إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً }
قوله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً..} الآية. [1].
أخبرنا منصور بن أبي منصور الساماني، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد الفَامِي، قال: حدَّثنا محمد بن إسحاق الثقفي، قال حدَّثنا أبو الأشعث، قال: حدَّثنا المُعْتَمِر بن سليمان، قال: سمعت أبي يحدث عن قتادة، عن أنس، قال:
لما رجعنا من غزوة الحديبية وقد حيل بيننا وبين نسكنا، فنحن بين الحزن والكآبة - أنزل الله عز وجل: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أنزلت عليّ آية هي أحبّ إليَّ من الدنيا وما فيها كلها.
وقال عطاء عن ابن عباس: إن اليهود شتموا النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين لمَّا نزل قوله تعالى: {وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ} وقالوا: كيف نتبع رجلاً لا يدري ما يفعل به؟ فاشتد ذلك على النبي الله صلى الله عليه وسلم. فأنزل الله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً * لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}.
{ لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ ٱللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً }
قوله تعالى: {لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ...} الآية. [5].
أخبرنا سعيد بن محمد المقري قال: حدَّثنا أبو بكر محمد بن أحمد المديني، قال: حدَّثنا أحمد بن عبد الرحمن السَّقَطِي، قال: حدَّثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا همام عن قتادة عن أنس، قال:
لما نزلت: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً * لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: هنيئاً لك يا رسول الله ما أعطاك الله، فما لنا؟ فأنزل الله تعالى: {لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ...} الآية.
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الفقيه، قال: أخبرنا أبو عمر بن أبي حفص قال: أخبرنا أحمد بن علي الموصلي، قال: حدَّثنا عبد الله بن عمر، قال: حدَّثنا يزيد بن زريع قال: حدَّثنا سعيد بن قتادة عن أنس، قال:
أنزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً} عند مرجعه من الحُدَيبية. نزلت وأصحابه مخالطون الحزن، وقد حيل بينهم وبين نسكهم، ونحروا الْهَدْيَ بالحديبية. فلما أنزلت هذه الآية قال لأصحابه: لقد أنزلت عليَّ آية خير من الدنيا جميعها. فلما تلاها النبي صلى الله عليه وسلم قال رجل من القوم: هنيئاً مَرِيئاً يا رسول الله، قد بَيَّن الله [لنا] ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فأنزل الله تعالى {لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي...} الآية.
{ وَهُوَ ٱلَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً }
قوله تعالى: {وَهُوَ ٱلَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم...} الآية. [24].
أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي، قال: أخبرنا محمد بن عيسى بن عمرويه قال: حدَّثنا إبراهيم بن محمد، قال: أخبرنا مسلم، قال: حدَّثني عمرو الناقد، قال: حدَّثنا يزيد بن هارون، قال: حدَّثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس:
أن ثمانين رجلاً من أهل مكة هبطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من جبل التَّنْعِيم متسلحين يريدون غِرَّة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فأخذهم أسراء، فاستحياهم وأنزل الله تعالى: {وَهُوَ ٱلَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ}.
وقال عبد الله بن مغفل المُزَني: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحُدَيْبِيَة في أصل الشجرة التي قال الله تعالى في القرآن، فبينا نحن كذلك إذ خرج علينا ثلاثون شاباً عليهم السلاح، فثاروا في وجوهنا، فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ الله تعالى بأبصارهم وقمنا إليهم، فأخذناهم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل جئتم في عهد أحد؟ وهل جعل لكم أحد أماناً؟ فقالوا: اللهم لا، فخلى سبيلهم، فأنزل الله تعالى: {وَهُوَ ٱلَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم..} الآية.