08 محرم1431هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السّكِينَةُ وَالطُّمَأْنِينَةُ
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ، وَجَعَلَ الطُّمَأْنِينَةَ مُلازِمَةً لَهُمْ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَحِينٍ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ بِمَا هُوَ لَهُ أَهْلٌ مِنَ الْحَمْدِ وَأُثْنِي عَلَيْهِ، وَأُومِنُ بِهِ وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ عَلاَّمُ الغُيُوبِ، بِذِكْرِهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ، وَتَهُونُ الشَّدَائِدُ وَالخُطُوبُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، أَيَّدَهُ رَبُّهُ بِالنَّصْرِ المُبِينِ، وَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِ وَعَلَى المُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَرَضِيَ اللهُ عَنِ التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَومِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ، فَيَا أَيُّهَا المُسلِمُونَ :
اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ، وَتَدَبَّرُوا فِي خَلْقِ اللهِ وَآيَاتِهِ، وَاعلَمُوا أَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ سُكُونُ القَلْبِ إِلَى الشَّيْءِ وَعَدَمُ اضْطِرَابِهِ وَقَلَقِهِ، وَهِيَ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ السَّكِينَةِ، ذَلِكُمْ لأَنَّ السَّكِينَةَ بِدَايَةٌ وَالطُّمَأْنِينَةَ نِهَايَةٌ، فَالسَّكِينَةُ تَكُونُ حِينًا بَعْدَ حِينٍ، لِيَصِلَ المُؤْمِنُ بَعْدَهَا إِلَى الطُّمَأْنِينَةِ الَّتِي تُلازِمُهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَحِينٍ، وَمَنْ أَرَادَ السَّكِينَةَ وَطَلَبَهَا؛ سَلَكَ سَبِيلَهَا وَبَاشَرَ أَسْبَابَهَا، وَلَيْسَ هُنَاكَ شَيْءٌ كَالإِيمَانِ بِاللهِ تَعَالَى وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ، وَتَفْوِيضِ الأُمُورِ إِلَيْهِ؛ وَالصَّبْرِ عَلَى مَا قَضَى؛ يُحَقِّقُ لِلإِنْسَانِ الهُدُوءَ وَالسَّكِينَةَ وَالاستِقْرَارَ، وَيَمنَحُهُ الطُّمَأْنِينَةَ دَائِمًا بِاستِمْرَارٍ، وَلِذَلِكَ أَنْزَلَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم- وَعَلَى المُؤْمِنِينَ فِي لَحَظَاتِ الخَوْفِ وَالاضْطِرَابِ، فَاستَرَاحَتْ قُلُوبُهُمْ وَسَكَنَتْ، وَزَالَ عَنْهَا الخَوْفُ فَهَدَأَتْ، يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ) ، وَمَا أَكْثَرَ المَوَاطِنَ الَّتِي اضْطَرَبَتْ فِيهَا قُلُوبُ المُؤْمِنِينَ؛ فَأَنْزَلَ اللهُ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ، فَزَالَ عَنْهُمُ الخَوْفُ وَالاضْطِرَابُ، بَعْدَ أَنِ اجتَهَدُوا حَسَبَ سُنَّةِ اللهِ فِي مُبَاشَرَةِ الأَسْبَابِ.
أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ :
إِنَّ السَّكِينَةَ إِذَا نَزَلَتْ عَلَى القَلْبِ اطْمَأَنَّ بِهَا، وَسَكَنَتِ الجَوَارِحُ بِسَبَبِهَا؛ فَأَلْبَسَتِ الإِنْسَانَ لِبَاسَ العِفَّةِ وَالوَقَارِ، وَأَنْطَقَتِ اللِّسَانَ بِالحِكْمَةِ وَالصَّوَابِ، فَلا يَقُولُ هُجْرًا، وَلا يَنْطِقُ فُجُورًا وَلا يَشْهَدُ زُورًا، بَلْ يَقُولُ القَولَ السَّدِيدَ، الَّذِي يُحَقِّقُ كُلَّ مَا هُوَ نَافِعٌ وَمُفِيدٌ، وَبِالسَّكِينَةِ - يَا عِبَادَ اللهِ - يُوَاجِهُ الإِنْسَانُ المَصَاعِبَ مَهْمَا اشْتَدَّتْ، وَيَتَغَلَّبُ عَلَى الشَّدَائِدِ مَهْمَا جَلَّتْ، وَيَستَمِرُّ فِي الحَيَاةِ مَسِيرُهُ عَلَى نُورٍ وَهُدًى وَبَصِيرَةٍ، إِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا عَاشَ فِي ظِلالِ السَّكِينَةِ وَاجَهَ المَتَاعِبَ وَالمَصَاعِبَ بِرِبَاطَةِ جَأْشٍ وَحُسْنِ يَقِينٍ، وَاجتَازَهَا بِقُوَّةٍ وَتَسْلِيمٍ، وَتَعَلَّمَ مِنْهَا الحِيطَةَ وَالحَذَرَ، مِنْ غَيْرِ تَسَخُّطٍ عَلَى القَضَاءِ وَالقَدَرِ. إِنَّ المُصَابَ بِأَيِّ مُصِيبَةٍ وَهُوَ فِي رِحَابِ السَّكِينَةِ يَعْلَمُ أَنَّ المَصَائِبَ لَيْسَتْ دَلِيلَ هُبُوطِ مَنْزِلَتِهِ، أَوْ حِرْمَانِهِ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، وَالسَّكِينَةُ تُؤَدِّي إِلَى الصَّبْرِ الَّذِي هُوَ أَثَرُ اليَقِينِ الحَاسِمِ، وَثَمَرَةُ المَوقِفِ الحَازِمِ، وَهُوَ خَيْرُ مَا يُعْطَاهُ الإِنْسَانُ؛ لِيَسْلَمَ مِنَ الضَّعْفِ فِي دُنْيَاهُ، وَيَنْجُوَ مِنَ العَذَابِ فِي أُخْرَاهُ، وَلِتَأْكِيدِ هَذِهِ الحَقِيقَةِ يَقُولُ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم- : ((مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوسَعَ مِنَ الصَّبْرِ))، فَهُوَ بَابٌ عَظِيمٌ مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِاللهِ، وَالأَمَلِ بِحُسْنِ الخَوَاتِيمِ.
أَيُّهَا المُسلِمُونَ :
إِنَّ سُكُونَ القَلْبِ إِذَا جَاءَ ثَمَرَةَ إِيْمَانٍ كَامِلٍ - لا إِيْمَانِ عُجْبٍ وَغُرُورٍ - أَنْتَجَ الطُّمَأْنِينَةَ الَّتِي تَستَقِرُّ فِي القَلْبِ بِلا انقِطَاعٍ وَلا فُتُورٍ، فَسَارَ المُطْمَئِنُّ عَلَى طَرِيقِ الهُدَى وَسَبِيلِ النُّورِ، وَمِنْ وَسَائِلِ الحُصُولِ عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ القَلْبِيَّةِ ذِكْرُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ: ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) ، وَمِنْ وَسَائِلِ الحُصُولِ عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ القَلْبِيَّةِ التَّدَبُّرُ فِي آيَاتِ اللهِ القُرآنِيَّةِ، وَالنَّظَرُ فِي آيَاتِهِ الكَوْنِيَّةِ، وَهَا هُوَ كِتَابُ رَبِّكُمْ يَنْقُلُ لَكُمْ مَا طَلَبَهُ أَبُوكُمْ إِبْرَاهِيمُ الخَلِيلُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - مِنْ رَبِّهِ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ، فَيَرَى بِعَيْنِ اليَقِينِ مَا عَلِمَهُ بِعِلْمِ اليَقِينِ، يَقُولُ اللهُ جَلَّ شَأْنُهُ: ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ، إِنَّ النَّفْسَ المُطْمَئِنَّةَ هِيَ النَّفْسُ الَّتِي استَنَارَتْ بِنُورِ اللهِ؛ فَصَدَّقَتْ بِوَعْدِ اللهِ وَوَعِيدِهِ، فَسَابَقَ صَاحِبُهَا إِلى الخَيْرَاتِ، وَسَارَعَ إِلَى عَمَلِ الصَّالِحَاتِ، وَأَسْهَمَ فِي قَضَاءِ الحَاجَاتِ، وَنَفَّسَ عَنْ إِخْوَانِهِ الكُرُبَاتِ؛ أَمَلاً فِي نَيْلِ أَرفَعِ الدَّرَجَاتِ. إِنَّ النَّفْسَ المُطْمَئِنَّةَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَفِي الأَخْذِ وَالعَطَاءِ، وَفِي الضَّيْقِ وَالسَّعَةِ وَالرَّخَاءِ، هِيَ النَّفْسُ الَّتِي تَبْذُلُ الخَيْرَ وَتُحِبُّهُ لِكُلِّ النَّاسِ، لا يَتَطَلَّعُ صَاحِبُهَا إِلَى مَا عِنْدَ الآخَرِينَ إِلاَّ بِمِقْدَارِ مَا يَدفَعُهُ إِلَى التَّنَافُسِ الشَّرِيفِ، الَّذِي يُوصِلُهُ إِلَى العَمَلِ البَنَّاءِ، لِيُحَقِّقَ لِمُجتَمَعِهِ وَوَطَنِهِ السَّعَادَةَ وَالهَنَاءَ؛ هَذِهِ النَّفْسُ الَّتِي رَضِيَتْ وَاطْمَأَنَّتْ تَنَالُ شَرَفَ النِّدَاءِ يَومَ العَرْضِ عَلَى اللهِ: ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي).
فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، وَالتَمِسُوا السَّكِينَةَ وَالطُّمَأْنِينَةَ، بِأَدَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لِمَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ نَحْوَ رَبِّهِ وَنَفْسِهِ وَمُجتَمَعِهِ وَوَطَنِهِ، فَإِنْ أَحَسَّ الإِنْسَانُ أَنَّهُ أَدَّى مَا عَلَيْهِ مِنْ وَاجِبَاتٍ كَانَ مُستَرِيحَ البَالِ، سَعِيدَ الحَالِ، وَهَذَا الشُّعُورُ يَمنَحُهُ الرِّضَا وَالسَّكِينَةَ، وَالهُدُوءَ وَالطُّمَأْنِينَةَ.
أقُولُ قَوْلي هَذَا وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.
*** *** ***
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ، فَيَا أَيُّهَا المُسلِمُونَ :
مِنْ وَسَائِلِ اطْمِئْنَانِ القَلْبِ الصِّدقُ فِي الأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ، وَالمَقَاصِدِ وَالنِّيَّاتِ، يَقُولُ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- : ((دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لا يَرِيبُكَ؛ فَإِنَّ الصِّدقَ طُمَأْنِينَةٌ وَالكَذِبَ رِيبَةٌ))، فَالصِّدقُ يُحَقِّقُ الطُّمَأْنِينَةَ فِي قَلْبِ المُتَكَلِّمِ، كَمَا يُحَقِّقُ الطُّمَأْنِينَةَ فِي قَلْبِ السَّامِعِ، وَلَنْ تَجِدَ أَيُّهَا المُؤْمِنُ صَادِقًا يُعَانِي مِنَ التَّلَعثُمِ أَوِ الاضْطِرَابِ، وَقَلَّ أَنْ تَجِدَ مُستَمِعًا لَهُ يَشُكُّ فِي حَدِيثِهِ أَوْ يَرتَابُ. إِنَّ القَولَ الصَّادِقَ وَالعَمَلَ الصَّادِقَ هُوَ الَّذِي لا تَشُوبُهُ رِيبَةٌ، لأَنَّهُ وَلِيدُ اليَقِينِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ طَرِيقًا إِلَى البِرِّ الَّذِي هُوَ مِنْ صِفَاتِ المُتَّقِينَ، فَقَدْ ذَكَرَ اللهُ أَعْمَالَ الَّذِينَ يُحَقِّقُونَ البِرَّ ثُمَّ قَالَ: (أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) ، وَقَالَ الرَّسُولُ المُصْطَفَى -صلى الله عليه وسلم- : (( عَلَيْكُمْ بِالصِّدقِ، فَإِنَّ الصِّدقَ يَهْدِي إِلَى البِرِّ، وَإِنَّ البِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا))، وَالبِرُّ بِمَدلُولِهِ الشَّامِلِ لِكُلِّ أَعْمَالِ الخَيْرِ مِمَّا تَطْمَئِنُّ النَّفْسُ إِلَيْهِ، فَعَنْ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: ((أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: أَجِئْتَ تَسْأَلُ عَنِ البِرِّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: البِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ القَلْبُ، وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوكَ)).
فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ تُحَقِّقُوا الإِيْمَانَ، وَتَدَبَّرُوا آيَ القُرآنِ، لِتَنَالُوا السَّكِينَةَ وَالاطْمِئْنَانَ. أَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَجْعَلَنَا مِمَّنْ تَنْزِلُ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَتَغْشَاهُمُ الرَّحْمَةُ، وَتَحُفُّهُمُ المَلائِكَةُ، وَيَذْكُرُهُمُ اللهُ فِي المَلأِ الأَعْلَى عِنْدَهُ.
هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: ( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا ).
اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وسَلّمْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُوْمًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُوْمًا، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْمًا.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَانًا صَادِقًا ذَاكِرًا، وَقَلْبًا خَاشِعًا مُنِيْبًا، وَعَمَلاً صَالِحًا زَاكِيًا، وَعِلْمًا نَافِعًا رَافِعًا، وَإِيْمَانًا رَاسِخًا ثَابِتًا، وَيَقِيْنًا صَادِقًا خَالِصًا، وَرِزْقًا حَلاَلاًَ طَيِّبًا وَاسِعًا، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجْمِعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى الحَقِّ، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظِّالِمِينَ، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعِبادِكَ أَجْمَعِينَ.
اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا وَأَعِزَّ سُلْطَانَنَا وَأَيِّدْهُ بِالْحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الْحَقَّ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ.
اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ.
اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا وكُلِّ أَرزَاقِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.
عِبَادَ اللهِ :
( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ ).