لماذا لا يفعل الإسلام فعله الأول فينا ؟؟ لماذا لا ينقذنا من الفرقة والتخلف كما أنقذ بدو الصحراء في الجزيرة العربيه ؟؟؟
لقد أقام الإسلام دولة من لا شئ فلم يكن في جزيرة العرب من الحضارة ما يستحق الذكر قبل الإسلام , إنها حقيقة لا يجادلنا فيها إلا أنجاس ومرتزقه , لا نحفل بهم ولا نلقي لهم بالا .
فلماذا لا يستطيع الإسلام رأب الصدع بين المسلمين المتحاربين في الصومال ؟ لماذا لا يعيد لهم دولتهم وأمنهم وأمانهم ؟؟ولماذا أصبح بعض المتعمقين في دراسة الإسلام من أسباب البلبله والشقاق ؟؟
وقبل أن نجيب علي السؤال علينا أن نصحح صيغته المعتله , إذ أن الإسلام لا يفعل , لأنه نصوص وأحكام لا تملك يدا ولا تقدر علي الفعل إلا من خلال الفاعلين الحقيقيين , وهم كل من يؤمن بالإسلام دينا .
السؤال الصحيح إذن , هو لماذا لم يتمكن المسلمون من إنقاذ أنفسهم من التخلف والضعف كما فعل المسلمون الأوائل؟؟
إنه سؤال شائع وشهير أجاب عنه معظم المسلمين كلُ ُ علي طريقته , منهم من يقول بأن تهاون المسلمين في أداء العبادات هو سبب التخلف لأن الله سبحانه وتعالي لا يرضي عن العصاه ولا يكتب لهم التوفيق , ومنهم من يقول بأن تبرج النساء وسفورهن قد أدي إلي كل الكوارث ومنهم من يري في الفنون غير الملتزمه أصل الداء وسبب البلاء.
ومن المسلمين من يقول بأن سقوط الخلافه الإسلاميه سبب رئيسي لضعف المسلمين وإنحطاطهم .
الإجابات علي هذا السؤال كثيرة ومتعدده , وقد تكون متضاربة أحيانا , ولا أجد فائدة في المزيد من الإجابات , فقد يكون الرجوع إلي أصل كل الإجابات أكثر فائدة.
لا يستطيع المسلمون تخليص أنفسهم من الضعف والتخلف إلا بتطبيق الإسلام كما هو وليس كما يحلو لهم أن يطبقوه , وإذا لم يفعل المسلمون ذلك فإن الإسلام برئ من تخلفهم ومن ضعفهم.
تطبيق الإسلام ليس صعبا , بيد أن معرفة الإسلام الحقيقي الواجب التطبيق مسألة تحتاج إلي حكمة ورويه وتحتاج إلي دقة في الفهم , وتحتاج إلي الإذعان والطاعه لله ورسوله.
يحجبنا عن فهم الإسلام فهما صحيحا ثلاثة عوامل
العامل الأول : هوي النفس
إننا نحاول تبرير ما نحب بأنه واجب أو جائز وقد يكون محرما أو مكروها , نكذب علي أنفسنا , ونصدق الأكذوبه , وتميل النفس البشريه إلي ما هو قائم ومعتاد وتخشي ما هو جديد عليها ولو كان مجربا و لو كان فرضا بنص قطعي الدلاله , وقد يكون الهوي تفريطا أو تشددا , وقد يكون تبريرا لواقع معيشي نريد أن نمنحه الشرعيه حتي لا نخجل من أنفسنا بينما نفعله كل يوم .
الخطوة الأولي في محاربة هوي النفس هو ألا نزور لها الحقائق وألا نصور لها الحرام حلالا والحلال حراما , علينا ألا نبرر المعصيه علي أنها ضرورة , علينا أن نعترف أمام أنفسنا أنه خطيئة نرتكبها وأن نسعي من لحظة الإعتراف للعمل نحو التغيير.
العامل الثاني
طابور خامس من المسلمين , باعو عقولهم للعقائد الغربيه وتفرغو للتشكيك في الثوابت فصورو لنا أن الحياة ستصبح جحيما إذا طبقنا الإسلام , لقد نجحو في سلب الأمة يقينها الكامل في المعتقدات الإسلاميه وأصبحنا في شك مما نؤمن به وإن لم نصرح بذلك جهرا وعلانية , ولأن هذا الطابور الخامس قد تمكن من رقاب الأمه وحكمها وتحكم فيها عقودا متتاليه فقد جعل فهمنا للإسلام فهما قاصرا ومقتصرا علي طقوس وعبادات.
حتي نتخلص من تأثيرهم علينا أن نفكر في الإسلام دون أن نحاول الموائمه أو الملائمة بينه وبين الواقع , في كلمات أخري , علينا أن ندرك أن الواقع بائس وغير إسلامي بينما الإسلام بسيط وواقعي وعليه فيجب إخضاع الواقع للمعيار الإسلامي وليس العكس مع ملاحظة أن الإسلام لا يطلب منا الكثير ولا يتدخل في كل الأمور ولا يقرر لنا كل القرارات , إنه يمنحنا حرية التفكير في كل الأمور إلا أمورا حكم فيها وقرر وهي محدودة ومعدوده.
العامل الثالث
كتابات وتنظير علماء المسلمين لقرون طويله تمسكنا بها وحال هذا التمسك دون أن نفهم القران الكريم كما فهمه الصحابه والرعيل الأول مباشرة فأصبح لدينا فقها واسعا يأخذنا إلي قضايا ثانويه تحجب الرؤية عنا وتجعلنا نغوص في مسائل لا حاجة لنا بها ,
المسلمون يقرأون كتبا دينية إسلامية أكثر مما يقرأون القران الكريم ومن الأولي بهم أن ينصب جهدهم علي القران وعلومه حتي يفهمو طبيعة هذا الدين العظيم وفلسفته.
المدخل الأول لفهم الإسلام فهما صحيحا هو أن ندرك أننا نؤمن بالله سبحانه وتعالي وأنه يقرر لنا ونحن لا نقرر له ولا يحق لأي منا أن يتحدث نيابة عنه أو أن يتحدث بإسمه .
إنه سبحانه وتعالي يفسر لنا ما يريد أن يفسر لنا وما لم يفسره لنا الله سبحانه وتعالي من أحداث كونيه فإنه يتركها لنا لنفهم أسبابها المادية البحته , ولكننا أحيانا وتحت تأثير هوي النفس وفي غياب المفهوم الإسلامي الواضح والمعمول به ومتأثرين بكتابات فقهيه أو محدثين فيها نقرر أن الله سبحانه وتعالي قد فعل كذا من أجل كذا
الإسلام يمنعنا من الإبتداع فيه ويطلب منا أن نبدع في سائر أمور الحياه , وعلي العكس من ذلك فقد أسهبنا في الإبتداع في الإسلام وتداخلت لدينا المفاهيم وأصبحنا نفهم مصطلح الأمه بأنه القبيله كما فعل الصوماليون فوقعو في حرب أهلية بغيضه , أو نفهم مصطلح الأمه علي أنه الجماعة أو الحزب فيدفعنا ذلك إلي معارك جانبيه مع أبناء الأمه دفاعا عن كيانات حزبيه صغيره وزائله , بينما نحن نحطم كيان الأمة الكبري .
حتي يؤدي الإسلام دوره من خلالنا , علينا أن نعود إلي عقيدته البسيطه الواضحه دون أن ندخل عليها أفكارنا البشريه وإذا كان لدينا أفكار جديده علينا أن نقدمها للعالم بأسمائنا حتي لا تلتصق بالإسلام وتخفي رونقه وفاعليته .
أحمد خفاجي