ذهاب المرأة للطبيب
عندما تضطر المرأة إلي الذهاب للطبيب للفحص عليها فإن ذلك يستلزم أن تظهر شيئا من جسدها ـ فما حكم الشرع من ذلك ؟
إن ذهاب المرأة للطبيب عند عدم وجود طبيبة لا بأس به ، ويجوز أن تكشف للطبيب كل ما يحتاج إليه إلا أنه لا بد أن يكون هناك معها محرم وبدون خلوة من الطبيب بها ، لأن الخلوة محرمة وهذا من باب الحاجة ، وقد ذكر أهل العلم ـ رحمهم الله ـ أنه إنما أبيح مثل هذا لأنه محرم تحريم الوسائل ، وما كان تحريمه بتحريم الوسائل فأنه يجوز عند الحاجة إليه
جواز الخلوة عند الضرورة
من المسائل التي تقع تكشف المرأة أمام الأجانب عند الضرورة مثلا إذا كانت زوجة الجار مريضه وزوجها غائب عنها وليس عندها محارم فما العمل حينذاك ؟
لا شك أن الاختلاط بغير المحارم لا يجوز ، والخلوة أشد وأعظم لكن عند الضرورة تختلف الأحكام ، قال الله تعالى: ( وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه ) (الأنعام :119 ) . فإذا كانت امرأة جاري مضطرة إلي أن أكلمها وأدخل عليها لنقلها إلي الطبيب وما أشبه ذلك فلا بأس به مع درء الفتنة وذلك إذا كان عنده زوجة يستعين بها حتى تزول الخلوة .
دخول الكفيف على النساء
ما حكم دخول الكفيف على النساء لقصد التعليم في المدارس ؟
دخول الرجل الأعمى على النساء للتعليم لا بأس به، لأنه يجوز للمرأة أن تنظر إلي الأعمى ما لم يكن هناك فتنة ، والدليل على هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة بنت قيس : ( اعتدى في بيت ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده )(1) وأذن لعائشة أن تنظر إلي الحبشة وهم يلعبون في المسجد ، لكن إن حصل من هذا فتنة بكونه يتلذذ بصوت المرأة أو يدنيها إلي جنبه مثلا ، ويمسك على يدها وما أشبه ذلك ، فإنه لا يجوز ، لا من اجل أنه يحرم النظر إلي الرجل الأعمى ولكن من أجل ما اقترن به من الفتنة .
التعليم المختلط لا يجوز
*بالنسبة للتعليم المختلط في بعض الدول الإسلامية يكون الطلاب والطالبات جنبا إلي جنب في مقاعد متراصة وقاعة واحدة فما حكم ذلك ؟
الذي أراه أنه لا يجوز للإنسان رجلا كان أو امرأة أن يدرس بمدارس مختلطة ، لما فيها من الخطر العظيم على عفته ونزاهته وأخلاقه . فإن الإنسان مهما كان من النزاهة والأخلاق والبراءة إذا كان جانبه في كرسي امرأة ولا سيما جميلة ومتبرجة لا يكاد يسلم من الفتنة والشر فإنه حرام ولا يجوز . فنسأل الله سبحانه وتعالى لإخواننا المسلمين أن يعصمهم من مثل هذه الأمور التي لا تعود إلي شبابهم إلا بالشر والفتنة و الفساد .
وإن كان لا يوجد إلا مثل هذه الجامعات المختلطة في البلد فماذا يفعل الطالب ؟
حتى وإن لم يجد إلا مثل هذه الجامعات المختلطة فإنه يترك الدراسة إلي بلد آخر ليس فيه هذا الاختلاط فأنا لا أرى جواز هذا وربما غيري يرى شيئا آخر .
هناك عادة متبعة لدى بعض الناس وهي أن المرأة الأجنبية تصافحهم إذا وضعت على يديها حائل فما حكم ذلك ؟ وهل حكم المرأة التي تكبر في السن مثل حكم الصغيرة في السن ؟
لا يجوز للإنسان أن يصافح المرأة الأجنبية التي ليست من محارمه سواء مباشرة أو بحائل ، لأن ذلك من الفتنة ، وقد قال تعالى
ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا ) (الإسراء : 32 ) . وهذه الآية تدل على أنه يجب علينا أن ندع كل شي يوصل للزنا سواء كان زنا الفرج وهو الأعظم أو غيره ، و لا ريب أن مس الإنسان ليد المرأة الأجنبية قد يثير الشهوة ،على أن وردت أحاديث فيها تشديد الوعيد على من صافح امرأة ليست من محارمه ، و لا فرق في ذلك بين الشابة والعجوز لأنه كما يقال كل ساقطة لاقطة ثم حد الشابة من العجوز قد تختلف فيه الإفهام ، فيرى أحد أن هذه عجوز ويرى آخر أن هذه شابه .
عمل المرأة مع الرجل
لقد بينتم لنا حدود علاقة الرجل بالمرأة وما يجوز منها وما يحرم .. لكن ماذا عن حكم العلاقة بين الرجل والمرأة في حال العمل ، فهل يجوز أن تعمل في مكان مختلط مع الرجل ؟ لا سيما أن ذلك منتشر بشكل كبير في كثير من البلدان ؟
الذي أراه أنه لا يجوز الاختلاط بين الرجال والنساء بعمل حكومي أو بعمل في قطاع خاص أو في مدارس حكومية أو أهلية ، فإن الاختلاط يحصل فيه مفاسد كثيرة ولو لم يكن فيه إلا زوال الحياء للمرأة وزوال الهيبة من الرجال ، لأنه إذا اختلط الرجال والنساء أصبح لا هيبة عند الرجال ، وهذا أعني ـ الاختلاط بين الرجال والنساء ـ خلاف ما تقتضيه الشريعة الإسلامية ، وخلاف ما كان عليه السلف الصالح . ألم تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل للنساء مكانا خاصا إذا خرجن إلي مصلى العيد ، لا يختلطن بالرجال كما في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم حين خطب في الرجال نزل وذهب للنساء فوعظهن وذكرهن ، وهذا يدل على أنهن لا يسمعن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم أو إن سمعن لم يستوعبن ما سمعن من الرسول صلى الله عليه وسلم .
ثم ألم تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها وخير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها) (1)وما ذلك إلا لقرب صفوف النساء من الرجال ، فكان شر الصفوف ، ولبعد آخر صفوف النساء من الرجال فكان خير الصفوف ، وإذا كان هذا في العبادة المشتركة فما بالك بغير العبادة ، ومعلوم أن الإنسان في حال العبادة أبعد ما يكون عما يتعلق بالغريزة الجنسية ، فكيف إذا كان الاختلاط بغير عبادة فالشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق ، فلا يبعد أن تحصل فتنة وشر كبير في هذا الاختلاط .
والذي أدعو إليه إخواننا أن يبتعدوا عن الاختلاط وأن يعلموا أنه من أضر ما يكون على الرجال كما قال صلى الله عليه وسلم
ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء )(1) فنحن والحمد لله ـ نحن المسلمين ـ لنا ميزة خاصة يجب أن نتميز بها عن غيرنا ، ويجب أن نحمد الله سبحانه وتعالى أن منّ علينا بها ، ويجب أن نعلم أننا متبعون لشرع الله الحكيم الذي يعلم ما يصلح العباد والبلاد ، ويجب أن نعلم أن من نفروا عن صراط الله ـ عز وجل ـ وعن شريعة الله فإنهم في ضلال وأمرهم صائر إلي الفساد ، ولهذا نسمع أن الأمم التي يختلط نساؤها برجالها أنهم الآن يحاولون بقدر الإمكان أن يتخلصوا من هذا ولكن أنى لهم التناوش من مكان بعيد . نسأل الله أن يحمي بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء وشر وفتنة .
العمل المباح
ما هي مجالات العمل المباحة للمرأة التي تعمل بها دون أن تخالف دينها ؟
المجال العملي للمرأة أن تعمل بما يختص به النساء مثل أن تعمل في تعليم البنات سواء كان ذلك عملا إداريا أو فنيا ، وأن تعمل في بيتها في خياطة ثياب النساء وما أشبه ذلك ، وأما العمل في مجالات تختص بالرجال فإنه لا يجوز لها أن حيث أنه يستلزم الاختلاط بالرجال وهي فتنة عظيمة يجب الحذر منها ، ويجب أن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه قال : (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء )(2). فعلى المرء أن يجنب نفسه وأهله مواقع الفتن وأسبابها بكل حال .
يحرم النظر إلي صورة الفنانات
هناك ظاهرة متفشية بين الشباب وهي اقتناء صور النساء الأجنبيات من فنانات ومطربات وغير ذلك وينظرون إليها باستمتاع ، ويحتجون بحجة واهية وهي أن هذه الصور ليست حقيقية .
هذا تهاون خطير جدا أن الإنسان إذا نظر للمرأة سواء بواسطة وسائل الأعلام المرئية أو بواسطة الصحف أو غير ذلك ، فإنه لابد أن يكون من ذلك فتنة على قلب الرجل تجره إلي أن يتعمد النظر إلي المرأة مباشرة ، وهذا شي مشاهد ، ولقد بلغنا أن من الشباب من يقتني صور النساء الجميلات ليتلذذ بالنظر إليهن أو يتمتع بالنظر إليهن ، وهذا يدل على عظم الفتنة في مشاهدة هذه الصور ، فلا يجوز للإنسان أن يشاهد هذه الصور ، سواء كانت في مجلات أو في صحف أو غيرها ، لأن في ذلك فتنة تضره في دينه ، ويتعلق قلبه بالنظر إلي النساء فيبقى ينظر إليهن مباشرة .
ما هي حدود عورة المرأة للمرأة المسلمة والفاجرة والكافرة ؟
عورة المرأة مع المرأة لا تختلف باختلاف الدين ، وعورتها مع المرأة المسلمة كعورتها مع المرأة الكافرة ، وعورتها مع المرأة العفيفة كعورتها مع المرأة الفاجرة ، إلا إذا كان هناك سبب آخر يقتضي وجوب التحفظ أكثر ، لكن يجب أن نعلم أن العورة ليست هي مقياس اللباس ، فإن اللباس يجب أن يكون ساترا وإن كانت العورة ـ أعني عورة المرأة ـ بالنسبة للمرأة ما بين السرة والركبة ، لكن اللباس شي والعورة شي آخر ، ولو فرض أن امرأة كانت لابسة لباس حشمة وظهر صدرها أو ثديها لعارض أمام امرأة أخرى وهي قد لبست هذا اللباس الساتر الشامل ، فإن هذا لا بأس به . أما أن تتخذ لباسا قصير من السرة إلي الركبة بحجة أن عورة المرأة للمرأة من السرة إلي الركبة فإن هذا لا يجوز ، ولا يظن أن أحدا يقول به .
هل يجوز للمرأة أن تخرج ثديها عند النساء لإرضاع طفلها ؟
تفهم الإجابة مما سبق .
ما حكم المكياج للنساء أو للتزين به لزوجها ؟
كل ما تتزين به المرأة من هذه الزينات لا بأس به إذا كان لا يضرها ، لأن الأصل الحل فلا يحرم إلا ما قام الدليل على تحريمه ، ولكني سمعت أن هذه المساحيق ( المكياج ) تؤثر على بشرة المرأة وأنها تغيره في وقت قصير ، وهذا هو الظاهر ، لأن العادة أن ردود الفعل كما يقولون تكون في الأمور الحسية كما تكون في الأمور المعنوية ، فإذا ثبت ثبوتا لا مرية فيه انه لا ضرر على المرأة في استعماله فإنه لا بأس به ، لأن ذلك مما يجلب رغبة الزوج إلي زوجته ويحببها إليه لا سيما إذا كان الزوج ممن يهتم بمثل هذه الأمور لأن الأزواج يختلفون ، فقد يكون بعضهم لا يهمه أن تتجمل المرأة بهذه المجملات ، وقد يكون بعضهم مشغوفا بهذه المجملات . أما بالنسبة لتزين النساء فيما بينهن أثناء الزيارات فليس به بأس إذا كان في الحدود الشرعية المباحة .
غير المتزوجة هل يجوز لها أن تضع المكياج وتظهر للنساء ؟
غير المتزوجة على قاعدة أهل العلم أنه لا ينبغي عليها أن تتجمل ، لأنها غير مطالبة بهذا ، فالذي أرى أن تتجنبه غير المتزوجة . أما المتزوجة فقد سبق بيان حكمها .
ما حكم التطيب للنساء إذا أتينها في البيت ؟
إذا تطيبت النساء في البيوت فإنهن يخرجن للأسواق وتظهر رائحة الطيب عليهن ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء ) (1) وهذا يدل على أنه لا يجوز للمرأة أن تخرج وهي متطيبة ، نعم لو كان هؤلاء النساء سوف يركبن السيارة عند الباب ولا يتعرضن لأحد أجنبي فهذا لا بأس به .
ما حكم الملابس النسائية من تصميم الكفار لغير قصد التشبه وهي ساترة ؟
كلمة قصد التشبه غير واردة ، لأنه إذا حصل التشبه حصل المحذور وثبت حكمه سواء بقصد أو بغير قصد ، فإذا كانت هذه الألبسة مما يختص بالكفار ولا يلبسها غيرهم فإنه لا يجوز للمسلم أن يلبسها ، أما إذا كانت الألبسة شائعة بين المسلمين وغير المسلمين لكنه غي ر موجودة في بلادنا مثلا فلا بأس بلبسها إذا لم يكن ذلك شهرة ، فإن كان شهرة فهو حرام .
ما حكم الملابس الضيق والقصيرة التي تبدي الساقين أمام المحارم والنساء ؟
كم قلت سابقا إن اللباس يجب أن يكون ساترا شاملا ، وليس أن يقتصر على العورة ، وعلى هذا يجب على النساء أن يلبسن ثيابا طويلة ساترة حتى وإن كان ساقها يجوز أن يبدو للمرأة التي مثلها ولمحارمها ، لأنه يجب علينا ولاسيما في عصرنا هذا أن نحتاط لهذه الأمور احتياطا بالغا ، وأن نمنع ما يخشى منه التدرج إلي مشابهة الكفار بألبستهم .
ما حكم قص الشعر للشابة للتزيين ؟
* إذا كان قص الشعر إلي درجة تكون مشابهة للرجل فهذا حرام ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهات من النساء بالرجال ، وكذلك لو كان قصه على صفة مشابهة لنساء الكفار فإنه حرام ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال
من تشبه بقوم فهو منهم ) (2). أما إذا كان على غير هذين الوجهين فإن المشهور من مذهب الحنابلة أن هذا مكروه ، وهذا القول وإن كان ليس له دليل بين فإن الأخذ به جيد ، لئلا تتدرج المرأة من المباح للممتنع ومن المكروه للمحرم ، فالقول بالكراهة هنا حذرا من الوقوع في المحرم قول جيد .
يقال أنكم ذكرتم في شرح ( بلوغ المرام ) عند مسح الرجل رأسه في الوضوء بأن يمسح الرجل رأسه من الأمام إلي الخلف ، ثم من الخلف إلي الأمام حتى يصل الماء إلي باطن الرأس هل هذا صحيح ؟
وهل هذا يشمل النساء علما بأن المرأة قد يصعب عليها ذلك لكثرة وطول شعرها ؟
نعم بالنسبة لكونه يبدأ من مقدم الرأس إلي مؤخره ، ثم يرجع إلي مقدم الرأس هذا صحيح وقد ثبتت به السنة . وأما حتى يصل الماء إلي باطن الرأس فهذا كذب وليس بصحيح، ولا يمكن أن يصل الماء إلي باطن الشعر بالمسح ، لأن المسح معناه أن يبل يده بالماء ثم بها رأسه ، وهذا لا يتأتى منه ماء يصل إلي باطن الشعر ، اللهم إلا أن يكون عقب الحلق .
* وأما هل يشمل النساء هذا ؟
نعم لأن الأصل في الأحكام الشرعية أن ما يثبت في حق الرجال يثبت في حق النساء ، وأن ما يثبت في حق النساء ثبت في حق الرجال إلا بدليل ، ولا أعلم دليلا يحص المرأة في هذا . وعلى هذا أن تمسح من مقدم الرأس إلي مؤخره وإن كان شعرا طويلا فلن يتأثر بذلك ، لأنه ليس المعنى أن تضغط بقوة على الشعر حتى يتبلل أو يصعد إلي قمة الرأس إنما هو مسح بهدوء .
سجدة التلاوة للنساء هل تكون على هيئة حجابها في الصلاة ؟
هذا ينبني على اختلاف العلماء في سجدة التلاوة هل هي حكمها حكم الصلاة ، فلا بد من ستر العورة واستقبال القبلة والطهارة ، وإن قلنا أنه سجدة مجردة ولا يشترط فيه ما يشترط في الصلاة فإنه لا يشترط فيها في هذه الحال أن تكون المرأة متحجبة حجاب الصلاة بل ولا أن يكون الإنسان على وضوء ، ولكن لا شك أن الأحوط الأخذ بالقول الأول ، وأن لا يسجد الإنسان إلا على وضوء ، وأن تكون المرأة والرجل أيضا ساترا ما يجب ستره في الصلاة .
هل تقطع المرأة صلاة المرأة إذا مرت بين يديها ؟
نعم تقطع ، لأنه لا فرق في الأحكام بين الرجال والنساء إلا بدليل ، ولكن إذا مرت من وراء سترتها إن كان لها سترة ، أو من وراء سجادتها أن كانت تصلي على سجادة ، أو من وراء موضع سجودها أن لم يكن له سترة ولا سجادة ، فإن ذلك لا يضر ولا يؤثر .
وإن كان في التحرز من ذلك مشقة لاسيما في الحرمين ؟
والحديث لم يستثن شيئا وليس في هذا مشقة ، لأن في الإمكان أن تمنع والناس سوف يمتنعون ، وإذا لم يكن يتيسر ذلك فأجل النافلة إلي وقت يكون فيه المكان غير مزدحم ، أو تقدم إلي مكان آخر خاليا ، أو إذا كانت نافلة اجعلها في البيت ، فإن النافلة في البيت أفضل من النافلة في المسجد سواء المسجد الحرام أو في النبوي أو في غيرهما من المساجد ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال وهو في المدينة ( أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ) (1) وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يتطوع في بيته .
ما حكم لبس المرأة اللون الأبيض ليلة زفافها إذا علم هذا تشبه بالكفار ؟
المرأة يجوز لها أن تلبس اللون الأبيض بشرط أن لا يكون على تفصيل ثياب الرجل . وأما كونه تشبها بالكفار فقد زال هذا التشبه لكون كل المسلمين إذا أرادت النساء الزواج يلبسنه ، والحكم يدور في علته وجودا وعدما . فإذا زال التشبه وصار هذا شاملا للمسلمين والكفار زال الحكم إلا أن يكون الشي محرما لذاته لا للتشبه ، فهذا يحرم على كل حال .
امرأة يطلب منها زوجها في بعض ليالي رمضان صنع الطعام لضيوفه ، وهي عندما تقوم بذلك تحس بإرهاق شديد ولا تتمكن من القيام تلك الليلة ، فهل يجب عليها طاعته في ذلك لو استمر الحال على ذلك أكثر ليالي رمضان ؟
الواجب أن تعاشر المرأة زوجها بالمعروف ، وعلى الرجل أن يعاشر زوجته بالمعروف ، قال تعالى ( وعاشروهن بالمعروف ) ( النساء : 19 ) وليس من المعروف أن يرهق الرجل زوجته في خدمته في مثل هذا الوقت ، وعلى تلك الحال ، ولمن إن صمم فاللائق بالمرأة أن تطيعه . وإذا تعبت عن القيام وشق عليها فإن الله تعالى يكتب لها ما كانت تنويه وتريده ، لأنها إنما تركت ذلك لعذر لتقوم بما يجب عليها من طاعة الزوج فيما يلزم طاعته .
فتاوى الزواج
ليس ثمة شك في أن الزواج يعني إضافة لبنة جديدة من لبنات المجتمع المسلم ، ودعامة جديدة من دعائمه ، ومن هنا كانت الأهمية والعناية التي تحوطه . فبناء الأجيال والأمم إنما يرتكز وينطلق من هذه اللبنة ، وأن المنطلقات إذا هي سلمت من الغبش والرتوش أضحت المسيرة سليمة من كل العراقيل والقيود التي قد تحول دون إكمال مهمتها .
وبالزواج يكون المسلم قد بدأ حياة جديدة . لكن يجب أن تكون هذه الحياة مدعومة بالفهم الصحيح . والإدراك العميق لكل متطلبات الحياة الزوجية .
ونحن نمر بفترة الإجازة الصيفية حيث تكثر حفلات الزواج نجد أنه من المناسب أن نلتقي بأحد أعلام الأمة البارزين ليحدد لنا النهج القويم والسياسة الشرعية الثابتة التي خطها ديننا الحنيف لكي نتبع خطاها ونسترشد برؤاها حتى نسلم من الوقوع في المحذور والزلل .
فلقاؤنا كان مع فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى ليوضح لنا بعض المعالم النيرة حول قضايا الزواج وما يجب على الزوجين الالتزام به قبل وبعد وفي أثناء زواجهما . وبعض المحاذير التي تقع في الزواج ، وإسداء النصائح والتوجيهات القيمة التي تنفع الأمة في دينها ودنياها .
فإلي المحاورة التالية :
فضيلة الشيخ : تعلمون حفظكم الله أن الزواج تلبية مأمون لحاجة غريزية بين الرجل والمرأة التي إن توفرت حصلت العفة ، وإن لم تتوفر حصلت الخيانة التي فيها دمار الأمة ، فما هي نصيحتكم لمن أراد الزواج ؟ وماذا يفعلان الزوج والزوجة في ليلة الزواج ؟
نصيحتي لمن أراد الزواج أن يختار من النساء من أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بتزوجها حيث قال ( تزوجوا الودود الولود ) (1)وقال ( تنكح المرأة لمالها ، وحسبها ، وجمالها ، ودينها ، فأظفر بذات الدين ) (2)وأن تختار المرأة من كان ذا خلق ودين ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ) (3)وأن تتحرى غاية التحري ولا تتعجل بقبول الخطبة حتى تبحث عن حال الخاطب لئلا تندم على تسرعها .
ومما ينبغي العناية به ليلة الدخول على المرأة أن يدخل الزوج عليها مستبشرا متهللا لأجل إيناسها ، لأنها في تلك الساعة سيكون عندها رهبة ؛ وهيبة وخوف ، ويأخذ بناصيتها ويدعو بالدعاء المعروف ( اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه ، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه ) (1)يقول ذلك جهرا إلا أن يخاف أن تتروع المرأة وتشمئز ، فإذا خاف ذلك فيكفي أن يضع يده على ناصيتها ويدعو بهذا الدعاء سرا
وعند إتيان الإنسان أهله يقول ما حث عليه الرسول عليه السلام ( لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله ، جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فأنه أن يقدر بينهما ولد لم يضره الشيطان أبدا ) (2) .
فهذا من أسباب صلاح الأولاد وهو سهل ويسير ، كذلك مما ينبغي بل يتعين فهمه ومعرفته أنه إذا حصل الجماع وجب الغسل على الطرفين وإن لم يحصل إنزال ، وبعض الناس يظن أن الغسل لا يجب إلا بالإنزال ، وهذا ظن خاطي ، فالغسل واجب إذا جامع وإن لم ينزل ، لقول النبي(إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل وإن لم ينزل ) (3) وعلى هذا فيجب الغسل بأحد أمرين إما بالإنزال وإما بالجماع ، فالإنزال إذا حصل سواء بتقبيل أو ضم أو نظر لشهوة أو محادثة أو أي سبب وجب الغسل ، وإذا حصل جماع وجب الغسل وإن لم ينزل .
ومما تجدر الإشارة إليه أن بعض الأزواج هداهم الله لا يهتمون بصلاة الفجر صباح الزواج إما أنهم يصلونها في آخر الوقت وليس مع الجماعة ، وإما أنهم لا يصلونها إلا إذا طلعت الشمس ، وهذا من العادات المنكرة المنافية لشكر نعمة الله تعالى ، لأن شكر نعمة الله أن تقوم بطاعته .
*وماذا تقولون ـ حفظكم الله ـ في المقولة الشائعة التي يرددها بعض الناس أن الزوج إذا خرج لصلاة الفجر مع الجماعة في المسجد فهذا يدل على عدم رغبته في زوجته ، ولو رغب ما خرج من عندها طيلة ذلك اليوم ؟
أقول : إنها مقولة فاسدة ، بل إذا صلى الفجر فهذا دليل على رغبته فيها ، وأن شكر نعمة الله عز وجل على ما يسره له من النكاح ، فالواجب أن يصلي الزوج صلاة الفجر مع الجماعة لا أن يدع صلاة الجماعة بدون عذر شرعي .
حفظكم الله : ما رأيكم في قول بعض العلماء : ( يعذر بترك الجماعة من ينتظر زف المرأة إليه )
رأينا : أن أقوال العلماء يكون فيها الخطأ ويكون فيها الصواب ، والواجب الرجوع إلي الكتاب والسنة .
ثانيا : أن الذين قالوا هذا من العلماء إنما يتحدثون عن أمر كانوا عليه ، وهو أن الرجل هو الذي يستقبل الزوجة وليست الزوجة هي التي تستقبل الرجل ، فيكون الرجل في بيته وتزف إليه امرأته ، وهذا يعذر بترك الجماعة ، لأنه لو ذهب وصلى الجماعة لكان قلبه مشغولا ، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا صلاة بحضرة طعام ) (4)وكان بن عمر رضى الله عنهما يسمع الإمام يقرأ وهو يتعشى لا يقوم للصلاة حتى يكمل ، فإذا كان الرجل يعذر بترك الجماعة في هذه الحال فالذي ينتظر زف الزوجة إليه أشد شغلا والعذر واضح ، لكن عادة الناس اليوم على خلاف ذلك عندنا فالزوج يأتي إلي الزوجة في مكانها ، والأمر بيده فلا يعذر بترك الجماعة .
فضيلة الشيخ : أشتهر لدى كثير من الناس أن الرجل إذا دخل على زوجته يصلي أمامها ركعتين ، وهي كذلك تصلي معه ، حتى أن بعضهم فور دخوله عليها أن يشرع بصلاته حتى قبل الحديث معها .. فهل هذا من السنة ؟
في هذا آثار عن بعض الصحابة رضى الله عنهم أن الرجل إذا دخل على زوجته أول ما يدخل يصلي بها ركعتين ، أما عن النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصح في ذلك شي ، والذي يفعل ذلك أرجو ألا يكون عليه حرج وإن تركه فلا حرج عليه .
تعلمون ـ حفظكم الله ـ أن النساء ناقصات عقل ودين ، وهنا تعرض مسألة وهي أن المرأة إذا اختارت رجلا غير صالح ، وكان الرجل الذي اختاره والدها رجلا صالحا ، فهل يؤخذ برأيها أم تجبر على من أن أراد والدها ؟
أما جبرها على من أراد والدها فإنه لا يجوز حتى وإن كان صالحا ، لقول النبي ( لا تنكح البكر حتى تستأذن ، ولا تنكح الأيم حتى تستأمر ) وفي لفظ المسلم : ( والبكر يستأذنها أبوها في نفسها ) (1)وأما تزوجيها بمن لا يرضى دينه ولا خلقه فلا يجوز أيضا ، وعلى وليها أن يمنعها وأن يقول لا أزوجك من هذا الرجل الذي تريدينه إذا كان غير صالح .
فإن قال قائل : لو أصرت المرأة على أن لا تتزوج إلا هذا الرجل .
فالجواب : أنا لا نزوجها به و ليس علينا من إثمها شي ، نعم لو أن الإنسان خاف مفسدة وهو أن يحصل بينها وبين هذا الخاطب فتنة تنافي العفة ، وليس في الرجل شي يمنع من تزويجها به شرعا ، فهنا نزوجها به درءاً المفسدة .
فضيلة الشيخ : ماذا تقولون في بعض الآباء الذين يأخذون المهر كاملا ولا يعطون البنت منه شيئا إلا النزر اليسير ، مع العلم أن بعض المهور قد تصل إلي مائة وخمسون ألف ريال ثم من أدرك أن هذا المهر الذي أخذه قهرا وبدون رضا ابنته ماذا يفعل بعد مضي مدة طويلة على الزواج .
في هذا السؤال أمران مهمان :
الأول : هل يجوز لولى المرأة أن يشترط لنفسه أو لغيره شيئا من المهر سواء كان الأب أم غيره ؟
الجواب:لا يجوز ذلك ، لأن الصداق كله للمرأة لقوله تعالى(وآتوا النساء صداقهن نحلة ) (النساء : 4) ولحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أيما امرأة نكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها ، وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه ) (2) ولا فرق بين الأب وغيره في ذلك على القول الراجح إلا أنها إذا قبضته وتم ملكها له فللأب وحده أن يتملك منه ما شاء ما لم يضرها . أما بقية الأولياء فليس لهم حق التملك لكن إن أعطتهم الزوجة شيئا بسخاء وطيب نفس فهو لها حلال .
الأمر الثاني : أن بعض المهور قد يصل إلي مبالغ خيالية وهذا خلاف السنة .ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال
إني تزوجت امرأة من الأنصار. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( على كم تزوجتها ؟ ) قال : على أربع أواق . فقال النبي صلى الله عليه وسلم
على أربع أواق كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل ) (3) وأربع الأواق مائة وستون درهما أي أقل من نصاب الزكاة ، والمغالاة في المهور سبب لنزع البركة من النكاح ، فإن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة . ومتى حصلت المغالاة أصاب الزوج هم وغم لكثرة ما أنفق خصوصا إذا كان مدينا بذلك ، فكلما ورد على قلبه السرور بزوجته ثم تذكر ديونه التي عليه انقلب سروره حزنا وسعادته شقاء .
ثم لو قدر الله تعالى أن لا يتلاءم مع زوجته لم يسهل عليه فراقها ، وبقيت معه في عناء وشقاء ، وبقيت معلقة لا زوجة و لا مطلقة . وإذا قدر أن تطلب الزواج منه الفسخ لم يسمح غالبا إلا برد مهره عليه ، فإذا كان كثيرا صعب على المرأة وأهلها الحصول عليه ألا بمشقة شديدة .لذلك ننصح إخواننا المسلمين من المغالاة في المهور والتفاخر بها حتى يسهل الزواج للشباب ، وتقل أسباب الفتن والله المستعان .
فضيلة الشيخ : من الأمور التي نود من فضيلتكم التنبيه إليها البطاقات التي يدعى بها الناس لحضور وليمة الزواج حيث يصل بعض أسعارها إلي سبعة ريالات ، فهل من تحذير منها خصوصا مع وجود البديل النافع مثل كتابة الدعوة على ظهر رسالة علمية ، كذلك غلاف شريط إسلامي ، أيضا استعمال ورقة مصورة بالألوان مكتوبة بخط جميل بالكمبيوتر لا تكلف شيئا يذكر ، فهل من دعوة للحد من هذا الإسراف ؟
إني أحث إخواني إلي ترك هذا الإسراف ، وأرى أن بذل المال الكثير لمجرد دعوة قد يجيب المدعو بها وقد لا يجيب ومآلها إلي رميها في الأرض فأقول : إن هذا من التبذير الواضح الذي نهى الله فقال ( و لا تبذر تبذيرا * إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ) (الإسراء : 26- 27) . وأما فكرة أن تكون الدعوة في بطاقة ويكون في ظهرها كلمات مأثورة موجهة ونافعة فهذا طيب ، وليت هذا يفعل لكن تكون أوراقا عادية . والاقتراح الثاني أيضا أن يكون بصحبة البطاقة أشرطة مفيدة فهذا أيضا طيب وقد وقع هذا في بعض الدعوات رأينا كثيرا من الدعوات التي يعطى فيها أشرطة ، وهذا خير ونعين عليه أيضا بقدر ما نستطيع ، فلو أن الناس فعلوا ذلك لكانت هذه دعوة إلي الوليمة ودعوة إلي الشريعة فنجمع بين الحسنيين . وأما الثالث كون الدعوة أوراق مصورة فهذا أيضا طيب لا يكلف كثيرا وينفع .
فضيلة الشيخ : نسمع عن المبيت الواجب للزوجة فهل المقصود به الفراش أم الغرفة أم بالمنزل ؟
هذا يختلف باختلاف العادات، لأن الله تعالى قال
عاشروهن بالمعروف)(النساء: 19) لكن قول الله تبارك وتعالى: (والتي تخافون نشوزهن فعظوهن اهجروهن في المضاجع ) ( النساء : 34 ) يدل على أن تمام العشرة أن يكون الرجل مع زوجته في فراش واحد ، وهكذا كان هدى النبي صلى الله عليه وسلم لكن لا بأس أحيانا أن ينام على سرير وحده ، وإلا فالأصل أن يكون الرجل مع زوجته في فراش واحد .
هل عدة الزوجة تثبت بالخلوة أم بالجماع ؟ وهل إذا طلقها يسترجع المهر ؟
أما الآية الكريمة ( يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن ) (الأحزاب :49 ) فهذا يعني الجماع لكن الخلفاء الراشدون رضى الله عنهم قالوا : ( إن الرجل إذا خلا بزوجته ثم طلقها قبل أن يجامعها وجبت عليها العدة . والخلفاء الراشون لهم سنة متبعة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم هذا إذا فارقها في الحياة بطلاق أو غيره ، أما إن مات عنها فإن عليه العدة والإحداد و إن كان قبل الدخول والخلوة ، لعموم قوله تعالى : ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ) ( البقرة : 234) . وأما المهر فإن طلقها قبل الدخول والخلوة فله أن يسترجع نصفه فقط ، وإن طلقها بعد الدخول أو الخلوة لم يسترجع منه شي . وإن مات عنه فلها المهر كاملا ، ولا حق للورثة فيه سواء كان موته قبل الدخول والخلوة أم بعدها .
في بعض حفلات الزواج تقوم بعض النساء بتوزيع بعض الأشرطة والكتيبات التي تحمل في مادتها المواعظ فهل هذا مشروع ؟
هذا ليس مشروعا في حد ذاته لكنه محمود لغيره ، لأنه ربما لا يحصل اجتماع النساء في غير هذه المناسبة ، فتفريق الأشرطة والكتيبات عليهن في هذا الاجتماع حسن ومن وسائل الدعوة إلي الله عز وجل . لكن يجب أن تكون هذه الأشرطة والكتيبات صادرة عن علماء موثقين في العلم والدين والمنهج .
فضيلة الشيخ : ما رأي فضيلتكم في إلقاء بعض المواعظ في مناسبات الزفاف ؟
المواعظ في مثل هذه الحال لا أعلمه مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن لو طلب من الإنسان العالم الذي يصغي الناس إلي حديثه ولا يستثقلونه في مثل هذا الاجتماع فالتحدث إليهم حينئذ بالموعظة والأحكام التي يحتاجونها حسن ولكن لا يطول عليهم .وإذا رأى هو منكرا بنفسه فأنه يجب عيه أن يقوم ويعظ الناس ويحذرهم من هذا المنكر ، وكذلك إذا وجه إليه سؤال عن مسألة من المسائل فتكلم فيها واستطرد فهذا حسن لا باس به إن شاء الله .
فضيلة الشيخ : ما رأي فضيلتكم فيما تفعله النساء من القيام بنشيد الزفاف ، وهل هذا من العورة ؟
الصوت المجرد ليس بعورة ، ولكن من المعلوم أنه إذا ارتفعت أصواتهن بهذه المناسبة ولا سيما إن كانت أصواتا جميلة لذيذة على السمع والناس في نشوة العرس ، فإن هذا فيه من الفتنة العظيمة ، فكون الأصوات لا تخرج من بينهن أولى وأبعد عن الفتنة ، وأما ما يفعل بعض الناس اليوم بمكبرات الصوت على شرفات المبنى فيؤذي الناس بسماع الأصوات ويقلقهم فهذا منكر ينهى عنه . والحاصل : أن قيام النساء بالنشيد المناسب في هذه الحال لا بأس به إذا لم يكن معه عزف محرم .
فضيلة الشيخ : هل يجوز للنساء أن يرقصن في حفلات الزفاف لا سيما أنهن أمام النساء فقط ؟
الرقص مكروه ، وكنت في أول الأمر أتساهل فيه ولكن سئلت عدة أسئلة عن حوادث تقع في حال رقص المرأة ، فرأيت أن المنع منه ، لأن بعض الفتيات تكون رشيقة و جميلة ورقصها يفتن النساء بها حتى أنه بلغني أن بعض النساء إذا حصل مثل هذا تقوم تقبل المرأة التي ترقص وربما تضمها إلي صدرها ، ويحصل في هذا فتنة ظاهرة .
فضيلة الشيخ : ما رأيكم في لبس دبلة الخطوبة؟
دبلة الخطوبة عبارة عن خاتم ، والخاتم في الأصل ليس فيه شي إلا أن يصحبه اعتقاد كما يفعله بعض الناس ، يكتب اسمه في الخاتم الذي يعطيه مخطوبته ، وتكتب اسمها في الخاتم الذي تعطيه إياه ، زعما منهما أن ذلك يوجب الارتباط بين الزوجين ، ففي هذا الحال تكون هذه الدبلة محرمة ، لأنها تعلق بما لا أصل له شرعا ولا حسا ، كذلك أيضا لا يجوز في هذا الخاتم أن يتولى الخاطب إلباس مخطوبته ، لأنها لم تكن له زوجة بعد ، فهي أجنبية عنه إذ لا تكون زوجة إلا بالعقد .
فضيلة الشيخ : نعلم أن كشف المرأة لوجهها أمام الأجانب لا يجوز ، لكن ما هو جوابكم ـ حفظكم الله ـ على حديث العروسة التي قدمت لخطيبها مشروبا كاشفة عن وجهها بحضور النبي صلى الله عليه وسلم مع العلم بأن الحديث في صحيح مسلم ؟
هذا الحديث وأمثاله مما ظاهره أن نساء الصحابة رضى الله عنهن يكشفن وجوههن ينزل على ما قبل الحجاب ، لأن الآيات الدالة على وجوب الحجاب للمرأة كانت متأخرة في السنة السادسة للهجرة ، وكان النساء قبل ذلك لا يجب عليهن ستر وجوههن وأيديهن ، فكل النصوص التي ظاهرها جواز الكشف عند الأجانب محمولة على ما قبل نزول الحجاب .
ولكن قد ترد أحاديث فيها ما يدل على أنها بعد الحجاب ، فهذه هي التي تحتاج إلي جواب مثل : حديث المرأة الخثعمية التي جاءت تسأل النبي صلى الله عليه وسلم وكان الفضل بن العباس رديفا له في حجة الوداع ، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلي الشق الآخر(1) ، فقد استدل بهذا من يرى أن المرأة يجوز لها كشف الوجه ، وهذا الحديث بلا شك من الأحاديث المتشابهة التي فيها احتمال الجواز واحتمال عدم الجواز . أما احتمال الجواز فظاهر ، وأما احتمال عدم الدلالة على الجواز فإننا نقول : هذه المرأة محرمة ، والمشروع في حق المحرمة أن يكون وجهها مكشوفا ، و لا نعلم أن أحد من الناس يرى إليها سوى النبي صلى الله عليه وسلم والفضل بن العباس ، فأما النبي صلى الله عليه وسلم فإن الحافظ بن حجر رحمه الله ـ ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم يجوز له من النظر إلي المرأة أو الخلوة بها ما لا يجوز لغيره . كما جاز له أن يتزوج المرأة بدون مهر ، وبدون ولي ، وأن يتزوج أكثر من أربع ، والله عز وجل ، قد فسح له بعض الشي في هذه الأمور ، لأنه أكمل الناس عفة ، ولا يمكن أن يرد على النبي صلى الله عليه وسلم ما يرد على غيره من الناس من احتمال ما لاينبغي أن يكون في حق ذوي المروءة .
وعلى هذا فأن القاعدة عند أهل العلم أنه إذا وجد الاحتمال بطل الاستدلال ، فيكون هذا الحديث من المتشابه ، والواجب علينا في النصوص المتشابهة أن نردها إلي النصوص المحكمة الدالة دلالة واضحة على أنه لا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها عند غير الزوج و المحارم ، وأن كشف المرأة وجهها من أسباب الفتنة والشر ، والأمر كما تعلمون ظاهر الآن في البلاد التي رخص لهن بكشف الوجوه ، فهل اقتصرت النساء على الوجه ؟ الجواب لا ، بل كشفن الوجه والرأس والرقبة والنحر والذراع و الساق والصدر أحيانا ، وعجز هؤلاء أن يمنعوا نساءهم مما يعترفون بأنه منكر ومحرم ، وإذا فتح باب الشر للناس فثق أنك إذا فتحت مصراعا فسوف يكون أبوابا كثيرة ، وإذا فتحت مصراعا فسوف أدنى شي فسيتسع حتى لا يستطيع الراقع أن يرقعه ، فالنصوص الشرعية والمعقولات العقلية كله تدل على وجوب ستر المرأة وجهها .
وإني لأعجب من قوم يقولون : إنه يجب على المرأة أن تستر قدمها ، ويجوز لها أن تكشف كفيها ، فأيهما أولى بالستر ؟ أليس الكفان لأن رقة الكف وحسن أصابع المرأة وأناملها في اليدين أشد جاذبية من ذلك في الرجلين .
وأعجب أيضا من قوم يقولون : إنه يجب على المرأة أن تستر قدميها ، ويجوز لها أن تكشف عن وجهها ، فأيهما أولى بالستر؟هل من المعقول أن نقول:إن الشريعة الإسلامية الكاملة التي جاءت من لدن حكيم خبير توجب على المرأة أن تستر القدم ، وتبيح لها أن تكشف الوجه ؟
الجواب : أبدا هذا خلاف الحكمة ، لأن تعلق الرجال بالوجوه أكثر بكثير من تعلقهم بالأقدام ، وما أظن أحدا يقول للخطيب الذي أوصاه أن يخطب له امرأة : يا أخي ، ابحث عن قدميها أهي جميلة أو غير جميلة ، ويترك الوجه فهذا مستحيل ، بل أول ما يوصيه به هو البحث عن الوجه فهذا مستحيل ، بل أول ما يوصيه به هو البحث عن الوجه ، كيف الشفتان ، كيف العينان؟وهكذا أما أن يبحث عن القدم ويدع الوجه، فهذا مستحيل، فإذن محل الفتنة هو الوجه .
وكلمة ( عورة ) لا تعني أنه كالفرج يستحي من إخراجه أو من كشفه ، وإنما المعني أنه يجب أن يستر ، لأنع يعور المرأة بالفتنة بالتعلق بها .
وإني لأعجب من قوم يقولون : إنه لا يجوز للمرأة أن تخرج ثلاث شعرات أو أقل من شعر رأسها ، ثم يقولون : يجوز أن تخرج الحواجب الرقيقة الجميلة والأهداب الظليلة السوداء ولا مانع من إظهارها ؟ ثم ليس الأمر يقتصر على إخراج هذا الجمال وهذه الزينة ، بل في الوقت الحاضر يجمل بشتى أنواع المكياج من أحمر وغيره .
أنا أعتقد أن أي انسان يعرف مواضع الفتن ورغبات الرجال لا يمكنه إطلاقا أن يبيح كشف الوجه مع وجوب ستر القدمين ، وينسب ذلك إلي شريعة هي أكمل الشرائع وأحكمها .
ولهذا رأيت لبعض المتأخرين القول بأن علماء المسلمين اتفقوا على وجوب ستر الوجه لعظم الفتنة ، كما ذكره صاحب نيل الأوطار عن ابن رسلان قال : لأن الناس عندهم الآن عندهم ضعف إيمان ، والنساء عند كثير منهم عدم العفاف ، فكان الواجب أن يستر هذا الوجه حتى لو قلنا بإباحته ، فإن حال المسلمين اليوم تقتضي القول بوجوب ستره ، لأن المباح إذا كان وسيلة إلي محرم صار محرما تحريم الوسائل .
وإني لأعجب أيضا من دعاة السفور بأقلامهم وما يدعون إليه اليوم وكأنه أمر واجب تركه الناس ، فكيف نسوغ لأنفسنا أن ندعو إليه ونحن نرى عواقبه الوخيمة ؟
والإنسان يجب عليه أن يتقي الله قبل أن يتكلم بما يقتضيه النظر ، وهذه من المسائل التي تفوت كثيرا من طلبة العلم ، يكون عند الإنسان علم نظري ، ويحكم بما يقتضيه هذا العلم النظري دون أن يراعي أحوال الناس ونتائج القول .
وكان عمر رضى الله عنه أحيانا يمنع شي أباحه الشارع جلبا للمصلحة ، وكان الطلاق في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاثة واحدة ، أي أن الرجل إذا طلق زوجته ثلاثا بكلمة واحدة جعلوا ذلك واحدة ، أو بكلمات متعاقبات على ما اختار شيخ الإسلام ابن تميمة وهو الراجح ، فإن هذا الطلاق يعتبر واحدة ، ولكن لما كثر هذا في الناس ، قال أمير المؤمنين عمر : إن الناس قد تعجلوا في أمر كانت فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم ، فأمضاه عليهم ، ومنعهم من مراجعة الزوجات لأنهم تعجلوا هذا الأمر وتعجله حرام .
أقول : حتى لو قلنا بإباحة كشف الوجه ، فأن الأمانة العلمية والرعاية المبنية على الأمانة تقتضي ألا نقول بجوازه في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن ، وأن نمنعه من باب تحريم الوسائل ، مع أن الذي يتبين من الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن كشف الوجه محرم بالدليل الشرعي والدليل النظري ،وأن التحريم كشفه أولى من تحريم كشف القدم أو الساق أو نحو ذلك .
فضيلة الشيخ:ما رأي فضيلتكم فيمن تزوج من امرأة ثم أرغمه والده على تطليقها ، هل يستمسك بها فيعق أباه أم يطلقها دون أن تقترف ذنبا ؟
إذا طلب الوالد من ولده أن يطلق زوجته فلا يخلو من حالين :
الحالة الأولى : أن يبين الوالد سببا شرعيا يقتضي طلاقها وفراقها ، مثل أن يقول : طلق زوجتك ، لأنها مريبة في سلوكها ، كأن تغازل الرجال ، أو تخرج إلي مجتمعات غير نزيهة، وما أشبه ذلك ، ففي هذه الحال يجيب والده ويطلقها ، لأنه لم يقل طلقها لهوى في نفسه ، ولكن حماية لفراش ابنه من أن يكون فراشه متدنسا هذا الدنس .
الحالة الثانية : أن يقول الوالد للولد : طلق زوجتك لأن الابن يحبها ، فيغار الأب على محبة ولده لها والأم أكثر غيرة ، فكثير من الأمهات إذا رأت الولد يحب زوجته غارت جدا ، حتى تكون زوجة ابنها كأنها ضرة لها ـ نسأل الله العافية ـ ففي هذه الحال لا يلزم الابن أن يطلق زوجته إذا أمره أبوه بطلاقها أو أمه ، ولكن يداريها ويبقي الزوجة ، ويتألفهما ويقنعهما بالكلام اللين حتى يقتنعا ببقائها عنده ، ولا سيما إذا كانت الزوجة مستقيمة في دينها وخلقها .
وقد سئل الإمام احمد ـ رحمه الله ـ عن هذه المسألة بعينها ، فجاءه رجل فقال : إن أبي يأمرني أن أطلق زوجتي ؟ فقال له الإمام احمد : لا تطلقها . قال : أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر ابن عمر أن يطلق زوجته حين أمره عمر بذلك ؟ قال : وهل أبوك مثل عمر أو كلمة نحوها ؟
ولو احتج الأب على ابنه فقال:يا بني، إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن عمر أن يطلق زوجته لما أمره أبوه عمر بطلاقها، فيكون الرد مثل ذلك، ولكن ينبغي أن يتلطف في القول فيقول:عمر رأى شيئا تقتضي المصلحة أن يأمر ولده بطلاق زوجته من أجله
فضيلة الشيخ : ما الحكم إذا أراد الأب أن يزوج ابنه من امرأة غير صالحة ؟ وما الحكم إذا رفض أن يزوجه من امرأة صالحة ؟
الجواب مثل إجابة السؤال السابق أنه لا يجوز أن يجبر الوالد ابنه على أن يتزوج امرأة لا يرضاها سواء كان لعيب فيها : ديني أو خلقي ، وما أكثر الذين ندموا حين جبروا أولادهم أن يتزوجوا بنساء لا يريدونهن ، يقول : تزوجها لأنها بنت أخي ، أو لأنها من قبيلتك، وغير ذلك ، فلا يلزم الابن أن يقبل ، ولا يجوز لوالده أن يجبره عليها .
وكذلك لو أراد أن يتزوج بامرأة صالحة ، ولكن الأب منعه ، فلا يلزم الابن طاعته ، فإذا رضى الابن زوجة صالحة ، وقال أبوه : لا تتزوج بها ، فله أن يتزوج بها ولو منعه أبوه، لأن الابن لا يلزمه طاعة أبيه في شي لا ضرر علي أبيه فيه ، وللولد فيه منفعة ، ولو قلنا : إنه يلزم الابن أن يطيع والده في كل شي حتى في ما فيه منفعة للولد ولا مضرة فيه على الأب لحصل في هذا مفاسد ، ولكن في مثل هذه الحال ينبغي للابن أن يكون لبقا مع أبيه، وأن يداريه ما استطاع وأن يقنعه ما استطاع .
فضيلة الشيخ : اسمحوا لي أن أعرض هنا بعض المخالفات التي تقع في بعض الزواجات راجيا تفضلكم ببسط الحديث حولها ، وهذه المخالفات هي كالتالي :
أولا : لبس النساء للثياب التي خرجن بها عن المألوف في مجتمعنا معللات بأن لبسها إنما يكون بين النساء فقط ، وهذه الثياب فيها ما هو ضيق تتحدد من خلاله مفاتن الجسم ، ومنها ما يكون مفتوحا من أعلى بدرجة يظهر من خلالها جزء من الصدر أو الظهر ، ومنها ما يكون مشقوقا من الأسفل إلي الركبة أو قريب منها .
ثانيا : من الأخطاء الشائعة في بعض الزواجات ( الطق ) بمكبر الصوت والغناء من النساء والتصوير بالفيديو ، والأشد من ذلك الرجل المتزوج يقبل زوجته أمام النساء ، وعند إسداء النصح من الغيورين على محارم الله يجابهون بقولهم : إن الشيخ الفلاني أفتى بجواز(الطق ) فإذا كان هذا صحيحا نرجو من فضيلتكم إيضاح الحق للمسلمين ؟
* أما بالنسبة للمخالفة الأولى فقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: ( صنفان من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات ، مميلات مائلات ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ، ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا )(1). فقوله صلى الله عليه وسلم : ( كاسيات عاريات ) يعني أن عليهن كسوة لا تفي بالستر الواجب إما لقصرها أو خفتها أو ضيقها ، ولهذا روى الإمام احمد في مسنده بإسناد فيه لين عن أسامة بن زيد رضى الله عنهما قال : كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطيه ـ نوع من الثياب ـ فكسوتها امرأتي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مرها فلتجعل تحتها غلالة ، إني أخاف أن تصف حجم عظامها ) (2)
ومن ذلك فتح أعلى الصدر فإنه خلاف أمر الله تعالى ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) (النور:31 ) قال القرطبي في تفسيره : وهيئة ذلك أن تضرب المرأة خمارها على جيبها لتستر صدرها ، ثم ذكر أثرا عن عائشة أن حفصة بنت أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر رضى الله عنهما دخلت بشي يشف عن عنقها وما هنالك فشقته عليها وقالت : إنما يضرب بالكثيف الذي يستر ، ومن ذلك ما يكون مشقوقا من الأسفل إذا لم يكن تحته شي ساتر فلا بأس إلا أن يكون على شكل ما يلبسه الرجال ، فيحرم من أجل التشبه بالرجال .
وعلى ولي المرأة أن يمنعها من كل لباس محرم ، ومن الخروج متبرجة أو متطيبة ، لأنه وليها فهو مسئول عنها يوم القيامة في يوم ( لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل شفاعة منها عدل ولا هم ينصرون ) ( البقرة :48 ) .
أما المخالفة الثانية : (الطق ) في الدف أيام العرس جائز أو سنة إذا كان في ذلك إعلان النكاح ولكن بشروط :
الشرط الأول : أن يكون الضرب بالدف وهو ما يسمى عند بعض الناس ( الطار ) وهو المختوم من وجه واحد ، لأن المختوم بالوجهين يسمى ( الطبل ) وهو غير جائز ، لأنه من آلات العزف، والمعازف كلها حرام ، إلا ما دل الدليل على حلة وهو الدف حال أيام العرس .
الشرط الثاني : أن لا يصحبه محرم كالغناء الهابط المثير للشهوة ، فإن هذا ممنوع سواء كان معه دف أم لا ، وساء كان في أيام العرس أم لا .
الشرط الثالث : أن لا يحصل بذلك فتنة كظهور الأصوات الجميلة ، فإن حصل بذلك فتنة كان ممنوعا .
الشرط الرابع : أن لا يكون فيه أذية على أحد ، فإن كان فيه أذية كان ممنوعا مثل أن تظهر الأصوات عبر مكبرات الصوت ، فإن في ذلك أذية على الجيران ومن هم غيرهم ممن ينزعج بهذه الأصوات ، ولا يخلو من الفتنة أيضا ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم المصلين أن يجهر بعضهم في القراءة لما فيه من التشويش والإيذاء ، فكيف بأصوات الدفوف والغناء .
وأما تصوير المشاهد بآلة التصوير فلا يشك عاقل في قبحه ، ولا يرضى عاقل فضلا عن المؤمن أن تلتقط صور محارمه من الأمهات والبنات والأخوات والزوجات وغيرهن لتكون سلعة تعرض لكل واحد ، أو ألعوبة يتمتع بالنظر إليها كل فاسق . وأقبح من ذلك تصوير المشهد بواسطة الفيديو لأنه يصور المشهد حيا بالمرأى والمسمع ، وهو أمر ينكره كل ذي عقل سليم ودين مستقيم ، ولا يتخيل أحد أن يستبيحه أحد عنده حياء وإيمان .
وأما الرقص من النساء فهو قبيح لا نفتي بجوازه لما بلغنا من الأحداث التي بين النساء بسببه ، وأما إن كان من الرجال فهو أقبح ، وهو من تشبه الرجال بالنساء ولا يخفى ما فيه ، وأما إن كان من الرجال والنساء مختلطين كما يفعله بعض السفهاء فهو أعظم وأقبح لما فيه من الاختلاط والفتنة العظيمة لا سيما وأن المناسبة مناسبة نكاح ونشوة عرس .
وأما ما ذكرته من أن الزوج يحضر مجمع النساء ويقبل زوجته أمامهن ، فإن تعجب فعجب أن يحدث مثل هذا من رجل أنعم عليه بنعمة الزواج فقابلها بهذا الفعل المنكر شرعا وعقلا ومروءة ، وكيف يمكنه أهل الزوجة من ذلك ، أفلا يخافون أن يشاهد هذا الرجل في مجتمع النساء من هي أجمل من زوجته