صحبة الخير
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13

{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء9

يسعدنا ان تشارك معنا
صحبة الخير
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13

{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء9

يسعدنا ان تشارك معنا
صحبة الخير
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

صحبة الخير

منتدي اسلامي ثقافي دعوي اجتماعي عام
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
 
بسم الله الرحمن الرحيم

رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ
صدق الله العضيم


 

 اضطهاد كفار مكة للمؤمنين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسلم
Admin
مسلم


عدد المساهمات : 9693
نقاط : 17987
السٌّمعَة : 67
تاريخ التسجيل : 11/03/2010
العمر : 55

اضطهاد كفار مكة للمؤمنين Empty
مُساهمةموضوع: اضطهاد كفار مكة للمؤمنين   اضطهاد كفار مكة للمؤمنين Emptyالأربعاء أبريل 21, 2010 10:21 am


واجه المشركون دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأساليب مختلفة ، ووسائل متنوعة للصد عن سبيل الله ، وتشويه معالم الدين ، وقد باءت تلك الوسائل والأساليب بالفشل الذريع ، فلجؤوا إلى أسلوب أخير أشد خسة وأعظم ضرواة ، وهو يدل على مدى فشلهم وإحباطهم ، فكشروا عن أنياب الحقد والغيظ ، وتفننوا في أذيتهم المؤمنين وتعذيبهم ، وفتنتهم عن دينهم.


فأما الرسول - صلى الله عليه وسلم- فمع ما حباه الله جل وعلا من هيبة النبوة ووقار الرسالة ، وقوة الشخصية ، فقد كان في منعة عمه أبي طالب صاحب المكانة الرفيعة بين قومه ، وكان من الصعب أن يتجاسروا على إخفار ذمته ، ولكنهم لما فشلوا في المفاوضات مع أبي طالب ولم يفلحوا في ثنيه عن سب الآلهة ، وتسفيه الأحلام ، والدعوة إلى نبذ دين الآباء والأجداد ، لم تجد قريش أمامها إلا سبيلاً واحداً لطالما حاولت تجنبه والابتعاد عنه مخافة مغبته وما يؤول إليه ، وهو سبيل الاعتداء على ذات الرسول - صلى الله عليه وسلم- ، فانطلقت الألسن المجرمة بالسخرية والشتم ، وامتدت الأيدي الآثمة بالأذى ، ولقي النبي - صلى الله عليه وسلم- من سفهاء قريش ما لقي .


وكان عمه أبولهب في مقدمة هؤلاء الأشقياء الذي مارسوا هذا الدور القذر ، فقد كان أحد رؤوس بني هاشم ، ولم يكن يخشى ما يخشاه الآخرون ، وقد ظهرت عداوته للإسلام وأهله منذ اليوم الأول ، فبلغ من أمره أنه كان يتبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في الأسواق والمجامع ، ومواسم الحج يكذبه ويرميه بالحجارة حتى يدمى عقبيه ، وكان أبو لهب قد زوج ولديه عتبة وعتيبة ببنتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- رقية وأم كلثوم قبل البعثة فلما كانت البعثة أمرهما بتطليقهما ، ولما مات عبد الله الابن الثاني لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - استبشر أبو لهب وذهب إلى المشركين يبشرهم بأن محمدًا صار أبتر .
وكانت امرأته أم جميل امرأة سليطة بذئية اللسان ، تبسط في رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لسانها ، وتؤجج نار الفتنة ، وتثير عليه حربًا شعواء للإفساد بينه وبين الناس ، وتضع الشوك في طريقه والقذر على بابه .


ومن صور الأذى التي تعرض لها النبي - صلى الله عليه وسلم- ما ثبت عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قائم يصلي عند الكعبة ، وجمع من قريش في مجالسهم ، إذ قال قائل منهم : ألا تنظرون إلى هذا المرائي؟ أيكم يقوم إلى جزور آل فلان ، فيعمد إلى فرثها ودمها وسلاها ، فيجيء به ، ثم يمهله ، حتى إذا سجد وضعه بين كتفيه ؟ فانبعث أشقاهم – وهو عقبة بن أبي معيط - فلما سجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضعه بين كتفيه ، وثبت النبي - صلى الله عليه وسلم- ساجدًا ، فضحكوا حتى مال بعضهم إلى بعض من الضحك ، فانطلق منطلق إلى فاطمة - وهي جويرية -، فأقبلت تسعى ، والنبي - صلى الله عليه وسلم- ساجدٌ ، حتى ألقته عنه ، وأقبلت عليهم تسبهم ، فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- صلاته ، قال : ( اللهم عليك بقريش ، اللهم عليك بقريش ، اللهم عليك بقريش ، ثم سمى : اللهم عليك بعمرو بن هشام ، وعتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، والوليد بن عتبة ، وأمية بن خلف ، وعقبة بن أبي معيط ، وعمارة بن الوليد ) ، يقول ابن مسعود : " فوالله لقد رأيتهم صرعى يوم بدر ، ثم سحبوا إلى القليب ، قليب بدر " رواه البخاري .


ومن ذلك أن أشراف قريش اجتمعوا يوما في الحجر ، فذكروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فقالوا : ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من أمر هذا الرجل قط ، سفه أحلامنا وسب آلهتنا ، لقد صبرنا منه على أمر عظيم ، فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوثبوا وثبة رجل واحد ، وأحاطوا به يقولون : أنت الذي تقول كذا وكذا ، فيقول: ( نعم ، أنا الذي أقول ذلك ) ، ثم أخذ رجل منهم بمجمع ردائه، فقام أبو بكر رضي الله عنه دونه وهو يبكي ويقول : " أتقتلون رجلا أن يقول: ربي الله " ، وفي رواية البخاري عن عروة بن الزبير قال ‏:‏ سألت عبد الله بن عمرو : أخبرني بأشد شيء صنعه المشركون بالنبي - صلى الله عليه وسلم- ، قال ‏:‏ بينا النبي - صلى الله عليه وسلم- يصلي في حجر الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط ، فوضع ثوبه في عنقه ، فخنقه خنقًا شديدًا ، فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبيه ، ودفعه عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ، وقال‏:‏ أتقتلون رجلًا أن يقول ربي الله ‏؟‏‏.‏


ولو ذهبنا نتتبع المواقف التي أساءت فيها قريش للنبي - صلى الله عليه وسلم- بالقول والفعل لطال الأمر ، حتى بلغ بهم الحال أن حاولوا قتله كما فعلوا في أواخر المرحلة المكية ، وقد ازداد إيذاؤهم له وتجرؤهم عليه بعد وفاة عمه أبي طالب ، الذي كان يحوطه ويحميه ، فلما مات أقدمت قريش على ما لم تكن تقدم عليه من قبل ، وكان عليه الصلاة والسلام يذكر ما لاقاه من أذى قريش قبل أن ينال الأذى أحدًا من أتباعه فيقول : ( لقد أخفت في الله عز وجل وما يخاف أحد ، ولقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد ) رواه الترمذي وغيره .


أما العصبة المؤمنة فقد تحملوا من صنوف العذاب وألوان البلاء ما تنوء بحمله الجبال ، وتتفطر لسماعه القلوب ، وتقشعر منه الجلود ، فأما ذووا المكانة والشرف فكانوا في عز ومنعة من قومهم ومع ذلك لم يسلم كثير منهم من الأذى والابتلاء كما هو الحال مع أبي بكر رضي الله عنه حيث حُثي على رأسه التراب ، وضرب في المسجد الحرام بالنعال حتى ما يعرف وجهه من أنفه ، وحُمل إلى بيته في ثوبه وهو ما بين الحياة والموت ، وكما فعل بعثمان بن عفان رضي الله عنه فكان عمه يلفه في حصير من ورق النخيل ثم يدخنه من تحته ، وكما فعلت أم مصعب بن عمير حين علمت بإسلامه حتى منعته الطعام والشراب وأخرجته من بيته ، وكان من أنعم الناس عيشًا ، فتقشر جلده تقشر الحية .


وأما المستضعفون من المسلمين لا سيما - العبيد والإماء- ، فلم يكن هناك من يغضب لهم ويحميهم ، بل كان السادة والرؤساء أنفسهم هم من يقومون بتعذيبهم ، وإغراء الأوباش والسفهاء بهم ، حتى ألبسوهم أدراع الحديد ، وصهروهم في الشمس ، وجعلوا الصبيان يطوفون بهم في شعاب مكة ونواحيها .
فكان صهيب بن سنان رضي الله عنه يُعذَّب حتى يفقد وعيه ولا يدرى ما يقول ، وكان أمية بن خلف يضع الحبل في عنق بلال رضي الله عنه ، ثم يسلمه إلى الصبيان يطوفون به في جبال مكة ويجرونه حتى يؤثر الحبل في عنقه ، وكان يخرجه في حر الظهيرة فيطرحه على ظهره في الرمضاء في بطحاء مكة ، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره ، ثم يقول ‏:‏ لا والله لا تـزال هكـذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى ، فيقول وهو في ذلك ‏:‏ أحد أحد ، ويقـول ‏:‏ لو أعلم كلمة هي أغيظ لكم منها لقلتها .
وعذب عمار بن ياسر رضي الله عنه بالحر تارة ، وبوضع الصخر الأحمر على صدره أخرى ، وبغطه في الماء حتى يفقد وعيه ، وقالوا له ‏:‏ لا نتركك حتى تسب محمدًا ، أو تقول في اللات والعزى خيرًا ، فوافقهم على ذلك مكرهًا ، وجاء باكيًا معتذرًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله : {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان }( النحل 106) ، ومات أبوه في العذاب ، وأما أمه فطعنها أبو جهل - لعنه الله - في قبلها بحربة فماتت .
وعذب خباب بن الأرت - رضي الله عنه- بالنار فكانت مولاته تأتى بالحديدة المحماة فتجعلها على ظهره أو رأسه ، ليكفر بمحمد - صلى الله عليه وسلم- ، وكان المشركون يلوون عنقه ويجذبون شعره ، وقد ألقوه على النار ثم سحبوه عليها فما أطفأها إلا شحم ظهره ، إلى آخر تلك القائمة الطويلة المؤلمة .


يقول سعيد بن جبير قلت لعبد الله بن عباس : " أكان المشركون يبلغون من أصحاب رسول الله من العذاب ما يعذرون به في ترك دينهم ؟ قال نعم والله إن كانوا ليضربون أحدهم ويجيعونه ويعطشونه حتى ما يقدر أن يستوي جالسا من شدة الضر الذي به ، حتى يعطيهم ما سألوه من الفتنة ، حتى يقولوا له : اللات والعزى إلهاك من دون الله ؟ فيقول : نعم ، افتداء منهم لما يبلغون من جهده " .
والرسول - صلى الله عليه وسلم- في كل ذلك لا يملك أن يدفع عنهم شيئًا مما هم فيه ، ولكنه كان يذكرهم بعظيم الأجر الذي ينتظرهم عند الله على صبرهم واحتسابهم ، ويعلمهم بما عاناه وقاساه من قبلهم من المؤمنين ، من صنوف العذاب وألون البلاء ، ويبشرهم بالمستقبل الذي وعد الله به هذا الدين وأهله ، وأنه سيتم الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله ، والذئب على غنمه ، مما كان له أعظم الأثر في تثبيت الفئة المؤمنة ، ومواصلة السير في هذا الطريق بجد وعزم ، وثبات وصبر ، حتى أفاض الله عليهم الفرج بعد الشدة ، وأعزهم وأعلى شأنهم ونصرهم على عدوهم ، وأكمل لهم دينه وأتم عليهم نعمته .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sohptelker.hooxs.com
مسلم
Admin
مسلم


عدد المساهمات : 9693
نقاط : 17987
السٌّمعَة : 67
تاريخ التسجيل : 11/03/2010
العمر : 55

اضطهاد كفار مكة للمؤمنين Empty
مُساهمةموضوع: رد: اضطهاد كفار مكة للمؤمنين   اضطهاد كفار مكة للمؤمنين Emptyالأربعاء أبريل 21, 2010 10:27 am


منذ أن جهر النبي - صلى الله عليه وسلم - بدعوته، وصارح قومه بضلال ما ورثوه عن آبائهم وأجدادهم ، انفجرت مكة بمشاعر الغضب ، وظلت عشرة أعوام تعتبر المسلمين عصاةً متمردين على دين الآباء والأجداد ، ورأت قريش أنَّه لابد من مواجهة هذه الدعوة التي جاءت بتسفيه أحلامهم وسب آلهتهم والقضاء على زعامتهم ، فقرروا أن لا يألوا جهداً في محاربة الإسلام وإيذاء الداخلين فيه ، والحد من انتشاره ، فاتخذوا لذلك أساليب شتى وطرقاً متعددة منها :

السخرية والاستهزاء والنيل من الرسول - صلى الله عليه وسلم- ورسالته ، ورميه بشتى التهم والأوصاف ، بغرض صد الناس عنه ، وتخذيل المؤمنين به ، وتوهين قواهم ، فتارة يتهمونه بالجنون {وقالوا يا أَيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون } (الحجر:6) ، وتارة يصمونه بالسحر والكذب{ وعجبوا أن جاءهُم منذر منهم وقال الكَافرون هذَا ساحِر كَذاب } (ص:4) ، وتارة ينسبونه إلى الشعر والكهانة ، وتارة يسخرون من جلسائه وأصحابه من المستضعفين ، ويجعلونهم مثاراً للضحك والهمز والغمز ويقولون : {أهؤلاء منَّ الله عليهم من بيننا } (الأنعام 53) .

ومن الأساليب كذلك الحرب الإعلامية المتمثلة في تشويه تعاليم الإسلام ، وإثارة الشكوك والشبهات حوله ، حتى لا يبقى هناك مجال للآخرين للتفكير في الدعوة ، فضلاً عن قبولها ، فقالوا عن القرآن : { إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون }(الفرقان 4 ) ، { وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرَة وأصيلا } (الفرقان:5) ، وقالوا { إنما يعلمه بشر } ( النحل 103) .
وأثاروا الشبه حول قضية الإيمان والبعث بعد الموت فكانوا يقولون : {أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون * أوآباؤنا الأولون }(الصافات 16-17) ، وكانوا يقولون : على جهة السخرية والاستبعاد : {هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد }( سبأ 7) .
وأثاروا الشبه أيضاً حول رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم- حيث ادعوا أن منصب النبوة والرسالة أجل وأعظم من أن يعطى لبشر {وقالوا مال هذَا الرسول يأكل الطعَام ويمشي في الأسواق } ( الفرقان 7) ، و{قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء }( الأنعام 91) ، إلى آخر تلك الشبه والشكوك التي ذكرها القرآن ورد عليها رداً مفحماً يقنع كل عاقل ، ويلجم كل جاحد .

ومن الأساليب التي اتخذوها في محاربة الدعوة الحيلولة بين الناس وبين سماع القرآن ، ومعارضته بأساطير الأولين ، فوقفوا للناس بكل طريق يلاحقونهم ، ويثيرون الشغب والصخب كلما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم- تلاوة القرآن وإسماع الناس كلام الله {وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون } (فصلت 26) .
وقد ذكر أهل السير أن النضر بن الحارث قال مرة لقريش : يا معشر قريش والله لقد نزل بكم أمر عظيم ما أوتيتم له بحيلة بعد ، قد كان محمد فيكم غلاماً حدثاً أرضاكم فيكم ، وأصدقكم حديثاً ، وأعظمكم أمانة ، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب ، وجاءكم بما جاءكم به قلتم : ساحر ، لا والله ما هو بساحر ... ثم عدد لهم ما يقولونه عنه وردَّ عليهم فقال : ولا هو بمجنون ولا بشاعر .
ثم ذهب إلى الحيرة وتعلم بها أحاديث ملوك الفرس وغيرهم ، فكان كلَّما جلس الرسول صلى الله عليه وسلم مجلساً للتذكير بالله ، جاء بعده النضر وقال لهم : والله ما محمد بأحسن حديثاً مني ، ثم أخذ يحدثهم عن ملوك فارس وخرافات رستم و أسفندبار ، ويقول بماذا محمد أحسن حديثاً مني ؟ .

ومن الأساليب كذلك أسلوب المجادلة ، ومحاولة التعجيز بالأسئلة وطلب الآيات ، فبعد أن أقام الرسول - صلى الله عليه وسلم - الحجج والبراهين على صحة دعوته ، وصدق نبوته ، احتار المشركون في أمره ، وأبوا تصديقه كفرًا و عنادًا ، ولم يجدوا أمام هذه الأدلة والبراهين - التي لا يستطيعون دفعها - إلا أن يطالبوه بعدد من المطالب التي لم يكن الغرض منها التأكد من صدقه عليه الصلاة والسلام ، وإنما مجرد التعنت والتعجيز : {وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا * أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيراً * أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا * أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه }( الإسراء 90- 93) .

وقد اقتضت الحكمة الإلهية ألا يجابوا إلى ما سألوا ، لأن سنته سبحانه أنه إذا طلب قوم الآيات فأجيبوا ، ثم لم يؤمنوا بعدها عذَّبهم الله عذاب الاستئصال ، كما فعل بعاد وثمود وقوم فرعون وغيرهم من الأمم ، فروى الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن قريشا قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم- : ادعُ لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبًا ونؤمن بك ، قال: وتفعلون؟ قالوا: نعم ، قال فدعاه : فأتاه جبريل فقال: إن ربك عز وجل يقرأ عليك السلام ويقول : إن شئت أصبح لهم الصفا ذهبًا ، فمن كفر بعد ذلك منهم عذبته عذابًا لا أعذبه أحدًا من العالمين ، وإن شئت فتحت لهم أبواب التوبة والرحمة ، فقال : بل باب التوبة والرحمة ، فأنزل الله تعالى : {وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا } ( الإسراء 59) .
وقال جل وعلا: {وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون } (الأنعام [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يعني لو استجاب الله لطلبهم بإنزال ملك ، فسيكون الأمر منتهياً فلو كذبوا بعد تلك الآية التي طلبوها فلن يمهلوا أو يؤخروا .

مع أن الله جل وعلا يعلم أنهم لو أجيبوا وعاينوا ما طلبوا لما آمنوا ، وللجُّوا في طغيانهم يعمهون ، كما قال جل وعلا : {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون * ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون * ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون } (الأنعام 109-111).

ومن جملة محاولات التعجيز التي قاموا بها اتصالهم بأهل الكتاب من اليهود لمعرفة بعض الأسئلة والتفاصيل التي تفيدهم في تحقيق هذا الغرض ، وإظهار النبي صلى الله عليه وسلم بمظهر العاجز عن الجواب ، ولعل في سبب نزول سورة الكهف ، وقول الله تعالى {ويسألونك عن الروح ... } ما يبين ذلك بوضوح .

ومن الأساليب كذلك أسلوب المفاوضات والمساومات ، فكانوا يرسلون الوفد تلو الوفد ليعرض على النبي - صلى الله عليه وسلم- عدداً من العروض المغرية طمعاً في أن يلين أو يتنازل ، فأرسلوا إليه عتبة بن ربيعة وقال له : " إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا ، وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا حتى لا نقطع أمرا دونك ، وان كنت تريد به ملكاً ملكناك علينا ، وإن كان إنما بك - الباه - فاختر أي نساء قريش شئت فلنزوجك عشراً ، وان كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب ، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه ، فانه ربما غلب التابع على الرجل حتى يتداوى منه " .

فلا تزيده تلك العروض إلا ثباتاً على مبدئه ، ويقيناً بدعوته ، دون مراوغة أو مداهنة قائلاً لهم : ( ما بي ما تقولون ما جئتكم بما جئتكم به أطلب أموالكم ، ولا الشرف فيكم، ولا الملك عليكم ، ولكن الله بعثني إليكم رسولاً ، وأنزل عليّ كتاباً وأمرني أن أكون لكم بشيراً ونذيراً ، فبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ، فإن تقبلوا مني ماجئتكم به فهو حظكم من الدنيا والآخرة ، وإن تردوا عليّ اصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم ) .

وعندما رأى المشركون صلابة موقفه واستعلاءه على كل المطامع الدنيوية والحظوظ العاجلة ، سلكوا طريقاً آخر يدل على طيش أحلامهم ، وسفه عقولهم ، وهو محاولة أن يلتقي الإسلام والجاهلية في منتصف الطريق ، وذلك بأن يترك الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعض ما هو عليه من الحق ، ويترك المشركون بعض ما هم عليه من الباطل ، فقالوا : يا محمد هلمَّ فلنعبد ما تعبد ، وتعبد ما نعبد فنشترك نحن وأنت في الأمر ، فإن كان الذي تعبده خيراً مما نعبد كنَّا قد أخذنا بحظنا منه ، وإن كان ما نعبد خيراً مما تعبد أنت ، كنت قد أخذت بحظك منه ، فأنزل الله تعالى فيهم سورة كاملة وهي سورة " الكافرون " والتي بينت بوضوح أن طريق الحق واحد لاعوج فيه ، وليس هناك مكان لأنصاف الحلول أو المداهنة والتنازل ، فالقضية ليست قضية شخصية ، وإنما هي دعوة ربانية ، وشرعة إلهية لا تقبل المساومة مهما كانت الأسباب والدوافع والمبررات .

ولما لم تفلح كل تلك الوسائل والسبل للصد عن سبيل الله ، وتشويه معالم الدعوة ، سلكت قريش سبيلاً آخر يدل على فشلها وإحباطها ، فعادت لتصب جام غضبها على المؤمنين ، وتبذل آخر ما في وسعها للتنكيل بهم ، ومحاولة فتنهم عن دينهم ، ولكن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sohptelker.hooxs.com
 
اضطهاد كفار مكة للمؤمنين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
صحبة الخير  :: السيرة والتاريخ :: «۩۞۩ السيرة النبوية ۩۞۩»-
انتقل الى: