خُطُورَة فِتنَةِ النِّسَاءِ
حَسبُكَ - أيُّهَا القَارِىءُ الرَّشِيدُ - في مَعرِفَةِ خُطُورَةِ فِتنَةِ النِّسَاءِ ، أنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً e قَالَ : "مَا تَرَكتُ بَعدِي فِتنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ " ([1]) ، وَلَو لَم يَكُن فِي التَّحذِيرِ مِنهَا إلا هَذَا الحَدِيثُ لَكَفَى .
واستَمِع إلى نَبِيِّكَ الرَّؤوفِ الرَّحِيمِ بِكَ ، الحَرِيصِ عَليكَ e ، وَهُوَ يُحذِّرُكَ الاغتِرَارَ بِهَذِهِ الفِتنَةِ فَيَقُولُ : " إِنَّ الدُّنيَا حُلوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُستَخلِفُكُم فِيهَا فَيَنظُرُ كَيفَ تَعمَلُونَ - وَفِي رِوَايَةٍ : لِيَنظُرَ كَيفَ تَعمَلُونَ - ، فَاتَّقُوا الدُّنيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتنَةِ بَنِى إِسرَائِيلَ كَانَت فِى النِّسَاءِ" ([2]) .
وَما أَبلغَ تشبيهه e لِفِتنَةِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ إذ قَالَ: " إِنَّ المَرأَةَ تُقبِلُ فِى صُورَةِ شَيطَانٍ، وَتُدبِرُ فِى صُورَةِ شَيطَانٍ " ([3]) .
قَالَ الْعُلَمَاءُ : " مَعنَاهُ : الْإِشَارَةُ إِلَى الهَوَى وَالدُّعَاءِ إِلَى الفِتنَةِ بِهَا ، لِمَا جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي نُفُوسِ الرِّجَالِ مِنَ المَيلِ إِلَى النِّسَاءِ وَالِالتِذَاذِ بِنَظَرِهِنَّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِنَّ , فَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالشَّيطَانِ فِي دُعَائِهِ إِلَى الشَّرِّ بِوَسوَسَتِهِ وَتَزيِينهِ لَهُ " ([4]) .
وَيُمْكِنُ بَيَانُ خُطُوَرةِ هَذِهِ الفِتنَةِ عَلَى جِهَةِ التَّفْصِيلِ مِن أربعةِ أوجُهٍ :
أولاً : بيانُ دَورِ الشَّيطَانِ فِي فِتْنَةِ النِّسَاءِ :
لا يَخفَى على مؤمنٍ يَسيرُ إلى الله تَعَالَى ، وَيسعَى إلى مُوافَقَةِ مَحَابِّهِ ومُجَانَبَةِ مسَاخِطِهِ ، أنَّ أخطَرَ قُطَّاع الطَريقِ علَيهِ في ذلك السَّيرِ هُو ذَلكَ العَدُوُّ الألَدُّ والخَصمُ الأَشَدُّ :الشَّيطَانُ الرَّجِيمُ ، الذِي لَم يَزَل يُحَاوِلُ صَرفَ الإنسَانِ عَن ذَلِكَ الطَّريقِ ، بِكُلِّ مَا أُوتِيَ مِن أَسلِحَةِ الكَيدِ والإغواءِ والإضلالِ ، مُنفِذَاً وَعِيدَهُ القَدِيمَ : ﴿ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ [ الأعراف : 17] .
وَمِن تِلكَ الأسلِحَةِ الفَتَّاكَةِ التي استَخَدَمَهَا ذَلِكَ الخَبيثُ في حَربِهِ مَعَ الإنسَانِ : فِتنَةُ النِّسَاءِ ، ولسانُ حاله : " سَهمِي الذِي إذَا رَمَيتُ بِهِ لَم أُخطِ : النِّسَاءُ " ([5]) .
وَقد أَخبَرَنَا اللهُ تَعَالَى عَن تَزيينِ الشَّيطَانِ لِهَذِهِ الشَّهوَةِ فَقَالِ : ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاس حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ، قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ [آل عمرن:14-15] .
قَالَ التَّابِعِيُّ الجَليلُ الحَسَنُ بنُ يَسَارِ البَصريُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي تَفسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ : " زُيِّنَ أي: زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ " ([6])
وَقَد بيَّنَ أَئِمَّةُ السَّلَفِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم دَورَ الشَّيطَانِ في هَذِهِ الفِتْنَةِ ، فقال التَّابِعِيُّ الجَليلُ سَعيدُ بنُ المُسَيِّبِ رَحِمَهُ الله تَعَالَى : " مَا يَئِسَ الشَّيطَانُ مِنَ شَيءٍ إلا أتَاهُ مِن قِبَلِ النِّسَاءِ " ([7]).
وقال أبو صَالحٍ السَّمَّانُ رَحِمَهُ الله تَعَالَى : " بَلغَنِي أنَّ أكثرَ ذُنُوبِ أهِلِ النَّارِ فِي النِّساءِ " .
والشيطانُ يسلُكُ في كيدِهِ للإنسان لإيقاعِهِ في هذه الفتنةِ مَسلَكَ الاستدراجِ ، وتلك خُطُواتُه التي حذَّرَنَا الله تَعَالَى من اتِّبَاعِهَا ، وما أحسنَ تشبيه ابن مَسْعُودٍ t لفتنةِ النِّسَاء إذ قالَ : " النِّساءُ حَبَائِلُ الشَّيطانِ " ([8]) ، وَهَذَا الوَصفُ مِن أبلَغِ الأوصَافِ ، فَكَم مِن رَجُلٍ اصطادَهُ الشَّيطَانُ بمِصيَدَةِ النَّسَاءِ ؟! فإذَا وَقَعَ فِيهَا لَم يَزَلْ يَستَدْرِجُهُ حَتَّى يُوقَعَهُ في ما يَكُونُ فِيهِ هَلاكُهُ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ .
ولذَا ، فإنَّ الشَّيطانَ يطمَعُ في المرأةِ إذا خَرَجت من بيتِهَا ، كما أخبرَنَا بذلِكَ النَّبِيُّ e فقال : " المَرأَةُ عَورَةٌ وإنَّهَا إذا خَرَجَت مِن بَيتِهَا استَشرَفَهَا الشَّيطَانُ، وإنَّهَا لا تَكُونُ أقَربَ إلى الله مِنهَا فِي قُعْرِ بَيتِهِا " ([9]) .
قال الطيبي : " والمعنَى المُتبَادِرُ أنَّهَا ما دامَت في خِدرِهَا لَم يَطمَعِ الشَّيطَانُ فِيهَا ، وفي إغوَاءِ النَّاسِ ، فإذا خَرَجَت طَمِعَ وَأَطمَعَ ، لأنَّهَا حَبَائِلُهُ ، وَأعْظَمُ فُخُوخِهِ " ([10]).
قال ابنُ القيِّمِ : " أَمَّا اللَّحَظَاتُ فَهِيَ رَائِدَةُ الشَّهوَةِ وَرَسُولُهَا ، وَحِفظُهَا أَصلُ حِفظِ الفَرجِ ، فَمَن أَطلَقَ بَصَرَهُ أَورَدَهُ مَوَارِدَ الهَلَكَاتِ ، وَالنَّظَرُ أَصْلُ عَامَّةِ الحَوَادِثِ الَّتِي تُصِيبُ الإِنسَانَ ، فَإِنَّ النَّظرَةَ تُولِّدُ خَطرَةً ، ثُمَّ تُولِّدُ الخَطرَةُ فِكرَةً ، ثُمَّ تُولِّدُ الفِكرَةُ شَهوَةً ، ثُمَّ تُولِدُ الشَّهوَةُ إرَادَةً ، ثُمَّ تَقوَى فَتَصِيرُ عَزِيمَةً جَازِمَةً فَيَقَعُ الفِعلُ وَلَا بُدَّ مَا لَم يَمنَع مِنهُ مَانِعٌ ، وَفِي هَذَا قِيلَ : الصَّبْرُ عَلَى غَضِّ الطَّرْفِ أَيْسَرُ مِنْ الصَّبْرِ عَلَى أَلَمٍ بَعْدَهُ " ([11]) .
ثانياً : بيان ضَعف الإنسَانِ الفِطرِيِّ في مُواجَهَةِ هَذِهِ الفِتنَةِ :
" مِن حِكمةِ الله سُبحانه وتعالى أن رَّكَّبَ في الإنسان شَهوةَ الفرجِ تركيباً قويَّاً، وجعل لهَا عليه سُلطاناً شديداً، فإذا ثارت كانت أشدَّ الشَّهواتِ عِصيانًا على العقلِ ، فلا تَقبلُ منه صَرفَاً ولا عدلاً ، إلا من تحجِزُه التقوى ، ويعصِمُهُ الله عزَّ وجلَّ بتوفِيقِه .
والدليلُ على شدَّةِ هذا الميل أنَّ الإنسان يحتملُ - بكُلِّ الرِّضَا - مشاقَّ وتكاليفَ الزوجيَّةِ وتربيةَ الأولادِ والكدَّ والتعبَ من أجلِهِم ، بحيثُ صارَ الإنسانُ مَسُوقاً عن طريقِ تسليطِ هذه الشهوة إلى التناسُل وعِمَارة الدُّنيا ليقضي الله أمراً كان مفعولاً " ([12]) .
قَالَ الله تعالى : ﴿وخُلقَ الإنسَانُ ضَعِيفَاً﴾ [النساء:14] .
قال سُفيَانُ الثَّورِيُّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى فِي تَفسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ : "المَرأةُ تَمُرُّ بِالرَّجُلِ فَلا يَملِكُ نَفسَهُ عَنِ النَّظَرِ إليهَا ، وَلا يَنتَفِعُ بِهَا ، فَأيُّ شَيءٍ أضعَفُ مِنْ هَذَا؟! " ([13]) .
وقَالَ طَاوُوسُ بنُ كيسَانَ اليَمَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي تَفسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ: " أي : ضَعِيفَاً في أمرِ النِّسَاءِ ، لَيسَ يَكُونُ الإنسَانُ فِي شَيءٍ أضعفَ مِنهُ فِي النِّسَاءِ " ([14]) .
وَطَاوُوسُ - وَهُوَ مِن جِلَّةِ التَّابِعينَ وَعُلَمَائِهِم - ، ذكر ابنُهُ عَنهُ أنَّهُ : " كَانَ إذا نَظَرَ إلى النِّسَاءِ لَم يَصبِر عَنهُنَّ ! " ([15]) ، فَكيفَ بِمَن هُوَ دُونَهُ ؟!
وقد كان السلفُ يعقِدُون مقارناتٍ لطيفةً تدلُّ على إدراكِهِم لضَعفِ الإنسَانِ الفِطرِيِّ في مُواجَهَةِ هَذِهِ الفِتْنَةِ ، وهذا من (الواقعيَّة) التي تحلَّى بها منهجُ السلف y ، ومن تلك المقارناتِ قول أبِي مُوسَى الأشْعَرِيِّ t : " لأنْ تَمتَلِئَ مَنخِرَيَّ مِن رِيحِ جِيفَةٍ ، أحَبُّ إليَّ مِن أن تَمتَلِيَانِ مِن رِيحِ امرَأةٍ " ([16]) .
ومنها قول ابنِ مَسْعُودٍ t : " لأن أُزاحِمَ بَعِيراً مَطلِيَّاً بِقَطِرَانَ ، أحَبُّ إليَّ مِنْ أنْ أُزَاحِمَ امرَأةً " ([17]) .
وقال يُوسُفُ بنُ أسَبَاطَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى : " لَوِ ائتَمَنَنِي رَجُلٌ عَلَى بَيتِ مَالٍ لظَنَنتُ أن أؤدِّيَ إليهِ الأمَانَةَ ، ولو ائتَمَنَنِي عَلَى زِنجِيَّةٍ أن أخلُوَ مَعَهَا سَاعَةً وَاحِدَةً مَا ائتَمَنتُ نَفْسِي عَلَيْهَا.
وَقَدْ سَمِعتُ الشَّيخَ الصَّالِحَ سُفيَانَ الثَّورِيَّ يَقُولُ : ما بَعثَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّاً إلا وَقَدْ تَخوَّفَ عَليْهِ الفِتنَةَ مِنَ النِّسَاءِ " ([18]) .
وَقَالَ عَليُّ بنُ زَيدٍ : قَالَ لَنَا سَعيدُ بنُ المُسَيِّبِ - وَهُو ابنُ أربَعٍ وَثمانينَ سَنَةً وَقَدْ ذَهَبتْ إحدَى عَينَيّهِ وَهُوَ يَعشُو بِالأُخرَى - : " مَا مِن شَيءٍ أخوَفُ عِندِي مِنَ النِّسَاءِ ! " ([19]) .
وَقَالَ بَعضُ الحُكَمَاءِ : " النِّسَاءُ شَرٌّ كُلُّهُنَّ ، وشَرُّ مَا فِيهِنَّ عَدَمُ الاستِغنَاءِ عَنهُنَّ ، وَمَع أنَّهَا نَاقِصَةُ العَقلِ وَالدِّينِ ، تَحمِلُ الرَّجُلَ عَلَى تَعَاطِي مَا فِيهِ نَقصُ العَقلِ وَالدِّينِ ، كَشَغلِهِ عَن طَلبِ أمُورِ الدِّينِ وَحَمْلِهِ عَلَى التَّهَالُكِ عَلَى طَلَبِ الدُّنيَا ، وَذَلِكَ أشدُّ الفَسَادِ " .
وَقَد نَظَمَ بَعضُهُم هَذَا المَعنَى فَقَالَ :
هِيَ الضِّلعُ العَوْجَاءُ لَسْتَ تُقِيمُهَا
ألا إنِّ تَقْوِيمَ الضُّلُوعِ انكِسَارُهَا
أيَجمَعنَ ضَعفَاً وَاقتِدَاراً عَلَى الفَتَى
أليسَ عَجِيبَاً ضَعفُهَا وَاقْتِدَارُهَا
ثالثاً : بيان دورِ أعداءِ الإسلام :
لئن كانَ دورُ الشَّيطانِ في هذه الفتنةِ دوراً كبيراً ماكِراً ، فإنَّ دورَ جنودِه وأولياءِه من الكَفَرةِ والمنافِقينَ والفُسَّاقِ ، لا يقلُّ مَكراً وتأثيراً .
لقد أخبرَنَا الله تعالى عن هدفِ هؤلاء ، وغايتِهمُ المنشودةِ ، فقالَ : ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾ [ النساء : 27 ] ، قال مُجاهدٌ رحمه الله في تفسيرِ هذه الآية : " أن تكونُوا مثلهم ، تزنُونَ كما يزنُونَ " ([20]) .
وأخبرنَا عن محبَّتِهم لشيوعِ الفواحشِ فينا ، فتوعَّدَهُم قائلاً : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾[النور : 19 ] .
ولئن كانتْ هذه الآيةُ قد نزَلَت في شأنِ أصحابِ الإفكِ من المُنافقين ، لمَّا أشاعُوا ذكَر الفاحشَةِ طاعنِينَ في أشرفِ نساءِ العالمينَ أم المؤمنين عائشة رضوان الله عليها ، مع كونِهِم حينئذٍ شِرذِمَةٌ تحتَ إمرةِ الدَّولَةِ النبوِيَّةِ ؛ فكيفَ إذا سيطَرَ هؤلاءِ على السُّلطَةِ ووسائِلِ الإعلامِ وصارَتْ أزِمَّةُ الأُمُور بأيدِيهم ؟!
لقد أدرَكَ أعداءُ هذا الدينِ عظيمَ أثر فتنةِ النِّساءِ ، ودورَهَا في سقوطِ الأُمَّةِ وانحلالها ، فكانَت قضيَّةُ المرأة الخنجرَ المسمومَ الذي طعنُوا به أُمَّةَ الإسلام ، فإذا بها تتغيَّرُ معالِمُها وتتشوَّهُ هويتُهَا حتى صارَ المُنكرُ معروفاً والمعروفُ مُنكراً ، وصارتِ النظرةُ الغربيَّةُ للمرأة : هي النَّظرةُ المثاليَّة ، الدالةِ على المدنيَّةِ والرُّقِيِّ ، ورحمَ الله حَسَّانَ بنِ عَطِيَّةَ إذ قَالَ : " مَا أُتِيَت أُمَّةٌ قَطُّ إلا مِن قِبَلِ نِسَائِهِم " .
ولا يصعُب على من يعرِفُ شريعةَ الله تعالى ، إذا نظَرَ في أعمالِ هؤلاءِ الفُجَّار أن يستنتجَ أنَّهُم عَمِلُوا على مُناقَضَةِ الشريعةِ ومُعاندَتِها شبراً بشبر ، وذراعاً بذراع :
فبينما نادَت شريعةُ الحكيم الخبيرِ بتحريمِ الزنا وجعلتهُ جريمةً من الجرائمِ الكُبرَى التي تُوجِبُ أليمَ العقابِ ؛ جعلها هؤلاءِ من الحُرِّياتِ الشَّخصيَّةِ ، التي تتكفل قوانُينُهم بحمايَتِها ([21]) .
وبينما سَمَّت الشريعةُ الفواحشَ قاذوراتٍ وأوساخ ، فقد سمَّاها هؤلاءِ علاقاتٍ عاطفيَّةً (رومانسيَّةً) ليخفَّ وقعُها على الأسماعِ .
وبينما جعلتِ الشريعةُ الحجابَ علامةَ الإيمانِ وسِمَةَ الطهارة وشعارَ العِفَّةِ والسترِ ، وجعلتِ التبرُّجَ كبيرةً وفاحشةً من أفعالِ الجاهليَّةِ ، جعلَ هؤلاء الحجابَ علامةَ التخلُّف والجُمُود والرجعيَّةِ ونعتُوه بأشنعِ الأوصاف ([22]) ، وجعلوا التبرُّجَ تحضُّرَاً ورقياً ، وطائفةٌ منهم علِمَت مشقَّة طريق مُحاربة الحجابِ الشرعيِّ ، فمسختهُ في صُورةٍ تستهوي فتياتِ العصر ، وأملَوا لَهُنَّ : أنَّ الحجابَ لا يتعارضُ مع الأناقَةِ والجمالِ ([23]) !
وبينَمَا حثَّتِ الشريعةُ على الزَّواجِ ويسَّرَت سُبُلَهُ ؛ وضعَ هؤلاء أمامَهُ الحواجِزَ ونصبُوا في طريقِه العراقيلَ ، فصارت سُبُل الزواجِ طويلةً وعرةً ، وسُبُل الزِّنَا والفاحشةِ مُذلَّلةً ميسورَةً ([24]).
وبينما جاءتِ الشريعةُ بتحريم النَّظرِ إلى النساء الأجنبياتِ ومُصافحتهنَّ والخلوةِ بهنَّ ، وتحريمِ الاختلاط المستهترِ بين الرِّجال والنساء ، جاء هؤلاء الفجار بكسرِ كُلِّ حاجزٍ بين الرِّجالِ والنساءِ ، فأشاعُوا الاختلاطَ في أماكنِ العملِ والجامعاتِ ، فيا لله كم من مجلسٍ بين شبابٍ وفتيات تعلو فيه الضحكات وتثارُ فيه الشهوات ، وكم من خلوة بين شابٍّ وفتاة تتبادل فيها المغازلات والقبلات ، ويُعصَى فيها ربُّ الأرض والسماوات ، وذلك كُلُّه تحت ستارِ التعليمِ الجامعيِّ المتحضر ، وربما انطلَى على بعضِ السُّذَّجِ أن هذا من الاختلاطِ الذي لا يمنعُه الشَّرعُ ، ولا شكَّ بأن من استحلَّ هذا النَّوع من الاختلاطِ لا يعرفُ الدينَ الذي جاءَ به محمدٌ صلى الله عليه وسلم ([25]) .
وبينما حَرَصتِ الشريعةُ على خُمُود ذكرِ الفاحشة في المُجتمع ، وعُلُوِّ ذكر العفَّةِ والطهارةِ والفضيلةِ ؛ جيَّشَ هؤلاء وسائلَ الإعلام من فضائياتٍ ومواقعَ إلكترونيَّةٍ ومجلاتٍ لتزيين الفاحشَةِ وإشاعةِ الرذيلةِ حتى يصيرَ ذكرُهَا بل النظرُ إليها أمراً مألوفاً ، فتلك أفلامٌ ومسلساتٌ رومانسية تدعُو إلى العلاقات الجنسيَّة المُحرَّمةِ ، يتلقَّى الشبابُ والشابات منها دروساً في أساليبِ العُهرِ والفُجُور والإغراء ، وهذه أغان العشقِ والغرام تخدِشُ حياء العفيفاتِ وتُنبِتُ النفاق في القلوب وحُبَّ الفاحشة والمحرمات ، ويصير دعاةُ الزنا من المغنيين والمغنيات والممثلين والممثلات نجوماً وأبطالاً وقُدُوات !
وبينما جاءت الشريعة بالحثِّ الأكيدِ على الغيرةِ على الأعراض ، وبذلِ الغالي والنفيسِ في سبيل صيانتِهَا ؛ عملِ هؤلاء الفُجَّارُ على وأدِ الغَيرةِ من قُلُوب الرِّجالِ ، حتى فشتِ الدِّياثةُ ، فالفتاة تخرجُ مُتطيِّبة متبرِّجَةً على مرأى أبيها وهو لا يُحرِّكُ ساكناً ، والزوجةُ صارت دُميةً يتباهى الرجل بجمالها وزينتها أمامَ أصحابِه ، وبعضُ من بلغت به الدياثةُ مبلغها يحاربُ ابنته أو زوجتَهُ إذا التزَمَتِ بالحجابِ الشرعيِّ ويمنعُهَا من الخُرُوج به .
وبالجملة : فإنَّ المسلم المعاصر لا يحتاجُ إلى مُكابدَةٍ وعناء ليعلم أنَّها حملَةٌ مسعورةٌ وحربٌ شعواء ، يقودُهَا إبليسُ وأولياؤه .
والسؤال الذي يطرح نفسه : لماذا كل هذا ؟!
والجواب : أن المصدرَ الرئيسيَّ لقوة كل أُمَّةٍ هو في تميُّز هويتها عن سائرِ الأمم ، وهؤلاءِ يُريدُون منَّا – كما قال مجاهد رحمه الله – أن نكونَ مثلَهُم ، نزني كما يزنُون ، وإذا صِرنَا مثلَهُم لم تَعُد لنا هوية تُميِّزُنا عنهُم ، وضاعتِ أمتنا في دوامة الأُمَم الكافِرَة ، نعوذُ بحولِ الله وقوته من ذلك .
ثمَّ إن هؤلاء الكُفَّار يُدركُون أنَّ العمل على نشرِ الفواحش والفسقِ هو الوسيلةُ السهلةُ التي يستطيعون بها قيادة الأمة نحو ما يشاؤونَ من أهدافٍ ، كما قال قائلهم : " كأسٌ وغانيةٌ يفعلانِ بالأُمَّةِ المحمديَّةِ ما لا يفعلُه ألفُ مدفع ودبابةٍ ، فأغرِقُوها في حُبِّ المادة والشهوات " .
ويقول أحد حاخامات اليهود – عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة – : " شعبُنَا محافظٌ مؤمن ولكن علينا أن نُشجِّعَ الانحلالَ في المُجتَمَعات غيرِ اليهودِيَّةِ فيعُمَّ الكُفرُ والفسادُ وتضعف الروابطُ المتينة التي تعتبر أهمَّ مقومات الشعوب فيسهل علينا السيطرةُ عليها وتوجيهها كيفما نريد" .
ألم يخبرنا الله تعالى أن فسقَ قوم فرعون كان سبباً في سهولة انقيادهم له ، قال تعالى :﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ ﴾ ، ذلك أنَّ الإنسانَ إذا صارَ عبداً لشهواتِه سهل على عدوِّه أن يوجهَّه كما يريد ([26]).
ثم إن هؤلاء تُجَّار ، يعبُدُون الدينار والدرهم ، ويجدون في التجارةِ بالشهوات مَورداً عظيمَاً من مواردِ قُوَّتهم الاقتصاديةِ التي بها يُسيطِرُون على العالَم .
رابعاً : بيان كثرةِ مفاسدِ فتنةِ النِّساءِ وشُرورها :
وذلك من جهتين :
الجهة الأولى : إيقاعُ العبدِ في المُحرَّماتِ : كإطلاق النَّظر في الحرامِ ، واستماعِ الأغاني الماجنَةِ ، والوقوع في العلاقات المُحرَّمِة بما فيها من مُحادثةٍ وخلوة وغيرها ، فإن لم يتداركْهُ الله برحمته أوقعته هذه الفتنةُ في الزنا ، بل قد تصلُ به إلى الكفر بالله تعالى .
الجهة الثانية : حجزُ العبدِ عن المطالبِ العاليةِ والغاياتِ الساميةِ : كالهجرة والجهادِ في سبيل الله تعالى والدعوةِ إليه .
قال ابنُ عباس في تفسير قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ﴾ : " هَؤُلَاءِ رِجَالٌ أَسْلَمُوا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ، وَأَرَادُوا أَنْ يَأْتُوا النَّبِيَّ e ، فَأَبَى أَزْوَاجُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ أَنْ يَدَعُوهُمْ أَنْ يَأْتُوا رَسُولَ اللَّهِ e ، فَلَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ e ، رَأَوْا النَّاسَ قَدْ فَقُهُوا فِي الدِّينِ هَمُّوا أَنْ يُعَاقِبُوهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ .. ﴾ الْآيَةَ ([27]) .
وَمِنْ فَوائِدِ هَذِهِ القِصَّةِ : أنَّ فِتْنَةَ النِّسَاءِ ليستَ مَحصُورَةً في فتنَةِ النِّسَاءِ الأجنَبِيَّاتِ ، بَل يَدخُلُ في ذَلِكَ أيضَاً : فِتنَةُ الزَّوجَاتِ ، كَمَا وَقَعَ لهَؤُلاءِ النَّفَرِ مِنَ الصَّحَابَةِ ، وَهَذَا وَجهٌ آخَرُ مِن أوجُهِ شُرُورِ هَذِهِ الفِتنَةِ ، قال الإمَامُ أبُو زَكَرِيَّا النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي شَرحِ حَدِيثِ : " فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ " : " وَتَدْخُلُ فِي النِّسَاءِ الزَّوْجَاتُ وَغَيرُهُنَّ ، وَأكْثَرُهُنَّ فِتْنَةً الزَّوْجَاتُ لِدَوَامِ فِتْنَتِهِنَّ وَابْتِلاءِ أَكْثَرِ النَّاسِ بِهِنَّ " .
وأيضَاً : قَد تَكُونُ هَذِهِ الفِتنَةُ حَاجِزَاً عَن طَلَبِ العِلمِ وَتَحصِيلِهِ ، وَذَلِكَ لِكَثرَةِ الأشغَالِ وَالمَسْؤولِيَّاتِ المُترَتِّبَةِ عَلَى الزَّوَاجِ كما قال سُفيانُ الثَّوريُّ : " إذا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ رَكِبَ البَحرَ ، فإذا وُلِدَ لَهُ كُسِرَ بِهِ " ، سِيَّمَا إذا ابتُلِيَ الإنسَانُ بِزَوجَةٍ لا تُرَاعِي للعلمِ قَدرَاً ، فَيكونُ في زَوَاجِهِ مِنهَا ضياعٌ لمُستَقبَلِه العِلمِيِّ ، كَمَا قِيلَ : " ضَاعَ العِلمُ بَينَ أفخَاذِ النِّسَاءِ " .
ومن هُنَا استَحَبَّ بَعضُ أهلِ العِلمِ للطَّالِبِ تَأخيرَ الزَّوَاجِ
قَالَ الحَافِظُ أبُو بَكْرٍ الخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى : " المُستَحَبُّ لِطَالِبِ الحَدِيثِ أن يَكُونَ عَزبَاً مَا أَمكَنَهُ ذَلِكَ ؛ لِئَلا يَقطَعَهُ الاشْتِغَالُ بِحُقُوقِ الزَّوْجَةِ وَالاهتِمَامُ بِالمَعِيشَةِ عَنِ الطَّلَبِ" ([28]) .
أما إذا رُزِق الإنسانُ الزوجةَ الصالحةَ الواعيةَ ، فأنعم بها مُعيناً على معالي الأمور : منَ العلمِ والدعوةِ والجهادِ ، ولذلكَ قال النبيُّ e : " الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ " ([30]) قال ابن القيم عقبَ هذا الحديث : " فَكُلُّ لَذَّةٍ أعانَت عَلَى لَذَّاتِ الدَّارِ الآخِرَةِ فَهِيَ مَحبُوبَةٌ مَرْضِيَّةٌ للرَّبِّ تَعَالَى ، فَصَاحِبُهَا يَلتَذُّ بِهَا مِن وَجهَينِ : من جِهَةِ تَنَعُمِّهِ وَقُرَّةِ عَينِهِ بِهَا وَمِن جِهَةِ إيصَالِهَا لَهُ إلى مَرْضَاةِ رَبِّهِ وَإفضَائِهَا إلَى لَذَّةٍ أكمَلَ مِنهَا ، فَهَذِهِ هِيَ اللَّذَّةُ التِي يَنبَغِي للعَاقِلِ أن يَسْعَى فِي تَحصِيلِهَا لا اللذَّةُ التِي تُعقِبُهُ غَايةَ الألَمِ وَتُفَوِّتُ عَلَيهِ أعظَمَ اللَّذَّاتِ" ([31]).
ولما كانت فتنةُ النساء بهذه الخطورة ، جاءت شريعةُ الرحمنِ الرحيمِ ، الذي يريد بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر ، تعالى ربنا وتقدس ، جاءت بأحكامٍ تصد هذه الفتنة وتجفف منابعها .
وهذه الأحكام تُشكِّلُ بمجموعِهَا نظاماً مُتكاملاً ، كالصرحِ الشَّامِخِ القائمِ على الأركان الثابتَةِ ؛ متى اهتزَّ منها رُكنٌ ، انهار الصرحُ أو أوشك ، أو كعقد اللؤلؤ المنضَّدِ ؛ متى انحلَّت منه لؤلؤةٌ ، انفرط العقد وتناثرت اللآلِىء .
وهذه الأحكام والتشريعات على ضربين : الضرب الأول : الأحكام والتشريعات الوقائية : كتحريم الزنا والقذف ، وتشريع العقوبات الرادعة لمن يقع فيهما ، وفرض الحجاب ، وتحريم التبرج والسفور ، وتشريع الاستئذان ، والأمر بغض البصر ، وتحريم مس الأجنبية ومصافحتها والخلوة بها ، وتحريم سفر المرأة بغير محرم ، وتحريم الخضوع بالقول ، وتحريم الاختلاط المستهتر بين الرجال والنساء .
والضرب الثاني : الأحكام والتشريعات العلاجية : كالترغيب في الزواج والنهي عن الرهبانية ، والترغيب باختيار الزوجة الصالحة ، والترخيص بنكاح الإماء لمن لم يقدر على نكاح الحرائر ، ووجوب تعاون المسلمين على تزويج عزابهم من نساء ورجال ، والأمر بالاستعفاف لمن لم يجد نكاحاً ([32]) .
ولما كان غضُّ البصر الوقايةَ السهلةَ التي تقيك كُلَّ الأهوالِ التي تقدَّمَ شرحُهَا ، كتبت لنفسي ولك - أيها القارىء الكريم - هذه الرسالة التي تبشر بفضائِلِ غضِّ البصر ومحاسنِه ، وتنفِّرُ من إطلاقِ النظَرِ وعواقبه الوخيمةِ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) أَخْرَجَهُ أحمد (21794، 21878) والبخاري (4808- ت : البغا ) ومسلم (2741) والترمذي (2708) وابن ماجه (3998)
([2]) أَخْرَجَهُ مسلم (2742) والترمذي (2191) من حديث أبي سعيد ، وقوله : " حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ " أي : نَاعِمَةٌ غَضَّةٌ طَرِيَّةٌ طَيِّبَةٌ .
وقد جاءت بعض الآثار تبين لنا وسائل الإغراء والفتنة التي كانت النساء الإسرائليات يسلكنها ، فمن ذلك ما أخرجه أحمد (11364) عن النبي e قال : " كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ امْرَأَةٌ قَصِيرَةٌ ، فَصَنَعَتْ رِجْلَيْنِ مِنْ خَشَبٍ ، فَكَانَتْ تَسِيرُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ قَصِيرَتَيْنِ ، وَاتَّخَذَتْ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، وَحَشَتْ تَحْتَ فَصِّهِ أَطْيَبَ الطِّيبِ الْمِسْكَ ، فَكَانَتْ إِذَا مَرَّتْ بِالْمَجْلِسِ حَرَّكَتْهُ فَنَفَحَ رِيحَهُ " .
ومن ذلك ما أخرجه الطبراني عن ابن مسعود موقوفاً : " كان الرجال والنساء من بني إسرائيل يصلون جميعاً ، فكانت المرأة إذا كان لها خليل تلبس القالَبين تطوّل بهما لخليلها ".
وهذه الأساليب لا تساوي شيئاً إذا قارنتها بالأساليب الشيطانية التي يسلكها فتيات اليوم من المسلمات – فضلاً عن غيرهن – في إغراء الشباب وإغوائهم ، وهي معروفة مشاهدة لا حاجة لذكرها .
([3]) أَخْرَجَهُ أحمد (14577) ومسلم (1403) والترمذي (1158) وأبو داود (2151) من حديث جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ t .
([4]) «شرح صحيح مسلم» (9/178) .
([5]) «ذم الهوى» ص(166) .
([6]) أخرجه ابن أبي حاتم (3297) .
([7]) «ذم الهوى» ص(164) .
([8]) أَخْرَجَهُ ابن أبي شيبة (34552) ، وَمَعنَى : " حَبَائِلُ الشَّيطَانِ " : مَصَايِدُهُ .
([9]) أَخْرَجَهُ الترمذي وابن حبان والطبراني والبزار ، والعرب تقول : " اسْتَشْرَفَ الشَّيْءَ " إذا رَفَعَ بَصَرَهُ إِلَيْهِ وبَسَطَ كَفَّهُ فَوْقَ حَاجَبِهِ كَالْمُسْتَظِلَّ مِن الشَّمْسِ ، فتخيل فرح الخبيث وهو يرقب فريسته ليصطادها ويصطاد بها .
([10]) «فيض القدير» (6/ 266) .
([11]) «الداء والدواء» ص(350) .
([12]) «أدلة الحجاب» (ص27) .
([13]) «ذم الهوى» (ص164) .
([14]) ولذلك فإنَّهُ كان - رحمه الله - يسُدُّ على نفسِهِ ذريعةَ الفتنةِ ، فكان لا يَصحَبُ رُفقَةً فيها امرَأةٌ ، كما رواهُ ابن أبي شيبة (17226) .
([15]) أَخرَجَهُ ابن جرير وابن أبي حاتم (5216) وعبد الرزاق (1/154) في تفاسيرهم .
([16]) أَخرَجَهُ ابن أبي شيبة (17229) .
([17]) أَخرَجَهُ ابن أبي شيبة (17230) والقَطِرَانُ : دهنٌ مِنْ تَرْكِيبٍ كِيمْيَاوِيٍّ قَديمٍ ، يُتَّخَذُ للتَّدَاوِي مِنَ الجَرَبِ للإبِلِ وَلِغَيرِ ذَلِكَ
([18]) «ذم الهوى» (ص165) .
([19]) «ذم الهوى» (ص164) .
([20]) أخرجه ابن جرير في «تفسيره» .
([21]) قال الدكتور محمد نعيم ياسين في «الوجيز في الفقه الجنائي الإسلامي» ص(25-26) : " القوانين الوضعية لا تهتم بحماية الأخلاق ولا تعاقب على الأفعال التي تمسها ، اللهم إلا إذا تعدى ضرر هذه الأفعال فأصاب الآخرين ، فهي لا تعاقب على الزنا مثلاً باعتباره رذيلة تمس الأخلاق الفاضلة ، حتى إذا كان برضى الطرفين ولم يتضرر منه غيرهما فلا عقوبة عليه في أكثر القوانين الوضعية ! " ، وانظر : كتاب «مذاهب فكرية معاصرة» ص(214-216) للأستاذ محمد قطب ، وكتاب «الشريعة الإلهية لا القوانين الجاهلية» ص(80-83) للدكتور عمر الأشقر .
([22]) من آخر ما وقفت عليه من ذلك قول رئيس فرنسا الحالي ( نيكولا ساركوزي) : " المشكلة في البرقع هو أنه ليس مشكلة دينية ، إنه مشكلة متعلقة بحرية المرأة وكرامتها ، إنه ليس رمزاً دينياً ، بل مؤشر على الاستعباد ، ومؤشر على التخلف ، أريد أن أقول إن البرقع غير مرحب به في فرنسا" ، نعم ، لأن المرحب به عندهم هو العهر والفجور ، فالسيدة الأولى في فرنسا - زوجة ساركوزي - هي إحدى كبار العاهرات ( عارضات الأزياء ) ، وساركوزي يريد من النساء المسلمات حتى يرضى عنهن ويرحب بهن في فرنسا أن يكن مثل زوجته العاهرة ، ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾ .
وانظر في الحرب على الحجاب كتاب «معركة السفور والحجاب» للمقدم .
([23]) انظر مبحث التبرج المقنع من كتاب «أدلة الحجاب» (ص179-185) .
([24]) انظر : «منهج التربية الإسلامية» للأستاذ محمد قطب (ص469-473) ، ومقالة يا ابني ضمن كتاب «صور وخواطر» ص(205-214) للشيخ علي الطنطاوي ، و«المرأة بين الفقه والقانون» للدكتور مصطفى السباعي ص(52-53).
([25]) مسألة الاختلاط في الجامعات كتب فيها مؤخراً ثلة من جلة أهل العلم ، عقب فتنة إنشاء أول جامعة مختلطة في السعودية .
([26]) انظر : «منهج التربية الإسلامية» (ص455-456) .
([27]) أخرجه الترمذي .
([28]) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع .
([29]) أرجوزة الآداب للشيخ عبد الله الحكمي البيت رقم (454) .
([30]) أخرجه أحمد ومسلم والنسائي .
([31]) «روضة المحبين» .
([32]) نقلت هذا التقسيم من كتاب أدلة الحجاب لفضيلة الدكتور محمد إسماعيل المقدم حفظه الله تعالى ، وانظر التفصيل (ص28-71) من الكتاب المذكور فإنه مفيد .