{ وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً }
قوله تعالى: {وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ...} الآية. [28].
حدثنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، إملاء في "دار السُّنة" يوم الجمعة بعد الصلاة، في شهور سنة عشر وأربعمائة، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عيسى بن عَبْدَوَيْه الحِيرِي قال: حدثنا محمد بن إبراهيم البُوشَنْجي، قال: حدثنا الوليد بن عبد الملك بن مسرح الحرّاني، قال: حدثنا سليمان بن عطاء الحراني، عن مسلمة بن عبد الله الجُهني، عن عمه ابن مشجعة بن ربعي الجهني، عن سلمانَ الفارسيَ، قال:
جاءت المؤلفة قلوبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: عُيَيْنَة بن حِصْن، والأقرَع بن حابِس، وذَوُوهم، فقالوا: يا رسول الله، إنك لو جلست في صدر المجلس ونحيّت عنا هؤلاء وأرْوَاحَ جِبَابِهم - يعنون سَلْمَان، وأبا ذَرْ، وفقراء المسلمين، وكانت عليهم جِبَاب الصوف ولم يكن عليهم غيرها - جَلَسْنا إليك وحادثناك وأخذنا عنك! فأنزل الله تعالى: {وَٱتْلُ مَآ أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً * وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} حتى بلغ، {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً} يتهددهم بالنار، فقام النبي صلى الله عليه وسلم، يلتمسهم حتى إذا أصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله تعالى قال: الحمد لله الذي لم يُمتِنْي حتى أمرني أن أصْبِرَ نفسي مع رجال من أمتي، معكم المحيا، ومعكم الممات.
قوله تعالى: {وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا} الآية. [28].
أخبرنا أبو بكر الحارثي، قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ، قال: حدثنا أبو يحيى الرازي، قال: حدثنا سهل بن عثمان، قال: حدثنا أبو مالك، عن جويبر عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا} قال:
نزلت في أمية بن خلف الجُمَحِي، وذلك أنه دعا النبي صلى الله عليه وسلم أمر كَرِهَهُ: من طرد الفقراء عنه، وتقريب صَنَادِيدِ أهل مكة، فأنزل الله تعالى: {وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا} يعني مَن خَتَمْنَا على قلبه عن التوحيد، {وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ} يعني الشركَ.
{ وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي ٱلْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً }
قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي ٱلْقَرْنَيْنِ} الآية. [83].
قال قتادة: إن اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذي القرنين، فأنزل الله تعالى هذه الآيات.
{ قُل لَّوْ كَانَ ٱلْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ ٱلْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً }
قوله تعالى: {قُل لَّوْ كَانَ ٱلْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي}. [109].
قال ابن عباس: قالت اليهود لما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: {وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} كيف وقد أوتينا التوراة، ومن أوتي التوراة فقد أوتِيَ خيراً كثيراً؟ فنزلت: {قُل لَّوْ كَانَ ٱلْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي...} الآية.