مقارنة المادة 2 من دستورنا مع أشهر دساتير العالم – د. أحمد فؤاد حسن
أحد الصحفيات تقول أن الإخوان المسلمين هم من لا يريد تغيير المادة 2 من الدستور وهذا كذب وخداع وتزيف للحقائق، وخلط متعمد بل وتدليس من هذه الكاتبة صاحبة الفكر الفاسد لأن غالبية الشعب المصري الكاسحة لا تريد تغيير هذه المادة، بل إن 90% من الشعب المصري تريد أن تحكم بالشريعة حسب مسح أجراه معهد أمريكي قبل عام من الآن. ونفس النسبة كانت فى أستفتاء جريدة الأهرام - الباطل - الذى كان على صفحتها الألكترونية. لماذا هذه الدكتاتورية ممن يظنون أنفسهم لبراليين أو ديموقراطيين وهم أبعد ما يكونوا عن الديموقراطية؟ تقولي أن المادة 2 عنصرية رغم أنها هي المادة التي أستعان بها الأنبا شنوده منذ أقل من 6 أشهر في طعنه علي حكم المحكمة في الطلاق والزواج الثاني أمام المحكمة الدستورية! أي بمعني أدق المادة 2 من الدستور هي التي منحت الحق للأقباط بتطبيق ما يراه شرعهم فى الديانة النصرانية. أنت يا سيدتي هى العنصرية وكل من فكره مثلك لأنك تريدين أن تحكمي شعب بأكمله بما تريدين أنت. ألا ترين معي أن الشعب المصري قد نضج بما فيه الكفاية ليقرر ما يريد وليس بحاجة لوصية من أنصاف المثقفين أو من طبع علي جباههم صنع في الخارج.
وبالمناسبة ما اسم الحزب الذي يحكم ألمانيا؟ ولماذا إصرار الدول الاوروبية علي عدم أنضمام تركيا لهم؟ الهوية ضرورية لبناء اي مجتمع وليست عار. وإليك أمثلة لتعلمي اننا لم نبتدع هذه المادة والموجودة من عام 1923م في الدستور.
1 ـ الدستور اليوناني ينص في المادة الأولي أن المذهب الرسمي للأمة اليونانية هو مذهب الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية. وفي المادة 47 من الدستور اليوناني كل من يعتلي عرش اليونان يجب أن يكون من اتباع الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية. يوجد الملايين من المسيحيين في اليونان يتبعون الملة الكاثوليكية والبروتستانتية وملايين يتبعون الديانة الإسلامية ولم يعترض أحد علي المادة الأولي من الدستور اليوناني طالما أن المفهوم هو أن غالبية اتباع الدولة اليونانية يتبعون الديانة الأرثوذكسية الشرقية.
2 ـ الدستور الدانماركي ينص في المادة الأولي للبند رقم 5 علي أن يكون الملك من أتباع الكنيسة الإنجيلية اللوثرية, وفي البند رقم 3 من المادة الأولي الدستور الدانماركي للكنيسة الإنجيلية اللوثرية هي الكنيسة الأم المعترف بها في الدانمارك. يوجد الكثير من أتباع الملة الأرثوذكسية والملة الكاثوليكية وأتباع الديانة الإسلامية ولم يعترض أحد علي المادة الأولي من الدستور الدانماركي.
3 ـ الدستور الإسباني: تنص المادة السابعة علي أنه يجب أن يكون رئيس الدولة من رعايا الكنيسة الكاثوليكية وفي المادة السادسة من الدستور الإسباني علي أن علي الدولة رسميا حماية اعتناق وممارسة شعائر المذهب الكاثوليكي باعتباره المذهب الرسمي لها. هل طالب أحد من أصحاب المذهب الأرثوذكسي أو البروتستانتي أو الديانة الإسلامية بإلغاء المادة السابعة من الدستور الإسباني طالما أن المفهوم أن الغالبية من رعايا إسبانيا من أصحاب الملة الكاثوليكية؟
4 ـ الدستور السويدي في المادة الرابعة من الدستور السويدي تنص: يجب أن يكون الملك من أتباع المذهب الإنجيلي الخالص, كما ينص علي ذلك بالنسبة لأعضاء المجلس الوطني وهو البرلمان. يوجد الكثير من أتباع الملة الأرثوذكسية والكاثوليكية وأصحاب الديانة الإسلامية في السويد ـ هل طالب أحد بإلغاء المادة الرابعة من الدستور السويدي ودعونا نتفق علي أن يكون أعضاء البرلمان من الإنجيليين فقط, فيه مخالفا لمواثيق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام1948
5 ـ الدستور الإنجليزي: لا يوجد دستور إنجليزي لأنه دستور عرفي متوارث ولكن المادة الثالثة من قانون التسوية تنص علي كل شخص يتولي الملك أن يكون من رعايا كنيسة إنجلترا ولا يسمح بتاتا لغير المسيحيين ولا لغير البروتستانيين بأن يكونوا أعضاء في مجلس اللوردات. دعونا نتفق علي أنه لا يسمح لأعضاء مجلس اللوردات إلا أن يكونوا من البروتستانت أليس هذا مخالفا لمواثيق الأمم المتحدة وإعلان حقوق الإنسان الصادر في عام 1948؟
خلاصة القول أن بلاد العالم إختلفت فيما بينها، ولكنها اتحدت على شئ واحد، هو أن تكون يدا واحدة ضد الاسلام (شريعة الله فى الأرض). وهذا ما نراه عبر التاريخ ، فالفترة بين 400-600 ميلادية حدثت فيها مجازر بشعة ضد من إعتنق الاسلام وفق شريعة عيسى عليه السلام، واليوم نرى المجازر فى كل مكان لمن إعتنق الاسلام وفق شريعة محمد عليه الصلاة والسلام، آخر من بعثه الله لخلقة. قال تعالى:"إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ" (فاطر6). واتفق الناس جميعا على أن الشيطان عدو ، ولم يتخذه عدوا إلا قليلون. وأدعى الناس وهم فى عالم الذر (قبل ان يخلقوا على الأرض) محبة الله ، فأراد الله أن يفتنهم (يختبرهم) فأظهر لهم الدنيا ، فذهب إليها تسعة أعشارهم. فمن ثبت على دين الله رضى فى الدنيا وسعد فى الآخرة. ومن طلب الدنيا دون الآخرة ، تعب فى الدنيا وشقى فى الآخرة. ومن أراد فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة ، فقد سعد فى الدارين "وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ" (الرحمن 46).