من بديع صنع الخالق سبحانه وتعالى أن جعل لكل كائن من الخصائص والمميزات ما
يعينه على البقاء والتأقلم في البيئة التي يعيش بها، ومنها سمكة تأكل
الحشرات الصغيرة التي تعيش على اليابسة مثل العناكب والفراشات. لذا فالسؤال
الذي سيخطر على بالكم هو: كيف تحصل السمكة التي تعيش في الماء على
غذائها الذي يوجد على اليابسة؟! والإجابة هى أن السمكة تقترب ببطء (تحت
الماء) من الحشرات التي تقف قريبة على غصون وأوراق الأشجار والنباتات
القريبة من الماء، ثم تقوم بمباغتة تلك الحشرات بسهم من الماء مُصوب بدقة
نحوها لتسقط في الماء وتجد نفسها بين فكي السمكة القناصة! وهي بالمناسبة من
الأسماك المستخدمة بكثرة في أحواض الأسماك المنزلية. وتتميز سمكة رامي
السهام بوجود تجويف ضيق أعلى فمها، تقوم بالضغط على هذا التجويف بلسانها
لتصنع قناة ضيقة، ثم تقوم بضم خياشيمها لتضغط الماء عبر هذا التجويف ليخرج
في شكل قذيفة مائية يصل طولها لخمسة أمتار تماماً مثل فكرة المسدسات
المائية التي يلهو بها الصغار وهذه الأسماك قادرة على إصابة حشرات تبعد
عنها ثلاثة أمتار! وهو معدل تصويب هائل نسبة لحجم هذه الأسماك التي يتراوح
طولها ما بين 5-10 سم فقط! العجيب في هذه السمكة ليس قدرتها على إخراج عمود
من الماء بهذا الشكل فقط، بل قدرتها على تقدير المكان الحقيقي للكائنات
والحشرات. فسطح الماء كما تعلمون يقوم بكسر شعاع الضوء ليجعل الأشياء تبدو
في غير موضعها الحقيقي، لذا فالسؤال هنا هو: كيف تفهم السمكة مكان فرائسها
مع وجود هذا الانكسار لتسقطها بهذه الدقة المدهشة؟! خاصةً أنها (بالتأكيد)
لم تدرس خواص انكسار وانعكاس الضوء في الثانوية العامة ؟! فسبحان الذي يقول
وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴿الأعراف: ١٥٦