قال تعالى في وصف المؤمنين: {وأمرهم شورى) بينهم} [الشورى: 38]
وقال أيضا مخاطبا نبيه: " وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله" أل عمران 159
المؤمنون كمجموع أو كجماعة لا يفلحون إلا إذا كان التشاور ديدنهم ، ويد الله مع الجماعة ، ومن شذّ شذ بالنار .
هذه صفة المؤمنين ، ولئلا يكون هذا التشاور فيه غضاضة على أحد المؤمنين أمر الله نبيه وشاورهم في الأمر ، حتى في البيت هناك من لا يستشير امرأته إطلاقاً ، مع أن الله عز وجل قال :
"وأتمروا بينكم بمعروف" الطلاق 6
ائتمروا فعل أمر مشاركة ، يعني تأمرها ، وتأمرك تنصحها وتنصحك ، والنبي عليه الصلاة والسلام في صلح الحديبية استشار امرأته أم سلمة ، فأشارت عليه ، ونفذ مشورتها ، فتحقق الهدف بفضل مشورتها.
من الأسوأ الأمور أن يتردد القائد بعد اتخاذ القرار، خاصة إذا كان رأي الأغلبية مخالفا لرأيه ورضخ هو لرأيهم ثم حاولوا الرجوع إرضاءا له وهذا هو ما حدث بالفعل حينما استشار الرسول أصحابه يوم أحد وأشروا بالخروج للأعداء خارج المدينة وكان خلاف رأيه فلما دخل لارتداء عدة الحرب ندموا وقرروا الرجوع عن رأيهم لرأيه وأبروه بذلك بعد خروجه لكن الرسول قال: "ما كان لنبي بعد أن لبس لأمته وخرج للحرب أن يرجع" ومضى لتنفيذ ما اتفق عليه.
جاء في السنة ما يثبت أن الرسول ما ترك المشاورة قط، بل قال أبو هريرة: "ما رأيت أحداً أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله لأصحابه".
وجاء أيضاً أن الرسول صلي الله عليه وسلم كان يحرص دائماً على مشاورة الشيخين أبي بكر وعمر، بل جاء في حديث الإمام أحمد رحمه الله أن الرسول قال لهما: [لو اجتمعتما على رأي ما خالفتكما] وهذا الالتزام من الرسول صلي الله عليه وسلم يدل على تأكيد هذا الأمر ووجوبه.
ومما جاء في شأن الوقائع التي شاور فيها الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه: مشاورتهم يوم بدر في الخروج إلى العير، ومشاورتهم في منزل الحرب وهي ثلاث مشاورات كلها في غزوة بدر، وكذلك شاورهم يوم أحد بين القعود في المدينة أو الخروج للعدو، وشاورهم يوم الخندق في مصالحة الأحزاب بثلث ثمار المدينة عامئذ، وقال في حديث الإفك: [أشيروا علي معشر المسلمين في قوم أبنوا أهلي ورموهم، وأيم الله ما علمت على أهلي من سوء! وأبنوهم بمن؟ والله ما علمت عليهم إلا خيراً!!].