مسلم Admin
عدد المساهمات : 9693 نقاط : 17987 السٌّمعَة : 67 تاريخ التسجيل : 11/03/2010 العمر : 55
| موضوع: كتاب التوحيد- حتي اذا فرغ عن قلوبهم الإثنين مايو 10, 2010 2:15 pm | |
| باب قوله الله تعالى: حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ.. بسم الله الرحمن الرحيم
قَالَ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: باب قوله الله -تعالى-: حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ وفي الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله، كأنه سلسلة على صفوان ينفذهم ذلك حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ فيسمع الكلمة مسترقو السمع، ومسترقو السمع هكذا بعضهم فوق بعض -وصفه سفيان بكفه فحرفها وبدد بين أصابعه- فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته ثم يلقيها الآخر إلى من تحته حتى يلقيها على لسان الساحر، أو الكاهن فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه فيكذب معها مائة كذبة، فيقال: أليس قال لنا كذا، واليوم كذا وكذا كذا وكذا فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء .
وعن النواس بن سمعان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا أراد الله -تعالى- أن يوحي بالأمر تكلم بالوحي أخذت السماوات منه رجفة - أو قال رعدة شديدة - خوفا من الله -عز وجل- فإذا سمع ذلك أهل السماوات صعقوا وخروا لله سجدا فيكون أول من يرفع رأسه جبريل -عليه السلام- فيكلمه الله من وحيه بما أراد.
ثم يمر جبريل بالملائكة، كلما مر بسماء سأله ملائكتها: ماذا قال ربنا يا جبريل؟ فيقول جبريل: قال الحق وهو العلي الكبير. فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل، فينتهي جبريل بالوحي إلى حيث أمره الله عز وجل .
هذا الباب كما ذكرنا بالأمس مناسبته لكتاب التوحيد أن فيه برهانا على أن المستحق للعبادة هو الله -جل جلاله- ذلك أنه هو المتصف بصفات الكمال والجلال، وهذا الباب فيه ذكر لصفة، أو لصفات الجلال لله -جل وعلا-.
والله -سبحانه- كل مَن في السماوات ومَن في الأرض خائف منه وَجِلٌ منه في الحقيقة؛ إذ هو الجليل -سبحانه- ولذلك كان الأعرف به في السماء الملائكة، فإن الملائكة يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ وقال جل وعلا في وصفهم أيضا: وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ .
فصفات الجلال لله -جل وعلا- صفات الكمال له -سبحانه-، وصفات الجمال له -سبحانه- هذه كلها دلائل على أنه هو المستحق للعبادة وحده دون ما سواه، فمَن المتصف بالعظمة على كمالها؟ مَن الذي يُهَاب منه ويُخَاف على الحقيقة؟ مَن الذي يكون كل ما في السماوات وما في الأرض على وفق أمره؟ هو الله -جل وعلا- إذن هو -جل وعلا- ذو الأسماء الحسنى، وذو الصفات العلا.
ولهذا قال جل وعلا في آية سبأ: حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ "فزِّع" يعني أزيل الفزع عن قلوب الملائكة، فالملائكة مع أنهم مقربون؛ إلا أنهم شديدو المعرفة بالله -جل وعلا- شديدو العلم به، عظيم علمهم بالرب جل وعلا، ومما يعلمونه عن الله -جل وعلا- أنه هو الجبار، وأنه هو الجليل سبحانه، وأنه ذو الملكوت فلهذا يشتد فزعهم منه سبحانه؛ لأنه لا غنى بهم عنه جل وعلا طرفة عين.
والصفات التي فيها هذا البرهان هي صفات الجلال لله -جل وعلا- وصفات الجلال هي الصفات التي تورث الخوف في القلب؛ لأن الصفات تنقسم إلى أقسام متنوعة باعتبارات، ومن تقسيمات الصفات أنها تنقسم إلى صفات جلال، وصفات جمال.
فالصفات التي تحدث في القلب الخوف والهلع والرهبة من الرب -جل وعلا- هذه تسمى صفات الجلال، والذي يتصف بصفات الجلال على الحقيقة هو الله -جل وعلا- لأنه هو الكامل في صفاته سبحانه، فإذا كان كذلك كان الكامل في صفاته هو المستحق للعبادة.
وأما البشر أما المخلوقون فإنهم ناقصون في صفاتهم يعلمون أن حياتهم ليست حياة كاملة، وإنما هي حياة إذا عرض لها أيّ عارض صار المخلوق ميتا، وإذا عرض له أيّ عارض صار مريضا، إذا عرض له أيّ عارض صار ضعيفا، لا يستطيع أن يعمل شيئا، فهم ضِعَاف فقراء محتاجون ليست لهم صفات الكمال.
وهذا دليل نقصهم ودليل عجزهم، ودليل أنهم مقهورون مربوبون، فيجب أن يتوجه العباد إلى من له صفات الكمال ونعوت الجلال والجمال وهو الله -جل وعلا- وحده سبحانه وتعالى، نعم هذا المراد من هذا الباب وهذا ظاهر بحمد الله، | |
|