آداب الداعية
ينبغي على الداعية أن يكون صالحاً في نفسه بأن يكون تقيًّا ، ورعا ، زاهدا ، صادقا ، مراقبًا ، مؤديا الفرائض والأركان والنوافل ، متتبعا السنة ، يشهد الجمعة والجماعة ، تاليا للقرآن ، ممتثلا معنى العبودية لله تعالى ، مصاحبا للأخيار ، مجتنبًا الأشرار .
وأن يكون بارَّاً بوالديه ، وبرهما خفض الجناح ، ولين الكلام ، وألا ينظر إليهما إلا بعين المحبة والإجلال والتقدير ، ولا يعلو عليهما في مقال ولا حال ؛ إلا أن يريد إسماعهما ، ويبسط أيديهما في نعمته ، ولا يستأثر عليهما في مطعمه ولا مشربه ، ولا يتقدم أباه إذا مشى معه ، ولا يتقدمه في القول في مجلسه ، ويتوقى سخطهما بجهده ، ويسعى في مسرتهما بمبلغ طاقته ، وإدخال الفرح عليهما من أفضل أعمال البر .
وعليه أن يمتثل الآداب الشرعية والأخلاق الإسلامية من إفشاء السلام ، وإطعام الطعام ، وعيادة المريض ، وشهود الجنازة ، وأن يدل على الخير ، ويرشد إليه ، وأن يتعاهد النصح للناس ، وأن ييسر ولا يعسر ، وعليه أن يعتزل شرور الناس ، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ، وأن يحسن الظن ، ولا يتجسَّس ، ولا يغتاب ، ولا ينم ، ولا يكذب ، ولا يظلم ، ولا يبهت ، ولا يسخر من أحد ، ويجتنب قول الزور ، ولا يغش ، ولا يخدع ، ولا يغدر ، ولا يخلف في الوعد ، وليحذر من الجدال والمراء والمزاح الذي فيه كذب ، أو أذية لأحد ، وعليه أن يتواضع ولا يتكبر ، ويحلم ويعفو ، ولا يظلم ويحمق ، وأن يجل الكبير ، ويعطف على الصغير ، ويسعى بالصلح بين المسلمين ، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ويتجنب ما يقدح في المروءة ، ولو كان من المباحات .
وعليه أن يتعاهد نظافته ومظهره ، فلا يجعل الناس يروا أو يشموا منه ما ينفرهم عنه ، ويتعاهد السنة في ذلك من نتف الإبطين ، أو حلقهما ، ويقص شاربه حتى يبدو الإطار ، ويقلم أظفاره ، وأن يكون طاهر الفم على الدوام ، فيستعمل السواك ، أو ما يقوم مقامه ، والسواك أفضل ؛ لأنه مطهرة للفم ، مرضاة للرب .
وعليه أن يتأدَّب بآداب الإسلام مع الآخرين ، فيحسن إلى جيرانه ، ويكرم ضيفه ، وينصر أخاه ظالما أو مظلوما ، وإذا دخل مجلسا فليظهر التواضع الذي عليه المسلم ، فيجلس حيث تناهى به المجلس ، ولا يفرق بين متصافيين ، أو أب وابن ، أو أخوين ، إلا أن يفسحا له ، وإذا أكل أو شرب فليأكل بيمينه ، وليشرب بيمينه ، ولا يأكل ولا يشرب بشماله ؛ إلا من عذر أو ضرورة ، وإذا أكل فليأكل مما يليه ، إن كان الطعام جنسا واحدا ، وأما إن كان مختلفا فلا بأس أن تجول يده في الصحفة ، ولا يجوز له إذا أكل مع غيره أن يقرن بين تمرتين ، ولا تينتين ونحو ذلك ، وحق الطعام أن يسمي الله تبارك وتعالى آكله عند ابتدائه ، ويحمده عند فراغه ، ويبدأ باليمنى في الانتعال أيضا ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيامن في أمره كله .
وينبغي عليه التقيُّد بجميع آداب الإسلام ، فإذا تثاءب فيكظم ما استطاع ، ويضع يده على فيه ، وإذا عطس فليغض من صوته ما أمكنه ، ويعلن بعدها حمده لله تعالى ، ويُسمع من يليه ، فإذا قال له من سمعه : يرحمك الله فليرد عليه بـ : يهديكم الله ويصلح بالكم كما ورد .
ومن حسن الأدب إذا تجشأ أن يخفي صوته ما استطاع ، ويكره له أن يتناجى مع آخر ومعهما ثالث ، وغيرها من الآداب التي لا تخفى .
وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه أجمعين