقال محمد بن نصر - رحمه الله -: \"قال بعضُ أهل العلم: جِمَاعُ تفسير النَّصيحة هو عناية القلب للمنصوح، مَن كان\"[6].
وقال الجرجانِيُّ - رحمه الله -: \"هي الدُّعاء إلى ما فيه الصَّلاح، والنهي عمَّا فيه الفساد\"[7].
المِحور الثالث: أهميتها:
للنَّصيحة أهمية عظيمة في دين الإسلام، وتظهر أهميتُها من خلال الأمور الآتية:
أوَّلاً: أنَّها عِمادُ الدِّين وقوامه؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الدِّين النَّصِيحَة)).
ثانيًا: أنَّها وظيفةٌ من وظائف الأنبياء؛ فقد ذكر الله - تبارك وتعالى - في القرآن الكريم على لسان نوحٍ - عليه السَّلام - قولَه لقومه: ? أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ? [الأعراف: 62]، وقال سبحانه على لسان هود - عليه السَّلام -: ? أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ? [الأعراف: 68]، وقال سبحانه على لسان صالِح - عليه السَّلام -: ? يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ ? [الأعراف: 79]، وقال سبحانه على لسان شعيبٍ - عليه السَّلام -: ? لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ ? [الأعراف: 93]... وهكذا هي طريقة كلِّ مَن سار على دربِهم من العلماء والأولياء، وسائر الصُّلَحاء.
ثالثًا: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أخذ البيعةَ عليها؛ فعن جَرِير بن عبدالله - رضي الله عنه - قال: \"بايعتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - على إقام الصَّلاة وإيتاء الزَّكاة، والنُّصح لكلِّ مسلم\"؛ رواه البخاريُّ ومسلمٌ، فالنَّصيحة قرينةُ الصَّلاة والزَّكاة؛ ولذلك فقد أخذ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - البيعةَ عليها.
رابعًا: أنَّها دليلٌ على الخيريَّة، قال تعالى: ? كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ? [آل عمران: 110]، وقد روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: \"لا خيرَ في قومٍ ليسوا بناصحين، ولا خير في قوم لا يحبُّون الناصحين\"[8]، فالنصيحة دليلٌ على خيريَّة القائمين بها، وعلى خيرية المستجيبين لها.
خامسًا: أن القائمين بها خُلَفاء الله في أرضه؛ قال الحسَنُ البصريُّ - رحمه الله -: \"ما زال لله ناسٌ يَنصحون لله في عباده، ويَنصحون لعباد الله في حقِّ الله عليهم، ويَعملون له في الأرض بالنَّصيحة، أولئك خُلفاء الله في الأرض\"[9].
سادسًا: أنَّها صفةٌ من صفات المؤمنين الصَّادقين: \"المؤمنون نصَحةٌ، والمنافقون غشَشة\".
سابعًا: أنَّها دليل على المحبَّة والتآلُف، قال الحارث المحاسبيُّ - رحمه الله -: \"اعلم أنَّ مَن نصحك فقد أحبَّك، ومن داهنك فقد غشَّك، ومن لم يَقبل نصيحتك فليس بأخٍ لك\"[10].
المحور الرابع: لمن تكون؟
لَمَّا سمع الصحابةُ - رضوان الله عليهم - الرسولَ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((الدِّين النصيحة))، سألوه فقالوا: \"لِمَن يا رسول الله؟\"؛ أي: لِمَن تكون؟ فأجابَهم - عليه الصَّلاة والسَّلام - بأنَّها تكون لخمسة أصناف:
الصِّنف الأول: ((لله)) : وكيف تكون النَّصيحة لله؟
تكون: بالإيمان به حقَّ الإيمان، وأنَّ له الأسماءَ الحسنى، والصفاتِ العُلى، ونفي جميع العيوبِ والنَّقائص عنه، والقيام بأداء فرائضه، واجتناب مَحارمه، والاعتراف بنِعَمِه، والقيام بِشُكرها.
الصنف الثانِي: ((ولكتابه)) : وذلك بالإيمان بأنَّه كلامُ الله، وأنه محفوظٌ من التَّبديل والتغيير إلى قيام الساعة، وأنه ناسخٌ لِجميع الكتب المتقدِّمة، وتحكيمه في كلِّ صغيرة وكبيرة، وتعلمه وتعليمه، وتحكيمه، وحفظ حدوده وحروفه.
الصنف الثالث: ((ولرسوله)) : وذلك بالتصديق برسالتِه، وأنَّه أفضلُ الأنبياء والمُرسَلين، وخاتَمُ النبيِّين، وطاعته - عليه الصَّلاة والسَّلام - في أمره ونَهْيه، ونُصرته حيًّا وميتًا، ومُعاداة مَن عاداه، ومُوالاة من والاه، وإحياء سُنَّتِه، وبَثِّ دعوته، ونشر شريعته، ونفي التُّهمة عنه، ومَحبَّة أهل بيته وصحابته، ومُجانبة مَن ابتدع في دينه.
الصنف الرابع: ((ولأئمَّة المسلمين)) : والمقصود بأئمة المسلمين هنا طائفتان:
الطائفة الأولى: وُلاة أمر المسلمين الحُكَّام العدول: وتكون النَّصيحة لهم بإعانتهم على الحقِّ، وطاعتهم في طاعة الله، ودفع الظُّلم عنهم، وجمع الكلمة عليهم ما داموا قائمين بأمر الله.
الطَّائفة الثانية: العلماء: وتكون النَّصيحة لهم بِنَشر علمهم، وإحسان الظنِّ بِهم، وتقديرهم واحترامهم، وإعطائهم حقوقَهم، والدِّفاعِ عنهم، وغير ذلك.
الصنف الخامس: ((وعامَّتِهم)) : وذلك بِتَعْبيدهم لِخالقهم، وتعليمهم ما يَنفعهم، وتَحذيرهم مِمَّا يضرُّهم، وكفِّ الأذى عنهم، وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم، والدِّفاع عن أموالِهم، وأعراضهم، وحُبِّك لهم ما تُحِبُّ لنفسك، وما أشبه ذلك.
المحور الخامس: حكمها:
اختلف العلماءُ في حكم النَّصيحة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنَّها فرضُ عين، وهو قول ابن حزمٍ الظَّاهري[11].
القول الثاني: فرض كفاية، وهو قول ابن بطَّال[12].
القول الثالث: أنَّها فرضٌ مرَّةً، وأخرى نافلةٌ، فالمفروضة هي: شِدَّة العناية من النَّاصح باتِّباع محبَّة الله في أداء ما افتَرض، ومُجانبةِ ما حرم، والنافلة هي: إيثار محبَّتِه على محبَّة النَّفس، وهو قول ابن رجب[13].
وقد فسَّر ابنُ رجب - رحمه الله كلامه - هذا بقوله: \"فالفرض منها مُجانبة نَهيِه، وإقامةُ فرضه بجميع جوارحه ما كان مُطيقًا له، وأمَّا النصيحة التي هي نافلةٌ لا فرض، فبَذْل المَجهود بإيثار الله على كلِّ محبوبٍ بالقلب وسائر الجوارح؛ حتَّى لا يكون في الناصح فضلٌ عن غيره؛ لأنَّ الناصح إذا اجتهد لم يُؤْثِر نفسه عليه، وقام بكلِّ ما كان في القيام به سرورُه ومَحبَّتُه، فكذلك النَّاصح لربِّه\"[14].
وقال ابن بطَّال - رحمه الله -: \"والنَّصيحة فرضٌ يُجْزِئ فيه مَن قام به، ويَسقط عن الباقين، والنَّصيحة لازمةٌ على قَدْر الطَّاقة إذا علم النَّاصحُ أنه يُقبل نصحُه، ويُطاع أمْرُه، وأَمِن على نفسه المكروه، وأمَّا إن خشي الأذى فهو في سعةٍ منها\"[15].
وعليه فنقول: إنَّ الأصل في النصيحة أنَّها فرضُ كفايةٍ؛ إذا قام بها مَن يكفي سقط الإثْمُ عن الآخر، وتكون فرضَ عينٍ في الأحوال التالية:
الحالة الأولى: إذا طلَبَها منك أخوك المسلم؛ لِحديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((حَقُّ المسلم على المسلم ستٌّ، قيل: ما هُنَّ يا رسول الله؟ قال: إذا لقيتَه فسلِّم عليه، وإذا دعاك فأجِبْه، وإذا استنصحك فانصَح له، وإذا عطس فحَمِد الله فشمِّتْه، وإذا مرض فعُدْه، وإذا مات فاتَّبِعه))؛ رواه مسلم.
قوله: ((وإذا استنصَحَك))؛ أي: طلب منك النَّصيحةَ، ((فانصَحْه))، وهذا دليلٌ على وجوب نصيحة مَن يستنصِحُه، وعدم الغشِّ له.
الحالة الثانية: عند رؤية المُنكَر الذي سكت عنه النَّاس، وعلمته أنت بحيث لا يترتَّبُ على إنكارِه مُنكَرٌ أكبَرُ؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن رأى منكم منكرًا فليُغيِّره بيده، فإنْ لَم يستطع فبلسانه، فإن لَم يستطع فبقلبه؛ وذلك أضعف الإيمان))؛ رواه مسلمٌ.
وقوله: ((فليغيِّرْه)) أمرٌ، والأمر دليل على الوجوب، فمن رأى منكرًا، وكان قادِرًا على تغييره وجب عليه إنكارُه.
الحالة الثالثة: عند عِلْم الإنسان بالخطَر الذي لا يَعْلمه غيرُه، ولا يتفطَّن له إلاَّ هو، ويعني ذلك أنَّه إن كان لا يعرف هذا المنكرَ إلاَّ هو؛ فهنا وجب عليه النُّصح وجوبًا عينيًّا؛ لقوله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ? [المائدة: 67]، ولَمَّا كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - هو وحده من البشَرِ الذي يَعلم هذا الخير؛ تعيَّن عليه بلاغُه، قال الإمام النوويُّ - رحمه الله -: \"قد يتعيَّن - أيِ: الأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر - كما إذا كان في موضعٍ لا يَعلم به إلاَّ هو، أو لا يتمكَّن من إزالته إلاَّ هو، وكمن يرى زوجتَه أو ولده أو غلامه على منكرٍ أو تقصير في المعروف\"[16].
المحور السادس: شروطها:
ذكر العلماءُ - رحمهم الله - شروطًا في حقِّ الناصح وفي حقِّ المنصوح، ومن هذه الشُّروط الآتي:
الشرط الأول: الإسلام: الأصل في النَّاصح أن يكون مسلمًا، عالِمًا بِما يَنصح به، وعمَّا ينهى عنه، وأمَّا بالنسبة للمنصوح، فيرى بعضُ العلماء أنَّه لا بد أن يكون مسلِمًا؛ قال الإمام أحمد - رحمه الله -: \"ليس على المسلم نصحُ الذمِّي\"[17]، واستدَلُّوا بحديث جرير بن عبدالله - رضي الله عنه - الذي فيه: ((والنُّصح لكلِّ مسلم))؛ رواه البخاريُّ.
وذهب ابنُ حجر - رحمه الله - إلى عدم اشتراطِ الإسلام، وأن التقيُّد بالإسلام للأغلب؛ حيثُ قال: والتقيُّد بالمسلم للأغلب، وإلاَّ فالنُّصح للكافر معتبَرٌ بأن يُدعَى إلى الإسلام، ويُشار عليه بالصَّواب[18].
الشرط الثانِي والثالث: البلوغ والعقل: ويُشترط فيهما أن يكونا بالِغَيْن؛ لأنَّ البلوغ والعقل مناط التَّكليف، وقد رفع الإثم والحرج عن ثلاثةٍ؛ كما قال النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((رُفِعَ القلم عن ثلاثةٍ: الصبِي حتَّى يحتلم...))؛ رواه أبو داود وابن ماجه، وصحَّحه الألبانِيُّ في \"صحيح ابن ماجه\" برقم (1660).
المحور السابع: آدابها:
للنَّصيحة آداب ينبغي التأدُّب بِها، ومراعاتُها، ومن أهَمِّها ما يأتي:
أوَّلاً: الإخلاص لله تعالى؛ وذلك بأن يَقصد النَّاصِحُ بنصحه وجْهَ الله - عزَّ وجلَّ - لقوله الله تعالى: ? وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ? [البينة: 5]، وقال: ? إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ? [الزمر: 2].
ثانيًا: الرفق واللِّين، ينبغي للناصح أن يتحلَّى بالرفق واللِّين؛ كما يقول النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما كان الرِّفقُ في شيء إلاَّ زانه، وما نزع من شيء إلاَّ شانه))؛ رواه مسلم.
وقد نفى الله عن نبيِّه الغلظةَ والشِّدة، فقال: ? فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ? [آل عمران: 159].
وقال عبدالعزيز بن أبي روَّاد: \"كان مَن كان قبلكم إذا رأى الرَّجلُ مِن أخيه شيئًا يأمره في رفق، فيُؤجَر في أمره ونَهيِه، وإنَّ أحدَ هؤلاء يخرق بصاحبه، فيستغضب أخاه، ويَهتك سِتره\"[19].
وقد ذَهَب بعضُ العلماء إلى وجوب الرِّفق في النَّصيحة؛ قال الغزاليُّ - رحمه الله -: ويدلُّك على وجوب الرِّفق ما استَدلَّ به المأمونُ إذْ وعظه واعظٌ، وعنَّف له في القول، فقال: يا رجل! ارفق؛ فقد بعَث اللهُ مَن هو خيرٌ منك إلى من هو شَرٌّ منِّي، وأمره بالرِّفق؛ قال تعالى: ? فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ? [طه: 44]، فلْيَكن اقتداءُ المُحتسب في الرِّفق بالأنبياء - عليهم الصَّلاة والسَّلام[20].
وليتَ الدُّعاة النُّصحاء، والخُطباء البلغاء، والمرشدين النُّبلاء يقتدون بالنبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في قصَّة الشابِّ الذي جاء إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَستأذنه في الزِّنا، فما كان منه - عليه الصَّلاة والسَّلام - إلاَّ أن قام بِنُصحه بالرِّفق واللِّين؛ فعن أبي أمامة - رضي الله عنه - أنَّ غلامًا شابًّا أتى النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: يا نَبِيَّ الله، تأذن لي في الزِّنا؟ فصاح الناسُ به، فقال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((قرِّبوه، ادْنُ))، فدنا حتَّى جلس بين يديه، فقال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أتحبُّه لأمِّك؟!)) فقال: لا، جعلني الله فداك! قال: ((كذلك الناس لا يحبُّونه لأمَّهاتهم، أتحبُّه لابنتك؟)) قال: لا، جعلني الله فداك! قال: ((كذلك الناس لا يحبُّونه لبناتِهم، أتحبه لأختك؟)) قال: لا، جعلني الله فداك! قال: ((كذلك الناس لا يحبونه لأخواتهم))، فوضع رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يده على صدره، وقال: ((اللَّهم طهِّر قلبه، واغفر ذنبه، وحصِّن فَرْجَه))، فلم يكن شيءٌ أبغض إليه منه؛ رواه أحمد، وصحَّحه الألباني في \"الصحيحة\" رقم (370).
ثالثًا: أن تكون النصيحة سرًّا؛ لأنَّ النُّصح أمام الناس يولِّد ردودَ أفعال، ورُبَّما لا تقبل النَّصيحة، بل يزداد الأمر سوءًا؛ ولذلك فقد كان سلَفُنا الصالح - رضوان الله عليهم - يَحرصون على النُّصح سرًّا؛ قال بعضهم: \"من وعَظ أخاه فيما بينه وبينه، فهي نصيحة، ومَن وعظه على رؤوس الناس فإنَّما وبَّخَه\".
وقال الفُضيل بن عياض - رحمه الله -: المؤمن يَستر ويَنصح، والفاجر يهتك ويُعيِّر.
ولله دَرُّ الشافعي - رحمه الله - إذا يقول: \"من وعظ أخاه سرًّا فقد نصحه وزانَه، ومن وعظه علانيةً فقد فضحه وشانه\".
وسُئِل ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - عن أمر السُّلطان بالمعروف، ونَهيه عن المُنكَر، فقال: إنْ كنتَ فاعلاً ولا بدَّ، ففيما بينك وبينه[21].
وقد أنشد الإمام الشافعي شعرًا، فقال:
تَعَمَّدْنِي بِنُصْحِكَ فِي انْفِرَادِي
وَجَنِّبْنِي النَّصِيحَةَ فِي الْجَمَاعَهْ
فَإِنَّ النُّصْحَ بَيْنَ النَّاسِ نَوْعٌ
مِنَ التَّوْبِيخِ لاَ أَرْضَى اسْتِمَاعَهْ
فَإِنْ خَالَفْتَنِي وَعَصَيْتَ قَوْلِي
فَلاَ تَغْضَبْ إِذَا لَمْ تُعْطَ طَاعَهْ
وقال ابنُ حزم: \"وإذا نصحْتَ فانصح سرًّا لا جهرًا، وبتعريضٍ لا تصريح، إلاَّ أنْ لا يَفهمَ المنصوحُ تعريضَك، فلا بدَّ من التصريح\"[22].
وقد قال الله تعالى لإمام النَّاصحين - عليه الصَّلاة والسَّلام -: ? وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا ? [النساء: 63]؛ أيْ: وانصَحْهم فيما بينك وبينهم بكلامٍ بليغ، رادعٍ لهم[23].
رابعًا: اختيارُ الأحوال والأزمنة المُناسِبة: فعلى النَّاصح أن يكون فَطِنًا لبيبًا في اختيار الأحوال والأزمنة المُناسبة، وعليه أن يتقمَّص الفُرَص السَّانحة، فاختيار الحال والزَّمان المناسب من أكبر الأسباب لقبول النَّصيحة، قال ابن مسعودٍ - رضي الله عنه -: \"إنَّ للقلوب شهوة وإقبالاً، وفترةً وإدبارًا، فخُذوها عند شهوتِها وإقبالِها، وذَرُوها عند فترتها وإدبارها\"، فهنيئًا لذلك الداعية الذي يَعرف متى تُدْبِر القلوب ومتى تُقْبِل، فيُحسِن الإنكار، ويُجيد مُخاطبة القلوب\"[24].
وقد كان النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يتخوَّل أصحابَه بالموعظة أحيانًا؛ مَخافة السَّآمة عليهم.
المحور الثامن: العوامل المؤثِّرة في قبولِها:
إذا أردتَ أن تكون نصيحتُك مقبولةً ونافعة، وتؤتي ثِمارَها، فعليك بالتأدُّب بآدابها، ومن أهَمِّها ما يأتي:
أوَّلاً: التأدُّب بآداب النصيحة التي سبق ذِكْرُها.
ثانيًا: التثبُّت والتأكُّد من أن الشخص المرادَ نُصْحُه قد وقع منه الخطأ والزَّلل فعلاً.
ثالثًا: القُدوة الحسنة، وذلك بأن يكون الناصح عاملاً بِما يأمر الناسَ به، وتاركًا لِما يَنهى الناسَ عنه، قال أبو بكر الآجُرِّي - رحمه الله -: \"ولا يكون ناصحًا لله ولرسوله ولأئمَّة المسلمين وعامتهم إلاَّ مَن بدأ بالنصيحة لنفسه، واجتهدَ في طلب العلم والفقه؛ لِيَعرف به ما يجب عليه، ويَعلم عداوة الشَّيطان له، وكيف الحذَرُ منه، ويعلم قبيحَ ما تَميل إليه النَّفسُ؛ حتَّى يُخالفها بعِلم\"[25].
وقد وبَّخ اللهُ تعالى بني إسرائيلَ على تناقُضِ أقوالِهم مع أفعالهم، فقال: ? أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ? [البقرة: 44].
وقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يُؤتَى بالرَّجُل يوم القيامة فيُلقى في النار، فتندلق أقتابُ بطنه، فيدور بِها كما يدور الحمار في الرَّحى، فيجتمع إليه أهلُ النار، فيقولون: يا فلان، ما لك؟ ألَم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ قال: بلى، كنتُ آمر بالمعروف ولا آتيه، وأَنْهى عن المنكر وآتيه))؛ روه مسلم.
ورحم الله أبا الأسودِ الدُّؤلِيَّ حين قال:
يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُعَلِّمُ غَيْرَهُ
هَلاَّ لِنَفْسِكَ كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ مِنَ الضَّنَا
كَيْ يَشْتَفِي مِنْهُ وَأَنْتَ سَقِيمُ
لاَ تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ
عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ
ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا
فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ يَقْبَلُ مَا تَقُولُ وَيَقْتَدِي
بِالقَوْلِ مِنْكَ وَيَنْفَعُ التَّعْلِيمُ
رابعًا: إشعار المنصوح بالشَّفقة والمحبَّة، فذلك هَدْيُ الأنبياء - عليهم السَّلام - فقد كانوا يقولون لأقوامهم: ? وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ? [الأعراف: 68]، ويدخل في ذلك: الابتسامةُ الصَّادقة في وجه المنصوح قبل نصيحته، والكلمةُ الطيبة، والثَّناءُ عليه، وتعديدُ مَحامدِه، أو الهديَّة.
خامسًا: إنزال الناس منازِلَهم، وذلك باتِّخاذ الأسلوب المناسب معهم، فكما هو معلومٌ أنَّ الناس ليسوا على درجةٍ واحدة، بل هم درجاتٌ متفاوتة، فيتَّخِذ مع كلِّ واحد أسلوبًا يناسبه؛ فإمام المسلمين يسلك في نصحه أسلوبًا مناسِبًا لمقامه، والعالِمُ يَسلك في نصحه أسلوبًا يناسبه، والأب والأم يتَّخذ معهما أسلوبًا يناسبهما ويليق بِهما، والجاهل يتخذ معه أسلوبًا يفيده، والمعانِد يتخذ معه أسلوبًا يليق به... وهكذا.
سادسًا: المصداقيَّة في النصيحة؛ قال تعالى حاكيًا عن فرعون أنَّه قال لقومه: ? مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ? [غافر: 29]، فظاهِرُ قوله أنَّه صادقٌ في نصح قومه، وأنَّه يرشِدُهم إلى ما فيه نفعُهم! ولكنَّه في الحقيقة كاذبٌ دجَّال؛ حالُه كحال إبليس اللَّعين حينما قال لأبينا آدمَ وأُمِّنا حوَّاء: ? وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ? [الأعراف: 21]، وهو أكذب الكاذبين!
فهذه جملةٌ من العوامل المفيدة والنافعة، والمؤثِّرة في قبول المنصوح لنصيحة النَّاصح.
المحور التاسع: نماذج رائعة من نصائح السلف:
لقد سطر لنا تاريخُنا الإسلامي الزاهر نماذِجَ رائعةً في أخذ السَّلف بالأسلوب المؤثِّر في قبول النَّصيحة، والاستجابة لَها، وإليك بعضًا من تلك النَّماذج الفريدة.
النَّموذج الأول: الحسن والحسين - رضي الله عنهما -:
يُروى أن الحسنَ والحسين - رضي الله عنهما - رأَيَا رجلاً كبيرًا في السنِّ يتوضَّأ، وكان لا يُحْسِن الوضوء، فأرادا تعليمَه، فذهبا إليه، فادَّعيا أنَّهما قد اختلفا: أيُّهما حسَنُ الوضوء أكثر مِن أخيه؟ وأرادا مِنه أن يَحكم بينهما، فأمر أحدَهما بالوضوء، ثم أمر الآخَر، ثم قال لهما: أنا الذي لا أعرف الوضوء، فعَلِّماني إيَّاه!
النموذج الثانِي: جرير بن عبدالله - رضي الله عنه -:
عن إبراهيم بن جرير البجليِّ عن أبيه، قال: غَدا أبو عبدالله - أيْ: جرير - إلى الكناسة؛ لِيَبتاع منها دابَّة، وغدا مولًى له، فوقف في ناحية السُّوق، فجعلت الدوابُّ تمرُّ عليه، فمرَّ به فرسٌ، فأعجبه، فقال لمولاه: انطلق فاشتَرِ ذلك الفرس، فانطلقَ مولاه، فأعطى صاحبه به ثلاثمائة درهم، فأبى صاحبُه أن يبيعه، فقال: هل لك أن تنطلق إلى صاحبٍ لنا ناحيةَ السُّوق؟ قال: لا أُبالي، فانطلقا إليه، فقال له مولاه: إنِّي أَعطيتُ هذا بفرسه ثلاثمائة درهم، فأبى، وذكر أنه خيرٌ من ذلك، قال صاحب الفرس: صدَق، أصلحك الله، فترى ذلك ثمنًا؟ قال: \"لا، فرَسُك خير من ذلك، تبيعه بخمسمائة؟\" حتى بلغ سبعمائة درهم، أو ثمانمائة، فلما أن ذهب الرجل أقبل على مولاه، فقال له: \"ويحك! انطلَقْت لتبتاع لي دابَّة، فأعجبتني دابَّةُ رجل، فأرسلتُك تشتريها، فجئتَ برجلٍ من المسلمين تقوده، وهو يقول: ما ترى؟ ما ترى؟ وقد بايعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - على النُّصح لكلِّ مسلم\"؛ رواه الطبراني في \"الكبير\".
النموذج الثالث: الإمام مالك بن أنس - رحمه الله -:
يُروى أن إمامَ دارِ الهجرةِ مالِك بن أنس - رحمه الله - كتب إلى الخليفة هارونَ الرَّشيدِ برسالةٍ يَنصحه فيها، يقول: أمَّا بعد، إنِّي كتبتُ إليك بكتاب لَم آلُكَ فيها رشدًا، ولم أدَّخِر فيها نصحًا؛ تحميدًا لله، وأدبًا عن رسول الله، فتدبَّرْه بعقلك، وردِّد فيه بصرَك، وأَرْعِه سمعك، ثُمَّ اعقله قلبك، وأحضر فهمك، ولا تغيبن عنه ذهنك؛ فإنَّ فيه الفضلَ في الدُّنيا، وحُسْنَ ثواب الله في الآخرة، اذكر نفسك في غمرات الموت، وكربة ما هو نازلٌ لديك منه، وما أنت موقوف عليه بعد الموت من العرض على الله سبحانه، ثم الحساب، ثم الخُلود بعد الحساب.
وأعِدَّ لله - عزَّ وجلَّ - ما يسهِّل عليك أهوالَ تلك المشاهد وكُرَبَها؛ فإنَّك لو رأيتَ سخط الله تعالى وما صار إليه الناس من ألوان العذاب، وشدَّة نعمته عليهم، وسمعتَ زفيرهم في النار، وتسابُقهم مع كُلوح وجوههم، وطول غمِّهم، وتقلُّبهم في دركاتِها على وجوههم، لا يسمعون ولا يُبصرون، ويدعون بالويل والثُّبور، وأعظم حسرةٍ إعراضُ الله عنهم، وانقطاعُ رجائهم، وإجالته إيَّاهم بعد طول الغمِّ بقوله: ? اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ? [المؤمنون: 108]، احذر بطانة السُّوءِ وأهلَ الرَّدى على نفسك؛ فإنَّه بلَغني عن عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه - أنه قال: شاوِرْ في أمرك الذين يَخافون الله.
احذر بطانة السوء وأهل الرَّدى على نفسك؛ فإنه بلغني عن النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((ما من نبيٍّ ولا خليفة إلاَّ وله بطانتان؛ بطانةٌ تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وبطانةٌ لا تألوه خَبالاً))[26].
ثُم قال: \"لا تَجرَّ ثيابك؛ فإنَّ الله لا يحبُّ ذلك، فقد بلغَنِي عن النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((من جرَّ ثوبه خُيَلاء لم يَنظر الله إليه يوم القيامة))؛ رواه مسلم.
أطِع الله في معصية الناس، ولا تُطِع الناس في معصية الله؛ فقد بلغني عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((لا طاعة لِمَخلوقٍ في معصية الخالق))؛ رواه مسلم.
فهذه أمور تتعلَّق بالنصيحة، ينبغي على كلِّ مسلم ناصحٍ أن يتحلَّى بها، وأن يكون ناصحًا أمينًا.
اللَّهم إنا نسألك القيامَ بأمرك، والبُعدَ عن نَهيِك، والعملَ بِما يقرِّبنا منك يا أرحم الراحمين، اللهم إنا نعوذ بك من سخطك والنار، ونسألك رضاك والجنَّة يا ذا الجلال والإكرام.
ربنا آتِنا في الدُّنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقِنا عذاب النار.
------------------------
[1] \"جامع العلوم والحِكَم\" (1/ 210) ط: مؤسسة الرسالة.
[2] \"شرح النووي على صحيح مسلم\" (2/ 37).
[3] ينظر: \"معجم مقاييس اللُّغة\" (5/ 435) لابن فارس، و\"لسان العرب\" (7/ 4438) لابن منظور، و\"المصباح المنير\" (2/ 276) للفيومي، و\"المفردات\"، ص (494) للراغب.
[4] \"معالم السنن\" (4/ 125 - 126)، وانظر: \"كشف المشكل من حديث الصحيحين\"، (4/ 219).
[5] \"المفردات\"، ص (494).
[6] \"جامع العلوم والحكم\"، (1/ 220).
[7] \"التعريفات\"، ص (360).
[8] \"رسالة المسترشدين\"، ص (71).
[9] \"شرح البخاري\" (1/ 130) لابن بطال.
[10] \"رسالة المسترشدين\"، ص (71).
[11] انظر: \"رسالة الجامع\" (2/ 56).
[12] \"شرح البخاري\" (1/ 129)، وانظر: \"شرح صحيح مسلم\" (2/ 39) للنووي.
[13] \"جامع العلوم والحكم\" (1/ 220).
[14] \"جامع العلوم والحكم\" (1/ 220 - 221).
[15] \"شرح البخاري\" (1/ 129) لابن بطال.
[16] \"شرح النووي على مسلم\" (2/ 23).
[17] \"جامع العلوم والحكم\" (1/ 225).
[18] ينظر: \"فتح الباري\" (1/ 140).
[19] \"جامع العلوم والحكم\" (1/ 225).
[20] \"إحياء علوم الدين\" (2/ 334).
[21] ينظر: \"جامع العلوم والحكم\" (1/ 225).
[22] \"الأخلاق والسير\"، ص (44).
[23] \"تفسير القرآن العظيم\" (2/ 347) لابن كثير.
[24] \"فقه الدعوة في إنكار المنكر\"، ص (114115).
[25] \"شرح البخاري\" (1/ 130) لابن بطال.
[26] صحَّحه الألباني في \"الصحيحة\" برقم (1641).