قضاء حوائج الناس
إن بعض الناس يتأفف من لجوء الناس إليه لقضاء حوائجهم , ولا يدري أن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه , و لا يدري أن قضاء حاجة الإخوان خير من الإعتكاف شهرا في المسجد .
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – :
و لأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا
( حسن ) انظر حديث رقم : 176 في صحيح الجامع .
إن مجرد أن تقضي لأخيك حاجة قد لا يستغرق أداؤها أحيانا نصف ساعة يسجل لك بها ثواب أكبر من الاعتكاف شهرا في المسجد .
إن الموظف الذي يقابل الجمهور وهو على مكتبه ليخدمهم وينجز لهم معاملاتهم , لو استحضر هذا الحديث واحتسب عمله لله فكم من السنوات سيجل له ثواب الاعتكاف ؟؟
إن بعضهم للأسف يتعمد تعطيل المراجعين وتأخير معاملاتهم ولو علم بهذه الأحاديث النبوية وأمثالها لما بدرت منه هذه التصرفات , وكذلك الطبيب إذا احتسب علاجه لله وحسن خلقه فقد جمع ثوابي الدنيا والآخرة .
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – :
من مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام
( حسن ) انظر حديث رقم : 176 في صحيح الجامع .
أمثلة السلف في حرصهم على قضاء حوائج الناس
كان أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – يحلب للحي أغنامهم , فلما استُخلف قالت جارية منهم : الآن لا يحلبها .
فقال أبو بكر – رضي الله عنه - : بلى , وإني لأرجو أن لا يغيرني ما دخلت فيه عن شيء كنت أفعله .
وكان عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يتعاهد بعض الأرامل فيسقي لهن الماء بالليل . ورآه طلحة يدخل بيت امرأة منهن . فدخل إليها نهارا . فإذا هي عجوز عمياء مقعدة . فسألها : ما يصنع هذا الرجل الذي عندك ؟؟
فقالت : هذا له منذ كذا وكذا يتعاهدني , يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى .
فقال طلحة : ثكلتك أمك يا طلحة , عثرات عمر لا تتبع .
وكان أبو وائل يطوف على نساء الحي وعجائزهم كل يوم , فيشتري لهن حوائجهن وما يصلحهن .
وقال مجاهد : صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه , فكان يخدمني أكثر .
وكان حكيم بن حزام يحزن على اليوم الذي لا يجد فيه محتاجا ليقضي له حاجته فيقول: ما أصبحت وليس ببابي صاحب حاجة إلا علمت أنها من المصائب التي أسأل الله الأجر عليها .
أخي الحبيب :
إن هناك فارق بين من يفعل هذا احتسابا وبين من يفعله مجاملة أو طلبا للمدح , فعود نفسك على أن لا تنتظر أي مثوبة مادية أو معنوية من أحد غير الله – جل وعلا – لئلا يذهب عنك أجر عظيم .
و لك في سلفك أسوة ..
إنه عندما كلم عقبة بن عمرو لرجل في حاجة , رجع إلى أهله فرأى هدية , فقال : ما هذا ؟؟
قالوا : أرسل به الرجل الذي كلمت له .
فقال أخرجوه , آخذ أجر شفاعتي في الدنيا ؟؟!!! .
وقضى ابن شبرمة حاجة كبيرة لبعض أخوانه , فجاء يكافئه بهدية , فقال ما هذا ؟؟
قال : لما أسديته إلي .
فقال خذ مالك عافاك الله إذا سألت أخالك حاجة فلم يجهد نفسه في قضائها فتوضأ للصلاة وكبر عليه أربع تكبيرات وعده من الموتى .
( الذي يرفض قضاء حوائج الناس ماله من ثواب , فهو كالميت الذي انقطع عمله .)
وإننا نسمع ونرى أناسا يسعدون ويتشرفون بخدمة أصدقائهم بل بخدمة عامة الناس , ولكنهم يتذمرون ويتأففون من خدمة والديهم وأرحامهم , فهؤلاء قد حرموا الأجر الكبير , بل هم في زمرة العاقين .
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – :
لا يدخل الجنة منان و لا عاق و لا مدمن خمر .
( صحيح ) انظر حديث رقم : 7676 في صحيح الجامع .
المرجع : كيف تحافظ على عمرك الإنتاجي ؟