وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ }
قوله تعالى: {وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ...} الآية. [6].
قال الكلبي ومقاتل: نزلت في النَّضر بن الحارث، وذلك أنه كان يخرج تاجراً إلى فارس فيشتري أخبار الأعاجم فيرويها ويحدث بها قريشاً ويقول لهم: إن محمداً يحدثكم بحديث عاد وثمود، وأنا أحدثكم بحديث رُسْتُم وإِسْفِنْدِيَار وأخبار الأكاسرة، فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن. فنزلت فيه هذه الآية.
وقال مجاهد: نزلت في شراء القيان والمغنيات.
أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المقرىء، قال: أخبرنا محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال: حدَّثنا جدي، قال: حدَّثنا علي بن حُجْر، قال: حدَّثنا مِشْمَعِل بن مِلْحان الطائي، عن مُطَّرِح بن يزيد، عن عُبَيْد الله بن زَحْر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل تعليم المغنيات ولا بيعهنّ، وأثمانهن حرام. وفي مثل هذا نزلت هذه الآية: {وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ} إلى آخر الآية، وما من رجل يرفع صوته بالغناء إلا بعث الله تعالى عليه شيطانين أحدهما على هذا المنكب، والآخر على هذا المنكب؛ فلا يزالان يضربان بأرجلهما حتى يكون هو الذي يسكت".
وقال ثُوَير بن أبي فاخِتَةَ عن أبيه، عن ابن عباس: نزلت هذه الآية في رجل اشترى جارية تغنيه ليلاً ونهاراً.
{ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي ٱلدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَٱتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }
قوله تعالى: {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي...} الآية. [15].
نزلت في سعد بن أبي وَقَّاص، على ما ذكرناه في سورة العنكبوت.
قوله تعالى: {وَٱتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ...} الآية. [15].
نزلت في أبي بكر رضي الله عنه. قال عطاء عن ابن عباس: يريد أبا بكر، وذلك أنه حين أسلم أتاه عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وعثمان، وطلحة، والزبير؛ فقالوا لأبي بكر رضي الله عنه: آمنت وصدقت محمداً؟ فقال أبو بكر: نعم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فآمنوا وصدقوا، فأنزل الله تعالى - يقول لسعد -: {وَٱتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ} يعني أبا بكر رضي الله عنه.
{ وَلَوْ أَنَّمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَٱلْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }
قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ...} الآية. [27].
قال المفسرون: سألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح، فأنزل الله [بمكة] {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} فلما هاجر رسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. أتاه أحبار اليهود فقالوا: يا محمد بلغنا عنك أنك تقول: {وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} أفَتَعْنِينا أو قومَك؟ فقال: كُلاًّ قد عَنَيْتُ، قالوا: ألست تتلو فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة، وفيها علم كل شيء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي في علم الله سبحانه قليل، وقد آتاكم الله تعالى ما إن عملتم به انتفعتم به. فقالوا: يا محمد، كيف تزعم هذا وأنت تقول: {وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} فكيف يجتمع هذا: علم قليل وخير كثير؟ فأنزل الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ} الآية.