البشارة السادسة و الثلاثون
المسيح ابن مريم عليه السلام يبشر التلاميذ بنبي مثله و معه وحي الله الذي يمكث معهم إلى يوم القيامة
يقول انجيل يوحنا على لسان المسيح بن مريم عليه السلام "وانااطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم الى الابد. روح الحق الذي لايستطيع العالم ان يقبله لانه لا يراه ولا يعرفه. واما انتم فتعرفونه لانهماكث معكم ويكون فيكم"يوحنا 14 : 16
و لنفهم هذه النبوءة فتعالوا معا نشرح معنى كل عبارة في العدد السابق:
- و انااطلب من الآب .. إذا كان المسيح بن مريم هو و الآب و الروح القدس واحد .. فلماذا يطلبالمسيح بن مريم من الآب الذي في السموات و الذي قال عنه من قبل لمريمالمجدلية أنه إلهه "إني أصعد إلى ..... إلهي" .. فلو كانوا الثلاثة واحداما قال معزياآخر لأنهم واحد ولأن يسوع الابن موجود الآن معهم فلماذا يرسل آخر.ثم لماذا يقول معزيا آخر و لم يكمل هو رسالته بنفسه إذا كان هو و المعزي واحد؟ .. أليس ذلك تصديقا لنبؤةدانيال التي يقول فيها "وبَعدَ الأَسابيعِ الِأثنَينِ والسِّتِّينيُفصَلُ مَسيحٌ ولا يَكونُ لَه" .. و التي تعني أن المسيح بن مريم لنيستطيع أن يستكمل رسالته و يكملها قدوس القديسينو سيد المرسلين الذي يزيل رجسة الخراب الوثنية من القدس؟!
- فيعطيكم معزيا آخر .. تدل على وجود معزي أول و هو الانسان النبي الذي مثلموسى إنه يسوع بن مريم عليه السلام .. الذي تكلم عنه موسى و أنه سيأتي من ساعير فلابد أن يكون المعزي الآخر الذي سيأتي من فاران جزيرة العرب مشابهاللمعزي الأول .. و هل إذا كان الثالوث متحدا يجوز أن يقول يسوع معزيا آخر؟
إذن فالله الآب سيرسل رسولا آخرا و يكون خاتما "اطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر" و لذلك يقول الله تعالى"إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيم"ِفالنبي مرسل من عند الله.
- ماكث معكم الى الابد .. نعم إلى يوم القيامة "ها أنا أرسل إليكم ايليا النبي قبل يوم الرب الرهيب" .. لأنه النبي الخاتم "ايليا الذي معناه الله ربي" و الذي أرسله الله بالإسلام و القرآن .. ليس بعده نبي .. فالدين الذي يقبلهالله هو الإسلام الذي أرسل به عبده محمدا إلى يوم القيامة "َمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" .. فمنلم يؤمن به فكأنما لم يؤمن بالله و لذلك يقول الله تعالى في قرآنه عن اليهود و النصارى"الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْيُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍوَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَسَبِيلًا. أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَالِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا"
- روح الحق .. أي المتكلم بالوحي من الله الحق "وَكَذَلِكَأَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَاالْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِمَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍمُسْتَقِيمٍ" .. و يقول"وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ. نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِين"َو يقول"قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ"
- الذي لا يستطيع العالم ان يقبله .. نعم فأكثر الناس لايريدون أن يتبعوا الحق .. و في هذا يقول يسوع لليهود الذين قاوموه "فانتم تشهدون على انفسكم انكم ابناء قتلة الانبياء" .. و في هذا يقول القرآن الكريم عن النبي"بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُون"َو يقول"لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُون"َ
- لانه لا يراه .. من المعروف أن الذي لايرى هو الأعمى..و ها هو يسوع يقول للكتبة و الفريسيين أي رؤساء الكهنة "ويل لكم ايها القادة العميان" .. فالأعمى هو من لايؤمن و لا يعمل و لذلك يقول القرآن الكريم "أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ"
- ولا يعرفه .. أي لا يؤمن به و لذلك يقول يسوع لليهود عن المعرفة شارحا معناها "ومن نفسي لم آت بل الذي ارسلني هو حق الذي انتملستم تعرفونه" .. فاليهود كانوا يؤمنوا بالله وحده و لم يؤمنوا برسوله المسيح بن مريم و هذا لا يصح .. فإنه إن كنت تؤمن بالله فلابد أن تؤمن برسله .. أما إذا آمن بالله و لم تؤمن برسول صادق من رسله فإنك لا تعرف الله كما قال يسوع لليهود .. و كذلك سيفعل معظم العالم مع النبي الخاتمو رسالته بعد أن أمرهم الله بالإيمان به و لكنهم لم يفعلوا.
- و اما انتم فتعرفونه .. نعم كلكم تعرفونه من النبوءات السابقة في كتب الأنبياء "الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ. وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُواآَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّمِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِين" .. و .. "الَّذِينَآَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْوَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُون" َ..و.."الَّذِينَآَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ"
- لانه ماكث معكم .. فهم لم ينسوا أبدا أن هناك نبيا سيرسله الله تعالىللعالم و عليهم أن يؤمنوا به و يصدقوه .. و هذا ما يصدقه قول الله تعالى "وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّاكُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِين" .. و لذلك قال سلمان الفارسي للنبي صلى الله عليه و سلم إن هناك أناسا كانوايؤمنوا بالله و رسله ومنهم المسيح بن مريم عليه السلام و كانوا ينتظرونالنبي محمد صلى الله عليه و سلم ليؤمنوا به و لينصروه فما مصيرهم فأنزلالله تعالى "إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَهَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِالْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْيَحْزَنُونَ"
- و يكون فيكم .. نعم يكون فيكم لأنكم تؤمنون به و تثبتون فيه و يثبت فيكم و تورثوا الإيمان به لأبنائكم .. و في هذا يقول القرآن "إِنَّالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا. وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَاإِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا. وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا"
لقد قام كل نبي على وجه الأرض بإبلاغ قومه للإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم ابتداءا من آدم إلى عيسى عليه السلام .. و هذا ما يلخصه قوله تعالى"وَإِذْأَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍوَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْلَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْعَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَامَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ. فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَهُمُ الْفَاسِقُونَ. أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِيُرْجَعُونَ"