أولاً: أمثلة على قربات وطاعات مضاعفة أجورها:
(1) الصــلاة:
(أ) الصلاة في الحرمين وبيت المقدس:
تأمَّل أخي – وفقك الله:
* أنك لو حافظت على السنن الرواتب (الاثنتي عشرة ركعة) سنة كاملة لبلغ عدد ركعاتك: 12×360=4320 ركعة.
* أما صلاتك ركعتين في الحرم فإنها تعدل 2×100.000=200.000 ركعة.
* وفي المسجد النبوي بالمدينة 2×1000=2000 ركعة.
* وفي المسجد الأقصى 2×500=1000 ركعة ( ).
فانظر يا رعاك الله أنك لو صليت فريضة العصر مثلاً أو المغرب في الحرم فلكأنك أدَّيتها (100.000) مرة.. اللهم لا تحرمنا المزيد من فضلك.
(ب) صلاة الجماعة:
إلى من تثاقلت نفسه وعجزت همَّـته وتكاسل مقصِّرًا في أداء الصلاة في بيوت الله، أما علمت أن المصطفى قال: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة»( ).
(جـ) هل تعلم أن صلاة النافلة في بيتك تعدل فريضة؟
قال : «فضل صلاة الرجل في بيته على صلاته حيث يراه الناس كفضل الفريضة على التطوع»( ). «والمراد النافلة».
(د) المشي إلى صلاة الجمعة مبكرًا:
قال عليه الصلاة والسلام: «من غسل يوم الجمعة واغتسل، ثم بكَّر وابتكر ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام، فاستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة صيامها وقيامها»( ).
آمل أخي – بارك الله فيك – أن تعيد قراءة الجملة الأخيرة من الحديث - «عمل سنة صيامها وقيامها».
قيل في غسّل. أي: جامع أهله. فهو السبب في غسلها واغتسل هو.. وقيل: هو بمعنى غسل رأسه.
فإذا كان ما بين العبد والجامع الذي سيصلي فيه (300) خطوة فلكأنما صام وقام (300) سنة.. فاللهم ارزقنا من واسع فضلك.
(هـ) هل ترغب أخي أن تتصدَّق بـ (360) صدقة
خلال ركعتين.
قال عليه الصلاة والسلام: «يصبح على كل سُلامي – أي مفصل – من أحدكم صدقة (جاء في رواية أن عددها 360) فكل تسبيحة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان تركعهما من الضحى»( ).
(2) الحج والعمرة:
كم عظيم أجر الحج، فالمبرور منه ليس له جزاءٌ إلا الجنة، فإليك أخي راغب الخير طرفًا من الطاعات والقربات مما له علاقة بأجر الحج والعمرة..
هل ترغب يا رعاك الله أن تحج كل عام بل كل عام مرتين وثلاثًا، فكيف يمكن إدراك أن هناك من يقدر على الحج بما يفوق سني عمره، ولئن سألت فإليك:
(أ) تحجيج عدد من المسلمين بمالك وعلى نفقتك كل عام.
لقد حرص كثير من السلف رحمهم الله على هذا الأمر أيما حرص، فقد كان الفقيه الزاهد مسلم بن يسار رحمه الله يحج كلَّ سنة ويحجج معه رجالاً من إخوانه تعودوا ذلك منه. وكذا كان يفعل عبد الله بن المبارك رحمه الله، بل ويشتري لهم الهدايا على نفقته لأهليهم إذا رجعوا عائدين.
أخي المبارك..
إن مكاتب دعوة الجاليات ورابطة العالم الإسلام وغيرها من الجمعيات والمؤسسات الخيرية من أنشطتهم السنوية القيام بتحجيج المسلمين الجُدد والقادمين من بلاد أُخرى وكثيرًا ما يكونوا فقراء قصرت بهم النفقة.
فاسأل أخي كل عام عن مثل ذلك وستجد أن نفقة كل حاج بإذن الله حتى يتم حجه يسيرة فشمِّر وبادر.
ومما يُنيل المؤمن أجر الحج والعمرة:
(ب) صلاة الإشراق:
قال : «مَن صلَّى الغداة في جماعة – صلاة الفجر – ثم قعد حتى تطلع الشمس، ثم صلَّى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة»( ).
(جـ) حضور مجالس العلم:
عن الحبيب قال: «مَن غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلَّم خيرًا أو يعلِّمه كان له كأجر حاج تامًّا حجته»( ).
أخي في الله:
قد يتقاعس البعض عن حضور مجالس الذكر بحجة المشاغل أو زحمة المكان أو لأنه سيستمع إلى ذلك من خلال أشرطة مسجَّلة، ولكن انظر كم هو الأجر الذي يفوت الإنسان من خلال هذا الحديث، فكيف بفضائل أُخر وردت في أحاديث متكاثرة.
(د) العمرة في رمضان:
قال صلوات الله وسلامه عليه «فإن عمرة في رمضان تقضي حجة معي»( ).
(هـ) أداء الصلاة في جماعة:
قال عليه الصلاة والسلام: «مَن مشى إلى صلاة مكتوبة في الجماعة فهي كحجة، ومَن مشى إلى صلاة تطوع – يعني الضحى – فهي كعمرة نافلة»( ).
ألا كم هي حسرات المتخلفين عن الجماعة يوم القيامة، كم مَن حجج سيُحرمونها، فهل بعد هذا يصح التقاعس عنها بمشاهدة أفلام أو مباريات أو سهر حرام.. إلخ.
(و) الصلاة في مسجد قباء..
قال : «مَن تطهَّر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلَّى فيه كان له كأجر عمرة»( ).
(3) أجر المؤذن ومن ردد خلفه:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن المؤذنين يفضلوننا. فقال رسول الله : «قل كما يقولون، فإذا انتهيت فسلْ تعطه»( ).
فهل تعلم أخي الساعي في الخيرات ما أجر المؤذِّن؟
قال عليه الصلاة والسلام: «إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدَّم والمؤذن يٌغفر له مدَّ صوته، ويُصدقه من سمعه من رطبٍ أو يابس، وله مثل أجر مَن صلَّى معه»( ).
فتأمل هذه الأجور العظيمة ينالها المؤذن وكذا المردِّد خلفه إن أخلص. فهنيئًا لمَن ردَّد خلف مؤذني الجوامع والتي يؤمها الكثير.. ناهيك عن الحرمين.
(4) الزكاة والصدقة:
إن مَن يتأمل الأجور العظيمة الواردة في الصدقة ليتساءل: كيف بالزكاة المفروضة.. كم ثواب وجزاء مؤدِّيها؟!
فعلى سبيل المثال:
(أ) قال عليه الصلاة والسلام: «إن الله ليربي لأحدكم التمرة واللقمة كما يربي لأحدكم فُلوَّه أو فصيلهُ، حتى تكون مثل أُحُد»( ).
(ب) قال : «سبق درهمٌ ألفَ درهم: رجل له درهمان أخذ أحدهما فتصدق به، ورجل له مال كثير فأخذ من عرضه مائة ألف فتصدق بها»( ).
(جـ) قال عليه الصلاة والسلام: «لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة»( ).
قال ذلك لمَن تصدق بناقة في سبيل الله.
(5) الصيام:
إنه الذي له باب من أبواب الجنة يُسمي الريان لا يدخله يوم القيامة إلا الصائمون.
وليس الحديث هنا عن أجر صيام شهر رمضان، فقد ورد في الحديث القدسي: «الصوم لي وأنا أجزي به»( ).
ولكن هل ترغب أخي في:
(أ) صيام رمضان في شهر واحد عدة أشهر؟
أما علمت أخي الصائم أن: «من فطَّر صائمًا كان له مثل أجره»( ).
إن مكاتب دعوة الجاليات وغيرها من الجمعيات الإسلامية والمؤسسات الخيرية على مستوى الداخل والخارج تقوم في رمضان بنشاط تفطير صائم بما لا يتجاوز (5) ريالات. فهب أنك ساهمت بـ (150) ريالاً فتكون بذلك قد صمت إلى شهرك شهرًا آخر لأنك فطَّرت ثلاثين صائمًا. ومستقلٌ في هذا الباب من الأجر ومستكثر.
(ب) هل تستطيع أخي صيام الدهر؟!
قال : «من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر»( ).
وفي رواية: «صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر»( ).
جاء في بعض الروايات أنها الأيام البيض.
(جـ) قيام ليلة القدر:
قال سبحانه: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3]. أي خير من عبادة (83) سنة و (3) أشهر تقريبًا.
وقد صحَّ عن النبي أنها في الوتر من السبع الأواخر من رمضان. قال عليه الصلاة والسلام: «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان»( ).
(6) الجهاد:
ذروة سنام الإسلام، وموئل العز، وراية السؤدد.. إليك أخي طرفًا مما ورد في فضائله فيما له علاقة بمضاعفة الأجور.
(أ) المرابطة في سبيل الله:
قال عليه الصلاة والسلام: «مَن رابط يومًا وليلة في سبيل الله كان له كأجر صيام شهر وقيامه، ومَن مات مرابطًا جرى له مثلُ ذلك من الأجر، وأُجري عليه الرزق، وأَمِنَ الفتَّان»( ).
(ب) ملاقاة العدو:
قال عليه الصلاة والسلام: «مقام الرجل في الصف في سبيل الله أفضل عند الله من عبادة رجل ستين سنة»( ). وفي رواية: «موقف ساعة في سبيل الله خيرٌ من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود»( ).
أخي يا رعاك الله.. هذه بعض أعمال صالحة ورد في مضاعفة أجرها ما له علاقة بأجر الجهاد:
(أ) «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار»( ).
(ب) «الحج جهاد كل ضعيف»( ).
(جـ) «مَن جهَّز غازيًا في سبيل الله فقد غزا، ومَن خلفه في أهله بخير فقد غزا»( ).
(د) قال عليه الصلاة والسلام: «ما من أيام العمل الصالح فيهنَّ أحب إلى الله من هذه الأيام العشر» فقالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله، وما يرجع من ذلك بشيء»( ).
(هـ) «ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتهم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخيرٍ لكم من أن تلقوا عدوكم، فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ ذكرُ الله»( ).
7- تكرار بعض سور القرآن:
كم ستحتاج من الوقت لتختم القرآن؟!
(أ) قال عليه الصلاة والسلام: «{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث القرآن، و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} تعدل ربع القرآن»( ).
8- الذكر المضاعف:
قال سبحانه: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152]، وقال: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: 45].
إليك أخي رفيع القدر طرفًا من أجور التجارة الباردة، العظيم أجرها، اليسير عملها.
(أ) عن جويرية أم المؤمنين رضي الله عنها أن النبي خرج من عندها بكرة حين صلَّى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال: «ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟» قالت: نعم.
قال عليه الصلاة والسلام: «لقد قلتُ بعدك أربع كلمات ثلاث مرَّات لو وُزِنتَت بما قلتِ منذ اليوم لوزنتهنَّ: سبحانه الله وبحمده عدد خلقه ورضاء نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته»( ).
وفي مثل هذا الحديث يسبح الخيال.. فكم عدد خلق الله من جن وإنس ونجوم وبهائم وطيور وأسماك وحشرات ونباتات ورمال وميكروبات وغير ذلك كثير مما لا يعلم مداه إلا الله سبحانه.. «سبحان الله وبحمده عدد خلقه».
أمَّا زنة عرشه سبحانه فتأمَّل هذين الحديثين:
قال عليه الصلاة والسلام: «ما السموات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة أُلقيت في ترس»( ).
وقال عليه الصلاة والسلام: «ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد أُلقيت بين ظهري فلاة من الأرض»( ).
ثم كم هو عدد كلمات الله؟
قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [لقمان: 27].
9- الاستغفار المضاعف:
تأمَّل هذا الحديث، أسكبه قلبك، وأرع له سمعك. قل عليه الصلاة والسلام: «من استغفر للمؤمنين وللمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة»( ).
فكم يا ترى عدد المؤمنين والمؤمنات منذ آدم عليه الصلاة والسلام إلى قيام الساعة؟ كم الأولياء والشهداء؟ كم الدعاة والعلماء؟ كم الصالحون والأخيار.. إلخ.
10- قضاء حوائج الناس:
باب واسع من أبواب مضاعفة الأجر.. فهنيئًا لمَن أجرى الله على يديه صنائع المعروف وقضاء حوائج الناس.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تُدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحبُّ إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهرًا، ومن كفَّ غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظًا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضًا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له، أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخلُّ العسل»( ).
أمثلة من حياة السلف في حرصهم على هذا الأمر:
(أ) كان عمر يتعاهد بعض الأرامل فيستقي لهنَّ الماء بالليل( ).
(ب) وكان أبو وائل يطوف على نساء الحي وعجائزهم كل يوم فيشتري لهن حوائجهن وما يصلحهنَّ( ).
(جـ) وقال مجاهد: صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه فكان يخدمني أكثر( ).
(د) وكان حكيم بن حزام يحزن على اليوم الذي لا يجد فيه محتاجًا ليقضي له حاجته. فيقول: ما أصبحت وليس ببابي صاحب حاجة إلا علمت أنها من المصائب التي أسأل الله الأجر عليها( ).
قال عليه الصلاة والسلام: «إن لله عبادًا اختصَّهم بالنَّعم لمنافع العباد، يقرها فيهم ما بذلوها، فإذا منعوها حوَّلها منهم وجعلها في غيرهم»( ).
وقال ابن القيِّم رحمه الله تعالى: «مَن رفق بعباد الله رفق الله به، ومن رحمهم رحمه، ومن أحسن إليهم أحسن إليه، ومن جاد عليهم جاد عليه، ومن نفعهم نفعه، ومن سترهم ستره، ومن منعهم خيره منعه الله خيره، ومن عامل خلقه بصفةٍ، عامله الله بتلك الصفة بعينها في الدنيا والآخرة، فالله تعالى بعبده حسب ما يكون العبد لخلقه».
* * *