ظُلمت المرأة عند
الجهلة في مالها ثلاث مرات ، مرة قبل زواجها يوم كان أبوها الجافي ، وأخوها القاطع
، وظُلمت مرةً ثانية
من زوج بخيل شحيح ، تسلط على مالها ، وحرمها حرية التصرف فيما تملكه ، فصارت تنفق
عليه ، وهو يقابلها بالفظاظة والغلظة وصنوف الإيذاء ؛ وظُلمت مرة ثالثة لما طُلقت ،
فمُنعت من أبسط حقوقها المالية ، فخسرت المال والزوج والأطفال والحياة الأسرية والمرأة
مظلومة عند الكثير من القساة الجهلة بالشريعة ، فإن تأخر زواجها لسبب خارج عن
إرادتها قالوا: عانس ، وإن طُلقت قالوا: لو أن
عندها بعد نظر، وحسن تبعُّل، لما فارقها زوجها ، وإن رُزقت كثيراً من
الأبناء والبنات قالوا: ملأت البيت بالعيال ، وإن لم ترزق ذرية بأقدار إلهية ، قالوا: هذه
امرأة عقيم ، وإن تركت التعليم ، وجلست في بيتها تشرف على أولادها قالوا: ناقصة
المعرفة ، ضحلة الثقافة ، وإن واصلت التعليم وازدادت من المعرفة قالوا: أهملت
البيت ، وتجاهلت حقوق زوجها
وإن
طالبت بحقوقها عند زوجها وأهلها قالوا: لو أن عندها حسن تصرف لنجحت في حياتها
الزوجية ، وإن سكتت فصبرت على الظلم ورضيت بالضيم قالوا: جبانة
وإذا
ذهبت إلى القاضي ، ورفعت أمرها للحاكم قالوا: هل يعقل أن امرأة شريفة عفيفة تنشر
أسرارها عند القضاة وتشكو زوجها وذويها عند المحاكم؟ إن المرأة مخلوق كريم ، وجنس
عظيم ، فالنساء شقائق الرجال ، وأمهات الأبطال ، وصانعات التاريخ ، وهن أمهات الأنبياء ، ومرضعات العظماء ، فكل
عظيم وراءه امرأة ، وكل مقدام خلفه أم حازمة ، ، فهنّ مهبط الطهر ، وميلاد الحنان
والرحمة ، ، فلا جمال للحياة إلا بالمرأة ، ولا راحة في الدنيا إلا بالأنثى الحنون
، فآدم لم يسكن في الجنة حتى خلق الله له حواء ، ورسولنا صلى الله عليه وسلم هو
أبو البنات العفيفات الشريفات ، ذرف من أجلهن الدموع ، ووقف لأجل عيونهن في الجموع
، وسجل أعظم قصة من البر والإكرام والاحترام والتقدير للمرأة أماً وأختاً وزوجة
وبنتاً ،
فيا أيها المتنكرون
لحقوق المرأة ، لقد ظلمتم القيم وعققتم الفضيلة ، وجهلتم الشريعة ، ونقضتم عقد
الوفاء ، ونكثتم ميثاق الشرف ، فأنتم خاسرون لأنكم ناقصون ، ناديتم على أنفسكم
بالجهل والغباء ، وحكمتم على عقولكم بالتخلف والحمق ، فتباً لمن ظلم المرأة وسحقاً
لمن سلبها حقوقها .