بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
أزيحي الران عن قلبي...
جلست أمام التلفاز متلهفا لسماع خبر تحري رؤية هلال رمضان، وأنا أتمنى بشدة
ألا يكون غدا لأربح يوما إضافيا في السهر واللهو، فنحن في صيف وعطلة.
لم الصوم إذن؟ لولا أنه فرض لما صمت.
فجأة أعلن المذيع حلول شهر رمضان،
تأففت كالعادة وقلت في نفسي أستغل الليلة للسهر مع الخلان فمن الغد لا اصطياف
على شاطئ البحر في النهار ولا استمتاع بالعطلة.
الحل هو النوم في النهار والاستمتاع بالحياة في الليل.
دخلت "الشات" منزعجا أبارك حلول الشهر لقائمة المسنجر
وأستقبل الدعوات بالدوام على الطاعة والقرب من الله ثم اتصلت برفاقي لنسهر معا.
عدت للبيت مع اقتراب وقت السحور، فأكلت وشربت حتى ملأت بطني احتياطا للغد،
ثم نبهت أمي أن لا توقظني حتى موعد الإفطار، فالفراغ قاتل والجو حار،
إذن النوم أفضل وسيلة لقتل الوقت وتفادي الجوع والعطش.
استسلمت للنوم فإذا بي أرى قلبي يحاول فتح مصعد في عمارة، ولكن المصعد لا يفتح.
دققت النظر فإذا بنفسي الأمارة بالسوء متمثلة في مخلوق غريب قبيح المنظر
يقفل المصعد من الداخل ويقبع مترصدا لأي وافد جديد.
والنفس اللوامة في الطابق الثاني تستغيث،
التفت إليها فإذا هي هزيلة منهكة لا تقوى على شيء.
سرحت بنظري إلى أعلى، فإذا بالنفس المطمئنة ترقب الوضع من بعيد، آملة أن يحرر القلب المصعد، ويبدأ الرقي من جديد.
فجأة سمعت صراخا فإذا بنفسي الأمارة تنقض على قلبي فتوقعه أرضا
وهو يتأوه ويستنجد ويئن.
قامت النفس الشرسة فنفضت يديها، مثلها كمثل المنتصر في مباراة الملاكمة،
وكأنها تخلصت من الخصم للأبد معلنة السيطرة التامة على الوضع.
قمت فزعا من نومي لهذا المشهد المخيف،
وقلبي تتسارع دقاته وكأنها تؤكد ما رأيت في الحلم،
وجبيني يتصبب عرقا ويداي ترتجفان.
انكمشت في مكاني متأملا بعد أن هدأ روعي واستجمعت قواي.
ما معنى كل ذلك؟ ما تأويل ما رأيت؟
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
ما أسوءك يا نفس تفسدين القلب والفكر.
خنقتِ فطرتي وزينتِ لي مزالق الهوى وانتهاك حرمات الله،
فانسقت وراءك ملغى العقل مغشى القلب ميت الإحساس.
وها قد حل رمضان وأنا في المعاصي غرقان وعن ذكر ربي غافل حيران.
إلى متى يا نفس إلى متى هذا الحال؟
بكيت وانتحبت حسرة على عمري الذي ضاع في التفاهات والعربدة دون وجهة أو هدف.
رفعت رأسي متحديا وقلت بإصرار: لا بد من حل لهذه الحال.
آن الأوان لأكون إنسانا حيا وليس مجرد جسد تحركه الأهواء كما تحرك الرياح الأشجار،
مسلوب الإرادة منصاع الجوارح لا وجهة لي ولا قرار.
فقمت وتوضأت وصليت ركعتين بعد طول انقطاع عن الصلة بالله.
وسألت الله عز وجل أن تكون توبة نصوحا وعودة لطريق الخير والصلاح.
قال تعالى في القرآن المجيد:
وقال سبحانه وتعالى:
وقال عز وجل:
وقال الشاعر محمد المقرن:
كفـــى يا نفس ما كانـــــــا ***** كفـــــاك هوى وعصيانـــا
كفــــاك ففي الحشى صوت ***** من الإشفـــــاق نادانــــــا
امـــــــا آن المـــآب ؟ بلى ***** بلــــى يا نفس قد آنـــــــــا
خطوت خطـــــاك مخطئــة ***** فســرت الدرب حيرانــــــا
فــؤادي يشتكــي ذنبـــــــي ***** ويشكـــو منك ما كانـــــــا
اعيــدي للحمـى قلبـــــــي ***** وعـودي ..عـودي الانـــــــا