الألم - بدون تردد،ودون انتظار عوض،ودون منّ ولا رغبة حتى في الشكران! أما الجيل الناشئ فقلما يتلفت إلى الخلف. قلما يتلفت إلى الجيل المضحي الواهب الفاني. لأنه بدوره مندفع إلى الأمام،يطلب جيلا ناشئا منه يضحي له بدوره ويرعاه! وهكذا تمضي الحياة! والإسلام يجعل الأسرة هي اللبنة الأولى في بنائه والمحضن الذي تدرج فيه الفراخ الخضر وتكبر وتتلقى رصيدها من الحب والتعاون والتكافل والبناء. والطفل الذي يحرم من محضن الأسرة ينشأ شاذا غير طبيعي في كثير من جوانب حياته - مهما توافرت له وسائل الراحة والتربية في غير محيط الأسرة - وأول ما يفقده في أي محضن آخر غير محضن الأسرة،هو شعور الحب. فقد ثبت أن الطفل بفطرته يحب أن يستأثر وحده بأمه فترة العامين الأولين من حياته. ولا يطيق أن يشاركه فيها أحد. وفي المحاضن الصناعية لا يمكن أن يتوفر هذا. إذ تقوم الحاضنة بحضانة عدة أطفال،يتحاقدون فيما بينهم،على الأم الصناعية المشتركة،وتبذر في قلوبهم بذرة الحقد فلا تنمو بذرة الحب أبدا. كذلك يحتاج الطفل إلى سلطة واحدة ثابتة تشرف عليه فترة من حياته كي يتحقق له ثبات الشخصية. وهذا ما لا يتيسر إلا في محضن الأسرة الطبيعي. فأما في المحاضن الصناعية فلا تتوفر السلطة الشخصية الثابتة لتغير الحاضنات بالمناوبة على الأطفال. فتنشأ شخصياتهم مخلخلة،ويحرمون ثبات الشخصية .. والتجارب في المحاضن تكشف في كل يوم عن حكمة أصيلة في جعل الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع السليم،الذي يستهدف الإسلام إنشاءه على أساس الفطرة السليم.
ويصور القرآن هنا تلك التضحية النبيلة الكريمة الواهبة التي تتقدم بها الأمومة،والتي لا يجزيها أبدا إحسان من الأولاد مهما أحسنوا القيام بوصية اللّه في الوالدين:«حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً،وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً،وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً» ..
وتركيب الألفاظ وجرسها يكاد يجسم العناء والجهد والضنى والكلال:«حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً. وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً» ..
لكأنها آهة مجهد مكروب ينوء بعبء ويتنفس بجهد،ويلهث بالأنفاس! إنها صورة الحمل وبخاصة في أواخر أيامه،وصورة الوضع وطلقه وآلامه! ويتقدم علم الأجنة فإذا به يكشف لنا في عملية الحمل عن جسامة التضحية ونبلها في صورة حسية مؤثرة ..
إن البويضة بمجرد تلقيحها بالخلية المنوية تسعى للالتصاق بجدار الرحم. وهي مزودة بخاصية أكالة. تمزق جدار الرحم الذي تلتصق به وتأكله فيتوارد دم الأم إلى موضعها،حيث تسبح هذه البويضة الملقحة دائما في بركة من دم الأم الغني بكل ما في جسمها من خلاصات وتمتصه لتحيا به وتنمو. وهي دائمة الأكلان لجدار الرحم. دائمة الامتصاص لمادة الحياة. والأم المسكينة تأكل وتشرب وتهضم وتمتص،لتصب هذا كله دما نقيا غنيا لهذه البويضة الشرهة النهمة الأكول! وفي فترة تكوين عظام الجنين يشتد امتصاصه للجير من دم الأم فتفتقر إلى الجير. ذلك أنها تعطي محلول عظامها في الدم ليقوم به هيكل هذا الصغير! وهذا كله قليل من كثير! ثم الوضع،وهو عملية شاقة،ممزقة،ولكن آلامها الهائلة كلها لا تقف في وجه الفطرة ولا تنسي الأم حلاوة الثمرة. ثمرة التلبية للفطرة،ومنح الحياة نبتة جديدة تعيش،وتمتد .. بينما هي تذوي وتموت! ثم الرضاع والرعاية. حيث تعطي الأم عصارة لحمها وعظمها في اللبن،وعصارة قلبها وأعصابها في الرعاية.
وهي مع هذا وذلك فرحة سعيدة رحيمة ودود. لا تمل أبدا ولا تكره تعب هذا الوليد. وأكبر ما تتطلع إليه من جزاء أن تراه يسلم وينمو. فهذا هو جزاؤها الحبيب الوحيد! فأنى يبلغ الإنسان في جزاء هذه التضحية،مهما يفعل. وهو لا يفعل إلا القليل الزهيد؟
المبحث الثالث
أسس بر الوالدين في حياتهما
الأساس الأول - ثواب البر في الدنيا والآخرة :
إن لبر الوالدين كبيرَ الأثر في حياة الإنسان الدنيوية والأخروية؛لهذا نجد الرسول يحدد معالم هذا البر،وأثره في حياة الفرد المسلم الذي إذا صلح أدى ذلك إلى صلاح المجتمع .
ويبين أن هذا البر حقٌّ واجب على الإنسان، وليس نفلاً يتبرع به،فعن بَهْزَ بْنِ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ،عَنْ أَبِيهِ،عَنْ جَدِّهِ،قَالَ:قُلْتُ:يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ أَبَرُّ ؟ قَالَ:أُمَّكَ.قُلْتُ:ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ:ثُمَّ أُمَّكَ،قَالَ:قُلْتُ:يَا رَسُولَ اللهِ،ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ:أُمَّكَ،قَالَ:قُلْتُ:ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ:ثُمَّ أَبَاكَ،ثُمَّ الأَقْرَبَ فَالأَقْرَبَ."
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: إِنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَنْ أَبَرُّ ؟ قَالَ: " أُمُّكَ "، قَالَ: ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ: " أُمُّكَ "، قَالَ: ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ: " أُمُّكَ "، قَالَ: ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ: " أَبُوكَ "
وعَنْ كُلَيْبِ بْنِ مَنْفَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ أَبِرُّ ؟ قَالَ: " أُمَّكَ وَأَبَاكَ , وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ , وَمَوْلَاكَ الَّذِي يَلِي ذَاكَ، حَقًّا وَاجِبًا , وَرَحِمًا مَوْصُولَةً "
وعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيِّ،عَنِ النَّبِيِّ :إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ،إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ،إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِآبَائِكُمْ،إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِالأَقْرَبِ فَالأَقْرَبِ.
وعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ , إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ , إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ , إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِالأَقْرَبِ فَالأَقْرَبِ.
وعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ , إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِآبَائِكُمْ مَرَّتَيْنِ , إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِالأَقْرَبِ فَالأَقْرَبِ.
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ،أَنَّ رَجُلاً قَالَ:يَا رَسُولَ اللهِ،مَا حَقُّ الْوَالِدَيْنِ عَلَى وَلَدِهِمَا ؟ قَالَ:هُمَا جَنَّتُكَ وَنَارُكَ.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِىِّ - - قَالَ:" رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ "
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ :" رِضَا اللهِ فِي رِضَا الْوَالِدَيْنِ، وَسَخَطُ اللهِ فِي سَخَطِ الْوَالِدَيْنِ "
وعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السُّلَمِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أُرِيدُ الْجِهَادَ مَعَكَ فِي سَبِيلِ اللهِ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجهَ اللهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ قَالَ: " أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ؟ " قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: " الْزَمْهَا " قُلْتُ: مَا أَرَى رَسُولَ اللهِ فَهِمَ عَنِّي قَالَ: ثُمَّ جِئْتُهُ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى فَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ: " أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ؟ " قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: " الْزَمْهَا " قَالَ: قُلْتُ: مَا أَرَى رَسُولَ اللهِ فَهِمَ عَنِّي قَالَ: ثُمَّ جِئْتُهُ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى، فَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ: " أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ؟ " فَقُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: " فَالْزَمْ رِجْلَهَا فَثَمَّ الْجَنَّةُ "
وعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ:أَنَّ رَجُلاً أَتَى أَبَا الدَّرْدَاءِ،فقَالَ:إِنَّ أَبِي لَمْ يَزَلْ بِي حَتَّى تَزَوَّجْتُ،وَإِنَّهُ الآنَ يَأْمُرُنِي بِطَلاَقِهَا،قَالَ:مَا أَنَا بِالَّذِي آمُرُكَ أَنْ تَعُقَّ وَالِدَكَ،وَلاَ أَنَا بِالَّذِي آمُرُكَ أَنْ تُطَلِّقَ امْرَأَتَكَ،غَيْرَ أَنَّكَ إِنْ شِئْتَ،حَدَّثْتُكَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ،سَمِعْتُهُ،يَقُولُ:الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ،فَحَافِظْ عَلَى ذَلِكَ إِنْ شِئْتَ،أَوْ دَعْ،قَالَ:فَأَحْسِبُ عَطَاءً،قَالَ:فَطَلَّقَهَا.
أثرُ برِّ الوالدين في الدنيا :
زيادة العمر والرزق،فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ :مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمْرِهِ،وَيُزَادَ فِي رِزْقِهِ،فَلْيَبَرَّ وَالِدَيْهِ،وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ.
وعَنْ سَهْلِ بن مُعَاذِ بن أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :"مَنْ بَرَّ وَالِدَيْهِ طُوبَى لَهُ، زَادَ اللَّهُ فِي عُمُرِهِ"
وعَنْ ثَوْبَانَ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ :إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ،وَلاَ يُرَدُّ الْقَدْرُ إِلاَّ بِالدُّعَاءِ،وَلاَ يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلاَّ الْبِرُّ.
وعَنْ سَلْمَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ :" لَا يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ "
أثرُ برِّ الوالدين في الآخرة :
1- التكقير لذنوب الدنيا،عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ - - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أَصَبْتُ ذَنْبًا عَظِيمًا فَهَلْ لِى مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ « هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ ». قَالَ لاَ. قَالَ « هَلْ لَكَ مِنْ خَالَةٍ ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ « فَبِرَّهَا » .
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ:إِنِّي خَطَبْتُ امْرَأَةً،فَأَبَتْ أَنْ تَنْكِحَنِي،وَخَطَبَهَا غَيْرِي،فَأَحَبَّتْ أَنْ تَنْكِحَهُ،فَغِرْتُ عَلَيْهَا فَقَتَلْتُهَا،فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ ؟ قَالَ:أُمُّكَ حَيَّةٌ ؟ قَالَ:لَا،قَالَ:تُبْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ،وَتَقَرَّبْ إِلَيْهِ مَا اسْتَطَعْتَ.فَذَهَبْتُ فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ:لِمَ سَأَلْتَهُ عَنْ حَيَاةِ أُمِّهِ ؟ فَقَالَ:إِنِّي لَا أَعْلَمُ عَمَلًا أَقْرَبَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ بِرِّ الْوَالِدَةِ "
2- دخول الجنة،عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا،أَنّ النَّبِيَّ قَالَ:دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ فِيهَا قِرَاءَةً فَقُلْتُ:مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا:حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ :كَذَلِكُمُ الْبِرُّ،كَذَلِكُمُ الْبِرُّ " "
وعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ :" نِمْتُ فَرَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ، فَسَمِعَتُ صَوْتَ قَارِئٍ يَقْرَأُ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا: حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ "، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ :" كَذَاكَ الْبِرُّ،كَذَاكَ الْبِرُّ، كَذَاكَ الْبِرُّ، وَكَانَ أَبَرَّ النَّاسِ بِأُمِّهِ "
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ « رَغِمَ أَنْفُهُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ ». قِيلَ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ ».
وعَنْ أُبَيِّ بْنِ مَالِكٍ،عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ:مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ،أَوْ أَحَدَهُمَا،ثُمَّ دَخَلَ النَّارَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ،فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ وَأَسْحَقَهُ .
وعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئِ،قَالَ:قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ:الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ،فَاحْفَظْ ذَلِكَ الْبَابَ،أَوْ دَعْهُ.
وعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ،قَالَ:كَانَ فِينَا رَجُلٌ لَمْ تَزَلْ بِهِ أُمُّهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ حَتَّى تَزَوَّجَ،ثُمَّ أَمَرَتْهُ أَنْ يُفَارِقَهَا،فَرَحَلَ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ بِالشَّامِ،فَقَالَ:إِنَّ أُمِّي لَمْ تَزَلْ بِي حَتَّى تَزَوَّجْتُ،ثُمَّ أَمَرَتْنِي أَنْ أُفَارِقَ قَالَ:مَا أَنَا بِالَّذِي آمُرُكَ أَنْ تُفَارِقَ،وَمَا أَنَا بِالَّذِي آمُرُكَ أَنْ تُمْسِكَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ:الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَأَضِعْ ذَلِكَ الْبَابَ،أَوِ احْفَظْهُ قَالَ:فَرَجَعَ وَقَدْ فَارَقَهَا."
وعَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ،قَالَ:جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَ:يَا رَسُولَ اللهِ،شَهِدْتُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ،وَأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ،وَصَلَّيْتُ الْخَمْسَ،وَأَدَّيْتُ زَكَاةَ مَالِي،وَصُمْتُ شَهْرَ رَمَضَانَ.فَقَالَ النَّبِيُّ :مَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا،كَانَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،هَكَذَا،وَنَصَبَ إِصْبَعَيْهِ،مَا لَمْ يُعَقَّ وَالِدَيْهِ.
ــــــــــــــ
الأساس الثاني - تقديم بر الوالدين على الفروض الكفائية:
إن بر الوالدين فرض على كل فرد مسلم،فرضه الله تعالى على عباده، فلا يوازي هذا الفرض إلا فرض مثله،وبقوته،أي:إن الفروض العينية على كل فرد، توازي فرض بر الوالدين،مثل صلاة الفرض،وصيام الفرض، والزكاة، وما علم من الدين بالضرورة،والجهاد في سبيل الله في حالة فرضه العيني( وهو النفير العام )،ففي مثل هذه الحالات يحاول الابن قدر الإمكان التوفيق بينهما،فإذا عجز عن ذلك - مع بذل قصارى جهده- يقدم فرض الله العيني على فرضية بر الوالدين،ولهذا قال الإمام الغزالي رحمه الله،بعد أن ساق أحاديث بر الوالدين:" أكثرُ العلماء على أن طاعة الأبوين واجبةٌ في الشبهات"
وسَبَقَ حَدِيثُ صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِيمَنْ أَرَادَ الْبَيْعَةَ وَأَحَدُ وَالِدَيْهِ حَيٌّ،وَفِيهِ دَلاَلَةٌ عَلَى تَقْدِيمِ صُحْبَتِهِمَا عَلَى صُحْبَةِ النَّبِيِّ .وَتَقْدِيمِ خِدْمَتِهِمَا - الَّتِي هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وُجُوبًا عَيْنِيًّا - عَلَى فُرُوضِ الْكِفَايَةِ؛وَذَلِكَ لأَِنَّ طَاعَتَهُمَا وَبِرَّهُمَا فَرْضُ عَيْنٍ،وَالْجِهَادُ فَرْضُ كِفَايَةٍ،وَفَرْضُ الْعَيْنِ أَقْوَى .
أما في الفروض الكفائية؛ التي إذا أقامها البعض قيامً يكتفي منه المجتمع المسلم،سقط عن الباقين،فإن فرض بر الوالدين يتقدم عليها جميعاً،فما بالك إذا تعارض فرض بر الوالدين مع المباحات والمندوبات، لهذا قال بعض الأكابر: "من شغله الفرائض عن النفل فهو معذور، ومن شغله النفل عن الفرض فهو مغرور ."
فلتكن هذه الكلمة القيمة قاعدة أصيلة في حياة الإنسان ن يوازن بها المور،ويجريها عند التعارض،وسنأتي على ذلك بأمثلة :
1- تقديم بر الوالدين على الجهاد في سبيل الله:
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ أسْتَشِيرُهُ فِي الْجِهَادِ، قَالَ: " أَلَكَ وَالِدَةٌ ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: " اذْهَبْ فَأَكْرِمْهَا، فَإِنَّ الْجَنَّةَ عِنْدَ رِجْلَيْهَا " وَفِي رِوَايَةِ إِنَّ جَاهِمَةَ أَتَى النَّبِيَّ فَقَالَ: إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَغْزُوَ فَجِئْتُكَ أَسْتَشِيرُكَ، فَقَالَ: " أَلَكَ وَالِدَةٌ ؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: " اذْهَبْ فَالْزَمْهَا، فَإِنَّ الْجَنَّةَ عِنْدَ رِجْلَيْهَا "
وعن عَبْدِ اللهِ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ تَعَالَى ؟ قَالَ: " الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا "، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ: " بِرُّ الْوَالِدَيْنِ "، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ: " الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ "
وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ،قَالَ:قُلْتُ:يَا رَسُولَ اللهِ،أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَالَ:صَلِّ الصَّلاَةَ لِمَوَاقِيتِهَا،قُلْتُ:ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ:بِرُّ الْوَالِدَيْنِ،قُلْتُ:ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ:ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ،وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي.
قال ابن التين: تقديم البر على الجهاد يحتمل وجهين: أحدهما: التعدية إلى نفع الغير، والثاني: أن الذي يفعله يرى أنه مكافأة على فعلهما، فكأنه يرى أن غيره أفضل منه، فنبهه على إثبات الفضيلة فيه. قلت: والأول ليس بواضح، ويحتمل أنه قدم لتوقف الجهاد عليه، إذ من بر الوالدين استئذانهما في الجهاد لثبوت النهي عن الجهاد بغير إذنهما "
وفي الموسوعة الفقهية:" اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الْجِهَادُ لِلْوَلَدِ فِي حَال كَوْنِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ وَالِدَيْهِ إِذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ " .
2- تقديم بر الوالدين على الزوجة والأصدقاء :
عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ،عَنْ أَبِيهِ،قَالَ:كَانَتْ تَحْتِي امْرَأَةٌ وَكُنْتُ أُحِبُّهَا،وَكَانَ أَبِي يَكْرَهُهَا،فَأَمَرَنِي بِطَلاَقِهَا،فَأَبَيْتُ،فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ ،فقَالَ رَسُولُ اللهِ :يَا عَبْدَ اللهِ طَلِّقْهَا.
وعَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ،عَنْ أَبِيهِ،قَالَ:كَانَتْ تَحْتِي امْرَأَةٌ تُعْجِبُنِي،وَكَانَ عُمَرُ يَكْرَهُهَا،فَقَالَ لِي:طَلِّقْهَا،فَأَبَيْتُ،فَأَتَى عُمَرُ رَسُولَ اللَّهِ ،فَقَالَ:يَا رَسُولَ اللَّهِ،إِنَّ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ امْرَأَةً قَدْ كَرِهْتُهَا،فَأَمَرْتُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا،فَأَبَى،فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ :يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ،طَلِّقِ امْرَأَتَكَ،وَأَطِعْ أَبَاكَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:فَطَلَّقْتُهَا "
قلت:لا بد أنها كانت مقصرة في حق الله تعالى حتى أمره بطلاقها.
وعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ،أَنَّ رَجُلا أَمَرَهُ أَبَوَاهُ أَو أَحَدُهُمَا أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ،فَجَعَلَ أَلْفَ مُحَرَّرٍ،أَوْ مِائَةَ مُحَرَّرٍ،وَمَا لَهُ هَدْيًا إِنْ فَعَلَ،فَأَتَى أَبَا الدَّرْدَاءَ،فَذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى الضُّحَى،ثُمَّ سَأَلَهُ،فَقَالَ:أَوْفِ بِنَذْرِكَ،وَبَرَّ وَالِدَيْكَ،فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ،يَقُولُ:الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ،فَإِنْ شِئْتَ فَحَافِظْ عَلَى الْبَابِ،أَوِ اتْرُكْ "
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:سَأَلْتُ النَّبِيَّ - - أَيُّ النَّاسِ أَعْظَمُ حَقًّا عَلَى الْمَرْأَةِ ؟ قَالَ:" زَوْجُهَا " قُلْتُ:فَأَيُّ النَّاسِ أَعْظَمُ حَقًّا عَلَى الرَّجُلِ ؟ قَالَ:" أُمُّهُ "
وَسَأَل رَجُلٌ الإِْمَامَ أَحْمَدَ فَقَال:إِنَّ أَبِي يَأْمُرُنِي أَنْ أُطَلِّقَ امْرَأَتِي.قَال:لاَ تُطَلِّقْهَا.قَال:أَلَيْسَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمَرَ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ ؟ قَال:حَتَّى يَكُونَ أَبُوكَ مِثْل عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.يَعْنِي لاَ تُطَلِّقْهَا بِأَمْرِهِ حَتَّى يَصِيرَ مِثْل عُمَرَ فِي تَحَرِّيهِ الْحَقَّ وَالْعَدْل،وَعَدَمِ اتِّبَاعِ هَوَاهُ فِي مِثْل هَذَا الأَْمْرِ .
وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ يَجِبُ؛لأَِمْرِ النَّبِيِّ لاِبْنِ عُمَرَ.وَقَال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَةَ فِيمَنْ تَأْمُرُهُ أُمُّهُ بِطَلاَقِ امْرَأَتِهِ.قَال:لاَ يَحِل لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا.بَل عَلَيْهِ أَنْ يَبَرَّهَا.وَلَيْسَ تَطْلِيقُ امْرَأَتِهِ مِنْ بِرِّهَا .
3- تقديم بر الوالدين على حج التطوع:
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، يَقُولُ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ :" " لِلْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ الْمُصْلِحِ أَجْرَانِ " "، وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ، لَوْلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْحَجُّ وَبِرُّ أُمِّي لَأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ، قَالَ: وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ أُمُّهُ لِصُحْبَتِهَا .
وإِنَّما استَثنَى أَبُو هُرَيرَة هَذِهِ الأَشياء لأَنَّ الجِهاد والحَجّ يُشتَرَطُ فِيهِما إِذنُ السَّيِّدِ،وكَذَلِكَ بِرّ الأُمّ فَقَد يَحتاجُ فِيهِ إِلَى إِذن السَّيِّد فِي بَعض وُجُوهه،بِخِلافِ بَقِيَّة العِبادات البَدَنِيَّة.
ولَم يَتَعَرَّض لِلعِباداتِ المالِيَّة إِمّا لِكَونِهِ كانَ إِذ ذاكَ لَم يَكُن لَهُ مال يَزِيد عَلَى قَدر حاجَته فَيُمكِنُهُ صَرفُهُ فِي القُرُبات بِدُونِ إِذن السَّيِّد،وإِمّا لأَنَّهُ كانَ يَرَى أَنَّ لِلعَبدِ أَن يَتَصَرَّفَ فِي ماله بِغَيرِ إِذنِ السَّيِّد.
قَوْله
وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة لَمْ يَكُنْ يَحُجّ حَتَّى مَاتَتْ أُمّه لِصُحْبَتِهَا )
الْمُرَاد بِهِ حَجُّ التَّطَوُّع،لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ حَجَّ حَجَّة الْإِسْلَام فِي زَمَن النَّبِيّ ،فَقَدَّمَ بِرّ الْأُمّ عَلَى حَجّ التَّطَوُّع؛لِأَنَّ بِرّهَا فَرْض فَقُدِّمَ عَلَى التَّطَوُّع،وَمَذْهَبنَا وَمَذْهَب مَالِك أَنَّ لِلْأَبِ وَالْأُمّ مَنْع الْوَلَد مِنْ حَجَّة التَّطَوُّع دُون حَجَّة الْفَرْض .
4- تقديم بر الوالدين على زيارة الرسول :
هذا نموذج في غاية الروعة والجمال،اكتسب صاحبه شرف السبق في كل ميدان بفضل شغله ببر أمه، حتى إنه ما كان يستطيع زيارة النبي ومشاهدته ولو مرة،لينال شرف الصحبة،لاحتياج أمه إليه،إنه أويس القرني رحمه الله ورزقنا مثل بره،عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ،قَالَ:كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا أَتَتْ عَلَيْهِ - وَفِي رِوَايَةِ الْمُقْرِئِ:إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِ - أَمْدَادُ أَهْلِ الْيَمَنِ سَأَلَهُمْ:أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ ؟ حَتَّى أَتَى عَلَى أُوَيْسٍ فَقَالَ:أَنْتَ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ ؟ قَالَ:نَعَمْ , قَالَ:مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ ؟ قَالَ:نَعَمْ , قَالَ:كَانَ بِكَ بَرَصٌ فَبَرِئْتَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ ؟ قَالَ:نَعَمْ , قَالَ:أَلَكَ وَالِدَةٌ ؟ قَالَ:نَعَمْ , فَقَالَ عُمَرُ:سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ:" يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ , كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ،لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ , لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ،فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ " , فَاسْتَغْفِرْ لِي،فَاسْتَغْفَرَ لَهُ , ثُمَّ قَالَ لَهُ عُمَرُ:أَيْنَ تُرِيدُ ؟ قَالَ:الْكُوفَةَ.قَالَ:أَلَا أَكْتُبُ لَكَ إِلَى عَامِلِهَا.وَفِي رِوَايَةِ الْمُقْرِئِ:أَلَا أَكْتُبُ إِلَى عَامِلِهَا فَيَسْتَوْصُوا بِكَ خَيْرًا ؟ فَقَالَ:لَأَنْ أَكُونَ فِي غَمْرِ النَّاسِ،وَفِي رِوَايَةِ الْمُقْرِئِ:فِي غِمَارِ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ،فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ حَجَّ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ فَسَأَلَ عُمَرَ عَنْ أُوَيْسٍ , كَيْفَ تَرَكْتَهُ قَالَ:تَرَكْتُهُ رَثَّ الْبَيْتِ - وَفِي رِوَايَةِ الْمُقْرِئِ:رَثَّ الثِّيَابِ - قَلِيلَ الْمَتَاعِ.قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ:" يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ،مِنْ مُرَادٍ , ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ،كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ , لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ , لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ , فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ ".فَلَمَّا قَدِمَ الرَّجُلُ أَتَى أُوَيْسًا فَقَالَ:اسْتَغْفِرْ لِي.قَالَ:أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْدًا بِسَفَرٍ صَالِحٍ.فَاسْتَغْفَرَ لِي وَقَالَ:لَقِيتَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ؟ فَقَالَ:نَعَمْ , قَالَ:فَاسْتَغْفَرَ لَهُ , قَالَ:فَفَطِنَ لَهُ النَّاسُ فَانْطَلَقَ عَلَى وَجْهِهِ،قَالَ أُسَيْرٌ:فَكَسَوْتُهُ بُرْدًا فَكَانَ إِذَا رَآهُ إِنْسَانٌ قَالَ:مِنْ أَيْنَ لِأُوَيْسٍ هَذَا ؟ .
البرص:بياض يصيب الجِلْد
بَرَأَ أو بَرِئ:شفي من المرض
البر:اسم جامع لكل معاني الخير والإحسان والصدق والطاعة وحسن الصلة والمعاملة
أبر الله قَسَمَه:صدقه وأجابه وأمضاه
الرث:القديم الهالك البالي،والمراد سيئ الهيئة
المتاع:كل ما يُنْتَفَعُ به وَيُسْتَمْتَعُ،أو يُتَبَلَّغُ بِهِ ويتُزَوَدَّ من سلعة أو مال أو زوج أو أثاث أو ثياب أو مأكل وغير ذلك
البْرُدُ والبُرْدة:الشَّمْلَةُ المخطَّطة، وقيل كِساء أسود مُرَبَّع فيه صورٌ
5- تقديم بر الوالدين على الأولاد :
معنا الآن حادثة عجيبة في أمرها،عظيمة في بابها،رائعة في إخلاصها،قمة في معانيها،وفي بر صاحبها،تبين كيف أن الإخلاص في بر الوالدين ينجي صاحبه في الظلمات الحالكة،وفي الأزمات الصعبة عندما يبلغ آخر أنفاسه،فيأتيه الفرج الرباني لقاء بر الوالدين،جعلنا الله وإياكم من البررة،عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ،يَقُولُ: " انْطَلَقَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى آوَاهُمُ الْمَبِيتُ إِلَى غَارٍ فَدَخَلُوهُ، فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ، فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الْغَارَ، فَقَالُوا: إِنَّهُ وَاللهِ لَا يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلَّا أَنْ تَدْعُوا اللهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمُ: اللهُمَّ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، فَكُنْتُ لَا أَغْبِقُ قَبْلَهُمَا أَهْلًا وَلَا مَالًا، فَنَاءَ بِيَ طَلَبُ السَّحَرِ يَوْمًا، فَلَمْ أَرُحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا فَجِئْتُهُمَا بِهِ، فَوَجَدْتُهُمَا نَائِمَيْنِ، فَتَحَرَّجْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَكَرِهْتُ أَنْ أَغْبِقَ قَبْلَهُمَا أَهْلًا أَوْ مَالًا، فَقُمْتُ وَالْقَدَحُ عَلَى يَدَيَّ أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُمَا حَتَّى بَرَقَ الْفَجْرُ، فَاسْتَيْقَظَا فَشَرِبَا غَبُوقَهُمَا، اللهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ، فَانْفَرَجَتِ انْفِرَاجًا لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ مِنْهَا "، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ :" وَقَالَ الْآخَرُ: اللهُمَّ كَانَتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ، وَكَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ، فَأَرَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَامْتَنَعَتْ مِنِّي، حَتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ، فَجَاءَتْنِي فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمِائَةَ دِينَارٍ عَلَى أَنْ تُخَلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِهَا، فَفَعَلَتْ حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا، قَالَتْ: لَا أُحِلُّ لَكَ أَنْ تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَتَحَرَّجْتُ مِنَ الْوقُوعِ عَلَيْهَا، فَانْصَرَفْتُ عَنْهَا وَهِيَ أَحَبُّ النِّسَاءِ إِلَيَّ، وَتَرَكْتُ الَّذِي أَعْطَيْتُهَا، اللهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ مِنْهَا "، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ :" ثُمَّ قَالَ الثَّالِثُ: اللهُمَّ اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ فَأَعْطَيْتُهُمْ أُجُورَهُمْ غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهَبَ، فَثَمَّرْتُ أَجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الْأَمْوَالُ وَارْتَعَجَتْ، فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ، فَقَالَ لِي: يَا عَبْدَ اللهِ، أَدِّ لِي أَجْرِي، فَقُلْتُ لَهُ: كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أَجْرِكَ مِنَ الْإِبِلِ،وَالْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ، وَالرَّقِيقِ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ، لَا تَسْتَهْزِئْ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ، فَأَخَذَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَاسْتَاقَهُ،فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا، اللهُمَّ فَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ فَخَرَجُوا مِنَ الْغَارِ يَمْشُونَ "
الغبوق:شراب آخر النهار،والمراد:إنني ما كنت أقدم عليهما في شراب حظهما من اللبن أحدا.
يتضاغون:أي يضجون ويصيحون من الجوع.
السنة:الجدب والقحط.
ألمت،بها:إذا قرب منها ودنا الجدب.
فأردتها:أي راودتها وطلبت منها أن تمكنني من نفسها.
تفض،الخاتم:كناية عن الجماع والوطء.
التحرج:الهرب من الحرج،وهو الإثم والضيق.
فرق،الفرق:مكيال يسع ستة عشر رطلا.
فانساحت:بالحاء المهملة،أي:انفسحت وتنحت.
6- تقديم بر الأم على النوافل :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " كَانَ جُرَيْجٌ يَتَعَبَّدُ فِي صَوْمَعَتِهِ،فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، أَنَا أُمُّكَ، كَلِّمْنِي " قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: " جَعَلَ رَسُولُ اللهِ يَصِفُ لَنَا صِفَتَهَا حِينَ قَالَتْ هَكَذَا، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى جَبِينِهِ هَكَذَا "، وَقَالَ مُوسَى فِي حَدِيثِهِ: وَوَضَعَ سُلَيْمَانُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى حَاجِبِهِ الْأَيْمَنِ، وَأَمَّا شَيْبَانُ فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: وَوَصَفَ لَنَا أَبُو رَافِعٍ صِفَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ يَصِفُ رَسُولَ اللهِ أَنَّهُ " حَيْثُ دَعَتْهُ كَيْفَ جَعَلَتْ كَفَّهَا فَوْقَ حَاجِبِهَا، ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا تَدْعُوهُ، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، أَنَا أُمُّكَ فَكَلِّمْنِي، فَصَادَفَتْهُ يُصَلِّي، قَالَ: اللهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي، فَاخْتَارَ صَلَاتَهُ، فَرَجَعَتْ، ثُمَّ أَتَتْهُ الثَّانِيَةَ فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، أَنَا أُمُّكَ فَكَلِّمْنِي، قَالَ: فَصَادَفَتْهُ يُصَلِّي، قَالَ: اللهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي، فَاخْتَارَ صَلَاتَهُ، ثُمَّ أَتَتْهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، أَنَا أُمُّكَ، كَلِّمْنِي، فَصَادَفَتْهُ يُصَلِّي، قَالَ: اللهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي، فَاخْتَارَ صَلَاتَهُ، فَقَالَتِ: اللهُمَّ إِنَّ هَذَا جُرَيْجٌ، وَإِنَّهُ ابْنِي، وَإِنِّي قَدْ كَلَّمْتُهُ فَأَبَى أَنْ يُكَلِّمَنِي، اللهُمَّ فَلَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ الْمُومِسَاتِ،قَالَ: وَلَوْ دَعَتْ عَلَيْهِ أَنْ يُفْتَنَ لَفُتِنَ، قَالَ: وَكَانَ رَاعِي ضَأْنٍ يَأْوِي إِلَى دَيْرِهِ، فَخَرَجَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْقَرْيَةِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ فَوَلَدَتْ غُلَامًا، فَقِيلَ لَهَا: مِمَّنْ هَذَا ؟ قَالَتْ: مِنْ صَاحِبِ هَذِهِ الصَّوْمَعَةِ - وَقَالَ مُوسَى: مِنْ صَاحِبِ هَذَا الدَّيْرِ - فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ، قَالَ: فَجَاءُوا بِفُؤُوسِهِمْ، وَمَسَاحِيهِمْ فَنَادَوْهُ وَصَادَفُوهُ يُصَلِّي، فَلَمْ يُكَلِّمْهُمْ، فَأَخَذُوا يَهْدِمُونَ دَيْرَهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ نَزَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا لَهُ: سَلْ هَذِهِ، فَمَسَحَ رَأْسَ الصَّبِيِّ، وَفِي حَدِيثٍ: فَتَبَسَّمَ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَ الصَّبِيِّ وَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ ؟ قَالَ: أَبِي رَاعِي الضَّأْنِ، فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْهُ وَرَأَوْا مَا رَأَوْا قَالُوا: نَحْنُ نَبْنِي مَا هَدَمْنَا مِنْ دَيْرِكَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، قَالَ: لَا، وَلَكِنْ أَعِيدُوهُ تُرَابًا كَمَا كَانَ " .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ :لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلاَّ ثَلاَثَةٌ:عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ،قَالَ:وَكَانَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ عَابِدٌ يُقَالُ لَهُ:جُرَيْجٌ،فَابْتَنَى صَوْمَعَةً وَتَعَبَّدَ فِيهَا،قَالَ:فَذَكَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَوْمًا عِبَادَةَ جُرَيْجٍ،فَقَالَتْ:بَغِيٌّ مِنْهُمْ:لَئِنْ شِئْتُمْ لأُفْتِنَنَّهُ فَقَالُوا:قَدْ شِئْنَا،قَالَ:فَأَتَتْهُ فَتَعَرَّضَتْ لَهُ،فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا،فَأَمْكَنَتْ نَفْسَهَا مِنْ رَاعٍ كَانَ يَأْوِي غَنَمَهُ إِلَى أَصْلِ صَوْمَعَةِ جُرَيْجٍ،فَحَمَلَتْ،فَوَلَدَتْ غُلاَمًا،فَقَالُوا:مِمَّنْ ؟ قَالَتْ:مِنْ جُرَيْجٍ،فَأَتَوْهُ فَاسْتَنْزَلُوهُ،فَشَتَمُوهُ وَضَرَبُوهُ وَهَدَمُوا صَوْمَعَتَهُ،فَقَالَ:مَا شَأْنُكُمْ ؟ قَالُوا:إِنَّكَ زَنَيْتَ بِهَذِهِ الْبَغِيِّ،فَوَلَدَتْ غُلاَمًا.قَالَ:وَأَيْنَ هُوَ ؟ قَالُوا:هَا هُوَ ذَا.قَالَ:فَقَامَ فَصَلَّى وَدَعَا،ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْغُلاَمِ فَطَعَنَهُ بِإِصْبَعِهِ،وَقَالَ:بِاللَّهِ يَا غُلاَمُ،مَنْ أَبُوكَ ؟ قَالَ:أَنَا ابْنُ الرَّاعِي.فَوَثَبُوا إِلَى جُرَيْجٍ فَجَعَلُوا يُقَبِّلُونَهُ،وَقَالُوا:نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ.قَالَ:لاَ حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ،ابْنُوهَا مِنْ طِينٍ كَمَا كَانَتْ.قَالَ:وَبَيْنَمَا امْرَأَةٌ فِي حِجْرِهَا ابْنٌ لَهَا تُرْضِعُهُ،إِذْ مَرَّ بِهَا رَاكِبٌ ذُو شَارَةٍ،فَقَالَتْ:اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هَذَا.قَالَ:فَتَرَكَ ثَدْيَهَا،وَأَقْبَلَ عَلَى الرَّاكِبِ فَقَالَ:اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ،قَالَ:ثُمَّ عَادَ إِلَى ثَدْيِهَا يَمُصُّهُ.قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ:فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ يَحْكِي عَلَيَّ صَنِيعَ الصَّبِيِّ وَوَضْعَهُ إِصْبَعَهُ فِي فَمِهِ،فَجَعَلَ يَمُصُّهَا.ثُمَّ مُرَّ بِأَمَةٍ تُضْرَبُ،فَقَالَتْ:اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا.قَالَ:فَتَرَكَ ثَدْيَهَا،وَأَقْبَلَ عَلَى الأَمَةِ فَقَالَ:اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا.قَالَ:فَذَلِكَ حِينَ تَرَاجَعَا الْحَدِيثَ،فَقَالَتْ:حَلْقَى مَرَّ الرَّاكِبُ ذُو الشَّارَةِ فَقُلْتُ:اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهُ،فَقُلْتَ:اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ،وَمُرَّ بِهَذِهِ الأَمَةِ فَقُلْتُ:اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا،فَقُلْتَ:اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا فَقَالَ:يَا أُمَّتَاهْ إِنَّ الرَّاكِبَ ذُو الشَّارَةِ جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ،وَإِنَّ هَذِهِ الأَمَةَ يَقُولُونَ:زَنَتْ،وَلَمْ تَزْنِ،وَسَرَقَتْ،وَلَمْ تَسْرِقْ،وَهِيَ تَقُولُ:حَسْبِيَ اللَّهُ. "
المومسات:الزواني،جمع مومسة،وهي الفاجرة،والمياميس كذلك.
البغي:الزانية أيضا.
يتمثل بحسنها:أي يعجب به،ويقال لكل من يستحسن:هذا مثل فلانة في الحسن.
والشارة الحسنة:جمال الظاهر في الهيئة والملبس والمركب ونحو ذلك.
الجبار:العاتي المتكبر القاهر للناس.
يابابوس:كلمة تقال للصغير،كذا قاله الحميدي،وقال الهروي:قال ابن الأعرابي:البابوس:الصبي الرضيع،قال:وقد جاء هذا الحرف في شعر ابن الأحمر،ولم يعرف في شعر غيره،والحرف غير مهموز.
ومساحيهم:المساحي جمع مسحاة،، وهي المجرفة التي رأسها من حديد.
قالَ ابن بَطّال:سَبَبُ دُعاء أُمّ جُرَيج عَلَى ولَدِها أَنَّ الكَلام فِي الصَّلاةِ كانَ فِي شَرعِهِم مُباحًا،فَلَمّا آثَرَ استِمراره فِي صَلاتِهِ ومُناجاتِهِ عَلَى إِجابَتِها دَعَت عَلَيهِ لِتَأخِيرِهِ حَقّها انتَهَى.
والَّذِي يَظهَرُ مِن تَردِيدِهِ فِي قَوله:"أُمِّي،وصَلاتِي " أَنَّ الكَلام عِندَهُ يَقطَعُ الصَّلاةَ فَلِذَلِكَ لَم يُجِبها.
وفِي رِوايَة أَبِي رافِع " فَصادَفَتهُ يُصَلِّي،فَوضَعَت يَدها عَلَى حاجِبها فَقالَت:يا جُرَيج،فَقالَ:يا رَبّ أُمِّي وصَلاتِي،فاختارَ صَلاته،فَرَجَعَت.ثُمَّ أَتَتهُ فَصادَفَتهُ يُصَلِّي فَقالَت:يا جُرَيج أَنا أُمّك فَكَلِّمنِي،فَقالَ مِثله " فَذَكَرَهُ.وفِي حَدِيث عِمران بن حُصَينٍ أَنَّها جاءَتهُ ثَلاث مَرّات تُنادِيه فِي كُلّ مَرَّة ثَلاث مَرّات.
وفِي رِوايَة الأَعرَج عِند الإِسماعِيلِيّ " فَقالَ أُمِّي وصَلاتِي لِرَبِّي،أُوثِر صَلاتِي عَلَى أُمِّي،ذَكَرَهُ ثَلاثًا " وكُلّ ذَلِكَ مَحمُول عَلَى أَنَّهُ قالَهُ فِي نَفسه لا أَنَّهُ نَطَقَ بِهِ،ويُحتَمَل أَن يَكُون نَطَقَ بِهِ عَلَى ظاهِره لأَنَّ الكَلام كانَ مُباحًا عِندهم،وكَذَلِكَ كانَ فِي صَدر الإِسلام "
7- تقديم بر الوالدين على الهجرة في سبيل الله :
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ فَقَالَ: إِنِّي جِئْتُ أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَتَرَكْتُ أَبَوَيَّ يَبْكِيَانِ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ :" لَا أُبَايِعُكَ حَتَّى تَرْجِعَ إِلَيْهِمَا فَتُضْحِكَهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا " .
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو،قَالَ:جَاءَ رَجُلٌ،فقَالَ:يَا رَسُولَ اللهِ،إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُبَايِعَكَ عَلَى الْهِجْرَةِ،وَتَرَكْتُ أَبَوَيَّ يَبْكِيَانِ،فقَالَ:ارْجِعْ إِلَيْهِمَا،فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا.
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو،قَالَ:جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ ،فقَالَ:يَا رَسُولَ اللهِ أُجَاهِدُ ؟ فقَالَ:لَكَ أَبَوَانِ ؟ قَالَ:نَعَمْ،قَالَ:فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ.
قلت:الجهاد إذا كان الخارج فيه متطوعا فإن ذلك لا يجوز إلاّ بإذن الوالدين فأما إذا تعين عليه فرض الجهاد فلا حاجة به إلى إذنهما، وإن منعاه من الخروج عصاهما وخرج في الجهاد.وهذا إذا كانا مسلمين فإن كانا كافرين فلا سبيل لهما إلى منعه من الجهاد فرضاً كان أو نفلا وطاعتهما حينئذ معصية الله ومعونة للكفار وإنما عليه أن يبرهما ويطيعهما فيما ليس بمعصية.
8- اسْتِئْذَانُهُمَا لِلسَّفَرِ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِطَلَبِ الْعِلْمِ:
وَضَعَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ لِذَلِكَ قَاعِدَةً حَاصِلُهَا:أَنَّ كُل سَفَرٍ لاَ يُؤْمَنُ فِيهِ الْهَلاَكُ،وَيَشْتَدُّ فِيهِ الْخَطَرُ،فَلَيْسَ لِلْوَلَدِ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِ بِغَيْرِ إِذْنِ وَالِدَيْهِ؛لأَِنَّهُمَا يُشْفِقَانِ عَلَى وَلَدِهِمَا،فَيَتَضَرَّرَانِ بِذَلِكَ.وَكُل سَفَرٍ لاَ يَشْتَدُّ فِيهِ الْخَطَرُ يَحِل لَهُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِمَا،إِذَا لَمْ يُضَيِّعْهُمَا؛لاِنْعِدَامِ الضَّرَرِ .
وَبِذَا لاَ يَلْزَمُهُ إِذْنُهُمَا لِلسَّفَرِ لِلتَّعَلُّمِ،إِذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ ذَلِكَ فِي بَلَدِهِ،وَكَانَ الطَّرِيقُ آمِنًا،وَلَمْ يَخَفْ عَلَيْهِمَا الضَّيَاعَ؛لأَِنَّهُمَا لاَ يَتَضَرَّرَانِ بِذَلِكَ،بَل يَنْتَفِعَانِ بِهِ،فَلاَ تَلْحَقُهُ سِمَةُ الْعُقُوقِ.أَمَّا إِذَا كَانَ السَّفَرُ لِلتِّجَارَةِ،وَكَانَا مُسْتَغْنِيَيْنِ عَنْ خِدْمَةِ ابْنِهِمَا،وَيُؤْمَنُ عَلَيْهِمَا الضَّيَاعُ،فَإِنَّهُ يَخْرُجُ إِلَيْهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِمَا.أَمَّا إِذَا كَانَا مُحْتَاجَيْنِ إِلَيْهِ وَإِلَى خِدْمَتِهِ،فَإِنَّهُ لاَ يُسَافِرُ بِغَيْرِ إِذْنِهِمَا .
وَفَصَّل الْمَالِكِيَّةُ فِي السَّفَرِ لِطَلَبِ الْعِلْمِ،بِأَنَّهُ إِذَا كَانَ لِتَحْصِيل دَرَجَةٍ مِنَ الْعِلْمِ لاَ تَتَوَفَّرُ فِي بَلَدِهِ،كَالتَّفَقُّهِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَعْرِفَةِ الإِْجْمَاعِ وَمَوَاضِعِ الْخِلاَفِ وَمَرَاتِبِ الْقِيَاسِ،كَانَ لَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ إِذْنِهِمَا إِنْ كَانَ فِيهِ أَهْلِيَّةُ النَّظَرِ،وَلاَ طَاعَةَ لَهُمَا فِي مَنْعِهِ؛لأَِنَّ تَحْصِيل دَرَجَةِ الْمُجْتَهِدِينَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ.قَال تَعَالَى:{ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ } (سورة آل عمران / 104 )،أَمَّا إِنْ كَانَ لِلتَّفَقُّهِ عَلَى طَرِيقِ التَّقْلِيدِ،وَفِي بَلَدِهِ ذَلِكَ،لَمْ يَجُزْ لَهُ السَّفَرُ إِلاَّ بِإِذْنِهِمَا.وَإِذَا أَرَادَ سَفَرًا لِلتِّجَارَةِ يَرْجُو بِهِ مَا يَحْصُل لَهُ فِي الإِْقَامَةِ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِإِذْنِهِمَا .
9- حُكْمُ طَاعَتِهِمَا فِي تَرْكِ النَّوَافِل أَوْ قَطْعِهَا:
قَال الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الطُّرْطُوشِيُّ فِي كِتَابِ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ:لاَ طَاعَةَ لَهُمَا فِي تَرْكِ سُنَّةٍ رَاتِبَةٍ،كَحُضُورِ الْجَمَاعَاتِ،وَتَرْكِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَالْوِتْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ،إِذَا سَأَلاَهُ تَرْكَ ذَلِكَ عَلَى الدَّوَامِ،بِخِلاَفِ مَا لَوْ دَعَوَاهُ لأَِوَّل وَقْتِ الصَّلاَةِ وَجَبَتْ طَاعَتُهُمَا،وَإِنْ فَاتَتْهُ فَضِيلَةُ أَوَّل الْوَقْتِ .
10- نموذج من بر الرسول بوالديه وبر ابنته فاطمة له :
عن عُمَرَ بْنِ السَّائِبِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - - كَانَ جَالِسًا يَوْمًا فَأَقْبَلَ أَبُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ فَوَضَعَ لَهُ بَعْضَ ثَوْبِهِ فَقَعَدَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقْبَلَتْ أُمُّهُ فَوَضَعَ لَهَا شِقَّ ثَوْبِهِ مِنْ جَانِبِهِ الآخَرِ فَجَلَسَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقْبَلَ أَخُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ فَقَامَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - - فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ.
وعَن عُمَارَةَ بنِ ثَوبَانَ،قَالَ:حدثني أبو الطفَيلِ،قَالَ:رَأَيْتُ النبِيَّ،،يَقْسِمُ لَحمًا بِالجِعرَانَةِ،وَأَنَا يَوْمَئذٍ غُلاَم،أَحْمِلُ عُضوَ البَعِيرِ،فَأَتَتْهُ امْرَأَة،فَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ،قُلتُ:مَن هَذِهِ ؟ قِيلَ:هَذِهِ أُمهُ التِي أَرْضَعَتهُ . البعير:ما صلح للركوب والحمل من الإبل،وذلك إذا استكمل أربع سنوات،ويقال للجمل والناقة
الرداء:ما يوضع على أعالي البدن من الثياب
وعن أبي مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِى طَالِبٍ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِى طَالِبٍ تَقُولُ ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - - عَامَ الْفَتْحِ،فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ،وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ قَالَتْ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ « مَنْ هَذِهِ ».فَقُلْتُ أَنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِى طَالِبٍ.فَقَالَ « مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ ».فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ،قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِىَ رَكَعَاتٍ،مُلْتَحِفًا فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ،فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ،زَعَمَ ابْنُ أُمِّى أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلاً قَدْ أَجَرْتُهُ فُلاَنَ بْنَ هُبَيْرَةَ.فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - - « قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ ».قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ وَذَاكَ ضُحًى .
وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ،أَنَّ رَجُلاً سَأَلَهُ عَنْ جُرْحِ رَسُولِ اللهِ ،فَقَالَ:جُرِحَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ ،وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ،وَهُشِمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ ،فَكَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ تَغْسِلُ الدَّمَ،وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَسْكُبُ الْمَاءَ عَلَيْهَا بِالْمِجَنِّ،فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ الْمَاءَ لاَ يَزِيدُ الدَّمَ إِلاَّ كَثْرَةً أَخَذَتْ قِطْعَةً مِنْ حَصِيرٍ،فَأَحْرَقَتْهُ حَتَّى إِذَا صَارَ رَمَادًا أَلْصَقَتْهُ بِالْجُرْحِ فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ.
ــــــــــــــ
الأساس الثالث - لا طاعة للوالدين في معصية الخالق مع بقاء الإحسان إليهما
إن الذي فرض طاعة الوالدين هو الله تعالى،فإذا أراد بعض الأبوين استغلال هذا الفرض في غير ما أمر سبحانه،فإن الله تعالى أذن للمسلم،وطالبه بعدم الطاعة،وفي ذلك إحسان لهما،وتنبيه للرجوع إلى أمر الله تعالى،فإن أصرَّا على المعصية، أو الكفر،فيبقى الابن محسناً لهما في غير المعصية .. وهذا خلق إسلامي رفيع في الإحسان إليهما،ومصاحبتهما بمعروف رغم انحرافهما عن الشريعة، ولكن دون أن يمسا العقيدة بأي طعنٍ،أو لمزٍ،أو غمزٍ،وكل ما يؤول إلى الكفر لا طاعة للوالدين فيه،وكل أمر فيه معصية ( كالحرام،والمكروه تحريماً ) لا طاعة للوالدين فيه،مع إبلاغهما شرع الله تعالى برفق،ولين وحكمة،وليس بفظاظة،وغلظة،وغضب،واستكبار .
قال تعالى:{ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (15) سورة لقمان
وعَنْ عَلِيٍّ،عَنِ النَّبِيِّ ،قَالَ:لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ."
وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ،أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ:كَيْفَ بِكَ يَا عَبْدَ اللهِ،إِذ